الخياط

عبد الرحيم عبد الرحمن منصور

مسرحية  من مشهد واحد

أبو أنور خياط مشهور في حيه  ورث المهنة عن أبيه  ويجيد خياطة الألبسة العربية والغربية  ولا يقف أمام مقصه شيء ولا عائق  . يقف ابو أنور خلف طاولة التفصبل وبين يديه قطعة قماش بعمل بها الزبون محمود: السلام عليكم يا أبا أنور

أبو أنور : وعليكم السلام  نفضل سيد محمود تفضل

محمود: أرجو أن تكون قد انتهيت من البنطال .. لا تقل لي باقي رجل واحدة ويجهز أبو أنور : أدخل .. أدخل  ما شاء الله عليك ما أظرفك ! حتى ولو كان .. حالا نركب له الرجل الثانية .. أين المشكلة ..أدخل

محمود : البارحة مررت عليك وقت الظهر كان محلك مغلق .. خير .. انشغل بالي عليك ؟

أبو أنور : البارحة يا منظوم .. ؟الله لا يشغلك بال  .. البارحة نهار جمعة   كنا في الصلاة   

ألا تعلم أن صلاة الحمعة لا تتم إلا في المسجد

محمود : أعرف .. كيف لاأعرف.. ولكن هل أنت تصلي يا ابا أنور !؟  ابو أنور في اندهاش :   كيف.. ؟ ألست مسلما !؟  لماذا لاأصلي !؟ أم أن الخياطين معفون من الصلاة !؟ ثم يضحك ..

محمود : لا.. ليس هذا قصدي .. ولكن ما زلت في مقتبل العمر  شباب ما شاء الله  ومن حقك أن تتمتع بشبابك

أبو أنور : ومن قال لك أني لا أتمتع بشبابي  ؟  والصلاة أحلى متعة .. ثم أن الصلاة فرض على كل مسلم ومسلمة منذ البلوغ وحتى آخر العمر ... أنت يا سيد محمود ألا تصلي ؟

محمود: أتا ..؟  أصلي ..؟  هل اتا مجنون ؟

أبو أنور : هل الذي يصلي ويعبد ربه مجنون !!؟ محمود: يا رجل أنا سوف أتخرج من الجامعة بعد عدة شهور ..كيف أحصل على وظيقة وأتا أصلي !!؟ أبو أنور : هذا عجيب  وغريب  !! هذه أول مرة أسمع فيها هذا الكلام  !! هل الصلاة تحول بينك وبين الوظيفة   !!  بل على العكس الإنسان يشكر ربه ويحمده على نعمة العلم , يشكره على أن يسر عليه  التخرج من الجامعة , ويدعوه أن ييسر له وظيفة مرموقة , وعملا مميزا

كبف تكون الصلاة عائق  ؟ لا أدري   هذا ما تتعلموه في الجامعة !!

محمود: والله يا أبا أنور الإيمان والإسلام ليس بالصلاة   ( الإيمان في القلب )والله ما أحلاني أدخل إلى المسجد ويراني أحدهم فيرفع بي تقرير ( فيخرب بيتي إلى الأبد )

أبو أنور : والله فكرتك  واعي ومثقف وبتفهم  وإذ  بك أجهل من حمار جارتنا ,  قل لي ماذا يفعل الإيمان في القلب ؟ ينام .. أم يحلق ذقته  ويمشط شعره  ؟ لعله يشرب الشاي.. محمود : لا..لا.. يا ابا أنور .. إلى هنا ويكفي   أنا( بعجبك ) لكن قصة الصلاة لست مقتنعا بها الآن

أبو أنور : ومتى تقتنع بها با مسكين  !!؟

محمود : لا زال في العمر فسحة   وأنا شاب في أول عمري  أتريدني أن أقيد نفسي بالعبادة والصلاة   لا.. لا.. هذا لن يكون

أبو أنور : من أين لك هذه الأفكار ؟ أكيد علموك إياها في الجامعة أليس كذلك ؟ ثم من قال لك أن في العمر فسحة  ! هل تدري متى تموت ؟ هل تضمن أن تعبش إلى الغد  ؟ أم أن  المسنين هم فقط الذين يموتون ؟

محمود: والله أنا لست مستعدا لأن أطعن بالتقربر السياسي وأحرم من الوظيفة بعد كل هذا التعب

ابو أنور : ها .. ها .. أنت خايف أن يقال عنك أنك رجل متدين وتصلي  أليس كذلك ؟ محمود : بالضبط .. لأن رواد المساجد الذين هم في مثل عمري يصنفون رجعيين وإرهابيين

أبو أنور : أما الشباب الذين يبحثون عن التفاهة والرذيلة والخلاعة ,..و..فهؤلاء أصحاب الأخلاق العفنة تقدميون ثوريون  يعتمد عليهم الوطن والمواطن .. أليس كذلك !!؟

محمود : هكذا يصنف الشباب في بلدنا

أبو النور : أنا لم أسمع هذا التبرير وهذا الكلام إلا منك الآن  كيف يحجم المسلم عن دينه وغن طاعة ربه ويسلم نفسه للشيطان طائعا مختارا ويقول أنا مسلم وأشهد أن لا إله إلا الله ؟ كيف يكون هذا ؟

محمود : لا .. ليس كذلك  قلت لك أن الإيمان في الفلب وأنا مؤمن موحد والحمد لله وفي كل صباح غندما أستيقظ من النوم أقول : أشهد أن لا إله إلا الله   وأشهد أن محمدا رسول الله

أبو أنور : يا بني با محمود أنصحك لوجه الله أن تخلو قليلا بنفسك وتفكر بشكل صحيح بالذي تقوم به وتعمله وإلى أين يقودك  وأنت حر ( عقلك براسك وتعرف خلاصك )

محمود : لماذا هذه القسوة علي يا أبا النور أرجوك لا تقسو علي  والله أنا شاب طيب وأخاف من الله وأحب دخول الجنة والنجاة من النار

أبو النور : الجتة لها ثمن لا تدرك بالأماني   لا بد ّلها من العمل والله عزّوجلّ خلقك ورزقك وأمدك بالعقل والسمع والبصر كي تعبده فإذا فعلت فإنه يضمن لك حياة هانئة سعيدة في الدنيا ويجعلك من أهل جنته ورضوانه في الآخرة محمود : هكذا  إذن لابدّ من عمل وتعب  !!

أبو أنور : يا بني رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر المسلمين الطائعين كلهم بالجنة قال  :

(كلكم يدخل الجنة إلا من أبى )

محمود : ومن يأبى دخول الجنة ؟ معقول ..ما قيمة الحياة إذا لم تكن نهايتها إلى الجنة !!؟

أبو أنور : يا سلام ..بدأ عقلك يتحرك , نعم هكذا أريدك أن تفكر وتقلب الأمور بشكل صحيح

محمود : ولكن لم تقل لي كيف يأبى المسلم دخول الجنة  !؟

أبو أنور  : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كلكم يدخل الجنة إلا من أبى ــ قال الصحابة ــ ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة  ومن عصاني فقد أبى )

محمود : جزاك الله خيرا يا أبا النور لقد فتحت قلبي وعقلي على جقائق أجهلها زدني زادك الله من رحمته

أبو أنور : يا ابني يا محمود أعداؤنا أمهر منّا فهم يعملون ليلا ونهارا كي يبعدوا المسلمين وخاصة المثقفين من الشباب أمثالك عن سرّقونهم وعزتهم ونهضتهم  نعم كي يبعدوا الشباب عن دينهم تحت ذرائع ودعاوىكثيرة حتى نبقى ضعفاء تائهين وتبقى لهم الهيمنة علينا

محمود : تقصد   وسيلتهم(الإفساد) ليصلوا إلى غايتهم .. (الهيمنة )علينا وعلى مقدراتنا ومكاسبنا

أبو أنور : أحسنت .. أحسنت  بغير هذه الوسيلة لن يصلوا إلى الغاية التي يريدون  وفهمك يا بني كفاية 

محمود : ويقولون تقدمية  ويقولون انفتاح ويقولون عولمة ..وغلمانية  و..و..المهم لاتقترب من دينك وعبادة ربك

أبو أنور : يا سلام عليك يا محمود هكذا يجب أن يكزن الشباب المثقف ( يفهمها وهي طايره )

الآن اسنطيع أن استمتع يشرب كوب شاي عقيق معك 

ينادي ابو أنور على الصانع ابراهيم   يا ابراهيم جهز لنا ايريق شاي على كيفك

نعود يا سيد محمود إلى بداية حديثنا  ( الإيمان في القلب ) هل نصنع منه مخلل في القلب أم نستفيد منه  ؟

محمود : طبعا نستفيد منه  ولكن كيف ؟

أبو أنور : لابدّ أن نفعله   هذا الإيمان من صفاته أنه0( تصديق بالجنان ( القلب) وإقرار باللسان وعمل بالأركان  )غير ذلك لا قيمة له 

محمود :  يهمس  ( تصديق بالجنان ..وإقرار باللسان .. وعمل بالأركان ) كأني فهمت عليك بدقة هذه المرة يا أبا أنور

 أبو أنور :معلوم ... ما شاء الله عليك !!!     لذلك عندما تستيقظ من نومك في الصباح وتقول:

لاإله إلا الله   محمد رسول الله   لا بدّ أن تعطيها حقها كي ندخل بها الجنة فهي بطاقة رابجة مئة بالمئة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة )

أي مخلصا بها

محمود : وكيف يقولها المؤمن مخلصا بها ؟

أبو أنور : سأل الصحابة  ــ السؤال نفسه ــ للرسول (ص) فقالوا وما إخلاصها يا رسول الله ؟ قال ): أن تحجزه عن محارم الله )   تفضل اشرب الشاي  وتفكر

محمود : المؤمن في هذه الحالة يكون دائما في طاعة الله وعبادة الله

أبو أنور : ويكون في سعادة وهناءة أيضا وإذا حدثته نفسه بذنب أو معصية يتذكر ( لا إله إلا الله.. ) فيبتعد عن فعل الذنب أو المعصية     ـــ  تحجزه ـــ

محمود : يا سلام  كم أشعر بالراحة والطمأنينة  في هذه اللحظات ولكن يا أبا أنور لابدّ لنا من جلسة أخرى نفصل فيها هذه الأفكار

أبو أنور : التفصيل مهنتي ــ يضحك ــ وهذا أحلى بنطال مفصل لأحلى شاب ذكي وفهمان .

وسوم: العدد 633