مع الدكتور غسان حداد

حوار -منذ بدايات الثورة-

م. هشام نجار

المنسق العام لحقوق الإنسان - الولايات المتحده 

najjarh1.maktoobblog.com

تعريف بالدكتور غسان حداد

لم أرغب بأن أبخس الرجل حقه, فأوردت سيرته الشخصية مفصلة غير موجزة لإطلاع القراء الأعزاء على الدرجات العلمية والخبرة الشخصية التي يتمتع بها الدكتور غسان حداد، وهي ولا شك في محل تقدير..

***

ولد الدكتور غسان حداد في مدينة اللاذقية عام ١٩٢٦..

حاصل على:

-  دكتوراه دولة في التخطيط والإحصاء - وفي الاقتصاد العربي والدولي.

-  دكتواره بكالوريوس الكلية الحربية - وماجستير كلية أركان حرب بمرتبة لواء ركن.

-  وزير التخطيط في سورية 1963 – 1966.

-  باحث - جامعة همبولد 1966 – 1975.

-  مستشار اقتصادي ورئيس الخبراء - وزارة التخطيط العراقية 1975 - 1985 وأستاذ محاضر للاقتصاد العربي والدولي في جامعة بغداد.

-  أستاذ للدراسات العليا - الجامعة المستنصرية - بغداد - العراق 1985 - 2002 في عام 1986 انتخب من قبل الهيئة الدولية للموسوعات في كامبردج ضمن خمسة آلاف شخصية عالمية تضم قادة الفكر والعلم والثقافة في العالم.

-  في عام 1987 وضع اسمه على لائحة الشرف من قبل المركز الدولي للسير الذاتية في كامبردج وانتخب نائباً للمدير العام عن قارة آسيا.

-  في عام 1988 وضع اسمه على لائحة الشرف بين المفكرين المتميزين في العالم من قبل المعهد الدولي للسير الذاتية في الولايات المتحدة الأمريكية.

-  في عام 1995 منح الشهادة التقديرية للاتحاد العام للكتّاب والمؤلفين في العراق تقديراً لجهوده العلمية الرصينة في إغناء الحياة الثقافية وتوثيقا لإسهاماته المعرفية المتميزة.

-  حصل على العديد من الأوسمة والميداليات في سوريا ودول العالم. ورد اسمه في العديد من الموسوعات العالمية.

-  عضو في الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب.

-  عضو في الاتحاد العام للمؤرخين العرب، وعميد معهد التاريخ العربي للعام الدراسي 1993 - 1994.

-  عضو في الاتحاد العام للاقتصاديين العرب وعضو الهيئة الاستشارية في الأمانة العامة وعضو هيئة تحرير مجلة الاقتصاد العربي.

-  عضو هيئة تحرير عدد من الدوريات المتخصصة.

-  شارك في العديد من المؤتمرات العلمية القومية والإقليمية والدولية. كتب العديد من الدراسات والبحوث العلمية المنشورة في اللغات العربية والألمانية والفرنسية.

-  شارك في العديد من المؤتمرات العلمية والندوات والحلقات النقاشية وخاصة المتعلق منها بالاقتصاد العربي والتخطيط والتنمية وحماية البيئة.

-  طبعت بعض كتبه وأشرف على العديد من اطروحات الدكتوراه والماجستير.

***

أخي الدكتور غسان أرحب بكم كرمز من رموز الوطن وصاحب خبرة طويلة كعسكري ووزير سابق وباحث..

عاصرتم فترة هامة من مرحلة تآمر الرئيس حافظ الأسد وسؤالي الأول لكم:

السؤال (1) كيف استطاع حافظ الأسد خداع كل رفاقه في الحزب والجيش وتمكنه من السيطرة على مقادير الوطن وبدون مقاومة؟

-  للإجابة على هذا السؤال لا بد بداية من مقدمة بسيطة وعودة إلى مرحلة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأميركية والتي امتدت زهاء أربعة عقود منذ مطلع الخمسينات حتى نهاية الثمانينات باستثناء بعض الأمور التي توافقت عليها لأنها تضمن مصالح الطرفين وقد توافقا في مطلع الستينات على دعم انفصال سورية عن مصر وتوافقا في مطلع السبعينات على دعم وصول حافظ الأسد إلى السلطة وفي كلتا الحالتين كان اتفاقهما ضد مصلحة سورية خاصة والأمة العربية عامة. أي أنه وصل إلى السلطة بإرادة واشنطن وموسكو ولا يجوز تبسيط الأمور ليصبح خلافا بين زيد وعمرو انتصر فيه زيد على عمرو وأي دراسة متأنية ومعمقة لتاريخ سورية المعاصر آخذة بعين الاعتبار موقعها (الجيوبوليتيكي) تؤيد هذا الواقع, كما إن انتقال السلطة من الأب إلى الابن تمت بمباركة أميركية وحضور وزيرة الخارجية الأميركية في حينها شخصيا إلى دمشق.

السؤال (2) بعض الإخوة الفلسطينيين مازالوا يعتبرون أن نظام الأسدين يمثل إستراتيجية صمود. ما هو ردكم على أصحاب هذه الادعاءات؟

-  لعل الوصف الذي طرح في الربع الأخير من القرن العشرين حول الصمود والتصدي ومن ثم في مطلع القرن الحالي حول الممانعة والمقاومة والمواجهة ليس أكثر من نكتة كبيرة روج لها البعض إما عن عدم معرفة أو عن منفعة حقيقية , فأي تصدٍ وأي ممانعة وهنالك أراض سورية محتلة منذ عام 1967 وأخرى محتلة منذ العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين. لذا فإن انتفاضة 15 آذار 2011 التي تطورت إلى ثورة قد سلطت الأنوار على الحقائق ووضعت النقاط على الحروف فبدلا من أن يعمد النظام إلى تحرير الأرض المحتلة سلط القوات المسلحة للتصدي للشعب الأعزل, فيالها من مقاومة ويالها من ممانعة.



 

السؤال (3) الثورة السورية كادت أن تنهي نصف عام من عمرها, كيف تقيمون تحركها وماهي نظرتكم لمستقبلها؟

-  الثورة مستمرة حتى النصر وأعني بالنصر عودة سورية إلى وضعها الطبيعي: جمهورية ديمقراطية مدنية تحترم التعددية وحقوق الإنسان وتداول السلطة بشكل سلمي يتساوى فيها كافة المواطنين بالحقوق والواجبات بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الأصول الأثنية أو الدين أو المذهب أو الانتماء السياسي. لقد كتب النظام شهادة رحيله عندما سالت دماء الشهداء وكلما سال دم جديد أضيفت أسطر جديدة إلى شهادة النهاية فلن يقبل الشعب الحر الأبي بعد أن قدم عشرات الألوف من شهداء وجرحى ومعتقلين ومفقودين بأقل من سقوط النظام وانتقال السلطة إلى حكومة انتقالية مستقلة من الكفاءات والتكنوقراط لفترة محدودة يتم خلالها إعداد دستور جديد يشمل كافة الحقوق والحريات وتطلعات الشعب إلى مستقبل زاهر وقانون انتخاب عصري (ونحن في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين) يضمن إجراء انتخابات حرة شفافة يعبر فيها المواطن عن إرادته بعزة وكرامة وعنفوان.

السؤال (4) كونكم خبير اقتصادي, لاشك أنكم تملكون رؤية للوضع الاقتصادي في سوريا, ما هو تأثير المقاطعة الاقتصادية وركود النشاط الاقتصادي في الداخل على استمرارية النظام؟

-  سورية بلد غني بثرواته المتنوعة من زراعية ونفطية وغيرها وقد سبق لها في العهود الديمقراطية أن حققت توازنا اقتصاديا بمعزل عن أي ديون خارجية. ونمت الطبقة المتوسطة وأصبح لها وجودا متميزا, حتى جاء النظام الفردي الشمولي فاختلت القيم وبرزت مافيا الفساد المالي بتحالف برجوازية انتهازية مع رموز من السلطة استولت على ثروات البلد وأفقرت الشعب واختفت الطبقة المتوسطة ونمت شريحة ضيقة من المنتفعين بالمال الحرام وشريحة واسعة تحت خط الفقر. إن ذهاب النظام وعودة الديمقراطية تشكل الضمان الأكيد للعودة إلى اقتصاد سوري متوازن معتمد على الذات يحقق الرفاه الاجتماعي للمواطنين ويعيد اقتصاد سورية إلى وضعه الطبيعي خلال مرحلة انتقالية معقولة.

السؤال (5) بعد أن استعمل النظام أقسى أساليب القمع، بدأت أصوات هامة تدعو إلى الدفاع عن النفس بالسلاح, مما يؤدي مع الزمن إلى عسكرة الثورة, وخاصة أن مجموعات عسكرية بأعداد كبيرة قد انشقت عن جيش النظام, وبطبيعة عمل هذه العناصر هو الدفاع عسكرياً عن الشعب.. ألا ترون أن هذا يعتبر مبرراَ كافياً من الناحية الوطنية والقانونية والشرعية بالدفاع عن النفس بعد التغول الخطير في الإجرام قتلاً وتمثيلاً بجثث الشهداء والاعتداء على الحرمات؟

-  الجيش ابن الشعب ودوره الطبيعي حماية هذا الشعب والزود عن أمنه الخارجي ولا يجوز مطلقا الزج به في الأمور الداخلية أو حماية النظام (أي نظام) وأملي أن تتمكن الأكثرية الخيرة في هذا الجيش من إزاحة القلة من أنصار النظام والعودة بالجيش إلى جوهره الأصيل ليقف إلى جانب الشعب مثل أخويه الجيش المصري والجيش التونسي.

السؤال (6) ما هو رأيكم بالمطالبة بالحماية الدولية بعد أن حشر النظام الشعب في هذه الزاوية؟

-  لست من أنصار أي تدخل عسكري أجنبي ولكن من واجب الأمم المتحدة ومؤسساتها والمجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الأنسان ومحكمة الجنايات الدولية وغيرها من المؤسسات التدخل لوقف حرب الإبادة وهدر الكرامة التي يشنها النظام السوري على شعب أعزل يناضل لاسترداد حريته وكرامته, هذه الحرب التي تجاوزت ما نعرفه عن التتار والمغول وجنكيزخان وهولاكو وتيمورلنك دون أن ننسى أن الواجب الأول يقع على عاتق جامعة الدول العربية (؟؟؟؟) والأشقاء العرب فليس هذا العشم يا إخوتنا ويا أبناء عمومتنا.

السؤال (7) تعددت اجتماعات المعارضة في الخارج, تشكلت من خلالها مجالس متعددة, أي من هذه المجالس تجدونها أكثر مصداقية وإنتاجية وتشجعون على دعمها؟

-  الشعب السوري شعب أبي عزيز النفس موفور الكرامة يرفض الذل ويأبى الهوان والمعارضة منبثقة من هذا الشعب وتنوع الأفكار والاجتهادات مشروع في الإطار الديمقراطي ويمكن تشبيه هذا الإطار بحديقة واسعة فيها شتى أنواع الورود والزهار لكل لونه ورائحته تشكل بمجموعها حديقة غناء. فمرحبا بالتعددية واحترام الآخر وقديما قيل اختلاف الرأي لا يفسد في الود قضية.

السؤال (8) ما هو السؤال الذي لم تسألوا عنه وتودون طرحه والإجابة عليه؟

-  سورية بلد عربي رائد شارك في تأسيس هيئة الأمم المتحدة والعديد من مؤسساتها. وحركة عدم الانحياز وجامعة الدول العربية. وكان لها دوما دورا فاعلا على الصعيدين العربي والدولي, حققت بشكل مبكر في أعقاب الحرب العالمية الثانية استقلالها السياسي والاقتصادي الناجز وبنى تحتية, جيش وطني, سياسة خارجية مستقلة, إصلاح زراعي, عدالة اجتماعية, كوادر علمية وثقافية ومن حقها أن تتحرر من الظلم والفساد وامتهان الكرامة والولاء للأجنبي لتعود حرة كريمة عزيزة نظيفة قرارها نابع من ذاتها, أبناؤها مواطنون لا رعايا, ترفع شعارا من تراثها ردده عمر بن الخطاب قبل أربعة عشر قرنا "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"..

***

دكتور غسان حداد أشكركم على ما تفضلتم به من إجابة, تصب في نجاح ثورة هذا الشعب في تحقيق مطالبه في الحرية واسترداد الكرامة.