بشار الأسد وتحالف المافيا

ومن أسوأ ما نكتشف، وما زلنا نكتشف، أن حكم الزمرة في دمشق أنشأ تحالفات وثيقة مع كل قواعد الشر في العالم، الظاهرة منها والخفية، بلا استثناء ..وستسبقونني إلى القول، وتحالف مع الروس ومع الأمريكان ومع الصهاينة ومع الولي الفقيه ومع كل كاره للحق والعدل حول العالم ...

وأضيف وتحالف أيضا مع قوى "المافيا" حول العالم. قوى المافيا التي تشكل ركيزة للجريمة المنظمة بكل أبعادها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية. وقوى المافيا ليست فقط في الجنوب الإيطالي ولا في المكسيك وإنما هي في واشنطن ونيويورك وموسكو وصقلية ودمشق وبيروت، وفي كل عواصم العالم على السواء. لها شركاء ولها زبائن أيضا.

قوى "المافيا" تمثل أرقى شكل للإدارات اللامركزية حول العالم ، حيث يدير كل "أزعر" إقطاعيته على الشكل الذي يريد ، بالطريقة التي يريد، والمهم في أمره أن يبقى قويا ممسكا بخيوط تجارته، يؤدي الذي عليه، ولا يشوش على بقية شركائه من الزعران أمر مكاسبهم، ويعطي كل ذي حق منهم حقه..

في التاريخ الدبلوماسي الحديث الذي يجب أن نعيه جيدا، كان هناك الزعيم البنمي الكولمبي الأصل "مانويل أورنيغا" أحد زعماء المافيا ، الذي عمل لمصلحة المخابرات الأمريكية، وجعل من بلده بنما محطة لتجارة المخدرات، يستقبل ويعبئ ويعيد التوريد لتغطية حاجة الشارع الأمريكي المتنامية..وكان في كل خطاباته يحمل منجلا فوق رؤوس الناس يهدد به أعداءه . ثم في لحظة من عام 1989 ،شعرت الإدارة الأمريكية أن هذا العميل الذي دربته ورعته يحاول أن يلعب بعيدا عن ملعبها، وأصبح يهدد بشكل مصالحها ( يبدو أن بشار الأسد حتى الآن لم يفعل) ، بأمر الرئيس الأمريكي بوش الأب، نزلت مروحية فوق قصر الزعيم الذي كان يعبث بإرادة الرؤساء البنميين، وانتشلته من قصره ، وعرُض على المحكمة الأمريكية كتاجر مخدرات، وحكم بضع عشرة سنة ، ثم سلمته الإدارة الأمريكية لفرنسة، وكان لها عليه قضايا، فدخل السجن الفرنسي حيث أكمل بقية حياته وقضى في 2017 ..

الدرس من مانويل أورنيغا ومن عملية الهلكوبتر الأمريكية واضح لمن يريد أن يقرأ فيستفيد ..

كل عمليات القتل والتفجير حول العالم وفي لبنان، التي نفذها حافظ وبشار وحسن نصر الله، ومنها قتل رؤساء جمهورية ورؤساء حكومات وزعماء ووزراء، مع اغتيالات في كثير من عواصم العالم تقريبا ..

كل شحنات المخدرات التي كانت وما زالت تنطلق من سورية ولبنان، والتي تعاظم أمرها في الأيام الأخيرة، بشكل لم يعد يخفى على أحد، والتقارير شبه اليومية عن شحنات ضخمة من حصاد المزروعات ومن إنتاج المصانع ، الكبتاغون، كل هذا لم يقنع " شرطي العالم" أن دور بشار الأسد أو حسن نصر الله قد تجاوز الحد ، وأنا هنا لا أتحدث عن دماء السوريين، التي لا أتوقع من حكومات المافيا العالمية، الظاهرة والخفية أن تبكي عليها !!..

في إطار شبكة المافيا العالمية التي ترتزق هي الأخرى من مدد التجارة مع بشار الأسد، لم يتجاوز بشار في اي مرة الخطوط الحمراء ..فهو يعلم هناك كيف يسوس، وكيف يطيع، وكيف يلبي الرغبات..

في الأخبار بالأمس أن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية يصرح أن بلاده لن تقبل التعاون مع بشار الأسد حتى يجري بعض التغييرات ..!!

في لون عقدة عنقه مثلا ..!!

والأبلغ من كل ذلك أن بعض السوريين: ينتظر بشوق ولهفة وحرقة وفراغ صبر، تلك التغييرات ..!!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 951