صراع الشعارات

د.عدنان علي رضا النحوي

وأحلام النائمين ويقظة المجرمين

د.عدنان علي رضا النحوي

www.alnahwi.com

[email protected]

منذ عهد طويل والشعارات تطغى في عالمنا الإسلامي والعربي ، وكانت الشعارات مقبولة في أول أمرها ، حين كان الناس ينتظرون تحقيق هذه الشعارات في واقع الأمـة ، في واقع الحياة . وانتظر الناس ، وتفرَّقوا بين شعارات وشعارات ، ومضت الأيام ولم تتحقّق الشعارات ، ولكن كثيراً من الناس ظلوا مفتونين بالشعارات ، التي زادت الأمة فرقة واختلافاً وصراعاً .

أخص بالذكر الشعارات الإسلامية ، التي دوّت كثيراً وفُتِنَ بها الكثيرون ، وهتفوا بها وهتفوا لها ، وصفقوا لها ، وبُحّت الحناجر .

ونقصد بالشعار الكلام العام الذي يخلو من أي نهج أو خطة عملية تحقّق هدفاً محدّداً . ومضت سنوات طويلة والناس يصفّقون للشعارات التي تحرّك فيهم العاطفة والأمل ، حتى تحوّلت هذه الشعارات في واقع الحياة إلى تخدير يموت فيه الجهد والجهاد ، إلا بالصراخ والهتافات ، ثم الغفوة والغفلة .

مضت عشرات السنين ، أو مئات السنين ، والناس يصرخون بهذا الشعار أو ذاك . وانتظر الناس طويلا يحلمون بأن يروا أن المسلم أخو المسلم ، كما جاء في الحديث الصحيح ، وانتظروا طويلا فإذا الشعار يغيب شيئاً فشيئاً ، ويتحوّل من شعار عقيدة ودين وإسلام ، وشعار إيمان وتوحيد ، إلى شعارات الديمقراطية والعلمانية والحداثة ، تضجّ بها الميادين والساحات ، والمؤتمرات ، وتنحرف الشعارات الجديدة عن النهج الحق وعن دويّها الأول وصراخها السابق . وإذا بِعَدد غير قليل أخذ يدعو لغير ما يأذن به الإسلام ، كما رأينا وسمعنا ذلك التحوّل والانحراف الذي كشفت عنه وسائل الإعلام المختلفة ، دون أن يحرّك هذا الانحراف الجماهير التي كانت تريد الإسلام الحق كما أُنزل من عند الله .

صمتت الجماهير مع هذه الانحرافات المكشوفة الصريحة ، والانحرافات الخفية ، ولم تنهض لترفـض ما يأباه الله ورسوله ، أو لتعيد الصراخ إلى نهجه الأول وشعاراته الأولى .

كم من الميادين امتلأت بعشرات الألوف تهتف بالديمقراطية ، أو مئات الألوف ، تدوّي شاهدة على الانحراف الجليّ ، والصليب الذي منع الإسلام إشهاره يُرفع وسط الجماهير المنتسبة إلى الإسلام .

عندما فتح المسلمون دمشق ، كتب الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى المسؤول المسلم فيها إذا رأيتم أحداً يخرج من الكنيسة حاملاً الصليب فاكسروا الصليب على رأسه . شتان بين موقفين : موقف الإيمان الصادق والقوة الصادقة ، وبين موقف الشك والهوان والضعف .

إن واقع المسلمين اليوم يكشف عن هوانٍ شديد وذلّة بالغة ، مع مضي الشعارات تضجّ في الهواء خالية من أي نهج أو تخطيط حقيقي ، يرسم الدرب والمراحل والخطوات التي تؤدّي إلى الأهداف الربّانية .

إنّ هذا الهوان والضعف ليس أمراً مفاجئاً لم يظهر إلا في في اللحظات الحالية ، ولكنه هوان وضعف امتدّ قروناً ، وأخذ يزداد مع مضي القرون ، دون أي جهد فعال لحماية هذا الدين العظيم وأمة الإسلام الواحدة العظيمة .

امتد الضعف في كيان الأمة قروناً حتى أُسقِطَتْ الخلافة الإسلامية واعُتقِلَ خليفة المسلمين ، ولم تتحرّك الشعوب الإسلامية لتحمي كيانها الرباني ، وأُسقِطت الخلافة الإسلامية ، وامتدّ الهوان ، ونشط نفوذ الأعداء يخترق كيان المسلمين ، حتى مزّق ديارهم قطعاً قطعاً . فماذا كان موقف بعض الشعوب الإسلامية ؟! لقد احتفلت بعض الشعوب بالمحتلّ العدوّ الغاصب ، وأقامت له الولائم ، وصيغت بعض الأناشيد التي تحرف الأمة كلها عن جادة الحق ، وكان من بين ذلك :

 

فـلا ديـنٌ يفـرقنـا

 

لسان الضاد يجمعنـا

 

وهتفنا ونحن أطفال صغار بهذه الهتافات وأمثالها ، وهي تغرس فينا بذرة التمزق والهوان والانحراف .

تسقط الخلافة ويسجن خليفة المسلمين ، تمزّق ديار المسلمين ، والعالم الإسلامي في غفوة قاتلة ، وخدر شديد ، بين أصوات تدوّي بغير الإسلام ، تدرّي بالعصبيات الجاهلية ، كل قطر يدوّي : " أنا وحدي أولاً " ، وأصبح الاعتزاز بالوطنية وبالأرض المقطعة ، فلا نفعت الوطنية ، ولا أفادت العصبية الجاهلية ، وأخذت معاني الإسلام تغيب شيئاً فشيئاً ، وبرزت العلمانية آخذة بالنمو ، وأصبح بعض دعاة الإسلام ينادون بالعلمانيّة وبأنها مساوية للإسلام ، كما جهر بذلك داعية مسلم في مؤتمر إسلامي في باريس ، وكما نادى بالديمقراطية داعية إسلامي آخر في مؤتمر إِسلامي في ستوكهولم . وتوالت هذه الانحرافات بأشكال متعددة في مؤتمرات إسلامية أو في صحف عربية ، أو في ندوات ... !

إذن الضعف والهوان والانحراف في حياة المسلمين ممتد على فترة ليست بالقصيرة . وكانت بداية ذلك كله منا نحن المسلمين ومن أنفسنا ، وامتدّ فينا مع الزمن ، لم نأمر بالمعروف ولم ننه عن المنكر إلا في حدود ضيّقة مخنوقة .

أَما أعداء الإسلام فإنهم كانوا يعملون بكل الوسائل السرّية أو العلنية لمحاربة الإسلام والمسلمين وإِضعاف المسلمين ، وبث الفتن بينهم ، ونشر الأفكار المنحرفة عن الإسلام ، بخطوات ما كرة ، وأساليب خفيّة وعلنية حسب المرحلة والواقع والإمكانات لديهم ، ولكـن بُخِطى مستمرة دائبة تحمل معها النهج والتخطيط والمكر ، وتحمل معها في الوقت نفسه قوة التعاون بين أعداء الله في حرب الإسلام والكيد للمسلمين ، حتى جاءت المرحلة التي طغت فيها شعارات هؤلاء الأعداء ومبادئهم وعناصرهم ثم جيوشهم وقواهم الزاحفة ، من سياسية واقتصادية وفكرية وغير ذلك . وطغت هذه كلها كأنها الطوفان مع تعدّد واضح مثل : الاشتراكية والشيوعية والديمقراطية والحداثة والعلمانية والعولمة ، خِلافَ نَشْرِ الفساد والانفلات الخلقي والتفسح الجنسي وغير ذلك .

وامتدت جهود أعـداء الإسلام مع الزمن على نهج وتخطيط وتجديد الوسائل ، وحدث في الوقت نفسه أن زادت غفوة المسلمين وتراخيهم ، وانشغالهم بالدنيا وزخرفها ، مع شيء من الشعائر المنقطعة عن النهج المتكامل ، حتى غلب الجهل في قطاع واسع من المسلمين بجوهر الإسلام وحقيقة دعوته ورسالته .

واستمر الجهدُ المبذول لمحاربة الإسلام لدى أعداء الله ، على خططٍ مدروسة ونهج ممتد وجهود متكاتفة ، وفي الوقت نفسه يمضي المسلمون على شعارات تدوّي وصراخ لا يكشف إلا عن غفوة كبيرة وسُباتٍ طويل ، حتى لم يعد المسلمون يشعرون بهول المآسي التي نزلت بهم ، والمصائب التي دمرتهم ، والتمزق والهوان والفتن ، وضياع فلسطين والأقصى .

وهنا نعيد القاعدة التي تمضي في الواقع وتقول : إذا التقى فريقان : فريق له نهجه وخطته وأهدافه ، ولو كانت إجراماً ، وفريق ليس له نهج ولا خطة ولا أهداف إلا الشعارات ، فإن الفريق الأول صاحب النهج والخطة والهداف يستطيع أن يحوّل جهود الفريق الثاني الذي يعمل دون نهج ولا خطة ولا أهداف ، لصالحه هو ، أي لصالح الفريق الأول .

ويمضي ذلك كله على سنن ربّانية ثابتة ، على قضاء نافذ وقدر غالب وحكمة ربّانية بالغة . وكل ذلك يمضي في الحياة على قضاء لله عادل لا يحمل ظلماً أبداً ، فإن الله لا يظلم أحداً من عباده وخلقه :

 ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) [ يونس :44]

ومن أهم ما وصل إليه الأعداء بجهودهم تلك ، بعد إسقاط الخلافة وتمزيق أرض الإسلام ، أن أضعفوا اللغة العربية بين أبنائها العرب والمسلمين ، وضعف تبعاً لذلك دراسة منهاج الله ـ قرآناً وسنة ولغة عربية ـ ، وضعف تدبّره ، وانقطعت الملايين من المسلمين عن مجرد التلاوة لكتاب الله . فطغى الجهل بدين الله ، ولم تعد الأمة المسلمة واحدة صفّاً كالبنيان المرصوص ، وتمزّقت الأمة إرباً إرباً . وعندما قامت الحركات الإسلامية لتدعو إلى الإسلام قامت على صورة أحزاب متفرّقة أضاعت على المسلمين قوة الصف الواحد المتراص ، وأضاعت عليهم فرصة جمع القوة لتنازل خصماً متحداً ماضياً في مكره وكيده المنهجي ، لينقل من مرحلة إلى مرحلة .

لقد اخترق العالم الغربيُّ العلمانيُّ الديمقراطيُّ النصراني الصهيوني العالمَ الإسلامي اختراقاً واسعاً ، وأقاموا لهم فيه مراكز وقواعد وجمعيات تظلُّ تعمل على نفس الهدف السابق بأساليب متجدّدة ، وأوجدوا لهم أناساً متعاونين على نفس أهدافهم في محاربة الإسلام . وظلّ المسلمون يقدّمون المظاهرات والشعارات والخطابات خالية من أي نهج أو تخطيط .

يضاف إلى ذلك ظاهرة تمزق المسلمين دياراً وأحزاباً وعصبيات جاهلية ، يقابلهم في المعركة صف متعاون من الغرب العلماني الديمقراطي النصراني الصهيوني .

ومع امتداد المعركة ضد الإسلام ازدادت فرقة المسلمين ، وازداد انحرافهم عن الكتاب والسنة ، وازدادت الشعارات وضجيجها ، وازداد الإقبال على الدنيا تحت شعارات الإسلام ، ولم يبرز في واقع المسلمين اليوم أي مظاهر للنهج والتخطيط بمعناها الإيماني الرباني ، الذي يحدد الأهداف الربانية ويرسم الدرب الموصل للأهداف والبذل الواجب من أجل ذلك .

إن أعداء الله اليوم يجهرون بحربهم على الإسلام ، ويخفون شيئاً من مكرهم وكيدهم . ولكن المسلمين لا يجهرون بدين الله كما أُنزِل من عند الله ، ويطرحون تصورات متعددة من الفتنة ، ليسوّغوا بها تنازلاتهم وانحرافاتهم ، وضعفهم وهوانهم .

إن دعوة الله ودينه كما أنزله على جميع الرسل ديناً واحداً هو الإسلام ، الدين الرباني السماوي الوحيد ، إن هذه الدعوة لا يصلح معها إلا الجهر بالحق والصبر ، دون مواربة ولا تنازل ولا تحريف وانحراف :

( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ )

[ الأعراف :3]

إنها دعوة ربانية واحدة لا يصلح معها إلا الجهر الصادق الملتزم ، والبذل الصابر ، والثبات على الحق ، وبغير ذلك يكون الانهيار .

لقد طغى بين بعض المسلمين اليوم الميل إلى فلسفة التنازلات ومداهنة الأعداء والانحراف عن أمر الله ورسوله تحت شعار محاولة التمكن ثم ممارسة الإسلام الحق . ومع كثرة المحاولات وانتشار هذه الفلسفة لم ينلْ الإسلام بهذه الفلسفة في واقع المسلمين النصر والتمكين ، وظهور كلمة الحق لتكون كلمة الله هي العليا .

قد يتمكنون من الدنيا ، وينالون زخرفاً وسلطة ، ولكن ذلك لم يكن ليمكن لدين الله الحق في الواقع بجلائه وصدقه والتزامه . إن هذا الدين الحق يتطلب من أبنائه وتابعيه التزاماً شاملاً حقّاً ، وبذلاً صادقاً وفيّاً ، وجهاداً على صراط مستقيم بيّنه الله وفصله :

( وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) [ الأنعام :153]

وهذا الصراط المستقيم الذي بيّنه الله لنا وفصّله نهج متكامل متماسك ، شامل يعالج قضايا الإنسان كلها على أسس ربّانية إن اتبِعَتْ فإنها تؤدي إلى سعادة الإنسان وفلاحه ، وقوته وعزّته ، في الدنيا والآخرة .

وحتى يستطيع الإنسان أن يتبع هذا الصراط المستقيم ، فعَليه أولاً أن يؤمن به إيماناً صافياً صادقاً ، وأن يدرسه ويعيه ، فدراسته وطلب العلم منه فريضة على كل مسلم . ثمّ عليه أن يلتزمه التزاماً صادقاً ، ثم ينطلق ليدعو إليه ويبلّغ رسالة الله كما أنزلت على محمد r دون تحريف ولا تبديل ، على خشية من الله ورجاء :

( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا ) [ الأحزاب :39]

لأن هذا التبليغ هو الأمانة التي وضعها الله في عنق المؤمنين ، ليدعوا ويبلغوا وينقذوا الناس من نار جهنم وبئس المصير . فإذا تخلف المؤمنون عن الوفاء بهذه الأمانة هانوا وذلوا ومسّهم من الله عذاب أليم ، وسقطت ملايين البشر في عذاب جهنم ، وطغى فكـر المنحرفين والضالين في الأرض كما هو الحال الآن .

إن الدعوة إلى الله ورسوله ، وتبليغ رسالة الله إلى عباده ، فرض على المؤمنين الصادقين ، بعد أن يتبرؤوا من العصبيات الجاهلية ، ويتبرؤوا من إيثار الدنيا ، ويلتفوا صفا واحداً ، أمة مؤمنة واحدة ، تعبد رباً واحداً ، وتدين بدين واحد هو الإسلام ، يحمله الكتاب والسنة كما جاءا باللغة العربية .

يجب تبليغ رسالة الله كما أنزلت على محمد r إلى الناس كافة تبليغاً منهجياً ، وتعهدهم عليها تعهّداً منهجيّاً حتى تكون كلمة الله هي العليا .

إن هذه الدعوة والبلاغ المنهجي ، وهذا التعهد المنهجي والبناء والتربية والإعداد لبناء الأجيال المؤمنة التي تحمل أمانة هذه الرسالة الربانية ، إن هذا كله ضعف في واقع المسلمين منذ عهد طويل تحت تأثير تمزّق المسلمين بين أقطار وعصبيات ، وبين أحزاب وانحرافات ، وبين أهواء دنيوية ، حتى تسللت أفكار غير إسلامية وغير ربانية إلى صفوف المسلمين تحت مسميات عدة كما ذكرنا في صفحات سابقة : الاشتراكية ، الشيوعية ، الديمقراطية ، العلمانية ، الحداثة ، العولمة ، وما قد تأتي به الأيام القادمة من ضلالات العالم الغربي وغيره :

( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [ آل عمران :104]

( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [ آل عمران :105]

( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) [ الأنعام :159]

( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ . مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ . مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) [ الروم :30ـ32]

( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ )

[الأعراف :3]

لقد غاب عن بال أولئك الذين أخذوا يتنازلون عن بعض الإسلام ويأخذون بالعلمانية ، ويدَّعون زوراً وبهتاناً أن العلمانية مساوية للإسلام ، لقد غاب عن بال هؤلاء أن الإسلام ربَّاني وحيٌ من عند الله على رسوله محمد r ، كله صياغة ربّانية لا علاقة لأحد من البشر بنهجه وفكره وبصياغته إلا أن يتلقوه ويلتزموه ، وأما العلمانية وأمثالها فهي من صياغة بشرية ، وأن الإسلام يجمع بين الدنيا والآخرة ، وينظم حياة الإنسان كلها على ضوء ذلك ، وأما العلمانية لصياغتها البشرية فلا تدرس إلا جانباً من جوانب الحياة الدنيا معزولة عن الآخرة ، وفي ذلك الخسران المبين .

إن العالم الإسلامي يشهد تحوّلات واسعة بالنسبة للإسلام ومبادئه الربانية ، وطغيان دعوة أمريكا والغرب إلى ديمقراطية علمانيّة لكل جوانب الحياة ، تحوّلات تحمل الزخرف والفتنة :

( وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ . وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ . وَزُخْرُفًا ۚ وَإِنْ كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ )

[الزخرف :33ـ35]