جامعة تشرين ونسبة نجاح 0%

خبر ذو دلالتين ...وهل أهلكنا إلا أصحاب الشهادات الخلبية؟؟؟

الخبر العلمي الوادر من جامعة تشرين في اللاذقية عن نسبة نجاح صفر بالمئة، قاس ومحزن، ويحمل من الدلالات السلبية عن الوضع العلمي في سورية الشيء الكثير. ولا يستطيع مقال عابر أن يستقصي الدلالات السلبية لهذا الخبر ، ودلالاته عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي يحيط بحياة الناس، والطلاب خاصة ، والهيئة التعليمية ، وبنيتها وظروف عملهاهناك.

ولكن للخبر على الرغم من كل ما قد يقال، دلالاته الإيجابية، التي يجب أن تُستحضر فلا تنسى، ولاسيما حين نعلم أن بإمكانية رئيس الجامعة، وعمداء الكليات، في مثل عهد الأسد، أن يحشوا صندوق النتائج كما تحشى صناديق الانتخابات..فيلقوا إلى الحضن الاجتماعي مجاميع من حملة الشهادات الجاهلين من أعشار وأرباع وأثلاث ..وليس أنصاف ، لأن الأنصاف حسب النظام التعليمي المعتمد ينجحون ولو بتقدير ما تعودت أن اسميه "مشحوط" وهم يسمونه "مقبول"

مشكورة إدارة الجامعة على هذا الاعتراف الخطير : لقد كان عامنا الدراسي محبطا مخفقا فاشلا ولم يستحق فيه أحد من طلابنا النجاح ...!! ربما هي سابقة على مستوى جامعات العلم وليس القطر فقط..

لقد تخرجنا في مدارسنا في عصر " النجاح والرسوب " وهو ما قبل عصر " النجاح الأوتوماتيكي"، الذي يقتضي أن كل من مر نجح.. ومهما كان المحصول!!

في عامنا الأخير من المدرسة الابتدائية، والتي ألحق فيها الصف السادس بالمرحلة الابتدائية - عصر عبد الناصر - وجاءنا الأستاذ "عبد الله حبوش رحمه الله تعالى" بسجل " الجلاءات" وتأملوا دلالة التسمية، وقد رقم في كل خانة لكل الطلاب، جيد - أو وسط - أو ضعيف؛ بدلا من تسعة ونصف، وثمانية، وسبعة وخمسة، أتذكر طفلا صغيرا اسمه زهير ينفجر بنوبة هستيرية من البكاء ، ربما ستون سنة مرت ، لا يزال صاحبها لا يدري ما كنهها ؟؟ كانت كل الخانات في جلائه جيد ..جيد ..جيد ..ولكنه لم يبك فقط ولكنه انفجر في هستيريا من البكاء عجيب!!

 نظر الطفل الصغير حوله إلى حجم البخس في هذه الجلاءات !!فالذي حصل على عشر درجات والذي حصل على تسع وعلى ثمانية وعلى سبع كلهم في التقدير العلمي سواء ، وقد حُشر وا تحت خانة "جيد،" في وضع فجع الطفل الصغير فلم يجد طريقة للاحتجاج كما جميع الأطفال ، بغير البكاء !!

أتذكر الأستاذ عبد الله، في لمسة حنان، يستعيد من الطفل الصغير " جلاءه " ويمزقه ويأتي بنسخة جديدة، يعيد ملأها في كل الحقول : ممتاز ..ممتاز ..ممتاز ، إجراء ابتدعه كألهية لطفل، متجاوزا وباءً حل في نظام التعليم الوطني .

ثم انتقلنا من عصر التنافس العلمي على نصف العلامة إلى عصور من الظلمات في النجاح الأوتوماتيكي، والنجاح بحرف الواو، والنجاح بحرف الحاء "حزبي" والنجاح بحرف " الخاء" خاطر ..

إن أكثر ما يدمر واقع الأمة اليوم هم شركاء المستبد " خريجون فارغون أو مفرغون" بطريقة ما حصل أحدهم على شهادة من معهد أو كلية أو درجة عليا ؛ كان الأزهر يسميها العالمية، وأصبحوا اليوم يسمونها الدكتوراة..

ومع الاحترام لكل الأشخاص ولكل الألقاب أحب أن أفيد بأنني ما رأيت واحدا من هؤلاء " نخبا - هواء " إلا دعوت بكل ما أتاني الله من صدق الدعاء على الذي مرره ، وزوره، فحامل التقدير العلمي المزور ، هو شهادة زور ، كالسيئة الجارية، تشهد على كل من وقع عليها أنه وقّع على غموس.

وأكثر من ذلك أن بعض هؤلاء وقد فرد شهادته الملفقة عباءة على كتفيه، يظل ينادي بالناس أخلوا الطريق فقد جاء الذي لا يرد له قول ..!!

الشهادات المزيفة حتى لا يخلط الناس بين قولي المزيفة والمزورة، وهي التي حصل عليها أصحابها بدون استحقاق حق علمي مكين..تدعونا أن ندعو على مانحيها والموقعين عليها ، وليس على مستغليها من قطاع الطرق،فقط وأخطر ما يكون هؤلاء في أدعياء علم طب : العقول .. والقلوب والأجسام ..

مرة أخرى نتجرع مرارة النتيجة الصفرية لجامعة تشرين السورية ، ونشكر مع طعم العلقم الإدارة التي تجرأت على هذا الإعلان.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 951