هل باتَتْ إدلب على وشك خسارة عقدة طرقها الدولية؟

في الوقت الذي كانت تتصاعد وتيرة التصريحات، عن قرب إعادة الحياة إلى عقدة الطرق الدولية المارة في إدلب، ممثلة بطريقي حلب ـ دمشق ( M4 )، و حلب ـ اللاذقية ( M5 )، كإحدى تفاهمات اتفاق سوتشي؛ كانت التوقعات تذهب على خلاف ذلك، و ترى أنّ ذلك أمرٌ تعترضه كثيرٌ من العوائق و الصعاب.

فليس هناك ضمانات حماية للقوافل السالكة لهما، نتيجة المناكفات الفصائلية السائدة في إدلب، بسبب التنازع فيما بينها للإمساك بهما، و بمعابرهما مع النظام، لجني عوائد مادية للفصيل الذي يفرض سيطرته فيهما.

فضلًا على أنّه لا فائدة تذكر من إعادة تشغيلهما، إذا لم تعد الحركة التجارية الخارجية إلى سابق عهدها، سواءٌ من تركيا، أو من دول أوروبا الشرقية، نحو الخليج، و ذلك نتيجة حالة عدم الاستقرار التي ما تزال تعاني منها سورية، أو لعدم رغبة الدول الممسكة بالملف السوري، و أمريكا على وجه التحديد، في ضخ سيولة مادية يمكن أن يستفيد منها النظام، قبل الشروع في عملية سياسية، وفق مقررات جنيف و الأمم المتحدة، و هو ما أبلغت به الدول المعنية، كروسيا و تركيا و الأردن و حتى لبنان و العراق.

و عليه فإنّ الزخم الإعلامي الذي صاحب إعادة معبر نصيب، كبوابة عبور نحو الخليج، قد ذهب أدراج الرياح، و اقتصرت جملة التحركات فيه على بضع صناديق من الحمضيات السورية، قابلها الأردنيون بكثير من مشاعر الحنق و الغضب.

إنّ أية حركة تجارية دولية كانت تركيا ترغب فيها من إعزاز أو باب الهوى، قد اعترضها كثيرٌ من الحذر، فليس من السهل أن تتحرك قوافل الترانزيت على غرار ما كانت عليه قبل 2011، فتعبر في مناطق ما تزال تسيطر عليها الوحدات الكردية و الأخرى الشيعية في شمال حلب، و حتى التي ستسلك طريق باب الهوى، فإنها ستواجه بمشاكل جمة بعد أن تتجاوز معبر مورك، هذا في حال تذللت أمامها صعوبات ما زال النظام يضمرها للجانب التركي، تتمثل في حملات الدهم و التفتيش على المحال و مصادرة بضائعها بذريعة أنها مهربة من تركيا.

لنفترض أنّ الأمور سارت على ما كان يريد راعيا سوتشي، فإنّ ثَمَّة محاذير كثيرة ستجعل تركيا، أو غيرها من الدول، صاحبة تجارة الترانزيت غير عجلة في أمرها، للسماح لقوافل تجارتها تتجه إلى سورية، عبر إدلب، منها أنّ معبر باب الهوى واقع تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، و هو ما يجعلها غير راغبة في جعله مصدر دخل يقوي شوكتها، لبسط المزيد من النفوذ على منطقة تفاهم سوتشي، و هو ما جعلها تقوم بإحداث معبر بديل عنه في منطقة ( الحمَّام: جنديرس ).

لقد أراد النظام أن يفوِّت على الفصائل في إدلب فرصة الاستفادة من تشغيل طريق حلب ـ دمشق، و يتخلّص من الضغوط التي كانت تمارسها عليه بين الحين و الآخر، فقام منذ مدة بإيجاد بديل له، يربط حماة بحلب، بطول ( 145 كم ) مرورًا في أبو الضهور و تل الضمان، و بذلك يكون الجزء المار في إدلب منه قد دخل في موت سريريّ، و هو ما أدركته هيئة تحرير الشام، فبادرت إلى التخلي عن إدارة معبر مورك، و سلمته لإدارة تركية.

و حتى جولة القتال التي خاضتها مع الجبهة الوطنية في منطقة محمبل، حيث عقدة طريق حلب ـ اللاذقية، و كانت لصالحها، يبدو أنّها غير جادة في المضي فيها ثانية، إدراكًا منها أنّ النظام سيستغني عنه بعد الانتهاء من الطريق البديل عن حلب ـ حماة، بربطه بعقدة مصياف، ليتجه بعدها إلى مناطق سيطرته في الساحل السوريّ.

إنّ كلا الراعيين لاتفاق سوتشي يدرك أنّ عقدة الطرق التي كانت تحوز عليها إدلب، باتت غير ذي جدوى، نتيجة الاعتبارات و العوامل التي أشرنا إليها، و لذلك نجد سعيهما للمضي في الفقرات ( 8، 9، 10 ) منه، لم يعد بذات الحماس الذي بدأتا به، و هما غير راغبتين في بذل المزيد من الجهود للوفاء بتعهداتهما في أثناء إبرامه، و ستكتفيان بحالة المراوحة التي تحققت بموجبه في إدلب.

وسوم: العدد 803