الغرب يعقد آماله على جنرال سوري

فايننشال تايمز:

الغرب يعقد آماله على جنرال سوري

رولا خلف وأبيغاييل فيلدينغ سميث - فايننشال تايمز

ترجمة وتحرير مسار للتقارير والدراسات - 23 نيسان 2013

إسطنبول - شخصية معارضة نادرة لا خلاف شديدا حولها؛ قائد عسكري مقبول لدى العديد من قادة الثوار وكذلك أنصار الغرب منهم. ولكن هل من الممكن تحقيق الآمال التي عقدت عليه؟

رئيس هيئة الأركان من "القيادة العسكرية العليا" التي تضم نظريا عشرات الفصائل المجزأة وغير المنضبطة من جيش الثوار، كان محط أنظار اجتماع وزراء الخارجية العرب والغربيين في إسطنبول نهاية الأسبوع، وهو تجمع كان يهدف إلى إقناع الولايات المتحدة بأخذ زمام الأمور في السياسة السورية.

بالنسبة للدول الغربية، يمثل الجنرال أفضل فرصة لإنقاذ سوريا من قبضة بشار الأسد - والأهم من ذلك تنظيم القاعدة. لكن معضلته الرئيسية هي حاجته الماسة لتأمين احتياجاته من الدول الغربية لكي يوفي هو بالتزاماته تجاههم.

تلقى تعليمه في ألمانيا الشرقية في الثمانينات من القرن الماضي، وكان الجنرال إدريس عميد أكاديمية الهندسة العسكرية في حلب عند انشقاقه في صيف العام الماضي. فقد 63 شخصا من أفراد أسرته الحمصية، وكل من تبقى ممن نجا من عائلته كان اسمه مدرجا في لوائح المطلوبين.

يبدو سياسيا أكثر منه جنرالا، ببدلته الداكنة وربطة عنقه ونظاراته التي تشبه الخاصة بأساتذة الجامعات، وتركيزه على أرض المعركة لا على مأساته الشخصية.

في مقابلته مع صحيفة فايننشال تايمز في إسطنبول، يقول الجنرال ذو الخمسة وخمسين عاما إنه يريد إيجاد بديل أكثر اعتدالا وأقوى من جبهة النصرة، الفصيل العسكري المرتبط بالقاعدة الذي ظهر كأقوى فصائل الثوار. إلا أنه لا يستطيع القيام بذلك لوحده، ويضيف أن "احتياجاتنا كبيرة ولا نمتلك إلا القليل".

كما يعترف الجنرال إدريس بأنه لا يقود القوات على الموجودة على الأرض وأن الهيئة التي يرأسها ليست عسكرية "بالكامل"، في الوقت الذي كان فيه جزء كبير من الثوار هم من المدنيين أصلا.

يقدر إدريس تكلفة دفع رواتب شهرية بقيمة 100 دولار للمقاتلين المسجلين لدى القيادة العليا من 35 إلى 40 مليون دولار شهريا - وهو مبلغ لا تمتلكه القيادة في هذه المرحلة. يقول كذلك إن "المقاتلين يذهبون إلى حيث المال والسلاح، وإذا امتلكت الوسائل... سينضم إلي الجميع في شهر أو شهرين"، ويضيف أنهم "سيدركون أن هذه مؤسسة وطنية، وستختفي الألوية والكتائب في نهاية المطاف".

كما قال في اجتماع نهاية الأسبوع لوزراء الخارجية إنه يمكن بناء قيادة عسكرية بمصداقية أكبر، بقيادة وسيطرة حقيقية، ومقدرة على كسر الجمود القاتل في الصراع مع قوات الأسد المستمر منذ عامين، في حال تم اتخاذ بعض الإجراءات، بما في ذلك رفع حظر الأسلحة المفروض من قبل الاتحاد الأوروبي مما سيسمح للثوار بشراء أسلحة بشكل مشروع، وإنشاء منطقة حظر للطيران. وطالب كذلك بكميات أكبر وأكثر انتظاما من السلاح، وبالتحديد مضادات الدبابات والصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف والتي لم تكن متاحة للثوار إلا بكميات قليلة.

على الرغم من ذلك، كانت التعهدات الغربية بتقديم مساعدات "غير قاتلة"، بما في ذلك جزء من المساعدات التي تعهدت الولايات المتحدة نهاية الأسبوع بتقديمها وتبلغ 123 مليون دولار - مساعدات يقول الجنرال إنها مفيدة لكنها ليست كافية.

يتسائل الجنرال "ما هي الفائدة من إرسال الأدوية لمداواة جندي مصاب إذا كانت طائرات النظام تقتل 40 شخصا دفعة واحدة؟"، ويقول إن النظام يستخدم صواريخ سكود وسلاح الجو لضرب أماكن تواجد المدنيين بمساعدة من إيران وروسيا، في حين تظل موارد المعارضة مقيدة بشدة.

في الوقت الذي تتعرض فيه الحكومتين البريطانية والفرنسية لضغوط لإنهاء حظر الأسلحة الذي فرضه الاتحاد الأوروبي، تظل منطقة حظر الطيران خارج إطار النقاش، مع بقاء الرغبة بالإبقاء على حظر الأسلحة النوعية، والتخوفات لدى الولايات المتحدة إضافة إلى ما سبق من وقوع الأسلحة في النهاية بأيدي جبهة النصرة.

عبر الجنرال عن أسفه للمبالغة في تأثير الجهاديين، مما عزز شعبيتهم بين الثوار من الشباب. وقال إنه يحذر في حال استمرار الجمود الحالي من الوصول إلى أمرين: المزيد من القتل والمزيد من التطرف على نطاق أوسع في سوريا وفي المنطقة برمتها".

يشكو الجنرال كذلك من أن الشحنات التي توفرها دول الخليج والتي تحتوي أسلحة خفيفة في الغالب ليست كافية، ولا تغطي عُشر المتطلبات العسكرية.

لم يكن الجنرال إدريس ليتحدث عن دول أو شحنات محددة، لكن دبلوماسيين أشاروا إلى أن المملكة العربية السعودية وقطر - الموردين الرئيسيين - لم تقوما بتوزيع كل الأسلحة عبر القيادة العليا.

الجنرال إدريس الذي تعهد لدى الولايات المتحدة ودول أوروبا بأنه سيتتبع كل سلاح متطور ويعمل على إعادته بعد انتهاء النزاع، يقول "إذا أردتم تقديم شيء لنا، دعونا نقوم بتوزيعه لكي نشرح للمقاتلين كيفية ومحاذير استخدامه".

أضاف أن النقص في الذخيرة يشكل عائقا أمام الثوار خاصة أنهم يقاتلون جيشا نظاميا أقوى منهم بكثير. وضرب مثلا بقاعدة وادي الضيف العسكرية في محافظة إدلب شمال سوريا، التي كان الثوار يحاصرونها لمدة شهرين قبل أن تنفذ ذخيرتهم. يوضح قائلا "النظام يعلم أن الثوار لا يمكنهم الدفاع عن أنفسهم فقام بإرسال رتل من اللآليات العسكرية والدبابات، وكسر الحصار".

أدى السجال داخل الائتلاف الوطني السوري - الكيان السياسي الرئيسي المعارض - إلى تقويض جهود الجنرال، حيث انقسم الائتلاف حول الانتخابات الأخيرة لرئيس الحكومة المؤقتة، الخطوة التي ضايقت أحد أكبر الداعمين للثوار: المملكة العربية السعودية.

في حين تتركز السياسة الغربية الآن على دعم أقوى للقيادة العامة على أمل جلب النظام إلى طاولة المفاوضات، من المرجح حدوث تحركات دراماتيكية يقول محللون إنها مهمة لتغيير موازين القوى على الأرض بشكل ملحوظ، والسماح للقيادة العسكرية العليا بتأكيد سلطتها.

يرى الجنرال إدريس أن لا شيء بمقدوره إقناع الأسد بالتنحي والاتفاق على الانتقال السياسي، باستثناء ضربة قاصمة. وقال إن الزعيم السوري سيضطر إلى التفاوض فقط عندما يشعر أنه "سيفقد السلطة بالقوة".