مع الأستاذ عبد الإله الصائغ

مع الأستاذ عبد الإله الصائغ

معمر حبار

[email protected]

يستضيف الأستاذ العراقي مصطفى العمري، عبر الفضائية الأمريكية الماس، في الحلقة الرابعة من حصة قراءات معاصرة، الأستاذ عبد الإله الصائغ، حول مفهوم الثقافة، طيلة 48 دقيقة، فكان هذا الحوار الثري..

 الثقافة والمثقف.. حول السؤال، ماهي الثقافة، ومن هو المثقف. يجيب الأستاذ عبد الإله الصائغ..

الثقافة من الناحية اللغوي، هي التعديل، وعدم وجود زيادة والتخلص من الزيادات.

ويرى أن الثقافة تشمل أيضا، التربية والحضارة والمعرفة.

وهي كل المعقد من الرغبات والرهبات، كالفلكلور، والتجارة والفنون، وكل مايتصل بالإنسان والذي لايمكن الاستغناء عنه. إذن، الثقافة هي كل شيء. المثقف مثل الحيوان الخرافي له ألف رأس

وحول سؤال، هل هناك آليات تحدد المثقف من غير المثقف؟.. يجيب الأستاذ عبد الإله ..

المثقف ليست له هوية يعرف بها. فالمهندس مثلا هوية، بينما المثقف ليس كذلك.  

فالمثقف، هو.. القارئ المغاير غير المستهلك، يقرأ السطور ومابين السطور، ويقرأ المكتوب والمسطور ويعيد إنتاج القراءة.

وعن أهمية الكتابة يقول.. ينبغي للمثقف أن يكون كاتبا. والمثقف الذي يقرأ ولا يكتب كالذي يعيش بكلية واحدة. فالكتابة تمثل مدى استفادة المثقف من القراءة. ويختم قوله بهذه القاعدة.. أرني كيف تكتب، أنبئك ثقافتك.

وعن سؤال، هل المثقف لايريد أن يندمج أم أن المجتمع لايريده؟. يجيب الأستاذ الصائغ..

هناك مثقف الذي ينتج، وهناك متثاقف الذي يستهلك. فالمبدع لاينسجم بسهولة مع المجتمع، وكذلك المبدع المثقف. والمجتمع يرى المثقف غريب الأطوار، لذلك لايقبله، لان أحيانا المبدع يكون له شرود ..

ثم يضيف قائلا.. ليست ضرورة أن المثقف يندمج ضمن المجتمع، ومعظم المثقفين كانوا ثورة على المجتمع، وشن المجتمع حربا عليهم.

المثقف الذي لايخاف لايرتجف لايسمى مثقفا، فيعزّز قوله، قائلا..  بيتهوفن يرتجف خوفا وهو المبدع، ويعتقد أن المجتمع غير راضي عنه، ونحن رغم ضعفنا، نعتقد أن المجتمع راض عنا.

وعن علاقة المثقف بالسلطة، يجيب الأستاذ عبد الإله الصائغ..

الثقافة منذ القدم تتعامل معه السلطة. وهناك سلطة حاكمة وسلطة جماهير التي تفرض أعرافها على الكل، والمثقف منذ القدم يراد لهم أن يكونوا طبالين..

السلطة دوما تتعامل مع المثقف على أن يكون بالمقاس الذي تريده السلطة، وهذا منذ القدم. والمثقف يراد منه أن يكون وجها للسلطة، ووجها للمجتمع. فعلي الوردي،  لم تحاربه السلطة، إنما حاربته سلطة الجماهير.

الآن .. نعيش إرهاب المجتمع وليس إرهاب السلطة ..فأنت الان تخاف من المجتمع، ومما يقوله عنك.

يرى، أن الذين يخونون الثقافة أقلية، أما المتثاقفين فأكثرية، وأن عدد الشرفاء أكثر من عدد الذين يبيعون ثقافتهم.

وعن سؤال، من الذي يقود المجتمع الآن؟. يجيب الأستاذ..

المثقف الآن لايستطيع أن يؤثر، لأنه لايستطيع أن يغني عياله. وهناك فرق بين المثقف الذي يؤثر، والمثقف الذي يخون.

المثقف لايستطيع تحريك المجتمع، والسبب في ذلك، أن الألفية الثالثة التي نعيشها، فرضت قراءة مغايرة، فكل شيء تغير بسرعة ضوئية، ونحن نتغير بالسلحفاة. فالحروب قديما كانت بين الأديان، والآن الحروب بين الدين الواحد.

الآن نحتاج لسرعة ضوئية للمواجهة والتغيير، فالقتلة المنتشرين عبر العالم، لهم جيش في كل مكان، ولم تعد الوسائل التقليدية من تربية وعلم تفيد، لأنها لاتناسب سرعتهم في الدمار والتخريب.

نحن بحاجة لخبراء في علم النفس والاجتماع والطاقة والعلوم العسكرية وحرب العصابات، ويجتمعون في غرفة مغلقة ويقررون بسرعة البرق.

وعن علاقة المثقف بالمجتمع، يقول الأستاذ..

قدرة المثقف الآن محدودة. لأنه لايوجد مثقف بالمعنى الحقيقي للمثقف، ولا وزن له، كما كانت رابطة القلم، منذ 100 سنة، ذات المواهب النادرة الكبيرة، والتي يحفظ الأمريكيون، شعر إيليا أبو ماضي، ثم يستنبط من حياته المهنية، فيقول..

تعلمت من الصياغة، أن المعادن النفيسة، لن تكون خسيسة. وأعطني ذهبا، أصنع لك سوارا وقلادة.

ويرى، أن كل المشاريع الثقافية تغلق، لأن كل واحد يريد أن يبقى هو المسيطر، ويسلط عليك غلمانه، إن خالفته الرأي، ونازعته السيادة. ويختمها بهذا التشاؤم.. أنا غير متفاءل من أي نشاط ثقافي.

وعن علاقة المثقف بالمؤسسة الثقافية، يقول الأستاذ..

هناك..المتشدد الديني والمتشدد العلماني سيان عندي، لان كلاهما يلغي الآخر، لأن المتشدد الديني ينظر باحتقار للمثقف العلماني، والمثقف العلماني ينظر باحتقار للمتشدد الديني ويريد أن يلغيه. ويطالب المثقف الديني الوسطي، والعلماني الوسطي، أن يلتقيا فيما بينهما، ويقيما حوارا لدعم الوسطية داخل المجتمع.