نيويورك تايمز: واشنطن تتخلى عن الحلم الكوردي

لعامين أو يزيد، والطائرات والأسلحة والتمويل الأمريكي، تشكل الغطاء الأبرز الذي في ضوئه انطلق أكراد سوريا لقتال تنظيم داعش، وكادوا يكونون وكلاء مميزين للأمريكان، على أمل أن يقود ذلك إلى حصولهم على مكاسب سياسية داخل سوريا.

إلا أن رؤية الدبابات التركية والجنود الأتراك وهم يجتازون الحدود في حملة عسكرية ضد تمدد الأكراد (شمالي سوريا)، أصابتهم بالخوف والشعور بأن أمريكا قد تتخلى عنهم، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، التي رصدت في تقرير لها رد الفعل الكردي حيال الاتفاق التركي – الأمريكي، الذي سمح لأنقرة بالتوغل داخل الأراضي السورية.

وحسب الصحيفة، فإن الأكراد استغلوا الوضع المضطرب في سوريا للحصول على مكاسب سياسية، بعد أن حصل أكراد تركيا على مكاسب سياسية، أهلتهم للدخول إلى البرلمان لأول مرة، غير أن شهر عسلهم لم يستمر طويلاً، فسرعان ما عاود حزب العمال الكردستاني شن هجماته في تركيا، الأمر الذي دفع أنقرة إلى الرد بقصف مواقع الحزب وذراعه العسكرية التي باتت منتشرة الآن في تركيا وسوريا والعراق، ومن ثم فإن أي حل للصراع في سوريا يجب أن يسبقه اتفاق سلام بين تركيا والأكراد.

يرى الأكراد أنهم تعرضوا لخيانة مماثلة قبل قرن من الزمن، وتحديداً عقب نهاية الحرب العالمية الأولى التي لم تمنحهم أي وطن مستقل رغم الوعود التي قطعت لهم.

يقول جوست هلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، إن الكرد يشعرون بالخيانة مع كل منعطف في منطقة الشرق الأوسط، فهم يتطلعون إلى إقامة منطقة حكم ذاتي وليس دولة لحماية حقوقهم، وهو ما يسعون له حاليا في ظل الوضع القائم في سوريا.

وأضاف: "في النهاية، يرغب الأكراد في أن تتولى الولايات المتحدة دعمهم لنيل إقليم ذاتي الحكم بسوريا، ولتحقيق ذلك فإنه يجب أن يتم ربط الأراضي بين عفرين غرباً وكوباني شرقاً، وهو أمر تعده تركيا تهديداً لأمنها القومي".

وعلى الرغم من أن أنقرة عدت تدخلها في سوريا يهدف لإبعاد تنظيم داعش عن الحدود، فإن الكثير من المراقبين يؤكدون أنها تسعى للإطاحة بالحلم الكردي في شمالي سوريا، وهي الخطوة التي دعمتها واشنطن، مما أصاب الأكراد بحالة إحباط من الموقف الأمريكي.

محمود عثمان، السياسي العراقي الكردي، يرى أن هدف العمليات التركية هو إحباط إقامة إقليم كردي بشمالي سوريا، أكثر من هدفها في إبعاد "داعش"، مؤكداً أن الأكراد يشعرون بالخوف لما يمكن أن يؤول إليه هذا التدخل.

ولدى الأكراد اعتقاد بأنهم استُخدموا عبر التاريخ، كأدوات "مرتزفة" بيد القوى العالمية الكبرى لتحقيق مصالحها، كمن يستخدم شخصاً في خدمته ثم يتخلص منه.

إلا أن التاريخ القريب يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية، كانت صديقاً للأكراد في العراق عقب حرب الخليج عام 1990، حيث ساعدتهم في إنشاء إقليمهم الخاص بشمالي العراق، وفرضت حظراً لطيران النظام العراقي على المناطق الكردية.

كما لعبت واشنطن دوراً بارزاً بتسليح الأكراد في العراق بالتعاون مع شاه إيران حتى عام 1975، عندما وقّعت بغداد وطهران اتفاق مصالحة يضمن منع توريد أسلحة للأكراد عبر إيران.

ويرى بعض المحللين الأكراد، أن الحديث عن خيانة أمريكا لهم لا يبدو دقيقاً حتى اللحظة، فليس هناك ما يشير إلى ذلك رغم السماح لتركيا بالتوغل داخل الأراضي السورية، وقصف مواقع "قوات سوريا الديمقراطية" التي تدعمها واشنطن.

وترى أليزا ماركوس، الخبيرة في شؤون الأكراد، أن أمريكا ملتزمة بدعم الأكراد في سوريا وهو أمر واضح، غير أنه دعم دون تعهد بإقامة كيان سياسي لهم؛ بل إن هذا الدعم لا يبدو واضح المعالم، مشيرة إلى أن "واشنطن في النهاية سوف تسعى للنأي بنفسها عن أكراد سوريا، حفاظاً على علاقاتها مع حليفها الوثيق تركيا".

وسوم: العدد 684