بوغدانوف إذ يهددنا

احتضار طويل ضحايا أكثر

فلا تعطوا للقتل فرصة أكبر ..

زهير سالم*

[email protected]

آثر الكثير من رجال السياسة والإعلام أن يقفوا عند الشطر الأول من تصريح مساعد وزير الخارجية الروسي بوغدانوف ( بشار الأسد يخسر مواقع أكثر وهناك فرصة للمعارضة أن تنتصر ). يبدو ان الروس في تصريحاتهم في أوساطهم الداخلية بدؤوا يتحدثون بطريقة أخرى . قبل يومين من تصريح بوغدانوف سبق لافروف إلى القول في لقاء له مع المفوضين الممثلين للرئيس بوتين في حوار معهم ( ليس المهم أن نقرر من هو المذنب . الرئيس الأسد ارتكب أخطاء كبيرة . والجرائم تأتي من هنا وهناك .)

وبينما انشدّ الرأي العام إلى تصريح بوغدانوف بأن بشار الأسد يخسر المزيد من الأرض ومن السيطرة . وأن المعارضة السورية قد تنتصر . إلا أن المتابعين أغفلوا ختام تصريح  بوغدانوف اعلموا أن رحيل الأسد قد يكلف مئات الألوف من الضحايا ، وأنه توجه إلى شركائه الدوليين هل تريدون هذا أو تقبلون به ؟ ثم دعاهم إلى العودة إلى مقررات جنيف والإبراهيمي وعنان .

يبدو أنه لم يكن لأحد من الذين تعلقوا بتصريح بوغدانوف وجعلوا من مقدمته موضوع الإعلام الأول أمس  ، مصلحة أن يتوقفوا عند التهديد الوارد في الجزء الثاني منه والذي أوردناه في الفقرة السابقة. ما قاله نائب وزير الخارجية الروسي بغدانوف هو تهديد مكرر ومؤكد ، سبق إليه بوتين و لافروف كما سبق إليه الإيرانيون:  أنهم سيقاتلون في سورية حتى النهاية . إن تهديد بوغدانوف الصريح بكلفة من مئات الألوف من الضحايا هي الرسالة الأخطر التي يجب أن تتوقف عندها القوى السياسية والثورية في سورية .

نتوقف عند هذا التهديد أولا لنطالب الروس والإيرانيين بالتوقف الفوري عن المراهنة على خيارهم الخاسر . نطالبهم أن يتوقفوا عن دعم بشار الأسد بأدوات القتل . وبالتوقف عن دعمه بالخبرة والمال والرجال ، وبالتوقف عن التغطية عليه سياسيا ودبلوماسيا .

ونتوقف عند هذا التهديد ثانيا مقرونا بتصريح راسموسن ( سقوط بشار مسألة أيام ) ، لنقول إن على من يزعم صداقة الشعب السوري ، وعلى من يزعم نصرة مشروع الحرية والعدل في العالم ، وإن على من يرفع شعار الحرب على الإرهاب ؛ أن يجعل أيام بشار الأسد المعدودة أقصر . وأن يجعل معاناة المدنيين الأبرياء فيها اقل . وأن يجعل الوصول إلى الدولة المدنية الحرة في سورية أيسر وأسهل .

يلاحظ كل المتابعين الاستراتيجيين والسياسيين والإعلاميين التقدم الذي يحرزه الثوار على الأرض ولكنهم يلاحظون في الوقت نفسه قلة ما في أيدي هؤلاء الثوار من سلاح وعتاد وأجهزة يمكن أن تسهل عليهم إنجاز مهمتهم ، وتقصير أمدها . وكل هذه الاحتياجات الضرورية هي من الموفور والمبذول في العادة في معارك أقل عدالة من عدالة معركة الشعب السوري .

يدفع الشعب السوري منذ ما يقرب من العامين  من دمه ومن معاناة أبنائه ثمن كل المناورات والاشتراطات والاختبارات التي ما يزال العديد من الأطراف الدولية تلعب عليها . ونقدر أن الوقت قد حان للتوقف عن كل هذا . وأن الوقت قد حان للثقة بهذا الشعب الذي يشهد له تاريخه الطويل أنه كان دائما فوق ما يهرف به المشككون أو أصحاب المصالح والمستأثرون .

 إن جيفة ( نظام ) متحلل لم ينتم يوما إلى إنسانية ولا إلى مدنيّة ولا إلي أي شكل من أشكال النظم السياسة التي عرفها تاريخ الحضارة قد آن لها أن تدفن بكل مكوناتها ومخلفاتها . لم يكن في ذلك النظام عقدة أو مفصل صالح يقبل السوريون ببقائه أو يأسون عليه .

بشار الأسد يحتضر ، وعصابة الإثم معه كذلك تحتضر . الرسالة التي نريد إيصالها للعالم أنه كلما طال أمد الاحتضار كثر عدد الضحايا واشتدت معاناة الناس . فلا تعطوا هذا الممسوس فرصة أطول للقتل .

  ( رصاصة الرحمة ) الرحمة هذه المرة ليست للميئوس منه ، بل هي للممسوس المتخبط بترسانة أسلحته ؛ وهي لرحمة لشعب حر كريم يدفع ثمن تخبط هذا الممسوس إنسانا وعمرانا ..

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية