الانتهاكات ضد الصحفيين تحد من تطور الإعلام في العالم العربي

الانتهاكات ضد الصحفيين

تحد من تطور الإعلام في العالم العربي

هيثم الشريف

 لم يكن ملتقى المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي3، الأول ولن يكون الأخير الذي يناقش الإنتهاكات وواقع الحريات الإعلامية في العالم العربي، فلطالما قامت مؤسسات ومراكز إعلامية عربية ومحلية، بعقد مؤتمرات وورشات إقليمية لبحث سبل رفع سقوف الحريات الصحفية في ظل الواقع العربي الجديد، غير أن الملتقى الذي اختتم أعماله في العاصمة الأردنية عمان الشهر الماضي، يختلف عن غيره من المؤتمرات لعدة أسباب:-

 من بينها أن الملتقى الذي درج مركز حماية وحرية الصحفيين على عقده، لم يقتصر فقط على العاملين في مهنة الصحافة أو المؤسسات الإعلامية الدولية، بل امتد لإشراك كل المدافعين عن الحريات الإعلامية في العالم العربي من فنانين وسياسيين ومثقفين وناشطين، الأمر الذي يبرز أهمية الحريات الإعلامية ليس فقط بالنسبة للعاملين في المهنة فحسب، وإنما لكافة شرائح المجتمع، على اعتبار ان الصحافة تعد مرآة الشعوب.

 كما أن خبرة المركز المتراكمة والممتدة لما يزيد عن 15 عاما، من رصد وتوثيق للإنتهاكات بحق الصحفيين، ساهمت في سرعة تحديد أبرز الإشكاليات التي تعوق نمو وتطور الإعلام الحر والمستقل، بما يكفل حق الجمهور في المعرفة ويُسهم في تعزيز حقوق الإنسان، ويحمي مناخ التنوع والتعددية واحترام مختلف الآراء،مع الأخذ بالإعتبار تنامي أهمية شبكات التواصل الإجتماعي بالنسبة للصحفي، وشكل الحريات بعد ما يسمى "بالربيع العربي"دون إغفال حتى انتشار ظاهرة خطاب الكراهية في الإعلام بعد التحولات السياسية في الشارع العربي. الأمر الذي مكّن المجتمعين من النقاش المعمق والجدي والمتخصص حول تلك المفاصل التي تؤثر في الجسم والكيان الصحفي بفاعلية، وساهم في الخروج بتوصيات واقعية قابلة للتنفيذ بعيدا عن الخطابة أو استعراض العضلات.

 إذ تجلى ذلك في كل مرة عقد فيها الملتقى، فمن أبرز ما تمخض عنه ملتقى المدافعين عن الحريات الإعلامية في العالم العربي الاول والذي عقد عام2011، تأسيس شبكة المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي "سند"، والتي عمل ولا يزال مركز حماية وحرية الصحفيين على توفير الدعم والتنسيق لعملها بالتعاون والشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني العربية، ومؤسسات إعلامية وصحفيون وناشطون حقوقيون، وذلك تنفيذاً للتوصيات التي خرج بها "إعلان البحرالميت" آنذاك والذي كان قد نادى إلى تكوين فرق وطنية لرصد وتوثيق الانتهاكات التي قد تقع على الصحفيين والإعلاميين أثناء قيامهم بواجبهم المهني، وذلك طبقاً لمعايير علمية ومنهجية تستند للمعايير الدولية للحريات الإعلامية وحقوق الإنسان. فيما تمخض عن الملتقى الثاني عام 2013 الذي أوصى بدعم حرية الإعلام وتعزيز جهود رصد وتوثيق الإنتهاكات الواقعة على الصحافة، وتزامن مع المؤتمر السنوي الـ 62 لمعهد الصحافة الدولي واستضافه مركز حماية وحرية الصحفيين، اشهار تقرير حالة الحريات الإعلامية في العالم العربي.

 فيما كان من أبرز ما خلص إليه إعلان عمان الثاني للمدافعين عن حرية الإعلام، والذي جاء عقب إختتام اعمال الملتقى الثالث وبمشاركة 350 مشاركا ومدافعا عن حرية الإعلام في العالم العربي، والذي شهد ختامه إطلاق التقرير العربي الثاني لحالة الحريات الإعلامية، أن أعلن عن اشهار شبكة "محامون من أجل حرية الإعلام" إنطلاقا من أن تعزيز الحرية يجب أن يوازيه تعزيز للحماية للصحفيين، وبذلك يكون الملتقى قد استعرض السبل المتاحة لتحفيز كل الاطراف ذات العلاقة على أهمية اتاحة المجال لمزيد من الحريات الصحفية بواقعية ، ناهيكم عن أن الملتقى هذا العام ياتي كخطوة تمهيدية لإطلاق جائزة المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي عام 2015.

 ومن الأمور التي تستحق الإشارة ولا يجب اغفالها، أن النقاشات حول واقع الحريات الإعلامية في ظل المشهد العربي الجديد، لم تستثني أبدا حالة الحريات الإعلامية على الساحة الأردنية حيث عقد الملتقى، ولا سيما النقاش الذي دار حول تقرير حالة الحريات الإعلامية في الأردن للعام2013 والذي كان مركز حماية وحرية الصحفيين قد أصدره بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من أيار الجاري وجاء بعنوان"العتمة الإلكترونية" ، الأمر الذي أطفى نوعا من المصداقية في كل ما يدور في أروقة الملتقى دون اية تدخلات او قيود، وبعيدا عن التأثيرات المكانية، الأمر الذي يحسب لصالح القائمين على الملتقى بحق.