قصص قصيرة جدا 8

(1)

 نصف المكافأة

كان ماهش داس مواطنا في بلاد الإمبراطور أكبر ، شابا على قدر واف من الفطنة والذكاء . وفي يوم ، تاه أكبر في الغابة التي كان يتصيد فيها ، فأعانه ماهش الذي يقطن في طرف تلك الغابة في العودة إلى قصره ، فكافأه الإمبراطور بأن منحه خاتمه ، وزاد فوعده بمنصب هام في بلاطه . وبعد أيام ذهب ماهش إلى البلاط ، فمنعه الحارس من الدخول ، فأظهر له الخاتم الذي منحه الإمبراطور إياه ، وهنا أيقن الحارس بأن ماهش واثق من أخذ المزيد من المكافآت من الإمبراطور ، فأذن له بالدخول مدفوعا بطمعه شريطة أن يمنحه نصف المكافأة التي قد يأخذها ، فقبل ماهش الشرط ، ودخل وأطلع الإمبراطور على الخاتم ، فعرف هويته ، وسأله : أيها الشاب ! ماذا تنتظر مكافأة لك من إمبراطور الهند ؟!

فرد : يا صاحب المعالي ! أنتظر منك خمسين جلدة مكافأة لي !

فذهلت الحاشية ، وخالته مخبولا ، وفكر أكبر في الطلب ، وسأل ماهش بيان سببه ، فأخبره أنه سيذكره له ، ولكن بعد أخذ المكافأة ، فجلدته الحاشية حسب مشيئته ، وعقب الجلدة الخامسة والعشرين طلب من الإمبراطور جلب حارس البوابة ، فمثل هذا بين يدي الإمبراطور شاعرا بالسعادة لاعتقاده بأنه ما جلب إلا لمنحه مكافأة ، وذهل حين سمع ماهش يقول للإمبراطور : أدخلني هذا الحارس القصر شريطة منحه نصف المكافأة التي قد آخذها منك ، فقصدت تعليمه درسا . آمل أن تمنحه الخمس والعشرين جلدة الباقية وفاء مني بوعدي له !

فأمر الإمبراطور بجلد الحارس خمسا وعشرين جلدة ، وحبسه سنين خمسا ، وسر من ماهش ، ودعاه ليكون من حاشيته .

 (2)

 الضيف الآخر

دعا أحد الأثرياء بربال يوما لطعام الغداء ، فذهب بربال إليه ، ووجد عنده جمعا من الناس ، وأحسن الثري استقباله ، فقال بربال الذي يمقت كثرة الناس : ما كنت أحسب ضيوفك سيكونون على هذا العدد الكبير !

فقال الثري : هؤلاء ليسوا ضيوفا . خدمي ما خلا واحدا ، وهو الضيف الوحيد معك .

هل تستطيع تحديده ؟!

فأجابه بربال : أستطيع . كلمهم ودعني أراقبهم ! قل لهم نكتة ما !

فقال الثري نكتة عدها بربال أسوأ ما سمع منذ حين بعيد إلا أن الجمع ضحك منها ضحكا صاخبا مدويا ، وتابع الثري : جميل ، قلت نكتة ، فقل لي أنت من هو ضيفي الآخر !

فأومأ بربال إلى الضيف ، فسأله الثري متعجبا : كيف عرفته ؟!

فشرح له : يميل الخدم عادة إلى الضحك من أي نكتة يقولها مخدوموهم ، وحين لاحظت أن الرجل هو الوحيد الذي لم يضحك لنكتتك، بل بدا مستسئما منها ، مستخفا لها عرفت فورا أنه ضيفك الآخر معي .

 (3)

 سؤال واحد

حضر عالم يوما إلى مجلس الإمبراطور أكبر ، وتحدى بربال أن يجيب عن أسئلته ليثبت أنه على قدر الفطنة والحصافة الذي يصفه به الناس ، واختبارا له سأله : هل تفضل أن تجيب عن مائة سؤال سهل أم عن سؤال واحد صعب ؟!

ووجد الإمبراطور وبربال أنفسهما في موقف عصيب ، وتاقا إلى الانصراف من المواجهة ، وفي المنتهى قال بربال : سلني سؤالا واحدا صعبا !

فقال العالم : جميل . أجبني : أيهما جاء الدنيا أولا : الدجاجة أم البيضة ؟!

فأجابه : الدجاجة .

فسأل العالم وصوته يشي بنغمة ظفر : كيف عرفت ؟!

فرد بربال : اتفقنا على أن تسأل سؤالا واحدا ، وقد سألته .

وانصرف مع الإمبراطور مخلفين العالم فاغر الفم دهشة وخيبة .

*عن موقع "قصص قصيرة جدا " الإنجليزي .

وسوم: العدد 744