توبة قاطع سبيل

ياقوت الحموي

كان رجل من بني جشم بن بكر يقال له: جحدر، يخيف السبيل بأرض اليمن، وبلغ خبره الحجاج، فأرسل إلى عامله باليمن يشدد عليه في طلبه، فلم يزل يجد في أمره حتى ظفر به، وحمله إلى الحجاج بواسط.

فقال له: ما حملك على ما صنعت؟

فقال: كَلَبُ الزمانِ، وجراءةُ الجَنان.

فأمر بحبسه، فحبس فحن إلى بلاده، وقال:

لقد  صدع الفؤاد وقد iiشجاني
تجاوبتا    بصوْت   iiأعجمي
فأسبلت  الدموع  بلا  احتشام
فقلت  لصاحبي  دعا iiملامي
أليس   الله   يعلم  أن  iiقلبي
وأهوى  أن  أعيد إليك iiطرفي
أليس  الليل  يجمع  أم عمرو
بلى  وترى  الهلال  كما iiأراه
فما  بين  التفرق  غير  iiسبع
ألم  ترني  غذيت أخا iiحروب
أيا  أخوي  من جشَم بن iiبكر
إذا  جاوزتما  سعفات  iiحجر
لفتيان   إذا   سمعوا   iiبقتلي
وقولا   جحدر  أمسى  iiرهيناً
ستبكي   كل   غانية   iiعليه
وكل   فتى   له  أدب  iiوحلم















بكاء    حمامتين   iiتجاوباني
على غصنين من غرَب iiوبان
ولم  أك  باللئيم  ولا  iiالجبان
وكُفّا   اللوم  عني  iiواَعذراني
يحبك   أيها   البرق  iiاليماني
على عُدَواء من شغلي وشأني
وإيانا    فذاك    بنا    iiتَدَان
ويعلوها  النهار  كما  iiعلاني
بقين  من  المحرم  أو  iiثمان
إذا  لم  أجن كنت مِجَن iiجان
أقلا   اللوْم  إن  لا  iiتنفعاني
وأودية    اليمامة    فانعياني
بكى  شبانهم  وبكى  iiالغواني
يحاذر  وقع  مصقول iiيماني
وكل  مخضب رخص iiالبنان
معديٌّ    كريم    غيرُ   iiوانِّ

فبلغ شعره هذا الحجاج، فأحضره بين يديه، وقال له: أيما أحب إليك أن أقتلك بالسيف أو ألقيك للسباع!؟

فقال له: اعطني سيفاً، وألقني للسباع!. فأعطاه سيفاً، وألقاه إلى سبع ضارِ مجوّع، فزأر السبُعُ وجاءه، فتلقاه بالسيف ففلق هامته!. فكرّمه الحجاج واستتابه، وخلع عليه، وفرض له في العطاء، وجعله من أصحابه.

* معجم البلدان، ياقوت الحموي، المجلد الثاني، ص210 – 211، منشورات مكتبة الأسدي، رقم 7، طهران، ط1965م.