أبناء الأثير في تاريخ هذه الأمة أعلام ثلاثة، ورحم الله ظهرا أنجب، وبطنا حمل

ومن أعلام هذه الأمة، ومن نبات هذه الأرض الطيبة. منبتهم لمن لايعلم في جزيرة " ابن عمر" في قلب الجزيرة السورية، من ديار بكر، بكر بن وائل الذي تعرفون. هي ديار بكر وليست ديار غيره كما يزعمون!!

قف في ديار الظاعنين ونادها..

يادارُ ما فعلت بك الأيـــــــــام

أبوهم أثير الدين الجزري كان كاتبا عند الزنكيين والأيوبيين

وفي منتصف القرن السادس تقريبا أنجب هؤلاء الأقمار الثلاثة. أذكرهم بفضلهم حسب ترتيب أعمارهم، وأذكرهم لأنهم أضافوني طويلا على موائد فضلهم.

أولهم مجد الدين بن الأثير/ ٥٤٤- ٦٠٦، متعدد المواهب والعلوم والفنون وشهر بالمحدث لغلبة علم الحديث عليه. وإذ لم تعلم فهو صاحب " جامع الأصول في أحاديث الرسول" جمع فيه مبوبا على أبواب وضعها، صحاح وسنن الستة، البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبي داود، وأخرج من الستة ابن ماجة، وأدخل فيها الموطأ..

وكنت في حداثتي قد اقتنيت مجزأة الطبعة المحققة للشيخ عبد القادر القادر الأرناؤط رحمه الله تعالى فكانت لا أجمل ولا أبهى. وييسر الله لعبده فقرأت الكتاب مع الشروح والتعليقات كاملا، خمس مرات، أحفظ ما أحفظ، وأعلق ما أعلق..فاكتسبت مع ختمي للقرآن الكريم، وتعليقي لكبرى قصائد الشعر العربي، ذائقة كريمة من حديث سيد الخلق الذي أوتي جوامع الكلم.

أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تنعش الروح وتغذي العقل، وتعصم من الذلل، وتنمي الذائقة. وكنت وما زلت أنكر على من يستعمل مصطلح " الغريبين، فإذا كان القرآن الكريم والحديث الشريف لا يزيل غربة الغريب فمن يزيل!!

 فرحم الله الشيج مجد الدين بن الأثير..فقد كان شيخنا شيخ كتاب.

والشقيق الثاني من أبناء الأثير؛ عز الدين بن الأثير المؤرخ / ٥٥٥- ٦٣٠ صاحب" الكامل في التاريخ" وحسبك بتاريخ جمع فأوعى وعاصر الغزو الفرنجي، وكان الشيخ نفسه قد صحب صلاح الدين، فوثق كثيرا من صفحاته، وإلى جانب كتابه الأشهر الكامل في التاريخ؛ الذي يسر لي مولاي قراءته والاستفادة من دروسه وعبره، له كتابه المتداول المشهور " أسد الغابة في معرفة الصحابة" أسمع علماء التراجم يشيرون إليه، ويتمدحون بذكره. قلب صفحانه ولم يكن من شأني أن أخوض سبحاته.

والشقيق الثالث: ضياء الدين بن الأثير /٥٥٨- ٦٣٧

الأديب الجامع لشؤون الأدب، وطرائق الأدب، وحسبك بكتابه " المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر"

لا أدري ما الذي حفزني على كتابة هذا، ولكنني ذكرت أبياتا من الشعر تقول:

لما تبدلت المجالسُ أوجهاً

غيرَ الذين عهدتُ من علمائها

ورأيتها. محفوفةً بســـــــــــوى الألى

كانوا ولاةَ صدورهــــــــــــــا وقبابها

أنشـــــــــــدتُ بيتا ســــــائرا متقدما

والعينُ قد قرِحَتْ برجع مياهها

أما الخيـــــــــــام فإنها كخيامهــــــــــم

وأرى نســــــاء الحي غير نسائها

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1042