ما وراء مراهنة قطر على الإخوان المسلمين

كريستا براينت

كريستيان ساينس مونيتور

18/4/2014

جماعة الإخوان المسلمين, المنظمة الإسلامية السياسية المنتشرة تقريبا في جميع المناطق والتي كانت لاعبا رئيسا, أدت إلى خلاف عميق بين أقوى دولتين خليجيتين.

شهور من التوتر بين قطر وجيرانها ظهرت إلى العلن الشهر الماضي عندما سحبت كل من السعودية والبحرين والإمارات سفراءهم منها. على الرغم من أن مجلس التعاون الخليجي أعلن بالأمس أن جميع الأطراف حلت خلافاتها, إلا أن ذلك ربما يكون إصلاحا سطحيا فقط ما لم تتخلى قطر عن دعمها للإخوان المسلمين, وهو أمر أشارت إلى عدم وجود أي مصلحة لها في فعله.  

الإنقسامات حول الإخوان المسلمين بين السعودية المهيمنة وجارتها الصغيرة قطر تتركز على نموذج الإسلام السياسي الذي يمثله الإخوان, والذي يجمع ما بين العاطفة الدينية والسلطة من خلال صناديق الانتخابات. السعودية, التي ترى أن هذا النموذج يمثل تهديدا لشرعيتها وأمنها على حد سواء, أضفت صفة الإرهاب على جماعة الإخوان المسلمين.

السعودية خصم قوي, ولكن أمير قطر الجديد, الذي استلم مقاليد السلطة من والده الصيف الماضي, ليس مستعدا ليفسد عامه الأول في السلطة بالإذعان للرياض. جزء من السبب هو أهمية حفظ ماء الوجه في العالم العربي.

ولكن هناك سبب آخر لتعنت قطر وهو أنها راهنت على شكل من أشكال الحكم مختلف تماما عن النموذج الملكي التقليدي للسعودية. حيث اختارت قطر بدلا من ذلك دعم النظام الذي قلب العالم العربي عام 2011, وهو النموذج الذي يعطي الشعوب المزيد من السلطة.

يقول غريد نونيمان عميد كلية الخدمات الخارجية في جامعة جورج تاون في قطر :" تصوير أن هذا هو الفعل الصواب الذي يجب القيام به, يعني أن تتحول 180 درجة.. وهو أمر يقوض ما كانوا يعملون على بنائه طيلة العشرين عاما الماضية".

ويضيف أن قطر لم تقاوم الانضمام إلى مصر والسعودية في وصف الإخوان المسلمين بأنهم منظمة إرهابية فقط, ولكن من غير المحتمل أيضا أن تغلق أو تعيق عمل قناة الجزيرة, التي يرى الكثيرون أنها منحازة لجماعة الإخوان المسلمين, أو أن تنزلق للعمل في دور تابع للسعودية, أو أن تتخلى عن استقلال سياستها الخارجية, وهو الأمر الذي وصفه السيد نونيمان بأنه "جزء من العلامة الاستراتيجية الأكبر لقطر".

الشعور بعدم الأمان:

كما أن هناك اعتبارات داخلية أيضا. التزام قطر تجاه الإخوان المسلمين في الخارج كان بمثابة بوليصة تأمين في مواجهة المعارضة الداخلية ذات التوجه الديني, حيث حلت جماعة الإخوان المسلمين طوعا عام  1999.

في حين وفرت قطر ملاذا للعديد من أعضاء الإخوان المسلمين الذين أخرجوا من مصر أو من دول أخرى, إلا أن الأمر الأكثر ملاحظة هو وجود الشيخ المصري الأكثر إثارة للجدل والأكثر نفوذا يوسف القرضاوي, وهذه الشخصيات هي التي قادت إلى توجيه الكثير من النقد للقيادة القطرية.

يقول مهران كامرافا, مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية في جامعة جورج تاون في قطر :"في قطر, الدين لا يلعب أي دور في تشكيل المشاعر المعارضة, على خلاف السعودية والكويت والبحرين أو الإمارات. والسبب هو أن الدولة  التي رعت جماعة الإخوان المسلمين قدمت نفسها محليا وإقليميا ودوليا باعبتارها راعيا للإخوان المسلمين. وإذا كان ثمن الهدوء الداخلي في منطقة مضطربة جدا هو غضب السعودية, فإنه ثمن قليل جدا".

    غضب السعودية ليس نابعا من طموحات قطر الكبيرة فقط ولكن من الشعور العميق بعدم الأمن حيال شرعيتها. مع اكتساب الولايات المتحدة المزيد من الاستقلالية في مجال الطاقة من خلال انتاجها الغاز الطبيعي محليا واتباع سياسة خارجية جديدة متوجهة نحو آسيا, فإن قادة السعودية يشعرون بالقلق من أن واشنطن لن تكون ملتزمة بتحالف الطاقة مقابل الأمن الذي كان سائدا بينهما لعقود طويلة.

إضافة إلى ذلك, فإن استعداد واشنطن للوقوف على الحياد عندما أطيح بالحليف المصري للرياض حسني مبارك منذ 30 عاما – ودعم حكومة الإخوان المسلمين التي حلت مكانه- جعل قادة السعودية يشعرون بالقلق من أن الولايات المتحدة ربما تدعم الإخوان على المستوى الإقليمي أيضا.

السعودية تفضل منذ زمن بعيد الجماعات الإسلامية التي تتجنب الانخراط في العمل السياسي. ترى الرياض في الإخوان المسلمين, الذي يعملون في السياسة, خصما أيدلوجيا ونموذجا يشكل خطرا على حكمها, لأن بعض أقوى عناصر المعارضة الداخلية قادمون من جماعات إسلامية سنية.

يقول عبدالله باعبود مدير برنامج دراسات الخليج في جامعة قطر في الدوحة:" أعتقد أنهم يرون أن هناك صراعا على الشرعية. ولهذا فهم لا يرون أنهم مهددون في الداخل فقط ولكن على المستوى الإقليمي أيضا, وأنهم ربما يخسرون حليفتهم أمريكا".

مخاوف ملحة أخرى

باستشعار وجود فرصة سانحة مع أمير قطر الشاب وغير المجرب نسبيا, تصرفت السعودية بشكل حاسم لمواجهة الثورة في مصر.

فقد دعمت قيام الجيش المصري في يوليو الماضي بإسقاط الحكومة الإسلامية المدعومة من قطر وقدمت 5 مليار دولار كمساعدة لاقتصاد البلاد المتداعي, و2 مليار إضافية في يناير, مع أكثر من 1.5 مليار دولار تقدم سنويا من قبل الولايات المتحدة. ووقفت مرة أخرى في وجه قناة الجزيرة, وصورت الدوحة بأنها تقوم بتقويض الاستقرار في المنطقة من خلال دعمها للمتمردين الإسلاميين في ليبيا وسوريا.

من خلال إعلانها سحب سفيرها الشهر الماضي, قالت الرياض إن الدوحة فشلت في الوفاء بالتزامها لمجلس التعاون الخليجي بعدم دعم "أي جهة تهدد أمن واستقرار مجلس التعاون كمجموعة أو أفراد. عبر العمل الأمني المباشر أو من خلال النفوذ السياسي, وعدم تقديم الدعم للإعلام المعادي". اتفاق الأمس تضمن التوافق على كيفية تطبيق هذا التفاهم المسبق, وفقا لبيان مجلس التعاون الخليجي.

يمكن لهذه الاتفاقية تمهيد الطريق لموقف أكثر توحدا فيما يتعلق بالمصالح المشتركة, بما في ذلك احتواء العنف في سوريا ومنع إيران من امتلاك الأسلحة النووية. أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ألمح إلى الحاجة إلى التعاون في القمة العربية التي استضافتها الكويت الشهر الماضي.

وأضاف :"المخاطر التي تحيط بنا كبيرة ولن نتقدم باتجاه عمل عربي مشترك دون وحدتنا ودون نبذ خلافاتنا جانبا".