استقلال القضاء

استقلال القضاء

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

في عام‏2007‏ وقف أعضاء نادي قضاة مصر عشر دقائق في صمت كامل احتجاجا علي مد سن التقاعد للقضاة إلي سن السبعين‏,

وكان رئيس نادي القضاة يومها قد طلب من وزير الداخلية الموافقة علي مسيرة يقوم بها القضاة إلي قصر عابدين ليعلنوا رفضهم هذا المد, ولكن الوزير رفض بحجة أن تلك المسيرة ستعطل المرور في وسط القاهرة المزدحم!

رفع سن التقاعد للقضاة كان حلقة من حلقات المس باستقلال القضاء في مصر, والهدف من ورائه كان مفهوما, وقد طالب المستشار حمدي ياسين; رئيس الجمهورية المنتخب عندما استرد سلطة التشريع من المجلس العسكري, بإصدار تشريع يتم بموجبه النزول بسن تقاعد القضاة مع أنه سيطبق عليه.

لقد عارضت أربع جمعيات عمومية لنادي القضاة انعقدت في أعوام98 و2000 و2001و2005 فكرة رفع سن التقاعد, وأكد النادي أنه لا يمانع في الاستعانة بالقضاة فوق سن الستين للفصل في القضايا دون أن يشغلوا مناصب قضائية.

الدستور ينص علي مساواة المواطنين في الحقوق والواجبات, وسن الإحالة إلي التقاعد هي سن الستين للموظفين وأصحاب الكوادر الخاصة في مؤسسات الدولة كلها, فلماذا يتميز فريق دون سواه ؟ في الجامعة يحال الأستاذ للمعاش في سن الستين ويتحول إلي أستاذ متفرغ نظرا للحاجة إليه ولكنه لا يتولي مناصب إدارية.

لماذا يصر بعضهم علي تفسير مساواة القضاة بغيرهم بأنها مؤامرة تحاك ضد القضاء المصري ؟ ولماذا يحاول آخرون من المجروحين أن يقفوا إلي جانب الدولة العميقة في مناهضتها لاستقلال القضاء, واستعادته لمكانته المرموقة التي اشتهر بها ؟ في بلادنا قضاة شرفاء يخافون ربهم, ولا نزكيهم علي الله; ومن حقهم أن نساعدهم علي إزالة البقع القاتمة في ثوب القضاء الأبيض. لم يعرف القضاء من قبل ظاهرة رجل القضاء الذي يتحول إلي زعيم سياسي أو نجم فضائيات أو مفت في أمور السياسة وشغب الأحزاب والجبهات. القاضي هو من يلوذ به- بعد الله- المظلوم والمقهور وصاحب الحق, وليس ذلك المتظاهر أو المقتحم لمكتب النائب العام أو الخطيب في مهرجانات الدعاية والمكايدة!