الانقسام الفلسطيني

نعمان عبد الهادي فيصل

في عهد الانتداب البريطاني

وفي ظل السلطة الوطنية الفلسطينية

(دراسة مقارنة)

  أصدر الكاتب نعمان عبد الهادي فيصل كتابه الجديد بعنوان: الانقسام الفلسطيني في عهد الانتداب البريطاني وفي ظ­­­ل السلطة الوطنية الفلسطينية (دراسة مقارنة)

يحاول هذا الكتاب تحليل جذور وأسباب الانقسام الفلسطيني من خلال المقارنة بين الانقسام داخل الحركة الوطنية الوليدة آنذاك في عهد الانتداب البريطاني، والذي أخذ طابعاً عائلياً؛ بين عائلتي الحسيني والنشاشيبي، على أرضية الموقف من الانتداب أو بسبب التنافس على مواقع السلطة والنفوذ. وبين الانقسام الذي حدث في ظل السلطة الوطنية الفلسطينية، بين حركتي فتح وحماس، والذي أخذ طابعاً سياسياً نتيجة الخلاف بين رؤيتين متناقضتين إحداهما تمثل مشروعاً وطنياً بقيادة حركة فتح، وأخرى تمثل مشروعاً إسلامياً بقيادة حركة حماس، وكذلك بسبب الموقف من الاحتلال الإسرائيلي وأسلوب التعامل معه.

  ويقوم هذا الكتاب على توصيف وتحليل تداعيات الانقسام الداخلية والخارجية، التي تركت آثاراً سلبية وانعكاسات خطيرة على المشروع الوطني والوضع الفلسطيني بمكوناته السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

  ويقدم الكتاب مقارنة حول أوجه الشبه والاختلاف بين الانقسامين، وكأن التاريخ يعيد نفسه، حيث تتكرر أخطاء ونتائج الانقسام في الحاضر، دون أخذ العبر مما حدث.

ويمكن القول أن هذا الكتاب قدم ما يمكن اعتباره خارطة طريق، لانتشال الوضع الفلسطيني المبعثر إلى مستقبل أفضل، تكون المصلحة الوطنية العليا هي الهدف النهائي حيث قدم الكاتب نعمان فيصل مجموعة أفكار وتوصيات عملية لبناء نظام سياسي فلسطيني محصن من الانقسام بمشاركة كل القوى والتنظيمات ومؤسسات المجتمع المدني، من خلال استعادة قراءة التاريخ خاصة الفترة الزمنية السابقة بكل تداعياتها بنظرة طموحة للمستقبل، ودعوة الأطراف الفلسطينية كافة إلى ردم هوة الخلاف، وأن تكون المصالحة حقيقية تشمل التصالح في الرؤى والأهداف والإستراتيجيات والمواقف، والاتفاق بين كل الفصائل الفلسطينية والقوى والمؤسسات على برنامج سياسي موحد تلتف حوله هذه القوى مجتمعة لمخاطبة العالم بلسان واحد. ويمكن اعتبار البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد تفعيلها في إطار المصالحة ووثيقة إعلان الاستقلال عام 1988، ووثيقة الوفاق الوطني عام 2006، والقرارات الصادرة سواء عن المجالس الوطنية أو مبادرة السلام العربية، التي أقرت في قمة بيروت عام 2002، والتمسك بقرارات الشرعية الدولية، التي تدعم الثوابت الفلسطينية، يمكن اعتبارها أساساً لهذا التوجه.

 

ويشار إلى أن الكتاب يتكون من خمسة فصول، حيث يبدأ الفصل الأول بدراسة أساليب الحركة الوطنية الفلسطينية في النصف الأول من القرن العشرين، وتنامي حالة الوعي لأخطار المشروع الصهيوني لدى الشعب الفلسطيني، غير أن أوضاعه الاجتماعية لم تكن مهيأة لإيجاد الحركة النضالية القادرة على ترجمة هذا الوعي إلى ممارسة عملية، فأشكال النضال التي مارسها الشعب الفلسطيني بين العمل السياسي والدبلوماسي، والمقاومة السلبية، وصولاً إلى الانتفاضات والثورات العنيفة، لم تكلل بالنجاح.

  ويطل الكتاب في الفصل الثاني على أسباب الانقسام الفلسطيني بين عائلتي الحسيني والنشاشيبي، حيث أفرد الكتاب مساحة إلى تحليل الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وكذلك إلى تداعيات الانقسام وانعكاساته السلبية على السواد الأعظم من الشعب الفلسطيني.

  ويبرز الكتاب في الفصل الثالث تبلور الحركة الوطنية الفلسطينية بعد نكبة عام 1948 وميلاد الكيان السياسي الفلسطيني المتمثل في إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، وأبرز المنظمات الفدائية في إطارها، وبيان ما جسدته المنظمة كإطار تعددي جامع لكل القوى والتنظيمات على اختلافها، ثم تطرق الكتاب إلى ظهور الإسلام السياسي في فلسطين، وتحدث عن البعد الأيديولوجي والعقائدي لدى الإخوان المسلمون ومنظمة التحرير الفلسطينية، وصولاً إلى إنشاء حركة حماس بما شكلته من رؤية وإستراتيجية تقوم على إقامة دولة إسلامية في فلسطين مناقضة لإستراتيجية حركة فتح ومنظمة التحرير.

  ويتناول الكتاب في الفصل الرابع تحليل الأسباب السياسية للانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس في ظل السلطة الفلسطينية، وتداعياته الخطيرة على المشروع الوطني والوضع الفلسطيني بمكوناته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأيضاً التطورات التي جرت على صعيد حركة حماس (الفكر والممارسة) بعد فوزها بالانتخابات التشريعية الثانية عام 2006، وصعودها إلى المسرح السياسي.

  أما الفصل الأخير من الكتاب فيستشرف ويحلل العوامل والأفعال المتشابهة والمختلفة بين الانقسامين (في عهد الانتداب وفي ظل السلطة الفلسطينية)، وقد خلص الكتاب من خلال المقارنة إلى تقديم مجموعة أفكار وتوصيات عملية لبناء نظام سياسي فلسطيني محصن من الانقسام بمشاركة كل القوى والتنظيمات ومؤسسات المجتمع المدني.