ندوة برس تحتفي بالشعر المقدوني

ندوة برس تحتفي بالشعر المقدوني

في القاهرة بديوانين

ندوة – هونج كونج 6 مايو 2010

في باكورة مطبوعاتها في مصر صدر حديثاً عن دار نشر ندوة برس ديوانان للشاعرين المقدونيين ترايان بتروڤسكي و برانكو تسڤتكوسكي. جاء كل ديوان في 64 صفحة بحجم (15سم/21 سم). يحتوي ديوان "حديث الروح" للشاعر ترايان بتروڤسكي على 41 قصيدة بينما يحتوى ديوان "أماكن سماوية" للشاعر برانكو تسڤتكوسكي على 25 قصيدة. هذا وسوف يقوم الشاعران بزيارة مصر نهاية شهر مايو لإقامة حفل توقيع للديوانين، ولقراءة بعض قصائدهما مع قراءة للترجمة العربية التي قام بها الشاعر المصري سيد جودة. تأتي هذه الزيارة كخطوة هامة على طريق التبادل الثقافي بين مصر ومقدونيا.

  من ديوان "حديث الروح" للشاعر ترايان بتروڤسكي

  أغنية درويشية

  اطحنْ جسدك

بصولجان مرصع ٍ بمسامير

ابذرِ الرجفة في العاطفة

اشعلْ دمك بالنار

كي يحترق فيك

مكان الخمر

اطحنِ الأفكار الشريرة

التي تهسهسُ كالحيات

في بئر نفسك

اطحنِ السحر الأسود

الذي فعله ثعبان

حين يحبك سرًّا

المعاناة اللعينة

وأجمل الخطايا

تُصَمَّمُ في خلية

تعالَ، دعنا نغني

أغنية درويشية !

  حين أرحل

إلى أعزائي

  حين أرحل

حين يبدأ الضوء الإلهي في الغناء

فوق ترابي

حين أترك لكم

ولحكم ضمائركم الأصيلة

هذا المشهد الطبيعي الذي عملت فيه بكد

حين أحرركم للأبد

من عادات روحي

حين يتعرف عليكم

الرعد الذي فهم حبي للبشرية

امتنعوا عن الثناء

واحنوا الرؤوس أمام الأصول

إن شعرتم بالخوف والمرض

ميلوا على جبلي المورق

هو لن يضحي أبداً

بدموعي الطفولية

مشهد طبيعي للنفس

أولاً حرثوا الأرض

ثم زرعوا فكراً ثقيلاً كي ينبت

في حظيرة النفس المعانية

وقبل أن تخرج للنبتة أذنٌ

تحت السماء الشاسعة

انكسرت جبهة المزارع لشروخ

وأصبحت كأرض واسعة محروثة

لا يعجز إنسان عن عبورها قفزاً

وأصبحت معرضاً للمخلوقات الأرضية

الرقيقة والقاسية الماكرة

الآخرون

من الجميل منهم حين يرقدون وينعمون بوليمة

أن يتذكروا أننا أيضاً موجودون

في هذا الزمن الشرير والمغبر

من الجميل منهم أن يقبلوا الوليمة

على موائدنا البروميثيوسية

ولكن ما زال الدود يأكلنا

لذلتنا

وطمعهم

ما زلنا نعجز عن أن نصقل

أعمدة أعيادنا

نحن

لسنا شجيرةً من الأشواك البرية

لسنا شجرة تفاح مطعًّمةً مُرَّةَ الطعم

أَسِرَّتنا ليست أرضاً

لتفريخ الأمراض المتقدة

عظامنا ليست أجنحة مهيضة

لطواحين الهواء

أقدامنا تجرجر

رائحة الدم البشري

في تراب الطرق المتقاطعة.

ولكن لو اختار العالم العنف

نكون الأشرس بين الشرسين.

خطايا

لم يتوقف أبداً الطمعُ عن الغواية

لا ينال التعبُ أبداً من الدود

ضعيفٌ هو من لم يشعر بروحه تتجمد

وأكبر الخطايا هي خطيئة من لم يخطئوا أبداً

حديث الروح

إنه حفل روحاني

شكل متوهج لعاطفة خفية

تطهير متفتح للجسد

حاجة ملحة لعشق الجراح

انسحاب اللهب الأبيض

تحذير قبل المفاجأة المرتقبة

حجاب البرق، رأس الرعد

لا يمكنك لمسها

حيث تتعانق الفوضى والانسجام

في الغرفة الزرقاء للعذرية

لا يمكن تطهير انبعاجاتها وعقدها في النار

تحت نظرة غيورة متسائلة

إنه جنون أن ندخل في متاهتها

إنها فجاجة أن نلمس عقمها

إنه هراء أن نُغْوَى بعذريتها

تعريتها خفية

ليس سوى الشك الذي تحيا عليه مرئياً

الملاك الشيطاني للرغبة

من ديوان "أماكن سماوية" للشاعر برانكو تسڤتكوسكي

نذير

لم تصل الصورة بعد

الكتابة المحفورة القاسية

مختصرة

فقط صوتٌ خارج الدَوْرِ

يخطو

خلال الزمن

كأنه يقفز على نغمات موسيقية

الصوت الصاخب

يهرب منه

عند صقيع شتاء الكلمة

العين لم تصل بعد

ولا الخدّ

ولا الحافر

ولا هذا الخطو المكتوم

الذي يختفي خلف شعر الحصان

مخدراً

بدون نوم كافٍ

سأرحل

عن اسمي

سأبعد

وسأعرف من أرسلك

أيتها القصيدة التي لم تكتبْ

ثلج في مارس

قليلٌ من صمت الربيع

تراكمَ فوق الأسطح

تثاؤبُ الصباح أطول قليلاً

في السرير

ليس سوى النار التي لا تستحق ثقتنا

تسرع في طريقها الأسطواني

فوق أسقف وأفاريز

بطمع ٍ

وبإيقاعٍ شره

يصعد اليومُ

فيعود الشررُ من السماء

ما زال الحجر يطحن

في سواقي المياه في الجنة

اخرجْ وانفتحْ

على الأرض المتجمدة

التي تسير في الساحات

عارية

الأرض، العشاء الرباني، الشوفان

تتهاوى السماء

يسقط فتات خبز أسود

في وعائنا

يسرعُ ويتلوَّى بطول أشكاله

رباطٌ من رأس الثعبان

ريشة الربِّ تغمس في ماء مقدس

فوق الماء

مظهري الدنيوي

يتمدد، يتلوَّى

بشكل سماوي

يختلط

ويهمس:

"اذهبْ إلى الجغرافي

واركعْ في ظمأ تحت إبرته الذهبية

وخذْ خبزاً وخمراً!"

فعلتُ هذا

تهاويتُ تحت يدٍ بيضاءَ كالرماد

امتدتْ نحوي

توقفت العلامة الثائرة في مكانٍ ما

والتحمت السماء ثانيةً

في وعائنا

المليء بالتراب

لالتقاطها

مستجمع الأمطار

بوتيرة ذات عزم

يملأ الصفحات المعدودة

متقدماً

داخلي

في مخطوطة

الكتاب الذي لم يكتب

ملاكٌ يلتهم الأفكارَ والحبر

يستريح في ظل الظهيرة

بين الأنصاف المتساوية

لحياتي

ويرفع يده الثقيلة

يا ربي

وراء الأفق و وراء الرؤية

أرسلْ لي لهباً صغيراً لا تطفأ فتيلته

في هذه الشمعة المنتصبة

والأخيرة

في ترتيب النجوم

لتحولني إلى شحم نقطةً نقطة

في نهر النجوم

فيما هو آتٍ

يلمع ثانيةً ليظهر من الفجر المظلم

ليرى

كيف تُكتب

كتابةُ الموت

حلم البذور

أنفاس الموتى تدفئ البذور

تحرر قلوبها الثلجية

ترجف برسالة بكماء

وتبعد الآلام عن عيونها

في بيوتها المظلمة تبدأ البذور في الرؤية

تطرق على الجدران في الليالي الطويلة

تغلي نسمة ليلية في المصباح الأيقوني

ويخبو اللهب الصغير عند الفجر

ألهذا يكون من الصعب النوم

بعد أحاديث سعيدة

يتردد صدى همسةٍ طويلةٍ

وصلاةٍ

حين تعود سعيدةً

من أخدود الأرض الطرية

حيث جباهنا الباردة

وسروجنا الملآنة تتعفن

ألهذا

يد الآخر الملساء

دائماً

تلوِّح من فوق الأشجار العالية

إلى لمعان السماء

نسمة صلاة

فجِّرْ هذا الليل

مزق الفتيلة من الشمعة

دع الكلمة وحيدة

في الصمت

لتجد كاتبها الصامت

والحرف الأسود الذي ينضج

في صدر الظلام

افتحْ عينيك

شبح خلف اللهب الصغير

هذه المرة لن نفتقد بعضنا البعض

يا وجهي المجهول

لم يبقَ لنا سوى بضع سنوات

للتحسس

للتدحرج

في هذا الجبل الأصم

بلا جانب مشمس

بلا جانب ظليل

ارفع الستار عالياً

ادخل

في صمتي - ضوئي

أماكن سماوية

آخذ كل شيءٍ منك

وفي كل لحظة أعطيك فراغاً مباركاً

آهٍ، أيتها الكلمات

يا ممرات المرور الباردة!

مثل آنية خزفية

أستقبل مطرك الغامر

وبإشارة من يدٍ متواضعة

أنشرك بين الموائد والأخاديد

فارغاً، أعود صدىً في الفضاء

خفيفاً، بارداً

أتردد صدىً أمام بناة القباب

تحت أساس القوس

آخذ جرتي

وأحملق في فتور

لأعلى

في فراغٍ...

آهٍ، يا غبار الرخام

آهٍ، أيتها الأماكن السماوية!

عن الشاعر ترايان بتروڤسكي

وُلِدَ عام 1939 في قرية أربينو بالقرب من بحيرة أورخيد في مقدونيا. تخرج في جامعة سيريل وميثوديوس بسكوبيا العاصمة. عمل في الحقل الدبلوماسي منذ 1974. كان الملحق الثقافي لسفارة يوغسلافيا في القاهرة من 1980 إلى 1984 وسفيراً ليوغسلافيا في تركيا عام 1989. بعد استقلال مقدونيا أصبح سفير مقدونيا في تركيا والسعودية. كان سكرتير اتحاد الكتاب في مقدونيا، ورئيس مجلس مهرجان ستروجا للشعر. يكتب النثر بجانب كتابته للشعر. ترجمت أعماله للعديد من اللغات. كتب ديوان شعر في حب مصر باسم "أبو الهول" نشرته الهيئة المصرية للكتاب عام 1989. نال العديد من الجوائز الأدبية عن أشعاره ورواياته منها جائزة "كوشو راسين" عن ديوانه "سحر القاهرة" عام 1988، كما نال جائزة "الريشة الذهبية" وهي أعلى جائزة بمقدونيا عن ترجماته الشعرية.

  عن الشاعر برانكو تسڤتكوسكي

ولد عام 1954 في قرية سلاتينو بالقرب من بحيرة أوخريد في مقدونيا. تخرج في كلية علوم اللغة، جامعة سيريل وميثوديوس بالعاصمة سكوبيا. من دواوينه "التحول" 1981، "الرياح العالية" 1985، "رماد طازج" 1990’ "هدية الملح" 1991، "نسمة صلاة" 1993، "حدود" 1997، "كتاب الليل" 1998، "الاسم. القرابة. الملكية" 2000 – قصيدة سردية، "أسف" 2002 . له كتب نقدية مثل "طبقات وأصوات" 1989 – دراسات ومقالات، "حوارات مقدونية" 1990، "أقراط النجوم" 1991 – شعر أطفال، "أعمال وفضائل" 1992 – دراسات ومقالات، "العالم لا يفتح دائماً الأبواب" 1993 – مقالات، "نظريات نقدية" 1996 – نقد، "أعلى من الحياة" 1997 – مقالات نقدية، "الصوت والذبذبة" 1998 – نقد، . وغيرها من الكتب النقدية. نُشِرَ شعره في العديد من المختارات المقدونية. محرر ولديه دار نشر في مقدونيا. حصل على العديد من الجوائز في مقدونيا.

عن المترجم الشاعر سيد جودة

وُلِدَ عام 1968. تخرج في كلية الألسن متخصصاً في اللغة الصينية. فاز بجائزة الشعر الأولي في كلية الألسن عام 1990. هاجر للصين عام 1992 واستقر في هونج كونج حتى يومنا هذا. له أربعة دواوين شعرية باللغة العربية ورواية باللغة الإنجليزية. صُدِرَ له ديوان باللغة المقدونية وقيد الطبع ديوان باللغة المنغولية وآخر باللغتين الصينية والإنجليزية ورواية باللغة الإنجليزية. ترجم مئات القصائد من وإلى اللغات العربية والصينية والإنجليزية نشرت جميعها في العديد من الجرائد والمجلات الورقية والمواقع الإلكترونية. أسس دار نشر "ندوة برس" عام 2006. شارك في العديد من المهرجانات الأدبية الدولية.