إنَّمـا المؤمنون إخـوة ( من وثيقة الأُخــــــــوَّةِ الإســـــلامــــيَّة )

*أخي في الله : لاأنكرُ عليك ما أهمَّك من تمزيق صفحة الإخاء لدى بعض الناس ممَّن هم مسلمون حسب هُوياتهم الممنوحة لهم من دوائر السجلات المدنية ، وهم يتحاشون أن يُقال لهم : هل أنتم مسلمون ؟ لأنه إحراج لهم أمامَ بقية الناس . ولكنهم سمعوها رغم آذانهم الصماء ، عندما أغلقوا أبوابهم الخاصة ، لكيلا يراهم أحد ... و ( الأخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ )67 / الزخرف .

 

*أُحبُّ لك من الخير ما أحبُّــه لنفسي ...

وتلك وثيقة ربانيَّة في صحف الأخوة الإسلامية والتواصي بالحق ...

وهبةٌ غالية أثيرة على قلوبنا ، لأنها من الله سبحانه وتعالى ...

ولأنها من هديِ نبيِّنا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ...

ولن ينالَها إلا الأوفياء الذين يؤدُّون حقوقَها الرَّيقة ...

 

*فإليك :

طوبى لنـا من ربِّنا الرحمنِ = زهوُ الإخاءِ ونفحُه الربَّاني

عِشْ بالإخاءِ رسالةً قدسيَّةً = تُنْمَى لهَدْيِ نَبِيِّنا العدناني

فدعاؤُك الميمونُ عندَ غيابِه = لدليلُ صدقِ القلبِ والوجدانِ

وحنينُك الريَّانُ للُّقيا به = فيضٌ الإخاءِ العَذْبِ للإخـوانِ

هـم بهجةُ الأعمـار في دنيا الورى = وهـم الحمى من فتنةِ الشيطانِ

فأخوك في الإسلامِ لايرضى سوى = ماجاء منه بمحكم القرآنِ

إنَّ الأخلَّاءَ الذينَ يجرُّهم = إبليس ما ألفوا سوى الخسرانِ

ولعلهم باؤوا به بعداوةٍ = وَتَلَفُّتٍ للإثـمِ والبهتانِ

ولأجلِ دنيا لم تزلْ غـرَّارةً = وتجرُّ بعضَ الناسِ للعصيانِ

وهنا هُنا تجدُ الأخَ المعوانَ قد = أنجـاكَ من إغوائها الفتَّانِ

ويريك وجهَ النُّبلِ في لألائه = صدقُ الإخاءِ بحرقةٍ وتفاني

وأخوك ما انفكَّت رؤاهُ جليَّةً = يخشى عليك مساوئَ الخذلانِ

عشْ واجمعِ الأخلاقَ في كنفِ الإخا = تدركْ نعيمَ الأنسِ في الندمانِ

قـمْ وامشِ بالآدابِ إسلاميَّةً = تنلِ المكانـةَ في بني الإنسانِ

واقرأ مزايا صحبةِ المختار في = عهدِ النُّبُوَّةِ خيرِ كلِّ أوانِ

وانشدْ مآثرهُم فتلك كنوزُها = في الفضلِ والإيثارِ والتحنانِ

في السلم أو في الحربِ أو فيما يرى = شرعُ الإلــهِ بدافعِ الإحسانِ

فكنِ الأخَ المفضالَ تروي هاهنا = نهجًـا يصونُ حقائقَ الإيمانِ

ويراك أهلُ الحـيِّ أُسوةَ مَن سما = في خدمة الأرحامِ والجيرانِ

فلديك من قيمِ الحنيفِ مـزِيَّةٌ = قد نلتَها بالفعلِ والتبيانِ

إذ فـزتَ من عبق المروءةِ صفوَها = ونهلتَ من شَهدِ الهدى الريَّانِ

وبذلتَها للإخوة الأبرارِ في = حـلٍّ وفي الترحالِ في البلدانِ

فتبارك الخلاَّقُ للخيرِ اصطفى = مَن سلسلَ الأخلاقَ في إتقانِ

وأنالَ أزكاهـا لِمَـن ألفى إذا = ما هاجَ داعي السوءِ والأضغانِ

عشْها تَكُنْ في الناسِ قدوةَ مَن سعوا = للمكرماتِ البيضِ في الحدثانِ

فهي الأُخـوَّةُ لـم تزل لشعوبنا = حبلَ اعتصامٍ بالهُدى الربَّاني (1)

فمباركٌ هذا الرقيُّ على هـدى = في فيءِ دينِ اللهِ ذي الأفنانِ

يابنَ الهُداة فما عــلا غيرُ الذي = وجـدَ الجناحَ بقوَّةِ الإيمانِ

قد نلتَ من عبقِ الغيوبِ نسائمًا = مانالهـا النائي أخـو الخسرانِ

أمضى لياليه الحِسانَ بغفلةٍ = في غمرة الأهواءِ والعصيانِ

ولربما استهواهُ زورُ فسادهم = في إمرةٍ لعبادةِ الشيطانِ

فخطاك بالقيمِ الأثيرةِ أوصلتْ = رؤياك مركبُها إلى الديوانِ

وحباك ربُّك بالمزايا لـم تكن = إلا لقلبٍ ذاكرٍ مزدانِ

فتبارك الرحمنُ جادَ بفضلِه = لِمَن اتَّقى وانقادَ للتَّحنانِ

واشتدَّ ساعدُه لِما يُرضَى من . = . الأفعالِ والأقوالِ والإحسانِ

ولقد أبى فعلَ القبائح كلِّها = وأبى سرابَ مطامعِ الخُـوَّانِ

مَن خانَ عهدَ اللهِ واستهوى الذي = يرضاهُ أهـلُ الزيغِ والعصيانِ

فلقد رأى يومَ الحسابِ مآلَه = ياويلَ مَن يمشي إلى النيرانِ

فاسجدْ أُخَيَّ لربِّك الأعلى وقم = في الليلة القمراءِ ذاتِ الشَّأنِ

متبتِّلا متضرِّعا مستنجدًا = باللهِ ذي النجداتِ والسُّلطانِ

وبـه اعتصِمْ فبدونه لمَّـا يجدْ = ذو حاجةٍ للفوزِ بالمُــرَّانِ

وعساك تدركُ فتحَ ربِّك إنَّهـا = دنيا تغرُّ نوازعَ الإنسانِ

وتنالُ من جـودِ الكريمِ مكانةً = أغلى من الأموالِ والتيجانِ

وتُرى بها غَرِدًا بجنَّتِه التي = لمَّـا رأتْ مِن مثلِها عينانِ

هذا دعائي يا أخي طول المدى = لـكَ من فؤادٍ الوُدِّ في الأحيانِ

في غيبةٍ وحضور شخصك بيننا = لـك بالسعادة دائمًـا ولساني

وأراك في حلل الرضا مستأنسًا = طولَ المدى بتلاوةِ القرآنِ

وأقولُها من عمقِ قلبي يا أخي = والوُدُّ يبقي العمرَ في الريعانِ

نعمَ ارتقاؤُك في منازل رفعةٍ = كانت لأهلِ الشُّكرِ والعرفانِ

ودعِ (الأنا) إنَّ (الأنا) تردي الفتى = في حمأةِ الخذلانِ والشَّنآنِ

فمن ابتغى وجهَ الإلـهِ فلن يرى = وجهًـا لرفعِ الشأنِ بالهذيانِ

فالصدقُ من قيمِ السُّمُوِّ ولم يكنْ = بهوى (الأنا) المذمومِ يلتقيانِ

إنَّ (الأنا ) مذمومةٌ مبتورةٌ = وتجرُّ صاحبَها إلى الخذلانِ

واهجرْ رعاكَ اللهُ كلَّ أذيَّةٍ = عنها نَهَتْ من سُنَّةٍ و مثاني

فالإثمُ يطوي الصَّالحاتِ وإنَّه = بابُ الولوجِ لغضبةِ الديَّانِ

فيه السفاسف لم تزلْ في خسَّةٍ = صخَّابة تعوي بسوءِ لسانِ

بنميمةٍ أو غيبةٍ أو فتنةٍ = يأبى أذاهـا المسلمُ الربَّاني

والقـدحُ في الأعراضِ يغضبُ ربُّنا = وينالُ صاحبُها حسيسَ هـوانِ

نسيَ العقوبةَ في وهادِ جهنَّم = أو قاعَ جمرِ الهونِ في النيرانِ

إنَّ اللسانَ يذلُّ اربابَ الهوى = إنْ فـاهَ بالتدليسِ والبهتانِ

بالصَّالحاتِ الباقياتِ تنالُها = أغلى من العقيانِ والمرجانِ

ولعلَّها مُتَعُ الحياةِ ولـم تكن = تجدي لدفعِ نتيجةِ الخسرانِ

إنْ عاشَ صاحبُها بلا دين ولا = خُلُقٍ يرافقُ سيرةَ الإنسانِ

هيهات تجدي النفسَ ما ملكتْ هنا = إن لـم يُوَشَّ الفعلُ بالشكرانِ

ويرى بها الحقَّ المناطَ لأهلِها = فطهارةُ الأحناءِ أمـرٌ ثـانِ

إنَّ الزكاةَ فريضةٌ وجبتْ على = هذا الغنيِّ وصاحبِ البستانِ

حقُّ الفقيرِ أُخُوَّةٌ وتكافلٌ = من غيرِ مـا مَنٍّ ولا عدوانِ

كيلا يكونَ يقينُه رثًّـا بلا = صدقٍ يثيرُ تأفُّفَ الجوعانِ

وهنا أخي يجدُ الإخاءُ مكانَه = بفؤادِ طيبِ الجودِ في السكانِ

وترى بمجتمعِ التآخي أُمَّـةً = صانتْ حقوقَ الأهلِ والخــلانِ

وحَنَتْ على الأرحامِ ماتركتْ بهم = من حسرةٍ لفواجعِ الأزمانِ

ما أجملَ الإيثارَ زعزعَ بُخْلَ مَن = عاشَ الحياةَ مكبَّلَ الوجدانِ

فاصدعْ أخي بالمكرماتِ تزفُّها = لأولي الإخاءِ رسالةُ العدناني

كان الصحابةُ كلُّهم وكأنَّهم = رجلٌ هنالك واحدٌ لا اثنانِ

فحباهُـمُ الرحمنُ بالخيراتِ في = ذاك الزمانِ العَذْبِ والرضوانِ

رضي الإلــهُ البَـرُّ عن أجدادِنا = نصروا النَّبيَّ بهمَّـةٍ وتفاني

فعلتْ بهم راياتُ دينِ مُحَمَّدٍ = إذ رفرفتٍ في سائر البلدانِ

والنصرُ من عند الكريمِ مؤمَّلٌ = للمسلمين الإخوة الشجعانِ

فازوا بتقواهم ونالوا ما ابتغوا = إذ كان مرجعُهم هُدَى القرآنِ

لم يرهبوا نارَ المجوسِ تأجَّجتْ = أو بأسَ أهلِ الشركِ والرومـانِ

أرأيتَ مافعلَ الأوائلُ ياأخي = وإخاؤُهم رمزُ الهدى الرباني

نالوا من الدنيا شذا شرفِ الوفـا = والفوزِ في الأخرى لدى الرحمنِ

وبوقعة اليرموك لو أبصرتَهم = لرأيتَ للإيثـارِ طيبَ معاني

يفدي الجريحُ أخاه بالماء الذي = والماءُ كانَ بقبضة الظمآنِ

هم ينتضون سيوفَهم لعدوِّهم = والحبَّ والإيثارَ للإخـوانِ

أهلُ المودةِ هـم فلا تنأى أخي = عنها ففيها الخيرُ للخِــلاَّنِ

فالحبُّ والخُلُقُ الرفيعُ شعارُهم = ومآثرُ النُّصحِ الأثيرِ الحـاني

إنَّ الأُخـوَّةَ لم يَكنْ مخزونُها = إلا لمَن تسعى لـه القدمانِ

بحُنُـوِّ قلبٍ وامتثالِ سجيَّةٍ = فطريةِ السِّيماءِ والتحنانِ

وتفاعُلٌ في النفسِ معْ آثارِها = لـم يُثْنِها ريبٌ من الأضغانِ

فهي الأُخوةُ خيرُها فيمَن يرى = حُسْنَ الودادِ بساعةِ الرَّوَغانِ

فاصفحْ وسامحْ واتَّبعْ ما قد أتى = يابنَ الحنيفِ بسُنَّةِ العدناني

فبها الشَّكيمةُ لاتلين أمامَ مَنْ = خنقَ الأُخـوَّةَ بالهوى الشيطاني

فإذا استقامتْ بالكتابِ حياتُنا = صلحتْ فِعالُ الناسِ بالإحسانِ

فَلْنرْتَـدِ التقوى لباسَ مُيَمِّمٍ = شطرَ الفخارِ بنعمةِ التبيانِ

والأمرُ قالَ إذا ألمَّتْ غُمَّــةٌ = فعلى مراشفِ نهجنا تلقاني

إنَّ الأمورَ تنوعتْ بحيلتِنا = مابين أهل الجهلِ والعرفانِ

لكنَّ سلسلةَ التَّفقُّه بالهدى = أولتْ شؤونَ الخَلْقِ خيرَ بيانِ

مافرَّط الرحمنُ من شيءٍ ولا = غابتْ عن الحسنى بأيِّ زمانِ

فالخيرُ كلُّ الخيرِ في إسلامِنا = وسواه ما استوفى القليلَ الفاني

فدعِ الذين تخبَّطوا بضلالهم = وفسادهم في الأرضِ كالعميانِ

وانصحْ أخاك محذِّرًا من فاسقٍ = أم مُفْتــرٍ يهذي بلا إيمـانِ

فَمَن استعارَ عباءَةَ الباغي بغى = وانحازَ بئسَ الميلُ للشيطانِ

فاسعوا إلى العلياءِ تدركْ سعيَكم = نفحاتُ مافي القلبِ من إيقانِ

واللهُ وفَّـقَ مَن مشى لرحابها = يرجـو النَّقاءَ العذبَ للوجـدانِ

بإخـاءِ أهلِ الفضلِ في تطوافهم = سينالُ مايحلو بكلِّ أوانِ

وَلْتَجتمعْ قيمُ الأُخوَّةِ دائمًـا = من غير مـا خللٍ مع الأعـوانِ

فَلْيُرْجَ عندئذٍ نضوجُ ثمارِها = في دوحةِ الأرطابِ في البستانِ

حيثُ التعاونُ والتَّضامنُ والوفا = فهي اليدُ العليا لجمـعٍ بــانِ

فهنا وربِّك يا أخي فيءُ المنى = وسعادةُ تُهدَى إلى الفتيانِ

فالحمدُ لله الكريمِ أمدَّنا = بكتابه ونبيِّـه العدناني

وحبا الأخَ استوفى شروطَ محبَّةً = لأخيه في المولى جنى الرضوانِ

وعلى المنابرِ في مباهجِ جنَّةٍ = من نورِ لطفِ اللهِ يلتقيانِ

طوبى أخي لهما إذِ التقيا هنا = في ظلِّ عفـوِ المنعـمِ الرحمنِ

وهـو الخلودُ وفي الخلودِ تأخَّرتْ = صيغُ البلاغة أو فنون بيانِ

لاترتقي لجمالها وجلالها = ونعيمِها الأزليْ لعجزِ لسانِ

لو يعلمُ الكفارُ زهــوَ طيوفها = ورأوا بهـا ما لــم تَــرَ العينانِ

لتزاحموا يرجون عفوَ مليكهم = زمـرًا وداسوا هامة الشيطانِ

مَن ذا يُعدُّ لتلكم الأخرى يــدًا = تجني ثمارَ الوُدِّ والتحنانِ

يحيا بها ويمرُّ تحت ظلالها = إن جاء أو إن راحَ كلَّ أوانِ

والناسُ بالآداب يحلو ذكرُهم = وبغيرِها لاخيرَ في الإنسانِ

كم من فتى ولَّى بسابقِ دهرنا = وطوى الوجوهَ تَقَلُّبُ الحدثانِ

لكننا نلقاهُ يهفو ذكرُه = لكريـمِ محتدِه وطيبِ معاني

قد حاز بالخُلُقِ الرفيعِ مكانةً = في عين أهلِ الفضلِ والعرفانِ

ولقد خطـا بالصالحاتِ من الهدى = في عيشِه بطهارةِ الوجدانِ

وكأنَّ دوحتَه الظليلةَ موئـلٌ = فيها النَّدى والصِّدقُ يجتمعانِ

فأخٌ له قد جاءَ ملتمسًا له = ماجــدَّ في اللأواءِ من إمكانِ

فرأيتَه بعد اللقاءِ المرتجَى = قـد عادَ يُزجي الشكرِ للمعوانِ

ويعودُ يُـــــثْـــــني من فؤادٍ صادقٍ = لمَّـا رأى منهُ يــدَ استحسانِ

سبحان مَن جبلَ القلوبَ برحمةٍ = ثـجَّاجُها المشهودُ للظمآنِ  

لكنْ بحكمته طوى فضلا لها = عمَّن نأى في مهمهِ الحرمانِ

فتراه أقفلَ يا أخي متجهمًـا = مثل الخريفِ الممحــلِ الأفنانِ

يشقى الذي هجرَ العبادةَ لاهيا = بالمنكراتِ بصحبةِ الأخـدانِ

في الناسِ أحياءٌ ولكن مارأوا = وجهَ الربيعِ بوارفِ البستانِ

أين الودادُ بروضِ إنسانيَّةٍ = جاءَ الحنيفُ بطيبِها الرباني !

أين المثاني من تنائي تائـه = عنها ومن متعثِّرٍ حيرانِ

فاستهدِ بالآياتِ تدركْ راحةً = تنجيك من هــمٍّ ومن أحــزانِ

تحيا به بَــرًّا نبيلا نافعا = في عصرِنا المسجورِ بالأضغانِ

وبه تفوزُ بأعـذبِ الذكرى إذا = ماغبتَ عن إخـوانكِ الفرسانِ

فابثُثْ مآثرَها لمَن ارتأى لها = فضلا لكلِّ الناسِ في الأزمانِ

فهي التي جاءت بوحيٍ مرسَلٍ = للأنبياءِ بخيــرِها المزدانِ

فَمَن اجتناهـا نالَ طيبَ ثمارِها = وإذا قلاهـا عاشَ في الحرمانِ

واصبرْ أخي إن قمتَ في تبليغها = لذويكِ ثمَّ لمَن تراهُ يُعـاني

لتنالَ أجرَ الدعوةِ الغرَّاءِ في = زمنٍ أراهُ بوجهـِـهِ الخزيانِ

وجـهِ المثالبِ والعداوةِ للهدى = للناسِ صوَّره بنو الشيطانِ

فكم ابتلى ربِّي قلوبا آمنتْ = لكنَّها ارتدَّتْ إلى العصيانِ

إعلامُهم أعمى العقولَ فما رأت = وجهَ الهدايةِ بينهم عينانِ

ولعلها تعمى البصائرُ إن أتى = أصحابُها للغـيِّ والبطلانِ

فاحمدْ إلهك يـاأخي ثم اصطبرْ = واعلمْ بأنَّ الفضلَ للرحمنِ

ستزولُ صيحاتُ الضَّلالِ وتختفي = دعـواتُ أهلِ الشركِ في البلدانِ

ويظلُّ ما للدِّين من قيم الإخـا = ليستْ تُنالُ إلى يــدِ الخـزيانِ

كم من شقيٍّ عاشَ سوءَ خصالِه = يؤذي أخاهُ بنابِ ذي السَّرحانِ

ويخونُ أمَّتَه ويُزجي سمَّه = لأخيهِ في سرٍّ وفي إعــلانِ

أين انصًرَنَّ أخاك إن عاينتَه = في الأرضِ مظلومًا من العدوانِ (2)

أم أنَّه نسيَ الإخاء وما له = في الفضلِ في دنياه والإحسانِ

فالمؤمنُ المعروفُ في إيمانه = يحيا تــشدًّ عـرا الإخاءِ يـدانِ

وهـما لبعضِهما تَواثُبُ قــوَّةٍ = مرصوصةٍ في السَّاحِ كالبنيانِ (3)

هذي رسالةُ أحمد المختارِ في = معنى الإخـاءِ وزهـوِه الفتَّانِ

فامقتْ خسيسًا قد أتى تأويلُـــــهُنَّ . = . المستفزُّ على لسان الجـاني

مانالَ من دنياهُ إلا لعنةً = أردتْـهُ مجروفا مـع الفيضانِ (5)

يمضي مَنِ استعدَى ببغيٍ عاصفٍ = لتبارِ مافي البغيِ من فِقدانِ

هذا الإخاءُ لأُمتي عنوانُه = عــزمٌ يكونُ بِكَفَّةِ الرجحانِ

فانشد بمجتمعِ التآخي يا أخي= قيمًـا له تُلفَى بــلا نكرانِ

منها التَّناصرُ والتَّراحُمُ والتَّناصُحُ .= . في يَـدَيْ بَـــــــــــرٍّ مع الأظعانِ

فالوُدُّ والتيسيرُ من حُللِ الذي = إن عاشَ في الأفرادِ والأعيانِ

فأخـوكَ لاتظلمْهُ لاتخْذلْهُ في = وقتٍ يُرادُ إعانـــةَ اللهفانِ

لاتُسْلِمَنْهُ إلى عـدوٍّ غاشمٍ = أو ظالمٍ قـد غُــــــرُّ بالطغيانِ

أو أنْ تَنَـمَّ عليه ــ ويكَ ــ بكذْبــةٍ = يُرمَى بها لضراوةِ السَّجَّـانِ

كــُنْ في مواكب سبعةٍ قد عـدَّهم = خيرُ الورى هـم خيرةُ الركبانِ(6)

إذْ أنهم عاشوا الأُخوَّةَ عمرَهم = حبًّـا لربِّ الناسِ ذي الغفرانِ

إنَّ المحبَّةَ في الإلــهِ لَنعمــةٌ = تُعطَى لذي حظٍّ من الرحمنِ

وبهـا ينالُ العبدُ بِــرًّا غامرًا = يلقاهْ لــم يخطرْ على الأذهـانِ

والسَّبعةُ الشركاءُ في هذا النَّدى = يتمتعون بخيرِه الفينانِ

والأُمَّــةُ اختارَ الكريمُ لها الرضا = يومَ الحسابِ إذِ العيونُ رواني !

والناس في خـوف لهولِ عقوبةٍ = إنْ لم يروا فيـهِ رفيفَ أمــانِ

يحلو التُّقى للمسلم اليومَ انتقى = قبلَ الرحيلِ أفاضلَ الإخــوانِ

وأجابَ أمرَ اللهِ : كونوا إخوةً = ولكم ثوابَ الضِّعفِ في الميزانِ

طوبى لأمتنا إذا ما أقبلتْ = تهفو إلى التوباتِ للـدَّيَّـانِ

وإلى الإخاءِ الحُلْـوِ فيما بينها= ولنصرةِ الإسلامِ لا الإذعــانِ

تسترخصُ الدنيا متاعًا زائلا = وتهبُّ بالإعــدادِ والفرسانِ

لتعودَ أيامَ الفــدا بدريَّةً = فلقد زهتْ يومَ التقى الجمعانِ

والنصرُ من عندِ المهيمنِ لم يزل = لمَن اقتفاهـا سيرةَ العدناني

صلَّى عليه اللهُ عاشَ مجاهدا = والخُلْقُ كانَ مـزيَّةَ العنـوانِ

يدعو الخلائقَ للأُخـوَّةِ متْنُها = شرعٌ أتاهُم عاطرَ الأردانِ

والقتلُ والتدميرُ ما كانا لِمَـنْ = آخى شريعتَه بأيِّ مــكانِ

ولجندِه هذا السُّمُوُّ فما بغوا = فَهُــمُ الحِمى لكرامةِ الإنسانِ

هذا هو الإسلامُ لـو فَقِــهَ الذي = غــرَّتْهُ دنيا المالِ والسُّلطانِ

قــد عاشَ واستهواهُ زخـرفُها وما = للزخرفِ الفتَّانِ من أثمانِ

إلا انكفاءُ العمرِ في لججِ الهوى = وركوعه لتنوُّعِ الأوثانِ

أما الحقيقةُ والمآثرُ والهدى = والفضلُ والتقوى ففي النسيانِ

أما رفاقُ السوءِ بئست صحبة = قادت إلى الهلكاتِ والبطلانِ

لايأنسُ المغتُّــــــــرُّ من خِلاَّنه = إلا بأهــلِ السوءِ في والعصيانِ

هي صحبةٌ لرفاقِ بعضِ مصالح = قادتْ خطاهم للهوى الشيطاني

والخيرُ من قيمِ النفوسِ حباؤُه = فمع المساوي ليس يلتقيانِ

كانت لأُمَّتنا المكانةُ وحــدَها = بين الشعوبِ بسائر الأحيانِ

ولقد حباها اللهُ بالقـرآنِ فيه . = . نجاتُها من غفلةٍ وهــوانِ

ومن الركوعِ لظالمٍ أو معتدٍ = في عالم الإرهاب والطغيانِ

ولعلها هبَّتْ لنصرةِ دينِهــا = بعد الخطوبِ السودِ والأحـزانِ

واستنجدتْ باللهِ عن صدقٍ لِمـا = بيقينِهـا المشدودِ بالإيمانِ

فالنصرُ آتٍ لامحالةَ إنَّـه = بيدِ الإلهِ وذاك بالإيقانِ

وَلْيَخْسَأِ الطاغوتُ رغــمَ عُتُــوِّه = وحشودِه وضراوةِ الأضغانِ

فالوعدُ وعدُ اللهِ وعــدُ رسوله = للمسلمينِ فَبَشِّرَنْهُـم دانِ !

واسلمْ أخي وانْعَم بحبِّ محمَّــدٍ = وبحبِّ إخـوانٍ بــلا نكرانِ

*إضاءات

(1) قال -تعالى-: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) 103/آل عمران

(2) إشارة إلى الحديث النبوي الشريف ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : (انْصُرْ أخاكَ ظالِمًا أوْ مَظْلُومًا فقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنْصُرُهُ إذا كانَ مَظْلُومًا، أفَرَأَيْتَ إذا كانَ ظالِمًا كيفَ أنْصُرُهُ؟ قالَ: تَحْجُزُهُ، أوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ فإنَّ ذلكَ نَصْرُهُ).رواه البخاري .

(3) إشارة إلى الحديث النبوي الشريف ، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم : (المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بيْنَ أَصَابِعِهِ). رواه البخاري .

(4) إشارة إلى الحديث النبوي الشريف ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسوا الله صلى الله عليه وسلم : (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ...ورَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ اجْتَمعا عليه وتَفَرَّقَا عليه).

(5) المجروف : أي المكسوح بالمجرفة ، ويقال : جرفه الدَّهرُ أي أفقره وأهلكه .

(6) إشارة الحديث النبوي الشريف فعن أبي هريرة رضي الله عنه  قالَ : قالَ رسُولُ اللَّه ﷺ ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه تَعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ) متفقٌ عَلَيْهِ.

وسوم: العدد 1057