صديق الطفولة

د. وائل عبد الرحمن حبنّكة الميداني

أشهِدُ الله على ما سأقول :

قال لي صاحبي وهو من أهل الصلاح وأشهد الله على ما قاله لي .

قال : فرّقَتْني الأيّام عن صديق طفولتي ، بسبب سفري وإقامتي في أوروبا ، أمّا صديق طفولتي فبقي في دمشق وتابع تحصيله العلمي الديني وأصبح من حفظة كتاب الله ، ثمّ ما لبث أن أصبحَ من الدُعاة الذين يحملون لواء تطوير الخطاب الديني !!! وقد قطع شوطاً في هذا المجال وبدأ يعلو كعبُه وتكبُرُ مكانته ، سيّما أنّه مُقرّبٌ من الشحرور ويجالسه كثيراً ولفتراتٍ طويلةٍ قبل بداية الأحداث في سوريا ، وكان يجد لديه حُظوَةً بسبب انتهاجه طريقاً يُشبه منهج الشحرور في إعادة فهم الدين بمنظارٍ مُعاصر ، وهذا ما جعله ينطلق إقليمياً وعالمياً !!!

يقول صديقي : شاء الله أن يزورني صديق الطفولة هذا في أوروبا بعد فراق طويل ، فاستضفته في بيتي ، وأنا أحدث نفسي كيف وصل إلى ما وصل إليه من خيانة لهذا الدين ، ودارت بيننا حوارات كثيرة ، ومن ضمنها أني سألْتُه  : يا صاحبي أنت عرفتَ الشحرور عن قرب واطَّلعْتَ على أفكاره ومنهجه في تطوير الفكر الديني وما يفعله بإلغاء البخاري وإنكار السنّة واقتصار إيمانه على القرآن ، فكيف وجدْته ؟! وكيف وجدت حجّته وأفكاره ؟! وهل صحيحٌ أنْه يؤمن بالقرآن ؟!صارحْني كرامة لصداقة الطفولة التي بيننا ، فقال لي بعد تردّدٍ وصمتٍ أيقظَ فيه لحظةَ صدقٍ ومصارحةٍ ، قال : إسمع يا أخي ، من خلال عِشْرتي للشحرور وقربي منه ومعرفتي به تأكّدَ لي أنّ هذا الرجل أكفر من أكفر ملحد ، ولا أقول عنه زوراً ولا بهتانا ، والله يشهد على ما أقول ، فليس له أيّ علاقة بالقرآن والسنّة ولا يهمّه دينٌ ولا ربٌّ ولا تطوير الفكر الديني ولا هُم يحزنون ، فكلّ هذا لا يعنيه بشيء ، وأخجلُ أن أقول لك الألفاظ التي يستخدمها بيننا في حق هذا الدين عندما نتبادل الحديث معه ، وأخجل لك ما يقوله في حقّ القرآن والرسول الكريم والصحابة … فقلتُ له : إذاً لماذا تنعيه على صفحتك ، ولماذا تُمجّده وتقول عنه أنّه مُجدِّدٌ لهذا الدين وأنه مُفكّرٌ إسلامي؟! كيف تقول هذا وأنت من حفظةِ كتاب الله ؟! فابتسم وهزَّ رأسه وغيّرَ الموضوع !!!

وغادرني بعد يومين ليذهب إلى أمريكا بدعوةٍ تكريميّة له من منظمة التقارب بين الأديان !!!!!

الدكتور وائل عبد الرحمن حبنّكة الميداني

( صديق الطفولة هو محمد حبش ).

وسوم: العدد 884