وقفة منهجية ..

عند كل ذكرى من ذكريات السيرة النبوية كالمولد النبوي أو الهجرة أو الإسراء أو غيرها يخرج علينا من يقول بأن هناك بعض ما اشتهر من الروايات حول تلك الذكريات لم تصح ولم تثبت .. ولدى تتبعي لكثير من تلك الاستدراكات وجدت صوابية ما ذهب إليه هذا الباحث الكريم أو ذاك .. ولكن لابد من الإشارة هنا إلى أن حكاية السيرة العطرة قد وصلت إلينا بطريقين:

- طريق المحدثين: وهي المنقولة إلينا بأسانيدها.

- طريق المؤرخين: وهي المنقولة إلينا بشهرتها.

* وقد وجدت أن كثيرا من مشاهد السيرة التي تعلمناها في مدارسنا، وسمعناها عبر منابرنا المختلفة قد اعتمدت طريق المؤرخين ولم تعتمد طريق المحدثين.

* وبعد أن أكرم الله تعالى نفراً من علماء الحديث في زماننا بتحقيق مرويات السيرة وبيان ما صح من أسانيدها؛ صرنا نقول بأن هذا المشهد من السيرة ثبت بإسناد صحيح، والمشهد الآخر ضعيف الإسناد أو لا إسناد له (لا أصل له) وإن كان مشهوراً بحسب طريق المؤرخين.

* وهنا وجد عامة الناس أنفسهم في حيرة، لاسيما وهم قد توارثوا الحديث في بعض المشاهد بل وأخذوا منها الدروس والفوائد، وإن كانت مما لا أصل له (حديثيا).

* وحتى لا نزيد الطين بلة، وكي لا نهدر جهودا كبيرة بذلها المؤرخون، فإنني أميل إلى رأي تبناه عدد من العلماء في اعتماد (بعض) ما اشتهر عند المؤرخين وإن لم يثبت عند المحدثين، ولكن ضمن ضوابط منها:

- أن لا يكون في الرواية التاريخية المشهورة ما يخالف رواية حديثية صحيحة للمشهد الواحد.

- أن لا يكون في الرواية التاريخية المشهورة ما يخالف عقيدتنا أو شريعتنا.

- أن يُعلم من المؤرخ الناقل لتلك الرواية التاريخية ضبطه وعدالته.

- أن يتم الإشارة إلى أنها رواية مقبولة وإن لم تكن ثابتة (حديثيا).

* ومن هنا فإنني لا أجد مانعاً من قبول (بعض) ما جاء في مناهجنا وما نسمعه عبر منابرنا (وفق الشروط السابقة)، دون إقحام العوام بردودٍ وطعون تُذهب روعة وجمال الذكرى من ذاكرتهم وبركتها من حياتهم.

وسوم: العدد 791