التطبيع مع إسرائيل: سياسة لي ذراع أم أمر واقع؟

أثارت منشورات الصحافي التونسي برهان بسيّس بشأن زيارة وفد من الشباب التونسي لتل أبيب سخطا وجدلا كبيرين لم يتوقفا.

كان الغضب أشد من “تسامح” البعض وبحثهم في جذور اليهود القديمة في فلسطين وترويج أن العرب جاءوا وافدين. وكأنهم وجدوا الدلائل الأثرية على قدم إسرائيل ومنحوها الحجة على أحقيتها في فلسطين!

ربما هو زمن الدعاية لإسرائيل “البريئة” والتطبيع الذي يسير كالمياه الدافئة تحت أقدام متعثرة على بساط ثلجي.

وصل الوفد مطار بن غوريون الأحد الماضي مساء للمشاركة في مؤتمر الحوار الشبابي المتوسطي، الذي موله الاتحاد الأوروبي. اتهم نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي سفارة المانيا، واعتبروها ضالعة في القضية، لكن السفارة فندت الأمر، وقالت إنها لم تكن طرفا في الموضوع، وإنها لم تسلم أي تأشيرة لذلك، وبأنها تسلم فقط تأشيرة منطقة شينغن، كما جاء على موقع السفارة على الفيسبوك.

يضيف الصحافي برهان بسيس على صفحته أن منسقة المشروع تونسية بلجيكية، ولم يذكر اسمها. وعلى ما يبدو أنه لا يوجد قانون في تونس يمنع مثل هذه الزيارات، عبارة طمأنة من محامين دوليين في الاتحاد الأوروبي في ردهم على قلق عائلات هؤلاء الشباب. لا قانون يمنع الزيارة ويمنع التطبيع. كأن الزيارة جاءت كرد على موقف وتصريحات الرئيس التونسي الجديد خلال المناظرة عشية الانتخابات الرئاسية، والذي اتخذ مواقف حازمة ضد التطبيع واعتبره خيانة عظمى، وهي من أخطر أنواع الجرائم، التي يمكن للمرء ارتكابها، وقد توصل للإعدام.

قد يكون هذا الموضوع، الذي أثير مؤخرا محكا صارما للسياسة الجديدة في تونس وللرئيس قيس سعيد، بدخول أطراف عديدة تجاري هذه السياسة وتنجر نحوها بوعي أو بدونه. أو استبسال في تخطي شيطنة الصهيونية والتناغم معها وتأهيلها عربيا وإسلاميا!

كذلك اتهمت ابنة راشد الغنوشي تسنيم الشريشي بالتطبيع بعد مشاركتها في ندوة بحثية يشتبه بعلاقة منظميها مع إسرائيل. وقامت بالتوضيح من خلال صفحة مؤسستها “ياسمين” بشأن ندوة علمية صهيونية عن المخاطر غير التقليدية للأمن. وأكدت أن مشاركتها كانت عادية بجانب مجموعة من المؤسسات البحثية التونسية الأخرى، وأنها لم تكن على علم مسبق بوجود مشارك من إسرائيل. كما لم تتحصل على قائمة المشاركين قبل الندوة.

لا نسمع بمقاطعة ملتقيات أو ندوات علمية من طرف مثقفين عرب ومغاربة بسبب تواجد الإسرائيليين، لكن في الرياضة في كل مرة يرفض أحد الرياضيين المغاربة مقابلة الإسرائيليين.

تبقى فلسطين في القلب وإسرائيل الصهيونية تحاول نزع ذلك الحب والتضامن بشتى الطرق. والكل ينادي بالإسراع بسن قانون يجرم التطبيع في المغرب وهذه المرة في تونس.

هل سيتحقق ذلك قريبا أمام تراجع العزائم، وأمام تعنت إسرائيل في التنكيل المستمر بالفلسطينيين؟!

وسوم: العدد 849