حوار مع المهندسة ريم الدندشي

على صفحتي الشخصية

أسامة الدندشي

[email protected]

لاشك أن العالم قادم على تغيير هائل ,فهو يتحول بعشوائية وحيوانية الى دكان صغير ,تحت مظلة التطور الهائل للمعلوماتية والأتصالات , تسكن هذه القرية , أسرة واحدة بثقافة واحدة وسياسة واحده واقتصاد واحد ودين واحد ولغة واحدة , وبالتالي مجتمع واحد ,هذه الأسرة يقودها رب واحد . 

العولمة ثورة على قيم الحداثة الأولى ,التي لم تعد تلائم وتلبي احتياجات الشركات المتعددة الجنسيات فقط ضاقت زرعا ,باقتضاد السوق و بالأرض الوطنية , وقيمها الروحية ,وسيطرت الدولة القومية على السلعة , لذلك مفكروا الغرب ييحثون بقلق عن تصور الحداثة الثانية , ومصير الدولة القومية , و الديموقراطية والعلمانية وحقوق المرأة وحقوق الأنسان والنقد الورقي .

 العالم مقدم على قطع تاريخي, بين تطور الأنسان المتدرج عبر آلاف السنين ,وفق سنن الترقي والتطور والتقدم لقوانين الطبيعة والوجود ,ألى تغيير في مفاجئ يرفض كل الماضي ,ويؤسس حاضرا جديدا بأخلاقياته وسلوكياته وثقافته , يخضع بالقوة لتطور رأس المال , وقد فُتحت شهيتة النهمة للربح , تراكم هذا الربح الهائل , سيضعف النقد المتداول وتجمعيه في حصالة تتحكم فيه قلة أفسدها الترف وجنون المادة , وتحوله الى كتلة ورقية لاقيمة لها خارج قيمتة التداوليه , وعلى العموم العولمه مظهر من مظاهر أنهيار الحضارة المادية للغرب بقوانينيها وقيمها , ونشوء حضارة جديدة , في مكان ما رأسمالها الأنسان وقيمه وروحانياته , معالمها الفوضى وبدايتها في المنطقة العربية , وقد بدأ مخاضها.

أستاذنا أسامه الدندشي

بالنسبة لي أؤمن أن الحضارات هي تفاعل الأفكار لكي لا أقول حرب الأفكار...وقد تملك الانسان من بداية رحلته الحضارية رؤيتين للكون: الاولى الملكة فيها للطبيعة والثانية للوجود المتعالي للإلهي وللإنسان هذا الذي أختاره الله على شكله ومثاله ..

وفي رحلة الحضارة هذه منذ اليونان( وانتصارهم للطبيعة) ثم الرومان( وورثتهم للمسيحيه وإنتصارهم للإلهي) وتتابعاً لسيطرة الكنيسة والبابوية لمدة ١٠٠٠ عام على الأفكار الإنسانية...

ثم وصولاً إلى العصور الوسطى حيث شهدت غلبة للطبيعه، (في حركة تنوير وعقل )يعود بداياتها إلى تأثير الحضارة الإسلامية في مجالات العلم والفلسفة وكذلك في تأثير فلاسفة الإسلام في ترجمتهم للفكر الفلسفي البوناني ..لتستمر القرون الوسطى بين آخد وجذب بين وجهتي النظر هاتين بتبني ثورة العلم والتنوير وسيطرة الطبيعة، أو سيطرة الفكر الإلهي الذي يعطي الأولوية للإنسان مركز الكون وذلك ضمن رحلة حضارية تميل بالمطلق أن نسميها أوروبية ضمن إطار الثورات الفلسفية والعلمية والسياسية والإجتماعية التي حفل بها التاريخ الأوربي..تبدت خلالها رحلة للأفكار لا مجال لحصرها وذكرها الآن ... سطرت بفلسفات وأعلام للفكر، ولأفكار رغم تجاوزها للإلهي ، دائماً ما كانت تعود في صور مختلفة له ، على صورة إنتصار للحدس أحياناً، أو الميتافيزيقيا ،أو للرومانسية أحياناً أخرى ..أو الوجودية المسيحية أو الفكر التأليهي...

وإختصاراً ووصولاً إلى القرن ٢١ فإنه لم تشهد البشرية ضياعاً بين هذين الرؤيتين كما هذا العصر.. بالنسبة للعلم فقد أعلن العقل سقوطه،وعجزه .

فلسفة ما بعد الحداثة أعلنت أن العقل لايجيد التعامل إلا مع مايراه ،غافلاً عن اللامفكر به.. وأعلنت عن سقوط مريع لأسس المعرفة....

فالفيزياء أعلنت حيرتها مع النظرية النسبية وميدأ الللا حتمية ( وقد حصل أن تناقشنا في هذا الموضوع من قبل) وفي الرياضيات مع مبدأ اللا تعيين .. ومع عودة الإنسانوية وتقهقر الوجودية... وظهور الفنون التي لايحكمها العقل...

إنه عصر سقوط اليقينيات فعلاً .. وإنه عصر الإتصالات وعصر التنميط الثقافي...

إنه إعلان لسقوط الحضارة المادية إن صح التعبير ...ولكن دون إنكار لأهمية لتلك الرحلة الحضارية التي قاموا بها....(ذكرتني بالزيتونة اللي حدا قدر يلقطها بالشوكة بسرعة ....بعد ما دوختها ساعة وأنت عم تحاول تشكها....هههههه)

من جهة آخرى تعلق بدائي بالدِين ... بحيث لايفي بصورته المتصدرة كمخلص حضاري...واستخدامه على جانب آخر من العالم كآداة تستخدم لقتل الإنسان أخيه الإنسان.

إنها مرحلة من أسوأ مراحل الحضارة البشرية ...إنها استحقاقات القرن ٢١ في زمن متخبط...

وأنا أنظر بعين التقديروالشفقة إلى حضارة متداعية رغم تاريخها الطويل... وبعيون وبقلب وفكر حزين وقلة حيلة علينا نحن كجزء من البشرية كان متفرجاً دائماً على رحلة فكر أقصى نفسه عنها ولحق بأذيالها مضطراً فحمل عبئها دون أن يفقه كنهها...

ومازلت أكتشف أن أزمتنا ثقافية تحتاج إلى زمن يعادل زمن تكونها .. في معرفة مشاكلنا ومواجهتها وتفكيكها والتصدي لها ...

ٌ المهم أن نبدأ... فالطريق طويل وشاق ...نحن الذين لم نستطع ..؟؟؟؟ومنعنا فعلاً ؟؟؟؟حتى أن نعيش تجربتنا الذاتية، ولنخرج بمعطيات حضارية وفق تجاربنا ورؤانا ... لنكتب في صفحة التطور الحضاري فصلاً جديراً أن يذكر.

ألأستاذه ريم الدندشي

حتى لاأمس جوهر المقدمه أقول أن الأفكار تتلاقح وتلد بمخاض صعب وربما بعمل جراحي ,والمولود لايشبه الماضي ويغادره لكنه يحمل جيناته , ولا يرى المستقبل ويعي تصوره , وحتى نبقى ضمن الموضوع ولانخرج عنه لابد من تعريف الحضارة , ونزيل الألتباس بينها وبين المدنية وبين الثقافة ,وحت لا يشعر المتابع للنقاش بالغربة نعرف الحضارة فى الاصطلاح ,حتى لا يلتبس الامر بين ثلاث مصطلحات تداخلت فى المعنى (الثقافة والمدنية والحضارة) .

"الثقافة :فى الاصطلاح هى الرقى فى الافكار النظرية والعقلية فقط وهذا يشمل الرقى فى القانون والسياسة والتاريخ وكذلك الاخلاق والسلوكيات وسائر الامور النظرية والفكرية (المعنوية) المدنية :هى الرقى فى العلوم المدنية التجريبية ( المادية ) كالطب والهندسة والكيمياء والصناعة والزراعة وغيرها من الأمور المعنوية التطبيقية

الحضارة :اما الحضارة فهى تشمل الرقى فى العلوم النظرية العقلية والتجريبية التطبيقية معا أي الثقافة والمدنية والمعنوية والمادية"

 ومن هنا كانت الثقافة تحريرا للانسان وتقويما له وتضع له القوانين والافكارالمنظمة لحياته, وكانت المدنية سيطرة الانسان على الكون والاشياء وخلق وسائل منها لاسعاد البشر , مما ينتج عنها استقرار يؤدى الى التطور والتحضر وانتاج ما نسميه بالحضارة .

والحضاره هي سلسلة من الحلقات متماسكة مترابطة لاتشبه الواحدة سابقتها لكنها تكملها ,وأذا تجاوزتها تسرطنت جضاريا ,وشرط الحضارة انتمائها لجزر واحد.

وهنا انوه اني لست في موقف نقدي لمداخلة المهندسة ريم دندشي , وانما ألقي الضوء على الجزر المغيب عمدا لحضارة الغرب, كان سبب البؤس الأخلاقي لحضارته, واشكالية في العقل "الموصوف بعنصرية أنه خلاق ومبدع" ,على مواكبة العلم في تفسيره نسيج هذا الكون الغير مدرك حسيا , وتهميشه الفلسفة, حين تدخل في الكثير من علومها وفسرها,وعلى العموم ألعالم منقسم في نظرياته حول الطروحات الفكرية ,في الفلسفة وأدوارها ومؤداها ,ونشوء العقل وتطوره وأداءه قصوره ومحدودية أدراكه , مدارس شتى ولكل منها مناصرين ومن الصعب الأحاطة بها كلية , 

 . اعتبر مفكري الغرب أن ثقافتهم هي الثقافة اليونانية , وان اللغة كونها الحاضن الحضاري هي لاتينية رومانيه , وانسجاما مع هذا التوجه ,قسمو تاريخ حضارته وتأريخهم الى: قديم منذ اغتال الرومان قرطاج ,مرورا بالعصورالمظلمة ,عصر بزوغ الحضارة العربية الأسلامية وحتى عصر التنوير ,وبهذا يكونو فصلو التاريخ على مقاسهم ,ومولد خضارتهمو علما أن تاريخ وحضارة اوروبا ,يبدأ من سكانها الرواد التروتسكيون , كنعانيين وفينقيين وآراميين وبربر ,بلغاتهم التي تشكل مفردات اللاتينية 65% منها .

 قطع مفكرو الغرب السلسلة الحضارية , وأهملوا الجزر الأهم للحضارة العالمية , وبدأو من الحلقة الثانيه , اللاتين الذين نهلو من الحضارة العروبيه _استعرت مصطلح العروبية من مفكري الغرب النزيهين عوضا عن مصطلح السامية الأسطوري,للدلالة على شعوب المنطقة العربية ماقبل الأسلام _ .

أرسطو يقول: 'إن القرطاجيين -(أي الكنعانيين) والأتروسك يكوّنون في الماضي أمة واحدة'. مثلما أورد هورجون -(J.Heurgon فيكتابه (روما والبحر المتوسط الغربي) 'أن المنطقة التي تقع فيها هذه الأمة تمتد من مارسيليا وحتى مدينة جنوة والتي تسمى بليغوريا والتي تشمل معظم مساحة إيطاليا بما فيها منطقة روما، فالأتروسكيون جاءوا من آسيا هم ليسوا هندو أوروبيين بل هم شرقيون انتشروا ابتداء من القرن التاسع قبل الميلاد في مساحة أيطاليا بل وشمالها وحتى مرسيليا'.

إن الأتروسكيين يمثلون جماعات فينيقيه 

كانت أوروبا مزروعة بمستوطنات عروبية قبل غزوها من طرف القبائل الهندوأوروبية في نهاية الألف الثانية قبل الميلاد، وكانت شعوبها تتكلم اللغات العروبية كالأرامية والكنعانية والبابلية والأشورية والبربرية ومن اليمين الى اليسار,فعندما اكتشف العلماء الفرنسيون والبريطانيون اللغة السنسكريتية في الهند بالقرن الثامن عشر الميلادي وتبين قرب اليونانية منها سخطوا بل وذهبوا إلى نكرانها لأنها تبين الجذور الشرقية للغة اليونانية.

وخير من لخص فضل الكنعانيين الفينيقيين العروبيين على البشرية وعلى أوروبا بالذات مؤرخ الحضارات الكبير الأمريكي ويل ديورانت 

 أن الثقافة اليونانية والثقافة الرومانية اللاتينية ما هما إلاّ شرفة صغيرة في صرح الثقافة العروبية الكبير، وأن النزعة التعصبية الأوروبية أخفت هذه الحقيقة لتبرز زورا أن جذور الحضارة الأوروبية يونانية'. 'إن الإسكندر بصفته ملكا آراميا، ينتمي إلى التقاليد التاريخية العروبية، لكن أغلب المعلقين يتجاهلون ذلك، ويرتكب كتابنا ومفكرينا نفس الخطأ، فالإسكندر تسمية آرامية قديمة اكتسبها اليونان وحولوها إلى ألكسندروس 

ولا دلالة أكثر على أن حضارات شرق المتوسط العروبية هي مؤسسة الحضارات العالميه من أن لغات سائر الديانات السماوية: ابراهيم الخليل كانت لغته الكلدانية والتي تسمي البابلية أيضا. والتوراة الأصلية نزلت باللغة الكنعانية. والانجيل نزل بالآرامية. والقرآن الكريم باللغة العربية العدنانية.

وان المنطقة استردت حضارتها في الأسلام معافية سليمه ,وأعادت اليها سلوكياتها ومسارها الأنساني 

وقد قيل أن كريستوف كولومب عندما وصل أمريكا وجد قرى يتحدث سكانها الفينيقية وكان يرافقه عرب أندلسيون تحدثوا معهم بلا ترجمان, ويقال أنه عندما علم كولومبس, أمر بإبادتهم حتى لا يسجل التاريخ أن غيره وصل من العالم القديم إلى العالم الجديد. ونقش البرازيل الكنعاني يقول: أن عشر سفن وجهتها العواصف ومزقتها فوصل الشواطئ الأمريكية اثنا عشر رجلا وثلاث نساء فقط 

 وغزى اوربا قبائل هندو اوروبية في القرن الثاني للميلاد ,قادمة من المناطق الباردة ,همجية جاهلة, على قاعدة الأرض المحروقة والنهب والحرق , وروما دولة فتوحات وحروب وتدمير فقد اغتالت قرطاج وسرقت حضارتها ولغتها , هذا هو الأساس الحضاري القائم على القتل والغزو والتدمير, الذي بنت عليه أوروبا حضارتها ودفعت البشرية جمعاء في حروب عبثيه , مسيحيه مسيحيه تارة وصليبيه تارة أخرى , وأروبية اروبية أحيانا ,وشرقية وغربية مرات, وأن لم تجد من تحاربه أوجدت عدوا وهميا كالشيوعية والحرب على الأرهاب ,

من هذا الشرق بدأت رحلة الحضاره مع الطبيعة الأم , ورسالات التوحيد التي أسست للمفاهيم الأنسانية ومسارها الأخلاقي , وهي آيلة أليه.