افتراض حسن النية

موسى عبد الشكور

الخليل بيت المقدس

إن من طبيعة البشر محاولتهم إضفاء المسوغات العقلية والشرعية على أعمالهم وأفكارهم أو أفكار غيرهم أو على مواقفهم وأقوالهم.

فكثير ما نسمع مقولة " افتراض حسن النية" فقد انتشر هذا المصطلح في أيامنا هذه خاصة في المناقشات عندما يقيم أحدهم الحجة على الآخر أو يوضح له خطأ أحد العلماء وعمالته للسلطات أو الحاكم ومخالفته للشرع وتجرئه على الفتوى فتطلق هذه المقولة للخروج من النقاش وإنهائه والهروب من الحجج الدامغة وإضفاء الشرعية على بعض الفتاوى.

وتطلق هذه المقولة بصيغ أخرى شبيهة تودي إلى نفس النتيجة مثل لا تكن حنبليا.

فمن هو صاحب الصلاحية في إعطاء الأمور شرعيتها أو عدم شرعيتها أو أن هذا ذو نية حسنة أو أن هذا حنبليا.

وعند التدقيق في هذه المقولة وفي واقعها نجد أن هناك حسن بينة فالحسن ما حسنه الشرع في الأفعال أي كل فعل وافق الشرع والني هي توجيه الإرادة نحو الفعل فحسن النية إذا هو توجيه الإرادة نحو الفعل الحسن أي العمل الذي وافق الشرع وهذا يعني أن افتراض حسن النية هو الأصل عند المسلمين وبينهم وحين يخطئ أحد المسلمين عفويا لعدم فهمه للواقع والهدف عند إصدار الحكم فيكون قد أخطأ دون قصد وسرعان ما يتراجع عند تذكيره بالصحيح أو الأصح ويعتذر للناس أو يتوب إلى الله ولا يعود إلى ذلك مرة أخرى لأن هذا الأمر يكون خطاءً منفردا غير مرتبط بأمور أخرى أو مخطط له ضمن سلسلة أخطاء مركبة وضمن سياسة معدة مسبقا لإغراض مشبوه لتمرير أمر ما على الأمة أو على جماعة أو على أفراد.

فيدخل هذا الأمر تحت حديث النبي صلى الله عليه وسلم {التمس لأخيك عذرا } خاصة عندما يصدر عند هذا المسلم حيث يكون هذا الأمر فرديا وليس مرتبطا بعامة المسلمين.

إذا فحسن النية هو الأصل عند خطأ أحد عامة المسلمين ولكن ليس الأمر على إطلاقه بعد أن انتشرت بيننا أفكارا ومفاهيما مضللة أو مخالفات شرعية قد توصل إلى نتائج مضرة بالمسلمين وبعد أن ظهرت محاولات كثيرة لحرف المسلمين عن دينهم أو عند تمرير سياسات مضرة بمصالح المسلمين.

أما إطلاقه هذه المقولة بشكل عام أو على كل شخص فهذا خطأ ومجانبة الصواب وينم عن عدم وعي وسذاجة ممن يطلق هذه المقولة أو ضلوع في مؤامرة ما وخاصة في النقاش لأن الأصل في النقاش أن يكون الحكم الشرعي وليس الأمر أن ينهي علاج وإغلاق هذا النقاش هو إبقاء للوضع كما كان وإعطاء للشرعية له.

وقد يكون الهدف من إطلاق هذه المقولة هو إثارة مشاعر عامة الناس وإحداث البلبلة بين الناس.

إن إطلاق هذه المقولة "بافتراض حسن النية هو تعطيل للعقول ومنع بيان الحكم الشرعي أو الوصول إلى الوضع الصحيح خاصة عند صدور بعض الفتاوى الصادرة عن علماء السلاطين المعتمدين والمصرين على فتاواهم فعندما توضح لشخص ما أن فتوى العالم مخالفة للشرع وتبين له الحكم الشرعي يبدأ بالدفاع عن شخص العالم وعند تبيان الأدلة الشرعية ويقتنع بذلك يطلق مقولة افتراض حسن النية ويقول يا أخي هذه الفتوى صادرة عن علماء فأي شهادة تحمل أنت وعلى أي فضائية تظهر وكان الظواهر الفضائية أصبحت مرجعا بدل الكتاب والسنة.

وبدل أن يرجع إلى الحكم الشرعي والأدلة الشرعية يبرر المواقف والفتاوى وبدل أن يقف مع الحق يقف الموقف الساذج موقف المشارك في هذه الفتوى أو على الأقل ساكت عن الحق والساكت عن الحق شيطان أخرس كما قال صلى الله عليه وسلم.

أما أن يقول الحق ويبحث عن الحقيقة ويرجع إلى قرآنه وسنة نبيه يرجع إلى عقله وبدل أن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فلا يفعل. فلماذا شرع النصح لكل مسلم ولماذا شرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولماذا شرع قول الحق حيث بايع الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة فقالوا وأن نقول الحق لا نخاف في الله لومة لائم وكذلك النصح لكل مسلم.

لقد كانت تطلق هذه المقولة عندما كانت النفسيات نفسيات إسلامية وكان الجميع يتعاون للوصول إلى الحقيقة والأنصاف والوصول إلى خير الإنسان ومصلحة المسلمين وكانت النوايا سليمة.

كانت تطلق مقولة افتراض حسن النية عندما كانت الأمة أمة واحدة والحاكم والمحكوم وحده واحدة متعاونة متكاملة جسم واحد لا فرق بينهما وكانت العلاقة بينهم علاقة ترابط ومودة على علاقة انفصال وفرقه.

أما بعد فساد الأفكار ودخول المصطلحات الجديدة وظهرت حملات التضليل وظهر علماء السلاطين وعملاء السوء وناقلي الثقافة وظهرت الفتاوى المصلحية التي تخدم صاحبها أو تخدم المفتي المصادرة له بعد كل هذا يجب التدقيق والبحث عن الصحيح ورسم الخط المستقيم بجاني الخط الأعوج والصدع بالحق والبحث قبلها عمن يغير يفترض فيه حسن النية

قال تعالى { و احذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك}.

والأصل أن نلجأ إلى رفع مستوى النقاش والبحث لا أن نغلقه أو نبحث عن مسوغات لقبوله بافتراض حسن النية وكان المطلوب التسليم به والأصل كذلك أن لا نضعف أمام هذه الفتاوى أو أمام من تصدر عنه.

ومحاكمة كل ما يصدر أو يفعل حسب الشريعة الإسلامية والمسلم كيس فطن والأصل أن لا يكون أداة بأيدي الآخرين.

إننا لا ننفي وجود من عندهم حسن النية ولكن الأعداد قليلة قال تعالى {وقليل من الآخرين} وهي بنسبة إلى ما كان سابقا في ظل دولة الإسلام.

ولا نقول بافتراض سوء النية وبعدها البحث والتدقيق ببيان حسن النية ولكن تقول أن افتراض حسن النية هذا مشروط بالتدقيق والأحكام الشرعية وعن وعي لما يجري حولنا ومعرفة الهدف من إطلاقها ووقت إطلاقها والجهة المطلق لها التي لها مصلحة فيها.

والمدقق يجد أن مقولة افتراض حسن النية تصدر من أفراد أشبعوا أفكارا غربية عملاء أو من أفراد سذج لا يعرفون ما يقولون أو من جماعات غير واعية ويهمها أشخاص معددون أو جماعات مرتبطة مع الأنظمة مدعية أنها تحسن صنعا وبدافع المصلحة.

أو صادرة عن جماعات متقصدة تحارب الإسلام بشتى الوسائل أو صادرة عن أجهزة المخابرات التي تلمع ويبرر لأدوات الأنظمة من علماء وغيرهم أو لفكرة خبثة تريد أن تنتشر بين الناس لخدمة مؤامرة ما أو صادرة عن الدول الأجنبية الكافرة.

فالبنسبة والدول الكافرة من ورائهم فهناك إجماع وتواطئ ومشاركة في حرب ضد المسلمين بشتى الوسائل ومن مختلف الجهات لا شك فيه وظاهر للصغير والكبير وان ظهر من بين هؤلاء بعض المؤسسات أو الأحزاب السياسية المسمى يسارية أو المسمى خيرية غير ربحية والتي لا تملك سوى الصراخ من بعيد وتقول بعدم معاداة أحد ولكنها تكن العداء للإسلام والمسلمين إلا أنها من متطلبات النظام السياسي الغربي فوجود المعارضة ووجود المؤسسات أو وجود حزب الظل أو ثورة الظل كلها لخدمة النظام الغربي وتعمل ضمن نظامه لترقيق وتوزيع للأدوار لاكتمال حلقات الاستعمار ومسلسل النهب وهو أسلوب استخباري للتدخل داخل الدول والشعوب الإسلامية.

وهم أنفسهم الذين افرزوا الأنظمة في بلدانهم وهؤلاء يدخلون باسم العلم تارة أو باسم قوات حفظ السلام أو باسم مراقبين أو باسم منظمات حقوق الإنسان مخفين أهدافهم المصلحية الاستعمارية و التبشيرية فأين حسن النية في هؤلاء.

فإذا كانت حسن النية مفقودة عندهم فكيف تقبل منهم مقولة افتراض حسن النية فتاريخهم مليء بحقدهم والحملات الصليبية المتوالية لم تنقطع حتى الآن وصراعنا مع اليهود والنصارى صراعا تقليديا وما قتل المسلمين ومحاربة دينهم عنا بعيد.

أما بالنسبة لليهود فقد وصفهم القرآن بالفساد والإفساد فلا حسن نوايا عندهم قال تعالى {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا}.

فالتكامل بين الصهيونية واليهودية والنصرانية واضح وضوح الشمس فأين حسن النية عندهم بإنشاء هذا المشروع الرخيص المسمى إسرائيل وهو جزء منالتشكيل الاستعماري الغربي فلا يقبل منهم مقولة افتراض حسن النية وأما الضغط التي قد يتوهم البعض أنها موجودة على إسرائيل فهي ضغوط مصالح آنية لأنها ترى أن القيادة الإسرائيلية الحالية خطر على إسرائيل نفسها لعدم تعاونه هذه القيادة مع الدول الغربية فعند قضاء المصالح ترى هذه الأصوات تخبوا فلا يوجد حسن نية عندهم ولا يقبل منهم مقولة افتراض حسن النية تجاه أي مسلم.

أما وعود بوش لأهل فلسطين بإقامة دولة فلسطينية فهذا متطلب أمريكي ومصالح أمريكية في الشرق الأوسط ولا يفترض فيه حسن النوايا بتاتا ومحاولة لتنفيس الشعوب وذر الرماد في العيون نتيجة لتنامي المشاعر المعادية للكفار الصليبين ولما تمر به السياسة الأمريكية في الوقت الحالي.

أما ما يصدر عن بعض حكام المسلمين بين الفينة والأخرى من تصريحات فلا يصدر هذا من باب حسن النية ولا يفترض فيها، لأنهم هم أدوات الاستعمار وينفذون ما يأمرون.

هذا بالنسبة للكفار وعملائهم الحكام أما بالنسبة لبعض أبناء المسلمين الملتصقين بالأنظمة عنهم من أحكام وفتاوى ومواقف فلا يفترض فيها حسن النية فمن ينادي بحوار الأديان مع الكفار الذين لا يعتبرون الإسلام أصلا دين من عند الله.

أين حسن النية فيمن يقول ويدعوا إلى الإسلام جديد يكون جزءا من الأنظمة الفاسدة التي تحكم المسلمين ويريد فصل الدين عن الدولة واقتصار الإسلام على عملية إصلاحية جزئية ترقيعية وليس عملية تغيرية شاملة هؤلاء المرضيون من قبل الغرب ولا يعاديهم الموصوفون بالاعتدال فهؤلاء لا توجد عندهم حسن نية.

أين حسن النية عندما يطرح أبناء المسلمين فكرة توافق الإسلام والغرب ويطرح فكرة أخطر وهي أن ما عند الغرب هو من أصل إسلامي ويضرب مثالا على ذلك بأن المسلمين اخترعوا العدسة وأن الغرب أخذها واخترع النظارة فلا بد أن نأخذ كل ما هو غربي فأصله إسلامي.

فأين هذا من تناقض الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية.

والغريب في الأمر أن الكفار يريدون هدم الحضارة الإسلامية ويخطئونها ونحن نريد أن نوافق بينا وبينهم معتبرين أن ما عندهم صحيح.

لقد وقفوا موقف المدافع عن الإسلام المنزل من قبل الله ويريدون أن نوفق ونساوي بين الإسلام والغرب.

فأين حسن النية في هؤلاء العلماء المأجورين أين حسن النوايا في العملاء ناقلي الثقافة الغربية العفنة.

أين حسن النية فيمن يقول أن السياسة تياسة ويهاجم السياسيين ويقول أنني أمقت السياسة والسياسيين لجهله السياسي وعدم وعيه عما يدور حوله من أحداث وهو كالتيس المقود في الحرارثة المذبوح في النهاية على مفضلة الجهل.

وسأضرب لكم بعض الأمثلة عما يطرحه بعض المحسوبين على التيارات الإسلامية وعينات ممن يدعون بالعاملين في الحقل السياسي وترى حسن نواياهم في الدعوة إلى التخلي عن أحكام الإسلام في شؤون الحياة.

يقول الصادق المهدي في صحيفة الرأي الآخر السودانية في عددها 1089/ 17/2/2000م عن أربع قضايا يقول أنها جوهر أزمة الحركات الإسلامية الحديثة ويضيف أنه ما لم نُقم فقها جديدا للتعامل مع الحياة الجديدة فإن الأزمة سوف تستمر ويقول "المطلوب أن يكون المسلم المعاصر أصوليا في العقائد والعبادات والأخلاق أما المعاملات وهي مرتبطة بالمصالح فالمطلوب التخلي تماما في أمرها عن الأصولية والثوابت والاجتهاد في أمرها لاستنباط فقه جديد".

فأين حسن النية في هذا المدعي والذي يسمى صادق ومهدي.

أما الطنطاوي فقد أباح الربا حيث قال " إن فوائد القروض مثل الودائع وهي حلال شرعا مع ان الربا في البنوك هو عين الربا المحرم في القرآن والسنة والربا محمرم ومعلوم بالدين بالضرورة ويكون الطنطاوي قد سار مع الذين سكون الله خصمهم يوم القيامة.

فأين يفترض حسن النية.

أما الكبيسي هذه الظاهرة التلفزيونية عضو مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة ورئيسي جمعية علماء العراق حيث قال في صحيفة الشرق الأوسط 6/5/2003مأن من الخسة أن تكذب وتدخل وأن تدعي أنك تريدان تقيم دولة إسلامية وأنت لم تستطع طوال خمسة عشر قرنا أن تقيمها.

وقال " ما من عباءة أشد فرقه من العباءة الدينية ويقول "نحن لا يجب أن نجعل دين الدولة على مذهب واحد نريد دولة شعبها مسلم ليتمتع بحريات كاملة " وقال" إن إقامة حكومة إسلامية أمر مستحيل".

وقال "إن عودة الملكية إلى العراق هي أفضل مخرج وأن حمل السلاح ضد القوات الأمريكية يضر بالبلد". هذا الكلام الغريب الصادر عمن يسمونه عالم ورئيس علماء هل فيه حسن نية أين يفترض حسن النية في كلامه الذي يخدم فيه أعداء الإسلام.

أين حسن النية في كلام القرضاوي عند ما أباح الربا مستندا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم " قال صلى الله عليه وسلم في الوصية " الثلث والثلث كثير" عندما سئل سائل القرضاوي عن حكم تشغيل الموال في البنوك أو عندما أباح للمسلم أن يقاتل في الجيش الأمريكي أين حسن النية في ذلك.

ونقول للمذبذبين والمنتفعين وأصحاب المصالح والساكتين عن الحق والجاهلين والمتجاهلين لأحكام الشرع نقول أين انتم من هذه الفتاوى وما يصدر من هؤلاء مما علم بالدين بالضرورة أين أنتم وهم من حسن النية التي تفترضونها.

إن الملاحظ على هؤلاء وإصدارهم للفتاوى في معظمها يكون نابعا من المصلحة التي لا دليل لها ومخالفة للشريعة ويبدأ بعدها بالبحث عن الأدلة الشريعة لإسعافه فيبدأ باستخدام عقله ليس في الفهم لتطبيق الأحكام وإنما في التشريع مع أن التشريع لله فيطلق لعقله العنان يصول ويجول في الفتاوى أو يبدأ بتطويع الأدلة ويرى أنه بلغ من العلم مبلغا وأصبحت الملكة في الفقه عنده بحيث يستطيع محاكات الأدلة في كل وقت حتى انه يجيب عن كل سؤال فتأخذه العزة بالإثم في بعض الأحيان ويصبح عقله وكأنه المصدر الخامس للتشريع.

فأين حسن النية في هؤلاء.

إن زلة العالم تهدم الإسلام كما ورد عن سيدنا عمر رضي الله عنه في حديثه لأحد الصحابة قال لي عمر هل تعرف ما يهدم الإسلام قلت لا قال يهدمه زلة عالم وجدال منافق بالكتاب وحكم الأئمة الظلمة". فإذا كانت زلة العالم وخطأه تهدم الإسلام لسبب ما فكيف بمن كان متقصدا ومتصدرا للفتاوى ويبتدع ما يشاء من فقه للواقع أو فقه للموازنات وإدخال الفقه في أنفاق ودياجير المصالح فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول " من غش أمتي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين قالوا يا رسول الله وما الغش قال: أن يبتدع لهم بدعة فيعملوا بها".

فأين حسن النية في هؤلاء.

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "إني أخاف على أمتي من ثلاث" من زلة عالم ومن هوى متبع ومن حكم جائر" فكيف إذا لم تكن زلة عالم بل سقطه عالم عامدا متعمدا وهو يعرف الحق وينكره.

إن اجتماع فساد العلماء والحكام معا في زمن الظلم والجور في زمن تعطيل الجهاد و أحكام الله واحتلال أراضي المسلمين ليدل على الحرب ضد الإسلام والمسلمين التي يجب أن يقف فيها المسلمون بالمرصاد فلا يصح للأمة السكوت على هذا الظلم ولا يحق السكوت على الحكام ولا على علماء السلاطين وتضليلهم فالله لا يعذب الظالم وحده بل والساكت على الظلم كذلك قال تعالى {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب } والله لا يهلك الفاسدين وحدهم بل والصالحين معهم إذا تركوا الفساد يستشري دون أن يقفوا في وجهه {أيهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث}.

إن من يدافع عن هؤلاء يجد نفسه رخيصا بأيديهم ومسخرا لهم ومعولا للهدم ويكون قد عرف الحق بعد سماع كلامهم وما يصدر عنهم وإذا استمر في ذلك مفترضا حسن النية فإنه مشارك لهم بدل أن يقول الحق لا يخاف في الله لومة لائم فهو يختلق المبررات ويطيل عمر الأنظمة الكافرة ويعيق العمل الإسلامي الجاد وهو لا يدري.

إن على مطلق كلمة افتراض حسن النية على الظالمين وعلى مصدري الفتاوى المخالفة للشرع بحجج واهية لا يجوز شرعا ويجب عليهم العودة للإسلام وتحكيمه في كل أمر من أمورهم ولا يجوز لهم اتهام من يبين الأحكام الشرعية بالهجوم على مصدري الفتاوى وتجريح العلماء ولا يجب عليهم تحويل النقاش من نقاش فقهي إلى نقاش في الأشخاص وصفاتهم وما صدر عنهم من مؤلفات أو ما يملكون من كتب في مكتباتهم فهذا إفلاس فكري وهروب من تحكيم الشرع الإسلامي وهذا لا يجوز شرعا فلا عذر لأحد عند مخالفة الشرع وهو يعلم أن هؤلاء قد تأثروا بالفكر الغربي في تقديس الأشخاص فلا رجال دين عندنا فالكل سواء أمام أحكام الشريعة الإسلامية ولا فصل للدين عن الدولة عندنا.

إن المطلوب من المسلم أن يحكم شرع الله في أقواله وأفعاله ويجب عليه أن يكون كيس فطن مدركا مقولة افتراض حسن النية ممن تطلق وما الغرض من إطلاقها ومتى تطلق وعليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحاسب وينصح ويقوم الاعوجاج قال تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}.

يجب على الأمة أن تدرك قضيتها وأن تعمل على حلها لا المشاركة في الخداع والتضليل بقصد أو بدون قصد ولا أن تقف موقف المتفرج فلا حيادية في الإسلام عند المفاصلة والمواقف بل قول الحق فالساكت عن الحق شيطان أخرس فلا يجوز له المشاركة في أي أمر يضر الإسلام قاصدا أو بغير قصد ولو بمقولة افتراض حسن النية قال صلى الله عليه وسلم "إن المسلم ليتفوه بالكلمة لا يلقي لها بالا فتهوي به في نار جهنم ".

فإلى الالتزام بكل ما جاء به الشرع الإسلام الحنيف لنعيد للأمة عزها ومجدها ندعوكم أيها المسلمين..