صداقة الأرانب والجرذان مع الأسد

م. محمد ماهر مكناس

1

كان يا ما كان في قديم الزمان

كان هناك غابة جميلة ملتفة الأغصان

فيها كل ما يشتهي السكان

من الأشجار والحشائش والثمار

وفيها الأزهار بمختلف الألوان

وكان جميع سكان الغابة يعيشون في أمان

********

2

كان الأسد الكبير ملك الغابة

وكان يستعين بالوحوش الأعوان

من الذئاب والثعالب والنمور

ويرسل جواسيسه إلى كل مكان

ليعرف ما يجري بين السكان

**********

3

وتمر الأيام والشهور والأعوام

والأسد الكبير ملك الغابة يكبر ويهرم

ولم يعد بسيطر على الوحوش الأعوان

وفي يوم من الأيام

شعر الأسد السلطان

بمؤامرة من الوحوش الأعوان

للإطاحة بالأسد السلطان

رغم الصداقة القديمة بينه وبين الوحوش الأعوان

ورغم الخدمات الكبيرة التي يقدمها هؤلاء الأعوان

********

4

فأخذ بتصقية أصدقائه الأقدمين

من الوحوش النائمين

فهذا بتصفية جسديه

وهذا بإقامة جبريه

وذاك بالسجن في الغرف الإنفرادية

ولاحق جميع الهاربين خارج الغابة

بطرق البطش المعتاده

أو بطرق الإغتيال والإباده

*********

5

حتى لم يعد لديه أحد من الوحوش الأعوان

لمساعدته قي حفظ الأمن والأمان 

نظر الأسد السلطان

صاحب العظمة والصولجان

نظر إلى الغابة التي خلت من السكان

وكذلك من الوحوش الأعوان 

وهو بأمس الحاجة إلى وجود أولئك الوحوش الأعوان

********

6

فأخذ يجري اتصالات مع الأرانب والغزلان

والطيور والغربان

ومع القرود والثيران

حتى وصل به الأمر إلى الاتصال بالخنازير والجرذان

فلم يتفق معه إلا الأرانب والخنازير والجرذان

الذين خانوا جميع فصائل الحيوان

فأخذ الأسد السلطان

يرسل جواسيسه من الأرانب والجرذان

ليتجسسوا على الحيوانات في كل مكان

أما الخنازير فوضعهم حراساً له في كل مكان

**********

7

وأصبح كل سكان الغابة يتوجسون خيفة من الأرانب والخنازير والجرذان

لأنهم يعملون جواسيساً للأسد السلطان

واشتد الظلم في الغابة على السكان

وكثر السطو والقتل في كل مكان

وضج سكان الغابة من ظلم الأسد السلطان

وأخذوا يهربون ويبتعدون ليعيشوا في أمان

بعيداً عن جواسيس الأسد السلطان

من الأرانب والخنازير والجرذان

**********

8

أحس الأسد السلطان بالتعب والهرم

وأصابه المرض والسقم

فأراد أن يورث ملك الغابة لابنه الباسل الشهم

ثم من بعده لابنه المخبول المنهزم

ثم من بعده لابنه الشاطر النهم

ثم للأحفاد

الذين يحملون الأحقاد

لأنه كان يعتقد أن الغابة أصبحت ملكاً له ولأولاده

ومن بعد أولاده لأحفاده

ولأحفاد أحفاده

يتصرفون بها على أهوائهم وأهوائه

**********

9

  بدأ الأسد السلطان

يظهر ابنه في جميع الأحداث والحفلات

ويرأسه على حميع الأعوان في المناسبات

وأخذ الإبن المجنون

يمشي ويتبختر أمام العيون

ويقود السيارات بسرعة وجنون

إلى أن وقع أمام الناس صريع

وأهلكه الله بحادث مريع

فنقلوه ميتاً أمام الجميع

إلى مستشفى الغابة المحصن المنيع

***********

10

واستراحت الغابة فترة من الزمان

وعاش السكان بشيء من السلم والأمان

لأن الأسد السلطان

كبر وهرم وفقد جميع الأعوان

فكر الأسد باستقدام ابنه عكار

الذي يعرف عنه أنه مخبول ومكار

ليستلم التركة قبل أن يموت الأسد السلطان

وبدأ عكار المكار يمثل دور أخيه المقبور

ويتزعم الأندية ويعيش في القصور

حتى مات الأسد السلطان

ودفنوه أمام الناس في تلة القرود

أمام الشاهد والمشهود

ليلاقي مصيره المعهود

*********

11

استراحت الغابة من الأسد السلطان

وعادوا إلى بيوتهم ومزارعهم في أمان

ولم يحسبوا لعكار المكار أي حسبان

وهنا خرج عكار المكار يطالب بملك أبيه السلطان

لأنه كان يعتقد أن الغابة كلها كانت ملك أبيه

واعترض سكان الغابة على عكار المكار

واعترض معهم أعوان الأسد من المقربين الأخيار

لأن الجميع يعرفون أن عكار المكار

رجل مخبول غريب الأطوار

************

12

أصر عكار المكار أن يخلف أبيه في ملك الغابه

وأن تكون له الرئاسة والملك والسياده

فأخذ يصرخ في مجلس الغابة ويصيح

بأن له الحق الصريح

لأنه الوريث الشرعي لملك الغابة بكل وضوح

فاعترض من المجتمعين من اعترض

وخرج من مجلس الغابة من خرج

ولم يبق في المجلس إلا جواسيس السلطان

من الأرانب والخنازير والجرذان 

***********

13

وتمت الانتخابات بوجود من حضر من الجواسيس والأعوان

وفاز عكار المكار بمنصب السلطان

لعدم وجود معارض أو مقارع

فأصبح ملك الغابة بلا منازع

وأصبح بينه وبين سكان الغابة ألف حاجز وألف قاطع

ففرض على الجميع وجوب الطاعة والاحترام

إذا أرادوا أن يعيشوا في الغابة بسلام

**********

14

عاد الحزن إلى سكان الغابة من جديد

وأصبح حكم الغابة بالنار والحديد

وغاب عن الغابة كل صنديد

وبرز في الغابة كل منافق ورعديد

وعاد سكان الغابة إلى الهروب

من هذا الظلم المنصوب

وتفرقوا في كل البلاد والدروب

حتى أصبحت الغابة خاوية الأركان

إلا من الأرانب والخنازير والجرذان

لأنهم لم يشعروا بالأمن والأمان

********

15

لم يعد الأسد يجد فريسة يأكلها

فطلب من أعوانه الأرانب والخنازير والجرذان

أن يتدبروا الأمر ويحضروا له الطعام من أي مكان

فشل الحيوانات الأعوان

في إرضاء الأسد السلطان

ففرض عليهم أن يحضروا واحداً منهم كل يوم لينالوا الأمان

ولما لم يجدوا للأمر حيله

فقد اتخذوا من القرعة وسيله

فأصبحوا كل يوم يجتمعون

ويسبون بعضهم ويتصايحون

وفي آخر الأمر يقترعون

ليقدموا واحداً منهم غداءً للأسد السلطان

لأن الغابة فرغت من الأبقار والأغنام والغزلان  

***************

16

وهكذا أصبح الأسد السلطان

يأكل أحد أعوانه كل يوم من الأيام

فيأكل في اليوم الأول أحد الأرانب

وفي اليوم الثاني أحد الخنازير

وفي اليوم الثالث أحد الجرذان

ثم يعود من جديد ليأكل أحد الأرانب أو أحد الخنازير أو أحد الجرذان

وهكذا عاشت الغابة في أمان

بما فيها من الأرانب والخنازير والجرذان

بعد أن تم إرضاء الأسد السلطان

*********

17

كان الأسد يطلب من أعوانه وجبات شهيه

من الأرانب المقليه

أو الخنازير المشويه

أو الجرذان المحشيه

بدأت الأرانب تتناقص باستمرار

وأخذ عدد كبيرمن الجرذان يهرب في الليل والنهار

أما الخنازير فبقيت الغذاء الوحيد للأسد عكار

المعروف بعكار المكار

**********

18

نظر عكار المكار بعد أن كشر نابه

فلم يجد حوله من يدافع عن الغابه

لذلك فكر أن يبيع نصف الغابه للدببة الروس بالمجان

وللخنازير القادمين من إيران

أو من العراق أو من بلاد الأفغان

أو من البلد المجاور الذي يسمى لبنان

وكثرت الدببة والخنازير في بلد الأمن والأمان

وأخذوا يعيثون فساداً في كل مكان

*************

19

يدمرون البيوت والمزارع

ويهدمون المدارس والمصانع

ويقصفون المشافي والمساجد دونما رادع

وينشرون الإجرام في كل شارع

وأخذوا يستعملون الطائرات والصواريخ والمدافع

على سكان الغابة الآمنين

الذين يدافعون عن أرضهم

ويحمون نساءهم وأطفالهم وعرضهم

***********

20

واشتدت المعارك أيها الأطفال

واشتدت معها سواعد الأبطال

ونزل الجميع إلى ساحات القتال

وكثرت الضحايا والأشلاء

من سكان الغابة ومن الأعداء

وقدم إلى الغابة كثير من الأصدقاء

ليساعدوا سكان الغابة على طرد المحتلين الأعداء

فكان كل طرف يريد أن يحقق الانتصار

على أعوان عكار المكار

*********

21

أما عكار المكارفقد جلس بعيداً يراقب بسرور

وهو ينظر بفرح وحبور

إلى المعارك التي تدور

وإلى القتلى والجرحى بشيء من البلاهة والغرور

دون أن يهتز عنده إحساس أو شعور

لأنه عديم الإحساس والشعور

تجاه أعوانه أو تجاه سكان الغابة المغاوير

وتمر الأيام والأسابيع والشهور

وسكان الغابة يحسبونها دهور

حتى بدأ الأعداء ينهزمون

ومن مواقعهم يفرون

***********

22

وهكذا تحررت الغابة من الأعداء

وتمت هزيمة المحتلين الدخلاء

أمام عزيمة السكان

فأخذ عكار المكار يبحث له عن مكان

فلم يجد من يؤيه إلا الدببة الروس أو خنازير إيران

وقبل أن يغادر إلى بلاد المجوس إيران

أراد أن يختبئ في أي مكان

وأخذ سكان الغابة يبحثون في كل مكان

عن عكار المكار الجبان

فوجدوه مختبئاً في مكان لم يكن في الحسبان

وجدوه مختبئاً في أحد المجاري مع أعوانه الجرذان

***********

23

فأمسكوا به وجرُّوه

ووضعوا القيد في يديه ورجليه واعتقلوه

وإلى محكمة عادلة قدموه

بعد أن قُتل من قُتل

  وأُسر من أًسر

من أعوان عكار المكار

ومن المجرمين المحتلين الأشرار

واستراحت الغابة من عكار المكار

ومن أعوانه الأشرار

وانتشرت في الغابة الأفراح

والليالي الملاح

بعد الخلاص من الحكام المستبدين

ومن أعوانهم المجرمين

وسوم: العدد 799