حوار غير صحفي مع الدكتور جابر قميحة 9

أشرف إبراهيم حجاج

حوار غير صحفي مع الدكتور جابر قميحة

الحلقة التاسعة

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

حوار: أشرف إبراهيم حجاج - إعلامي – القاهرة

[email protected]

[email protected]

إن الحوار مع الأستاذ الدكتور جابر قميحة يمنح المستمع ــ بل الجمهور كله ــ عطاء غنيا من جانبين :

 الأول : هو العطاء الفكري الذي يحيط إحاطة عميقة بالموضوع الذي يتحدث فيه .

 والثاني : هو العطاء النفسي إذ يمنحنا شحنة روحية ونفسية تدفع إلى العمل ، وصحة العقيدة .

 ولنبدأ الحوار مع سعادة الأستاذ الدكتور جابر قميحة :

س : أستاذنا الكبير كثيرا ما أسمع منك ، واقرأ في كتاباتك هذه العبارة : " دولة الظلم ساعة ، ودولة الحق إلى قيام الساعة " فماذا تعني بهذه العبارة ؟ .

 جـ ــ هي عبارة واقعية ، بل تعد سنة من سنن الحياة : فالبقاء للأصلح دائما والظالم بظلمه يحكم على نفسه بالانتهاء الوشيك ، وإذا غرته نفسه ، وأخذته العزة بالأثم فكأنما ينتحر انتحارا ذاتيا . وإذا أظهر بعض النشاط أو القدرة فإن ذلك من قبيل رقصة الطائر الذبيح . وقد فصلت كل ذلك في مقالين الأول بعنوان " رقصة الطائر الذبيح " والثاني بعنوان " لك يوم يا ظالم " .

س : أستاذنا الكبير ، لقد رأيتَ وتتبعتَ عمليات ما يسمى انتخابات مجلس الشعب . فما رأيك فيها ؟ .

جــ : الرأي ليس رأيي ولكنه رأي الشعب كله ، بل راي العالم كله بأن مصر لم تشهد انتخابات بهذا الشكل الخسيس الذي صحبه نزوير فادح في كل الدوائر دون استثناء . ويكفي شهادة الرئيس السابق لمجلس الدولة بأنها باطلة...باطلة...باطلة . ويكفي انسحاب القضاة الشرفاء من الإشراف عليها .

س : هل يمكن أن تضرب لنا ــ على سبيل الحصر ــ بعض الأمثلة التي رأيتها رأي العين ؟ .

جــ : نعم سأضرب مثلا بدائرة المنزلة دقهلية ــ وهي بلدي ــ كان المرشح فيها هو الأستاذ إبراهيم الخريبي ، وهو محاسب وحافظ للقرآن وخطيب ومحاضر ، ويتمتع بحب أهل الدائرة جميعا ، فقد رُشح عن الإخوان ضد مرشح الحزب الوطني ، تصور أن مناصريه كانوا يقومون بمسيرة عددها عشرون ألفا ، وكلهم يهتفون باسم الإسلام ، وعبارات التأييد لمرشح الإخوان الأستاذ إبراهيم الخريبي . ولكن النتيجة معروفة فقد ناله ما نال كل مرشحي الجماعة . ولكنني لا أعتبر ذلك هزيمة .

س : فبماذا تسميها إذن ؟

جـ : أنا من اول يوم رشح فيه الأخ الأستاذ إبراهيم الخريبي هنأته بالنجاح في مقال طويل جاء فيه " ... وقبل إجراء الانتخابات أقول أنت من الآن قد نجحت في دائرتك مهما لقيت من عنت الكائدين ، ومحاربتهم لشعار ( الإسلام هو الحل ) ؛ لأن مفهوم النجاح في نظر الإخوان ليس حصيلة كمية وإنما يتلخص في الثلاثية الآتية :

1- الاستجابة لأمر القيادة الإخوانية .

2- التحدي للقوى الغاشمة التي حرمت الشعب من حقوقه السياسية والاجتماعية .

3- التصدي لقوى الشيطان ، دفاعا عن الحق بصورة حضارية لا تعرف العدوان .

وهذا هو نهجك يا أخ إبراهيم ، ونهج كل مرشحي الإخوان المسلمين .

 لذلك أجدني لم أسرف ولم أخطئ حينما أقول لك من الآن ــ بالمعيار الذي اتفقنا عليه ــ أهنؤك بنجاحك الفائق الذي أحرزته . والله أكبر ولله الحمد ، والإسلام هو الحل . "... وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ "الروم 47" .

 س : وماذا عن مرشحة الإخوان الأستاذه مايسة الجوهري ؟

جـ : ما قلته عن مواكب الأستاذ إبراهيم الخريبي يصدق على أختنا في الله الأستاذة مايسة الجوهري . لقد زارت مدينة المطرية دقهلية ، فقام الآلاف المؤلفة يبدون بصدق وإيمان تأييدها ، وعلى رأس هؤلاء الأخ المهندس محمد فرج وكبار الإخوان . وقد أصدر المهندس محمد فرج بيانا مطولا عن الانتخابات جاء فيه :

 " إلي من أحببناهم في الله واجتمعوا معنا علي طاعة الله ، وكانوا دائماً معنا في الهموم والأحزان ، ألا وقد انتهت الانتخابات بحلوها ومرها وأحزانها وهمومها ، جدير بالإخوان المسلمين بالمطرية أن يصارحوا قومهم وأهليهم بما في صدورهم .

 لقد آثرنا عدم النزول في هذه الدورة إعذاراً إلي الله أن نفسح المجال لأهالي المطرية أن يجتمعوا علي اثنين لصالح المطرية ولكن أبت الأهواء والمصالح الخاصة أن يحدث هذا الاجتماع .

 وإننا نعاهد الله ألا نخذلكم في أي موقف يستدعي الاتحاد والاجتماع لاسترداد حقوقنا الضائعة ، سواء أكانت هناك انتخابات أو لا توجد انتخابات ، نريد منكم جميعا ألا نصاب بالإحباط واليأس مما يحدث لنا من قهر وظلم ، نريد ألا يتسرب إلينا شعور الضعف والعجز ، فنحن أمام هذا النظام الفاسد نعتصم بالله القوي القادر ، ولن يضيع حق وراءه مطالب وكلما تمادي الظالمون في ظلمهم كان ذلك نذيرا يقرب نهايتهم .

بقي لنا كلمه أخيره

 لا ينبغي أن يرهبنا بطش الظالم وجنوده وعتاده ، فنخذل آهل الحق ، ولا ينبغي أن ننصر الظالم علي المظلوم ، ولا ينبغي أن نخذل من يريدوا لنا الخير لحساب من يريد لنا الخنوع والاستسلام .

 سنسعى بإذن الله بكل الطرق السلمية حتي يأذن الله بحدوث التغيير ويتحقق الإصلاح الذي يحمل الخير للناس

( ....وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21) يوسف .

م / محمد فرج

س : من ضمن أقوالك التي لا ننساها لك أن الظلم يترتب عليه الاختلال النفسي والسياسي والاجتماعي في الرعية . فماذا تعني بهذا؟

جـ : المواطن إذا أحس بأنه يعيش مظلوما مضطهدا محروما من حقه الطبيعي في التعبير عن نفسه ومشاعره يكبت أحاسيسه في نفسه فيعيش ناقما على ظالمه ، وتختل عنده المعايير من ناحية ، ويصبح من ناحية أخرى شخصية " لااكتراثية " ، وقد يمتد ذلك إلى فقده الولاء لوطنه ، ويردد بينه وبين نفسه ـ بل أمام الناس جميعا ـ عبارات : " وأنا مالي يا عم،البلد بلدهم،هوّ احنا لينا فيها حاجة،... الخ" .

وقد جسدت هذا المعنى فيما أوردته على لسان شخصية التاريخ ، في مسرحيتي " محكمة الهزل العليا تحاكم الأيدي المتوضئة "

 ذلك عصر البشرِ الوثنِ

 عصر الإنسان الساجد للإنسانْ

 وإذا ما عبد الإنسانُ الإنسانْ

 كان المعبود هو الشيطانْ

 والعابد في الدرك الأسفل كالحيوانْ

 لا تعجب من حكمي هذا :

 فالعقل مهين ... والرأي سجين ... والحكم لعين

 واللص الفاجر يدعى خير أمين .

س : وماذا عن المستقبل يا دكتور جابر ؟

جـ : يا أخي الحبيب لا تسلني عن المستقبل ، بل سلني عن الحاضر المر البشع الذي نعيش فيه ، وقد عرضت من قبل صورة هذا الحاضر المذهل على لسان الأستاذ فاروق جويدة ، وذلك في العبارات التي سبق أن عرضتها .

ولا نجاة لنا من هذه الكوارث التي تأخذ بخناقنا إلا بعملية تغيير شاملة .... تغيير لا يكتفي بالظواهر والسطوح ، ولكن يجب أن يكون تغييرا جذريا شاملا .

س : دكتور جابر هل من كلمة توجهها إلى الشباب بصفة خاصة ؟

جـ : نعم عليكم أن تتمسكوا بدينكم ، وقفوا شامخين أمام هذه الكوارث ، ولا تحنوا رءوسكم لظالم ، وأذكركم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ففيه شفاء للنفوس والقلوب :

" عن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون , فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودعٍ فأوصنا , قال - أوصيكم بتقوى الله عزوجل , والسمع والطاعة وإن تأمر عليك عبد , فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً . فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ , وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة – ( رواه أبوداود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح ).