أول مظاهرة للثورة

ما يزال الناشط السوري عمر شميس الذي صور أول مظاهرة خرجت ضد النظام في  دمشق يوم 15/3/2011، محتفظا بأدق التفاصيل التي أحاطت بها، بعد ثلاثة أعوام  على انطلاق الثورة والتي تحولت اليوم لحرب مستعرة بين النظام والمعارضة  المسلحة.

"لم أكن أصدق المشهد، وكنت أحمل الهاتف للتصوير وأنا لا أكاد  أصدق الهتافات التي تتصاعد أمامي: الله.. سوريا.. حرية وبس". بهذه الكلمات  دشن عمر حديثه للجزيرة نت التي التقته بالعاصمة الأردنية عمان.

قال  شميس "كانت أول دعوة للتظاهر وانطلاق الثورة في الساعة السادسة من مساء يوم  4/2/2011 من أمام مجلس الشعب، قبل أن تتم الدعوة لنفس الموعد في اليوم  التالي، لكن أحدا لم يخرج لتلك المظاهرات مما جعل الإحباط يتسلل إلى نفوس  الناشطين صاحبي الدعوة الذي حضروا ولم يحضر أحد معهم".

يتابع شميس "في  17/2/2011 كان هناك حادثة اعتداء من قبل رجال الشرطة على شاب اسمه عماد نسب  في منطقة الدرويشية، كان والدي وهو عضو بجمعية التمدن الاسلامي التي كان  يرأسها الشيخ معاذ الخطيب موجودا، وقام بتصوير التجمع الذي بدا عفويا،  ليكبر التجمع شيئا فشيئا ليصل إلى المئات وفجأة وبدون مقدمات بدأ الجميع  يهتف: الشعب السوري ما بينذل".

تجمع عفوي

وأردف أيضا "هذا التجمع  العفوي والهتاف وما سمعناه كناشطين من حالة غضب تتملك الناس على وقع سقوط  نظامين عربيين في مصر وتونس وانطلاق الثورة الليبية في نفس اليوم حفزنا  للإعلان عن موعد جديد لانطلاق المظاهرة".

وتحدث شميس عن عمل صفحة على  موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تمت فيها للدعوة إلى مظاهرة بعد صلاة عصر  الثلاثاء 15/3/2011 "وكانت هناك حالة من التفاعل الجيد مع الدعوة".

  ويوضح أنه بالتوازي مع الدعوات العلنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي "كان  هناك عشرات الناشطين من يتواصلون سرا قد بادروا للدعوة للمظاهرة لتبدأ  الساعة الواحدة ظهرا بدلا من أن تكون بعد انتهاء صلاة العصر".

"

  استمر شميس "الحر الدمشقي" بتصوير المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام وطالما  ظهر صوته أو يده وهي ترفع ورقة كتب عليها مكان وتاريخ المظاهرات قبل أن  يعتقل أثناء تصويره مظاهرة بمنطقة الشعلان بدمشق نهاية عام 2011

"

  ويصف المشهد في ذلك اليوم بالقول "تمركزت في مكان قريب للتصوير، كانت مشاعر  الخوف لدي مختلطة، بين الخوف من الفشل، والخوف من القمع ومن سطوة الأمن في  بلد معروف بوجود عدد كبير من أجهزته الأمنية السرية والعلنية".

وزاد  "فجأة سمعت أول هتاف انطلق من تلك المظاهرة: الله.. سوريا.. حرية وبس، ثم  هتاف آخر: الشعب السوري ما بينذل. ويشرح "بدا الأمر بالنسبة لي غير مصدق،  كان الشبان يتصاعدون بهتافهم، كان من بينهم عشرات أعرفهم منهم مروة الغميان  وعبد العزيز دريد وعمر إدلبي، وغيرهم كثير".

ويقول شميس أيضا "كانت  خطى نحو 150 ناشطا تتسارع من المسجد الأموي مرورا بسوق الحميدية، وصولا  لساحة الحريقة، وهذه المناطق تمثل أهم مناطق العاصمة اقتصاديا، عوضا عن أنه  لم يكن يبعد سوى كيلو متر واحد عن وزارة الداخلية، وأنه قريب من مديرية  شرطة دمشق".

انفضاض التجمع

كما يصف انفضاض التجمع سريعا بعد أن  بدأت دوريات الأمن تتجه نحو المكان، حيث تفرق التجمع في الزحام لينتهي خلال  دقائق فقط. ويقول إنه قام خلالها بالتصوير من خلال هاتفه من عدة زوايا  وبسرعة وسط اختلاط المشاعر لديه.

وبينما كانت الابتسامة تعلو وجهه، يصف  شميس كيف سارعت الأجهزة الأمنية بالانتشار في المكان، ثم إحضار فريق  تلفزيون رسمي وآخر تابع لتلفزيون لبناني موال للنظام السوري، حيث بدأ  الفريقان بعمل مقابلات مع أشخاص تم انتقاؤهم جميعهم نفوا حدوث أي مظاهرة أو  تجمع، لكن بعد أقل من ساعة عرف العالم أن دمشق دخلت على خط الثورة التي  جهد النظام لنفي وجود أي من يهتف باسمها.

لكنه ورغم ذكريات المظاهرة  الأولى، فإن شميس يؤكد أن البداية الفعلية للثورة كانت في درعا جنوب سوريا  والتي سقط فيها أول الشهداء يوم الجمعة 18/3/2011، ليبدأ نهر الدم السوري  بالنزيف حتى اليوم.

واستمر شميس الذي كان يحمل لقب "الحر الدمشقي"  بتصوير المظاهرات والتجمعات المطالبة بإسقاط النظام السوري، وطالما ظهر  صوته، أو صورة يده وهي ترفع ورقة كتب عليها مكان وتاريخ المظاهرات قبل أن  يعتقل أثناء تصويره مظاهرة بمنطقة الشعلان بدمشق نهاية عام 2011.

ويشير  إلى أنه ورغم اعتقاله مدة عشرين يوما وتعرضه للضرب والتعذيب، فإن المحققين  لم يفتحوا جيب جاكيت كان يرتديه كان فيه ورقة مكتوب عليها شعارات من بينها  "يلعن روحك يا حافظ" حيث أفرج عنه بعفو رئاسي بعد أن وصلت بعثة التفتيش  العربية إلى سوريا.

وسوم: العدد 797