إخراج جديد

إخراج جديد

المشهد خ\ن

وئام البدعيش\ سوريا

[email protected]

وقفت سيارة الجيب موديل " شيروكي 2015 ",أمام مطعم الفلافل, وما أن فُتح الباب حتى دلقت رائحة العطر الفرنسي خارجاً ثم نزل هو " صاحب النظارة الأغلى عالمياً من نوع " شوبارد " تصميم شركة " دي ريجو فيجن" .

كان يلبس " أي هو " قميص هندي مبهرج مهفهف, وبنطال جنز روسي التصنيع سماوي اللون, وحذاء فرنسي من الجلد الممتاز. وساعة يد هي الأغلى عالمياً, كانت في يد مالك سعودي كان مهتم بجمع التحف الأثرية ومات منذ فترة وجيزة ...

ملاحظة على الهامش ( القميص الهندي  المبهرج المذكور أعلاه, اشتراه بالعملة الصعبة, ولو ترجمت هذه العملة الصعبة إلى العملة السهلة لوضع بجانب الرقم عدداً من الأصفار طويلاً نسبياً )

- رفع يده التي يكسوها الذهب من قلة الاستخدام, وأنزل نظارة نوع شو بارد, ونظر بعينين زمردتين تستطيعان أن ترى من دون نظارات أو عدسات ملونة إلى مطعم الفلافل, ثم رفع نظاراته وهمّ بالدخول....

المشهد الثاني  د\ن أيضاً....

هو ( أي صاحب المطعم أو من يشابهه أو يكون منه مماثلة ) يلبس ما تيسر له من لباس, بنطال فيه من الرقع ما يجعل البنطال بحد ذاته رقعة, وقميص فيه من الفتحات يا يجعل جسده جاف طوال الوقت الحار أمام الزيت الحار, وحذاء أقرب إلى شحاطة من شدة النزعات الداخلية والخارجية ...

بداية أخرى للمشهد الثاني " إذا لم تعجبك البداية الأولى "

رائحة القلي. والمذياع من الستينات ينشر أصوات هادئ لأغنية عرب عرب ...

هو, أي " صاحب المطعم " يقلي على نار هادئة, أقراص الفلافل وبقايا عمره الذي ضاع خلف المقلى ... يأتيه صوت فيروز الزاعق من جواله على فجأة, ينبه بأن هناك مكالمة واردة, لذلك رفع الجوال بيد, واخفض من قوة الغاز بيد أخرى...

 

المشهد الثالث, والأخير في القصة...

دخل صاحب النظارة مزهواً بريشة كالطاووس إلى داخل المطعم, وأزاح عن وجهه النظارة فظهرت عينيه بكل وضوح.. وحدث الحوار التالي الذي لم يغير منه حرفاً واحداً, وذلك بسبب زخمه التاريخي..

صاحب النظارة : صباح الخير عمي ..

صاحب المطعم : صباح النور..

- صاحب النظارة : عمي نحنا إلنا يومين بلا أكل, نحنا مهجرين, وما في معنا ناكل فيك تعطيني أي شي آخذو.. منشان تاكلو أمي وأخواتي الصغار...

نظر صاحب المطعم, بصحاب النظارة الأغلى ثمناً عالمياً, ودقق النظر في القميص الهندي المبهرج فشفق عليه, ونظر إلى بنطاله السماوي الجديد فشفق عليه أكثر, وعندما نظر إلي حذاءه الفرنسي اللامع جعل قلبه يصرخ من شدة الألم. فحمل رغيفين من الخبز وعدة أقراص من الفلافل وأعطاه إياها قائلاً : خذ كُلّ أنت أهلك....

شكره صاحب النظارة على عجل, وذهب مسرعاً إلى أمه المحتضرة, وأخواته الذين يمتون جوعاً....