حكمة زوجة

د. محمد رشيد العويد

لا أنكر أنني صُدمت حين علمت يقيناً بزواج زوجي سراً، وعرفت من هي، وأين يقيمان.

مشاعر الضيق كانت تدفعني لمواجهته بما علمت، وتفجير غضبي في وجهه، غير أنني صرت أفكر في ما ستنقلب حياتي إليه، من نزاع دائم بيننا، ومواجهات مستمرة معه، تفقدني ما أعيشه من استقرار في زواجي.

استخرت الله في مواجهته فشرح سبحانه صدري إلى تجاهل زواجه، ومواصلة حياتي معه وكأني لا أعلم بهذا الزواج، واطمأننت لذلك، وارتحت له، وأعانني الله عليه.

مضى عليَّ سنتان وأنا أخفي معرفتي، ولست نادمة، بل إنني أدرك جيداً الآن مدى توفيق الله لي في اتخاذ هذا القرار، إذ تجنبت كثيراً من المنغصات، وظفرت بكثير من الأمن والسلام.

من المنغصات التي تجنبتها هي المواجهات التي ستقع مع زوجي حين نخوض مجادلات كثيرة حول زوجته الثانية، واتهامي له بإيثارها علينا، وأنها شغلته عنا، وشاركتنا في ماله ووقته واهتمامه.

ومنها أنه سيقول لي: لك ليلة ولها ليلة، بينما هو الآن لا يذهب إليها إلا قليلاً حين يزعم أنه يريد أن يبيت ليلة مع صحبه في البر، وأحياناً أنه يريد أن يسهر مع أصدقائه وقد يتأخر عن العودة إلى البيت.

ومنها أنني حفظت أولادي مما ستتركه معرفتهم بزواج أبيهم فيهم من آثار سلبية كثيرة، منها نقمتهم منه، وربما بغضهم له، عدا ما سيشهدونه من مشاجراتنا الدائمة حول زواجه.

ومنها ما لاحظته عليه، منذ زواجه، وهو إحساسه بأنه فعل أمراً تحزنني معرفته، فيحرص على مداراتي ومداراة أولادي، وزيادة صبره علينا، وتلبيته طلباتنا، وكأنه ارتكب ما ظلمنا به، فيحاول تعويضنا باهتمامه بنا، وإحسانه إلينا.

عدا هذا كله فإنني أستحضر ما سيأتيني من ثواب ربي لي، لصبري على ما لا تصبر عليه أكثر النساء، وحسن تبعلي لزوجي بتغافلي عنه وعن زواجه.

وإني لأرجو أن يقدر لي زوجي ذلك ؛ حين يعلم في المستقبل بأنني لم أواجهه، وآثرت إخفاء معرفتي حرصاً على استقرار حياته وحياتي.

حين انتهت هذه الزوجة من كلامها أبديت إعجابي بحكمتها، ورجاحة عقلها، وسداد تفكيرها، فدعوت لها وأنا أتمنى أن تتمتع زوجات كثيرات بمثل ما تمتعت به، ليفعلن مثلما فعلت.

وسوم: العدد 779