النص الكامل لحوار باراك أوباما مع "العربية"

النص الكامل لحوار باراك أوباما مع "العربية"

ناديا البلبيسي

الأحد 29 رجب 1436هـ - 17 مايو 2015م

أجرت قناة العربية مقابلة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما تطرق خلالها إلى عدة مواضيع بدءاً من قمة كامب ديفيد مروراً بالملف النووي الإيراني والأزمة اليمنية والملف السوري. وفي ما يلي نص المقابلة التي أجرتها مراسلة العربية ناديا البلبيسي كاملاً:

العربية: اختتمت القمة مع قادة الخليج، ما هو مدى نجاحها؟ وما هي النقاط التي تعتبر انها لم تتحقق؟

الرئيس أوباما: أعتقد أن القمة كانت ناجحة للغاية. النية لدينا تكمن في تعميق وتوسيع العلاقات الممتازة أصلا، بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة.

من الواضح أن هناك مجموعة كبيرة من الترتيبات الأمنية الثنائية مع دول مجلس التعاون الخليجي

لقد تشاورنا وعملنا مع القادة بخصوص جملة من التحديات الإقليمية

ولكن اعتقد ان الوقت قد كان ضيقا، وأقصر من ان نتمكن خلاله من الظهور كمجموعة، للحديث وجها لوجه حول كل قضايا الاهتمام المشترك، وبعد ذلك لصياغة خطط محددة للغاية، يتعين علينا معالجتها سوية.

وهكذا فالبيان المشترك الذي أصدرناه ، عكس برأيي، مجموعة واسعة من المواضيع التي تمت مناقشتها

ناقشنا الضمانات الأمنية التي كنت قد أعلنتها جهاراً في أماكن عديدة كالأمم المتحدة، وكذلك في حوارات خاصة مع المعنيين، 

ولكن أعتقد أنه من المهم بالنسبة لقادة الخليج، سماع ذلك مني والتحقق من التزام الولايات المتحدة، خاصة في ظل الفوضى التي تعم المنطقة.

وهذه البلدان تتعرض لتهديد الخارجي، 

فنحن نعمل مع دول مجلس التعاون الخليجي لردع المخاطر، وصد أي هجمات، والدفاع عن سلامة أراضيها وسيادتها دول مجلس التعاون الخليجي.

تحدثنا أيضا عن العمل المشترك الذي يتعين علينا القيام به لمواجهة التطرف العنيف في مجالات عديدة، من وضع حد لتمويل المنظمات الإرهابية الى تحسين مصادر المعلومات الاستخبارية، على سبيل المثال، الأمن البحري أو الأمن الفضاء الالكتروني. وهذه المجالات، يكون العمل فيها اكثر فعالية، إذا قمنا به معاً وبطريقة متكاملة.

إيران ومخاوف المنطقة

وناقشنا إيران، واستعرضنا السبب الذي يجعلنا مضمئنين، انه ما عاد بمقدور ايران الحصول على سلاح نووي، وأن أفضل طريقة لتحقيق ذلك هو من خلال صفقة ناجزة و يمكن التحقق منها. ولكن ما أريد أن أؤكد عليه، انني أدرك مخاوف دول المنطقة واشاطرهم بها، بشأن أنشطة إيران الهادفة الى زعزعة الاستقرار،

فحتى لو حصلنا على اتفاق بشأن الملف النووي، فنحن لا نزال قلقين، من أنشطة تقوم بها إيران كدولة، او جهات كفيلق القدس والحرس الثوري الإيراني، اضافة الى وكلاء مثل حزب الله.

ولذا جددت البحث مع قادة الخليج، حول أهمية تعزيز القدرات الدفاعاية، لدول مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز مواقفهم المشتركة، بحيث نصبح جميعا في موقف قوة، يمكننا ان نعرب للايرانيين عن رغبتها باقامة علاقات جيدة مع بلادهم 

ومن ثم الاصرار على ايران لإيقاف بعض انشطتهم التي نتحدث عنها هنا.

وهكذا، عموما، اعتقد ان كانت ناجحة جدا. وأفضل ما فيها، كانت المحادثات التي اتسمت بالصراحة والمكاشفة، وما كانت لتنجح، لولا انها تمت وجها لوجه.

العربية: سأحاول ان اتوقف معك سيادة الرئيس عند عدد من النقاط التي أثرتها للتو، سيما عندما أشرت الى انك سوف تستخدم القوة العسكرية لحماية حليفك، ماذا يعني ذلك؟

الرئيس: حسنا، أعتقد أننا شهدنا معا، ما حدث في الكويت عندما غزاها صدام حسين.  وأعتقد أنها سياسة راسخة للولايات المتحدة في الخليج، وذلك بسبب عدد كبير من المصالح ومن علاقات الصداقة والعلاقات الأمنية مع تلك البلدان،

إذا كان هناك تهديد خارجي، جيشنا سوف يعمل مع دول مجلس التعاون الخليجي، ومع مجموعة من الجهات الدولية الأخرى الفاعلة، لمنع انتهاك القواعد الأساسية للسلوك الدولي.

أعتقد أن هناك قلق لدى بعض دول مجلس التعاون الخليجي، بشأن التهديدات الناجمة عن عدم تكافؤ القوة وليس بشأن طريقة تعاملنا مع التهديدات التقليدية فحسب. كالنشاطات الارهابية ، وتمويل أنشطة عنيفة في مختلف البلدان.  وجزء من الأمثلة التي ذكرتها لهم، أن تلك الأنواع من التهديدات التي أسميها غير متكافئة، من الأفضل أن تعالج من خلال زيادة قدرة تدريب القوات الخاصة، وتحسين القدرات الوقائية، والأسلحة إضافة الى تعاون استخباري أفضل.

بعض من القضايا التي ناقشناها، كانت مرتبطة بالقضايا العسكرية التقليدية. ونحاول ان نفحص مكامن القوة ومكامن الضعف العسكري للدول المختلفة في مجلس التعاون الخليجي، مثل البحث في الحاجة الى الصواريخ الباليستية واحتمال حاجتهم لها.

ولكن بعض هذه القضايا أقل تقليدية ولا بد من معالجتها ، مثلا، كيف يمكننا تحديد نشاط إرهابي جاري التحضير له في مكان ما؟ كيف يمكننا التمييز بين الأنشطة السياسية المشروعة وتلك الهادفة للتخريب؟أعتقد أن هذه هي القضايا التي سوف نستمر في العمل عليها.

والهدف هنا ليس حل كل هذه المشاكل في نصف قمة استمرت يوم ونصف فقط، وانما انشاء الإطار، جملة نوايا، والآن لدينا سلسلة من الخطوات التي يستمر البحث فيها والعمل على تحقيقها من خلال وزراء الخارجية والدفاع لدينا، 

كل على سيتم على نحو يمكننا من فهم مقدار التقدم الحاصل، عندما نلتقي العام المقبل.

العربية: في هذه الحالة، لماذا لا يمكن لك تقديم شيء مكتوب اليهم، لاعادة تعزيز ما يُعرف بمبدأ أيزنهاور؟

الرئيس: البيان هو اتفاق مكتوب.

ان كنت تسألين، لماذا لا نقدم معاهدة رسمية للدفاع، فالحقيقة ان عملية التوصل الى معاهدة شيء يتطلب جهدا كبيرا، ويتطلب مصادقة الكنغرس، والمعاهدة ليست ضرورية للأطراف في هذه المرحلة، و لأجل التوصل للأهداف التي حددناها لأنفسنا .

العربية: كما تعلمون، وكما ذكرتم، هناك قلق كبير من السياسيات والممارسات الايرانية إقليميا، كما هو الحال في لبنان، في سوريا، في اليمن، وهي مخاوف وقلق، يساوي القلق من التهديد النووي الإيراني بالنسبة لمعظم البلدان العربية. ومع ذلك، فإن الترتيبات الأمنية الذي تحدثت عنه لا تتناول القلق من السياسات الاقليمية هذه.

الرئيس: في الواقع ان ما بحثناه و ما نقدمه، يتعامل مع المخاوف التي تتحدثين عنها.

بمعنى أنه عندما نتحدث عن ضرورة ان يكون لدينا قدرات مشتركة للتصدي لزعزعة الاستقرار الإقليمي الذي تنفذه ايران، فان هذه القدرات ترتبط مباشرة بالمخاوف من سياسات إيران. وكان ذلك ...

س: هل يمكنكم إعطائنا مثالا؟

الرئيس: حسنا، من أفضل الأمثلة، هو الحيلولة دون تزويد ايران الحوثيين في اليمن بالأسلحة.  واضح أن هناك تاريخ طويل من عدم الاستقرار السياسي داخل اليمن.  والحوثيين لديهم تاريخ أصيل في اليمن.

ولكن إذا كان الحرس الثوري الإيراني يرسل كميات كبيرة من الأسلحة الى اليمن على الحدود مع السعودية، حينها يصبح الأمر مصدر قلق.

وجزء من أهدافنا التأكد أننا قادرون على تحديد هذه المشاكل، لتسليط الضوء عليها، ومن ثم ردع المتسبب بها

هذا الأمر كان موضوع بحث رئيسي خلال القمة.

نضع في اعتبارنا أن الولايات المتحدة ترى ان إيران النووية ستكون أكثر خطرا وتهورا. وانه في مصلحة الجميع ضمان أن لا تملك ايران سلاحا نوويا وان نقدم مسارا ايجابيا الى إيران مثل التجارة، والتعليم والتبادل العلمي. هذا هو المسار الذي نأمل أن تتخذه ايران.

ولكن لقد كنت واضحا جدا أن حل القضية النووية، لا ينفي ابدا كل المشاكل الأخرى المرتبطة بعلاقة ايران بسياسات تمويل الدولة للإرهابفي الماضي، وهذا يبقي احتمال لأذى في المنطقة.  وهذا شيء سنواصل التصدي له بالاشتراك مع شركائنا في مجلس التعاون الخليجي.

العربية: هل ما أشرتم اليه سيجهلنا نرى تواجدا عسكريا أكبر للولايات المتحدة في منطقة الخليج، على سبيل المثال، في منطقة البحر الأحمر او الخليج ومضيق هرمز؟

الرئيس: كما تعلمون، فإن الحقيقة هي أن وجودنا العسكري هناك قوي للغاية. ولدينا الآلاف من السفن – أو بالأحرى الآلاف من القوات.

لدينا الاسطول الخامس. القدرات العسكرية لدينا في المنطقة كبيرة جدا وجاهزة للرد على أي مخاطر ، هذا فضلا عن القدرات الكبيرة لدول مجلس التعاون الخليجي.

واحد من الأشياء التي ناقشناها حقيقة، ان الأهم ليس ما لديك من معدات عسكرية، وإنما المهارة في استخدام المعدات العسكرية هذه بشكل صحيح؟ هل ننسق بشكل صحيح؟ هل لدينا الأدوات المناسبة لمواجهة التحديات التي تواجهنا اليوم؟

العربية: حول الإتفاق مع ايران، يقول البعض انها مقامرة سياسية ، لأن 10 إلى 15 سنة هي فترة قصيرة.  وإن استخدمت ايران الأموال التي ستتوفر لها، جراء رفع الحظر عن الأموال المحجوزة، وجراء رفع العقوبات لتعزيز قدراتها العسكرية، وليس رفع المستوى المعيشي للناس، فان كا تتحدثون عنه قد يصبح استراتيجية مبنية على الأماني؟ ماذا تقولون بشأن ذلك؟.

الرئيس: أنا لا أعتقد انها استراتيجية مبنية على التمني.

العقوبات التي فرضناها كان لها مفعول في غاية القسوة على ايران.

لذلك عندما تحصل على المال، سيستخدمونها لسد رمق الاقتصاد الايراني الذي انهار بشكل كبير خلال ادارتي وجراء العقوبات الدولية التي كانت لدينا المفروضة.

الحقيقة، انه ليس بمقدورنا الثقة بالايرانيين، بشأن التزامهم بالاتفاق. يجب أن يكون التنفيذ قيد المتابعة مع قابلية التحقق منها. وهكذا كان جزء مما قمنا به خلال هذه القمة، لوضع خطوات غير مسبوقة للتحقق وللتفتيش ولمراقبة النشاط النووي داخل ايران.

ووفق هذا الإطار، نحاول الآن أن نتذكر ...

إيران ستخضع لنوع من اجراءات التفتيش والرقابة، التي لم يتم ان استخدمت في أي مكان من قبل.

لذلك نحن واثقون أنه بامكاننا تعطيل المسارات الأربعة التي تمكن ايران من الحصول على سلاح نووي.

هذه الاجراءات من الرقابة والتفتيش لا تمتد لعشر سنين او خمسة عشر سنة، بل لفترة طويلة جدا جدا من الزمن.

المرحلة الأولى - لمدة 10 عاما - ايران ستكون مقيدة بشدة في أنشطتها في كافة مجالات الطاقة النووية. في العقد اللاحق، سيستمر نظام التفتيش الذي نتحدث عنه،

لكن ايران ستكون قادرة على العمل لأجل طاقة نووية سلمية. وهكذا سيتعين عليهم ،أساسا، وكسب ثقة المجتمع الدولي، وإعادة كسب هذه الثقة بشأن الأمر برمته.

البديل .. أن لا يكون لدينا أي فكرة على الإطلاق، عما يجري داخل ايران بهذا الشأن  وهذا، كما أعتقد، أكثر خطورة بالنسبة للجميع في المنطقة.

العربية: اسمح لي أن أطرح عليكم هذا السؤال.غالبا ما تتحدث عن إيران بإعجابٍ بأهلها وثقافتها.والإنطباع في المنطقة، تقلل من شأن العرب السنة، وتربطهم بطريقة أو بأخرى بالمتطرفين. كيف تعلقون على هذا الامر سيادة الرئيس؟

الرئيس: أنا أعتقد أن هذا إنطباع خاطئ.لذا آمل من قناة العربية ان تساعد في نقل رسالتي بشكل واضح. إن أقرب أصدقاءنا في المنطقة هم بلدان الخليج، ويرجع تاريخ هذه العلاقة لعقود حتى الآن.

وعندما خاطبت الشعب الإيراني مباشرة، قلت لهم: لديكم فرصة لاستعادة تقاليدكم العريقة، التي تتيح لكم أن تستعيدوا دوركم كعضو كامل العضوية وعضو مثار إعجاب في نادي دول العالم.أريد أن نشجع ذلك. ولكنني ناقد شديد لأيديولوجيا النظام الإيراني والنهج الذي ساروا عليه في القضايا الدولية، وكذلك الطريقة التي عامل فيها النظام أبناء شعبه.

لذلك ما هو صحيح - وهذا كان موضع البحث مع القادة - أنه بالنظر إلى التاريخ الاستثنائي لدول الخليج ولثقافة المنطقة، وبسبب الحقيقة على سبيل المثال، أن المملكة العربية السعودية هو الوصي وموضع حجر الأساس للتراث الإسلامي - بما في ذلك بالطبع مكة المكرمة والمدينة المنورة – يتعين علينا بذل جهد خاص، لأجل أن يحظى الشباب بفرص، ليس فقط في دول الخليج، ولكن في أماكن مثل العراق وسوريا واليمن – بحيث نحول دون وقوع هؤلاء الشباب ضحية دعاية تنظيمات مثل داعش والقاعدة.

وهذا مهم باعتباره الخطر التي يواجه دول مجلس التعاون الخليجي. وإذا ما استمر، فإن ذلك يمكن أن ينتهي كالسرطان ، يلتهم في دول أمة عظيمة بتقاليدها في الخليج.

علينا أن نكون صادقين في ذلك، ولقد كان الأحاديث واضحة جدا في هذا الأمر. و جميع أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي يتفقون في ذلك 

وكان لذلك تركيزنا خلال هذه القمة ليس فقط على الأسلحة وعلى الاستراتيجيات، وانما أيضا حول أهمية تشجيع ريادة الأعمال من خلال أشياء مثل المنتدى العالمي لريادة الأعمال الذي سبق ونظمناه. وحول السبل التي يمكننا من خلالها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، للتفاعل مع الشباب برسالة إيجابية فعالة وحيوية بالمقدار الذي تبدو فيه رسالة داعش فاعلة على مواقع التواصل الاجتماعي.

هذا مجال للتعاون نريد التعاون لأجله خلال السنة المقبلة.

العربية: بالحديث عن القيادة الشابة، التقيتمم وليد العهد السعودي محمد بن نايف وولي ولي العهد محمد بن سلمان، ما هو انطباعك من خلال العمل مع القيادة الشابة في السعودية؟ كما سبق والتقيتم خادم الحرمين الشريفين أيضا؟.

الرئيس: نعم.

العربية: هذا انتقال جديد في المملكة.

الرئيس: نكن احتراما استثنائيا لخادم الحرمين الشرفين، وقيادته.كان لدي علاقة عظيمة مع الملك عبد الله، الذي نفتقده كثيرا.

وكان محمد بن نايف شريكا معنا في العمل لمكافحة الإرهاب والعمل الأمني لفترة طويلة جدا. ونكن له إعجاب كبير.

هذه هي المرة الأولى التي كان لدينا فرصة للعمل بشكل وثيق مع ولي ولي العهد، وحظينا بفرصة للملاحظة سعة اطلاعه، ورؤيته الثاقبة ، وأرى أن حكمته تفوق سنوات عمره.

الحقيقة أن بلدان الخليج، ما ترونه قيادات شابة أكثر وأكثر، تنتقل الى مواقع السلطة والى صنع القرار. وأعتقد أن هذا شيء ايجابي.

عندما تسلمت منصبي، كنت شابا نسبيا، وكرئيس ، لم أعد ذلك الشاب الآن. وغزا الشيب رأسي. ولكن العالم يتحرك ويتطور بسرعة كبيرة الآن، ويتعقد. هناك الكثير من المعلومات التي يتوجب معالجتها، كي يتم تهيئة المكان للجيل الشاب القادم، بشكل فعال وحاسم. وأعتقد أنه سيكون في نهاية المطاف جيد لأجل المنطقة ، فالعالم فتي.

الحقيقة هي، أن دول الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عام، يشكل الشباب أغلبية سكانها. ويتوجب علينا ان نتمتع بالقدرة على التفاعل مع هؤلاء الشباب بشكل فعال، وعلى التكيف مع الظروف الجديدة في العالم المعاصر.

سوريا والعراق

العربية: ينفذ وقتي، ولكن أريد أن أسألك عن سوريا والعراق، بسرعة. كثيرون يعتقدون أن سوريا هي رواندا خاصتك.

قد تطاردكم لسنوات قادمة - 200000 قتيلا.  9 ملايين نازح

الأزمة الإنسانية الأسواء في القرن 21. هل تتوقع نهاية لسفك الدماء قبل أن تغادر منصبك، سيدي الرئيس؟

الرئيس: سأكون صادقا، وربما لا.لأن الوضع في سوريا مفجع، إلا أنها حالة معقدة للغاية.وأنا مسكون بالمصاعب والموت الذي يدمر تلك البلد

انها شيء نأخذه على محمل الجد.ولكن التشبيه برواندا، يفترض ان التدخل الأمريكي ، كان بأمكانه تأمين نهاية سريعة للحيلولة دون هذه المشاكل.

هناك حرب أهلية في بلاد تأتي من تاريخ معاصر مليء بالمظالم التي طال أمدها. وهذا الحال لم تتسبب به الولايات المتحدة 

ولم يكن بمقدور الولايات المتحدة الحيلولة دونه.واحدة من الأشياء التي قلتها في هذه القمة - وكنت صريحا جدا - هو أنه في كثير من الأحيان، ينسب الناس في الشرق الأوسط المصائب الى الولايات المتحدة . نظرية المؤامرة تنتشر في كل مكان. إذا حدث خطب ما، فلا بد أن تكون الولايات المتحدة هي المتسبب به. إذا كان هناك شيء -...

العربية: انهم يتطلعون الى الولايات المتحدة للقيادة.

الرئيس: - إذا كان هناك شيء - إذا فعلنا شيئا، تتهم الولايات المتحدة بالتدخل في شؤونهم.إذا لم نفعل شيئا، يأتي العتب: لماذا لا تفعل الولايات المتحدة شيئا.أعتقد أن هذا حال شائع.

وأنا كنت صريحا جدا مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي.فقلت لهم، انظروا: نحن شركاء. يمكننا أن نفعل ما علينا فعله، بشكل مشترك.

ولكن الولايات المتحدة في نهاية المطاف لن تعمل إلا من خلال الدول العربية، البلدان التي تعمل ما بوسعها، للتعامل مع هذه القضايا والتحديات. وجزء من هدفنا هنا هو بناء القدرات. لهذا، كنت مستعدا لتقديم كل الدعم الى حكومة عراقية شرعية، ولكن قلت اننا سنعمل من خلال الحكومة العراقية، والجيش العراقي وسوف ندعمها.

وفي سوريا، يتعين على جهودنا أن تكون جزءا من تحالف دولي أوسع، وفي نهاية المطاف الحل العسكري لن يكون الحل

لو أن الولايات المتحدة أرسلت قواتها إلى سوريا – قواتنا وجيشنا الفعال جدا، على الأرجح اننا كنا لنحسم الموقف لصالح المعارضة، ولغير صالح الأسد في فترة قصيرة. ولكن حيث الحكم، من حيث الحفاظ على السلام، من حيث معالجة القضايا الطائفية التي ابتلي بها هذا البلد فضلا عن المنطقة لفترة طويلة، لبقيت كل هذه القضايا حاضرة، ولما كان لتدخلنا العسكري ان يحلها.

وهكذا نحن مستعدون للعمل ليس فقط مع دول مجلس التعاون الخليجي، ولكن مع دول مثل تركيا - التي تمتلك جيشا قويا جدا، على الحدود مباشرة.وقبلت تركيا بكرم نحو 2 مليون لاجيء سوري.في نهاية المطاف، من المنطقي بالنسبة لنا العمل مع كل هذه الاطراف، لا ان نتصرف لوحدنا ومن تلقاء انفسنا، من أجل حل هذه القضية الإنسانية الخطيرة جدا.

العربية: ولكن اعذرني سيدي الرئيس، عندما تنتفض الشعوب، وتطالب بحقوقها، فانها تتطلع إلى الولايات المتحدة.

الرئيس: نعم.

العربية: انهم لا ينظرون إلى أي بلد آخر. وخاصة بعد أن استخدام الأسد أسلحته الكيميائية، شعر الناس بالخذلان.الحرب الأهلية لم تبدأ من اليوم الأول لانتفاضة السوريين. ولاحظ الشعب انه كان بمقدورك فعل شيء لأجلهم من البداية، ولكنك لم تفعل.

الرئيس: ولكن إذا نظرتم إلى تاريخ الحكاية،ما كانوا يريدونه منا، هو ان تغزوا الولايات المتحدة سوريا، والاطاحة بالنظام السوري، وهذا بالمناسبة، سيكون انتهاكا للقانون الدولي، وكنا لنتعرض للانتقاد على ذلك.

وذلك ما أعتقد أننا حاولنا القيام به هو أن نكون واضحين جدا بشأن المبادئ التي نؤمن بها.

وفيما يتعلق بمسألة الأسلحة الكيميائية، المبدأ الذي تبنيته كان: عدم جواز استخدام الأسلحة الكيميائية. هناك من قد ينتقدنا لاننا لم نستخدم صواريخنا ضد الاسد، لأنه استخدم السلام الكيماويولكن تنبهي لسبب عدم استخدامنا السلاح ضده

لم نستخدم السلاح، لانهم تخلصوا من الأسلحة الكيميائية.

وهذا في الواقع، شيء المهم جدا.لم يُحَل موضوع البراميل المتفجرة. لم تحل المصاعب الهائلة التي يرسح تحتها الشعب السوري

ولكن حل هذه القضايا ، وهي الأهم و الأكبر، تتطلب جهد دولي، نحن جزء اساسي منه، وشريك محوري فيه. والوزير جون كيري، يعمل بلا ملل ولا كلل في محاولة للتوصل إلى حل دبلوماسي لهذه المشكلة.

المشكلة الأخرى لدينا، ان هناك داخل سوريا متطرفون، يعارضون الأسد، ولكنهم أيضا يعارضون الولايات المتحدة. كما يعارضون دول مجلس التعاون الخليجي بشدة. معنيون في اقامة نظام هدام للغاية، وينخرطون في أنشطة وحشية في عنفها، لا نود ان نراها تنتشر خارج تلك البلد.

لذا ، هذه أوقات صعبة. هذه تحديات صعبة

ما أنا متفائل بشأنه، هو حقيقة أن دول مجلس التعاون الخليجي تمثل الاستقرار والوعي لحقيقة أهمية التحرك سوية، وأهمية خلق إطار يمكن الشباب قادر على العيش بسلام. عوضا عن الانجذاب للحرب والعنف 

وأعتقد أن قادة الخليج يدركون أيضا ضرورة أن نتجاوز جميعا الطائفية التي يعمل المتطرفون على نشرها ، ولا يريدون سوى السيطرة على السلطة ويستخدمون الطائفية كذريعة.

"دولة فلسطين" وإسرائيل

العربية: سؤال واحد أخير. إذ قيل لي ان أنهي المقابلة.

أنك الرئيس الأمريكي الثاني الذي أقابله، وهو يغادر منصبه دون تحقيق الرؤيا ل "دولة فلسطين".بذلك جهودا جدية في ولايتيك الأولى والثانية، ولكن وصلت الى طريق مسدود. لماذا؟ من هو المسؤول عن ذلك؟

الرئيس: هذا تحدي في غاية الصعوبة  من ناحية، أنا مؤيد قوي لإسرائيل، والعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل قوية كما هو معروف.

ولدى إسرائيل مخاوف أمنية مشروعة. ولا شك في ذلك. ولكن الحقيقة الأخرى، أنني ملتزم بقوة بالدولة فلسطينية.

عندما أزور رام الله، وأسمع من الطلبة الفلسطينيين عن شعورهم بنسداد أي أفق في عالمهم، بسبب الظروف التي يعيشونها في الضفة الغربية، أو عندما أسمع القصص الموجعة عن حياة الناس في غزة، فإن الحل الوحيد بالنسبة لي، على المدى البعيد، هو حل الدولتين.

لقدعملنا باجتهاد كبير، ولكن، بصراحة، فان السياسة داخل إسرائيل والسياسة بين الفلسطينيين، جعل الثقة بين الطرفين أمر صعب جدا للقيام بالقفزة الضرورية للحل.

ما أعتقد انه واقعي في هذه الفترة، هو محاولة اعادة بناء الثقة.

ليس من خلال صفقة شاملة، فصفقة شاملة برأيي، هي أمر غير واقعي خلال العام المقبل.وذلك نظرا لتركيبة حكومة نتنياهو، ونظرا للتحديات التي توجد لدى الرئيس عباس. ولكن ان تمكنا من انجاز بعض اجراءات بناء الثقة ، مثل التخفيف من المعاناة الإنسانية داخل غزة ومساعدة الناس العاديين في غزة على التعافي من الدمار الذي حدث في العام الماضي.

اذا كنا نستطيع القيام بالمزيد لخلق فرص عمل داخل الأراضي (الفلسطينية) - اذا تمكنا من إعادة بناء هذا النوع من الثقة ولو ببطء، لكنت أعتقد في تلك الحالة، أن منطق حل الدولتين سيثبت نفسه من جديد.

لأنني قلت للإسرائيليين لا يمكن لكم أن تبقون على دولتكم ديمقراطية ويهودية في آن، إذا لم تتمكنوا من حل هذه المشكلة.

وفيما يتعلق بالفلسطينيين، لقد قلت لهم: أنه لا يمكن أن نتوقع أن تكون لكم دولة خاصة بكم، وكرامة كاملة واحترام متأصل من قبل جميع البشر، إذا لم تعترفوا بإسرائيل، لأن إسرائيل باقية.

وأعتقد أن الناس، من ذوي النوايا الحسنة من الجانبين فهموا ذلك.

وللأسف، فإن سياسة الخوف كانت أقوى من سياسة الأمل خلال السنوات الأخيرة - وذلك جزئيا بسبب حالة الفوضى في المنطقة بشكل عام. وسوف يستغرق الأمر بعض الوقت لإعادة بنا الأمل.

ولكن كما نوهت أمس في كامب ديفيد، ما كان لأحد ان يتخيل ان تغتنم إسرائيل ومصر السلام ولعقود، الى أن قررت القيادة ذلك من تلقاء نفسها.

الولايات المتحدة تود ان تكون شريكا قويا في هذا المجال. فنحن لا نستطيع نقوم بما يجب فعله لأجل السلام، نيابة عن الفلسطينيين ا ونيابة عن الاسرائيليين

لكن الحقيقة، هو انه يمكننا الاستمرار في الدفع لأجل ما نؤمن به على انه الحقيقة وما نؤمن أنه الصحيح.

العربية: اذا، لا لقاء بين نتنياهو وعباس؟

الرئيس: حسنا، لا تقولي ابدا، ان أمرا لن يحصل. سنرى كيف تسير الأمور.لكن تبقى سياستنا هي التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل و بدولة فلسطينية ذات سيادة.

العربية: لدي أسئلة أخرى حول اليمن والعراق، ولكن الوقت ينفد. لذا شكرا جزيلا لك، السيد الرئيس.

الرئيس: شكرا جزيلا لك.

العربية: نقدر ذلك.

الرئيس: وأنا أقدر ذلك. شكرا.