الدب الكبير، والأخطبوط عُمر

الدب الكبير، والأخطبوط عُمر

(18)

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

من قصص الأطفال

 الغربية

من كتاب :

(The Big Story Book)

كان الدب الكبير يعيش في الغابة بجانب النهر وكان من عادته أن يتبول كل يوم في الصباح ، وفي الغابة كان يعيش على السمك الذي يصيده من الماء ، وكان لا يحب شرب الماء إلا إذا كان باردا جدا .

وذات صباح كان الدب الكبير يقف على صخرة في النهر يبحث عن فطوره من السمك ، فسمع نفرا عاليا وراءه ، فالتفت حوله وفتح عينيه السوداوين في استغراب ليرى حيوان غريب المنظر ذا ثماني أرجل ، يرقص رقصا ايقاعيا على صخرة من صخور النهر ، فضحك الدب ؛ لأنه لم ير من قبل حيوانا كهذا الحيوان وسأله :

ــ من أنت ؟

ــ أنا الأخطبوط عمر . ... أنا ملك الغابة والنهر ؛ لأنني أستطيع أن أقوم بأي عمل أفضل من الحيوانات الأخرى .

فسأله الدب :

ــ وما الذي تستطيع أن تؤديه أفضل مني ؟

ــ انظر إليّ ألا تراني ؟ إنني أرقص رقصا إيقاعيا وهذا مالا تستطيع .

ــ أوه بل أستطيع أن أرقص مثلك تماما ، وهو كذالك ... هاك حذاء الرقص إلبسه ، وأرني كيف ترقص .

ووضع الدب الحذاء في قدميه وحاول أن يرقص على الصخرة التي يقف عليها ، ولكنه لم يستطع أن يحرك أقدامه إلا بصعوبة بالغة .

وضحك الأخطبوط عمر بصوت عالي :

ـــ ها ... ها ... ها ، لن تستطيع يا صاحبي  ، لن تستطيع ؛ لأنك  ضخم الجثة بطيء الحركة . انظر إلي :  إن لي ثمان أرجل لذلك أستطيع أن أرقص بسرعة مذهلة .

وحينما كان يرقص أخذ نايا ، وبدأ ينفخ فيه ليخرج منه نغمل رقيق جميل .

فقال الدب :

ـــ وأي شيء هذا أنا أستطيع أن أفعل ذلك .

قال عمر وهو يعطيه الناي :

ــ  إليك الناي ... حاول .

وأخذ الدب الناي وأخذ ينفخ فيه ، ولكن أصابعه الضخمة السمينة لن تستطع أن تتحكم في ثقوب الناي . ولم يخرج الناي إلا أصواتا كالصرخات المزعجة فال الأخطبوط :

ــ " حسنا دعنا نجرب البيانو ، تعال إلى الصخرة الأخرى التي أضع عليها البيانو الخاص بي لأريك إياه " .

وعزف الأخطبوط نغما سريع الإيقاع ، وكانت أرجله الثماني نعرف على مفاتيح البيانو في سرعة وخفة وبراعة ، ورددت الغابة كلها النغم الجميل .

وقال عمر :

ـــ والآن تقدم وجرب أيها الدب الكبير .

وتقدم الدب وحاول أن يعزف ، ولكن الضجة التي أحدثها كانت رهيبة .

وبعد ذلك .

قال الأخطبوط :

ــ " انظر إلى آلتي الكاتبة ، إنها خلف هذه الشجرة .... إنني أستطيع أكتب رسالة بسرعة مذهلة ، يعجز عنها الآخرون  " .

وبدأ عمر الأخطبوط بالكتابة ، وكانت السطور تتوالى وراء بعضها في سرعة مذهلة ، وحينما انتهى من كتابة الصفحة كلها . قال :

ــ تقدم أيها الدب الكبير ، وحاول أن تكتب كما كتبت أنا .

وجلس الدب الكبير إلى الألة الكاتبة ، ولكنه قال في نفسه :

ـــ لا إن مجرد المحاولة يعد عملا صعبا شاقا بالنسبة لي .

وجلس وهو يشعر بالحزن العميق ، ولم يحاول الكتابة ، وكل ما فعله أنه أخذ ينظر إلى أقدامه العريضة الممتلئة .

وضحك عمر وقال :

ــ هيا بنا نسبح حتى نصل إلى هذه السنديانة ، هيا بنا ... ونزل الأخطبوط والدب إلى البحر وأخذ يسبحان ، وسرعان ما تقدم الأخطبوط على الدب فقد ساعده على السرعة أرجله الثماني التي كان يسبح بها في براعة .

وحينما وصل الدب الكبير إلى السينديانة كان عمر جالسا بجانب الشجرة ينتظر وصول الدب .

وفي هذه المرة سارت ثائرة الدب وصاح في غضب :

ــ ساريك أيها الأخطبوط ، أراهن أنني أستطيع أن أنطلق في الغابة أسرع منك .

وكان الدب يعتقد أن عمر مادام يعيش في الماء فإنه لن يستطيع أن يجري بسرعة على اليابسة . ثم استأنف كلامه قائلا :

ــ سأسابقك إلى شجرة السينديان القريبة من الصخرة الكبيرة حيث يوجد بيتي .

وانطلق عمر والدب الكبير في السباق داخل الغابة ، وأخذ الأخطبوط يتوغل في الغابة إلى أن اختفى تماما وغاب عن نظر الدب .

وحينما وصل الدب في النهاية إلى الشجرة حيث يوجد منزله لم يجد عمر هناك ، ودار بعينيه حوله ولكنه لم يجده في أي مكان .

ورفع الدب يديه إلى أعلى وقال في حزن شديد :

ــ إنني أسلّم ... أسلم بعجزي وضعفي . وجلس تحت الشجرة يبكي في مرارة .

وفي هذه اللحظة ، كان صديقه القرد ميني " Mini  " يتجول قريبا منه ، فسأله عن سر بكائه وحزنه ، فقال :

ــ " لأن الأخطبوط عمر هزمني وتفوق على في كل شيء : إن له ثماني أرجل ، ويستطيع أن يؤدي كل شيء أسرع مني وأحسن ، إنه يستطيع أن يؤدي الرقص الإيقاعي أسرع مني ، ويستطيع أن يستعمل البيانو والناي أحسن مني ، ويستطيع أن يكتب على الألة الكاتبة أسرع مني ، ويسبح أسرع ، ويجري أسرع " .

فقال القرد :

ــ " أنا أعرف كيف نستطيع أن نعجزه ونسخر منه ، إننا نستطيع أن نطلب منه تسلق شجرة للحصول على ما نريده من عسل النحل ، وتستطيع أن تصعد أنت الشجرة أولا إلى الشجرة وتفرغ عسل النحل على ساقها ، وهذا سيجعل ساق الشجرة لزجا وزلقا ، فلا يستطيع عمر أن يتسلقها هيا بنا " .

ورأى الدب أنها فكرة عظيمة ، وصحب القرد إلى النهر ، حيث كان الأخطبوط جالسا على إحدى الصخور فقال الدب :

ــ هالو ... عمر ... تعال معنا إلى شجرة السنديان حتى تحصل على بعض عسل النحل .

واستجاب له الأخطبوط وسار الثلاثة إلى شجرة السنديان .

قال الدب :

ــ إن العسل في أعلى الشجرة فعليك أن تصعد إلى قمة هذه الشجرة هكذا .

وبدا الدب يتسلق الشجرة .

قال عمر :

ــ أوه ... إن هذا سهل للغاية بأرجلي الثماني أستطيع أن أقوم بأي عمل خير من الحيوانات الأخرى .

وحينما كان عمر مشغولا بالحديث مع القرد ميني وصل الدب إلى اعلى الشجرة ونثر العسل على ساق الشجرة .

وبدأ عمر في التسلق وفجأة صرخ :

ــ أوه ... أوه ... لقد التصقت بالشجرة .

فقال الدب : وعلى فمه ابتسامة عريضة :

ــ كيف حدث هذا .

واستدار ينثر بقية العسل على الجزء الخلفي من الشجرة .

وأخذ الدب والقرد يضحكان ... ويضحكان من عمر الذي وقع في مأزق لم يكن يتوقعه .

وقال الدب :

ــ وأخيرا اكتشفنا شيئا لا تستطيع أن تؤديه أحسن من الحيوانات الأخرى .

وجرى الصديقان الدب وميني ليدعوا كل حيوانات الغابة ؛ ليشهدوا  الصورة المضحكة التي يبدو فيها الأخطبوط عمر.