لوحة بأنياب لبوة

د. عامر البوسلامة

[email protected]

سهام، فتاة حالمة، هادئة، متوازنة، رقيقة، شاعرية، تحب السكون، وتكره الصخب والضجيج، تعشق الأدب، وترنوا إلى الفن الرفيع، الجدل ثقيل على نفسها، تريد حياتها تمضي، كأنها جدول ماء، صغير وهاديء، يمر عبر مكونات طريقه، بلا عبث ولا لعب ولا تشويه، لتسمع خريره، وتنام على تقاطيع موسيقاه، وجرسه الذي يجعل الحياة، تغفو على مائدة سكونه.

أما صاحبتها غادة، ثرثارة، كثيرة اللغو، تحك رأسها كثيراً، الكتاب أنيسها، ترتاح لأجواء الاختلاط الصوتي، لكنها ذواقة للفن والأدب، أجمل شيء يسعدها، أن تسمع شعراً رقيقاً، أو تقرأ قطعة أدبية، منسوجة من نول، فنان بغداد القديمة، فتستلم لحلمها الفلسفي، الذي طالما تحدثت عنه.

زارتا معرض الفنون، لتقفا على لوحة فنية، كثيرة الاختلاط، ألوانها متداخلة، هنا صخب، هناك لون داكن، وفي أعلاها سكون، وفي أسفلها حركة مجنونة، وفيها تناقض، وتعارض، واصطدام، لكنها رغم هذا، عجيبة مذهلة، تستحق الجائزة التي حصدتها.

سهام – أرى هذه اللوحة، لا خير فيها.

غادة – بل هي رائعة وجميلة.

سهام – لكنها مشوشة.

غادة- بالعكس، ألوانها المتنافرة، تحكي ألق القط المشاكس، أما سكون بعض ألوانها، فتحدثنا عن جمال الثعلب ومكره، وأسفلها، يذكرني بثورة القرن الثامن عشر.

سهام – تباً لهذه القراءة المعتمة.

غادة – ليس الأمر كما تتصورين، غوصي في عمق المراد، حتى تصلي إلى الحقيقة، التي هي بحر، في أعماقه الدر، وعلى شطآنه القواقع المهترئة.

سهام – أنا أحب المباشرة.

غادة – إذن أنت ظاهرية.

سهام – لست ظاهرية، ولا أنت باطنية، مشكلتنا في مناهج الفهم.

غادة – سهام ،،،، أسألك سؤالاً أرجو أن تجيبي عنه بسرعة.

سهام – تفضلي.

غادة – بأي نوع من الريش، رسمت هذه اللوحة بتقديرك ؟؟

سهام – أعتقد، أنها رسمت بريشة من ناب لبوة !!!