علومنا في رحلة القرون

وأكثر العلوم الإسلامية التي بحاجة إلى مراجعة هو علم الفقه.. بدلالته الاصطلاحية.

وبعض أبواب علم الفقه تحتاج إلى "ترقين قيد"

وحتى لا يختلط معنى الترقين، ومع أن الأصل في ترقين الخط والكتاب ضبطه وتحسينه وتجميله، فإن المقصود بلفظة ترقين القيد هنا، هو نوع من التجميد أو التأجيل أو الإزواء..

فمثلا لو جاءني شاب يسألني تدريس علم الفقه..

لاختصرت له فقه الطاهر المطهر من المياه بالقول: الماء الطاهر المطهر ما نزل من الحنفية.

ولو مررت معه على باب الغنائم وسهم الفارس وسهم الراجل والخمس ونحوه؛ لقلت له هذا فقه قد ذهب تأويله..منذ رفض عمر رضي الله عن عمر توزيع "سواد" العراق.

ولو مررنا بكل نص يذكر فيه عتق الرقاب ككفارة، لقلت له، من رحمة الله بخلقه، ومن سر آياته في الآفاق، أنه ما شرع عتق الرقاب في سياق، إلا وقدم خيارا مرافقا بديلا

ولو مررنا بفقه السراري والجواري وملك اليمين، لقلت لقد عافى الله البشرَ، من هذا وتواضعوا على نسخ نظام الرق والاسترقاق، وهو من الخير الذي كان قريب منه في دار ابن جدعان، وكان المسلمون الأحق بها وأهلها. والأعجب أن يأتينا عدونا فيقول لك نتعاقد ونتعاهد أن نكف عن أعراضكم وتكفون عن أعراضنا، فتجد بعض من يزعم انه مسلم يأبى!!

ولو سألني سائل عن فقه دار الاسلام ودار الكفر..

لقلت وأصبح العالم دار دعوة، والمسلمون آمنون فيما يُظن أنه دار الكفر، خائفون معتقلون فيما تزعمون أنه دار إسلام…!!

ولو سألني عن فقه التترس، لقلت لم يعد الناس يحاربون بسيف ولا رمح ولا يتقون أعداءهم بترس..

وقوله: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، المراد به أدوات الجهاد والدفع..

ولو سألني عن جهاد الطلب، لقلت ما دمتّ قادرا على أن تبلغ دعوتك، فلا يحق لك في المدعو أكثر (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) مخرج التخيير في الدنيا، والوعيد في الآخرة"

وسموا الضريبة يحصلها مدبر أمر الناس بالمكس، قلت ومن أين تتغذى خزينة الدولة في عصر لا غنائم فيه ولاجزية ولاخراج.

ويسألني عن الجزية فقلت كيف، والمسلمون إلى دفعها أقرب…اطوها تطو عنك..!!

ونسألك العزيمة على الرشد.

وكان لبعض الناس كلمة يرددها: من حبي لثوبي رقعته. حتى لم يعد الثوب ثوبا بل صار مرقعة.

وودت لو أن مجمعا فقهيا رشيدا وراشدا يمسك بفهرس كتاب، بدائع الصنائع للكاساني الحنفي؛ أو المجموع للنووي الشافعي، فيمر على أبوابه فيؤشر هذا الباب فقه عصر قد مضى، وهذا الباب، فقه صالح قد بقي، ويضيف وهذا الباب فقه قد استجد والمسلمون أحوج لما فيه..

لعلكم تعقلون.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1041