إلى متى النزاع

د. عبد السلام منهلي

للشاعر التركي: محمد عاكف

ترجمة: د. عبد السلام عبد العزيز منهلي

- دع الألسنة تقول: أنا أنت، وفرق وحدة الجماعة!

فيومئذٍ تقوم القيامة التي تُفني الأمم..

- غُص في الماضي وطُف بمحتشد تلك العهود الخوالي،

فلن ترى لسنة الله تبديلاً.

- إن التاريخ وهو تلك الخربة الدامية التي نحقرها،

تخبئ لحوداً لا حد لها، وآثاراً لا عداد لها.

- إن تلك الأحجار المحطمة على الأرض،

 إن هي إلا معانٍ مهدمة لسطور جباه الأمم!

- فإن استطعت جمع أشتاتها بيدك فسوف تسمع،

 العظة الجليلة التي تبدو من ثنايا تلك الألفاظ المبعثرة.

- "كل حفرةٍ أمةٌ، وكلُ هؤلاء الراقدين أمم!".

وصروف الدهر دائرةٌ تسوق إلى هذه النهاية....

- أيها الزائر التائه، لقد سمعت إذن

"تعددت الأسباب والموت واحد".

- ولكن لا أعرف أمن الصواب أن أشهد،

الماضي والأمم الغابرة؟ هيهات!؛

- على جيل قد انطوى يومه على أحداث الدهور؟،

ما الجدوى من إضاعة وقته بضرب الأمثال له من التاريخ؟

- إنه لعبثٌ أن تحس الأعماق تبتغي العبر،

على حين تزخر الآفاقُ والأنفس بالآيات!

- والذين يبصرون تلك الأسرار التي تتجلى فيها،

يدركون أين روح البقاء للأمم.

- بيد أني لا أعرف على أي شيء كنا نعتمد ونرجو الخير،

نحن الذين أغمضنا عيوننا عن تلك الآيات؟

- هل اتعظ الشرق بما مر به من المواعظ والعبر؟

فقد مرت به الكوارث تترى وأهله في خيبة يعمهون؟

- أيتها الأمةُ الميتةُ، لقد غربت الشمسُ ألا تستيقظين؟

ألا يزالُ دوي السيول وأنين الآفاق؛

- الذي هز الأمم وهز حكوماتها يهدهدك لتستغرقي،

في سباتك العميق الذي انغمست فيه طوال القرون؟

- تلك الشعوب التي لا يحصى عددها،

لا تفتأ تدبُ ساعيةً في طلب البقاء.

- هم اتحدوا لغاية واحدة، وقاموا قومة واحدة،

رغم اختلافهم في الجنس، وفي اللغة.

- وفي الإقليم، وفي الأخلاق، وفي الحياة..

وهذه أمةٌ تفرقت لا يعدو عددها العشرات

- وما نزاعها إلا من الحرص على الجاه!

إلى متى النزاع؟ يا للغفلة وياللفضيحة!

- قالوا: لقد ظفرنا بالحرية.. آمنا بالغيب..

"واأسفاه، قد خسرنا في هذه اللعبة أيضاً".

- وسمينا الجماعة فرقةً، فانتهى ذلك إلى التفرقة،

وإلى هدم كيان الأمة القوية.

- وخلقنا أسطورة (وطن التوران)،

وكم بذلنا المجهود لتحقيق هذا الحلم المنشود؟

- وكم خسرنا من البلاد في هذا السبيل؟

كفى ما ضاع، فأشفقوا على ما بقي!...