دندنات عن اللؤلؤ المكنون

أظن أن بينونة كبرى، وقعت بين مشروع إنصاف السوريين، بأي درجة من الإنصاف، وبين مشروعات الجامعة العربية والإقليمية والدولية. إذا عقدنا اليقين على هذا توقفنا عن اللهاث. مثل الذي يلهث في كتاب الله، إن .. وإن.. مهين..

وكانوا في حلب يغنون في ساعات بسطهم:

يا عاقلين اجهلوا والدنيا ماضية..

ربما وبعد أن جد الجِد من حقنا أن نغني..

يا جاهلين اعقلوا الثورة ماضية..

وافهم لفظ "ماضية" على ما في قلبك؛ ماضية في طريقها إذا شاء الله ثم شئت فذاك فأل حسن.

وسألني: و ما العامل المشترك الأعظم بين بشار الأسد وبين نظرائه من السوريين؟؟

العامل المشترك الأعظم تعلمناه في الاعدادية، يعني معرفته لا تخضع لعلمي ولا لأدبي..فيجب عليك أن تتذكره، وإن لم، فمقالي هذا لا يعنيك فتجاوز، تجاوز الله عنك وعني..

و"النظير" شرحته منذ أيام في حديث عن "الأشباه والنظائر"، كعنوان علمي في أكثر من علم من الفقه إلى اللغة إلى النحو..

وأقول جوابا على السؤال: العامل المشترك الأعظم بين بشار الأسد وبين نظرائه؛ هو أن كليهما، أو كلا النظيرين، يجلسان على الكرسي، ويتخذان القرارات، ويؤديان الأدوار، بقوة الآخرين. كلاهما "محرَّك" لا "متحرك" كلاهما توضع الكلمة في "فيه" ، وأحيانا يلينها المحرك في فيه، لضعف أفواههم عنها. أعني كلاهما يعيد مضغ الممضوغ. وكلٌّ منهما، بالطريقة نفسها، والأعجب أنه في بعض الأحيان من الجهة نفسها.

من أرقى تعابير القرآن الكريم المدنية، في عالم الكنايات قوله تعالى: (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ)

هل تفكرنا بمعنى العصف المأكول؟؟ انتبه لا تسد أنفك، ونمر بها سهوا رهوا، انتبه أنا قلت ممضوغ ولم أقل مأكول!!

يقولون لبشار: قل كذا..

ويقولون لعشار: رد عليه بكذاً

ويدور الرحى ولكن علينا، أقصد على الأرامل والأيتام والمساكين وعلى من لا نصير له من أبناء شعبنا. على هؤلاء يبكي عجوز مثلي، وإلا فأنا بأمان وعافية، لاجئ موفور عند آل "وندسور" ولم ينسني طيب المقام، وطني ولا أهلي ولا جيراني.. وأبكي على درعا وعلى القامشلي وما بينهما، من بشر وشجر وحجر معا، لا أحد يقول لي نسيت!!

يحتجون على السوري أنه مخالف، وأن أوراقه غير نظامية: مثلنا الحلبي يقول الرجل للرجيل: "يرحم ابوك الذي مات من الجوع" فيرد عليه: أطعمته وما أكل!!

هل عرضتم على هذا اللاجيء المخالف للقوانين تسوية وضعه، منحتموه الكملك فعنطز وأبى..

يضحكونني عندما يقولون: هجرة غير نظامية!! ومتى كان الذين يقفزون من البيوت التي تحترق، يتقيدون بإشارات المرور، أنت اقفز، وأنت توقف!!

وحلمت اليوم: أننا جمعنا أسرابا أطفالا من مواليد ٢٠١٣ وربما ٢٠٠٧ و٠٠٨ و٠٠٩ و٠١٠

وزججنا بهم في وجه العالم ،،

يقولون للعالم، كل العالم، ولا يستثنون أحدا من العالم: صاحب السارين خنق وأنتم دفنتم!! صاحب السارين قتل وأنتم تسترتم، أنتم دفنتمونا بعد أن سكتم..

كم فتى كان يمكن أن يكون اليوم عروسا على لغة العرب، وعريسا على لغتنا، وكم فتاة كان يمكن أن تكون اليوم أما .. قتلها سارين أوباما وبوتين معا. أوباما وبوتين معا، وبشار الأسد كان فقط "الجلاد الغبي المتخلف -شيخو- في سجن الشعبة السياسية في حلب" شيخو الغبي الذي قال يوما للمساكين، تزدحمون على الحمام، وتتركون حنفية الوضوء، فارغة، استفيدوا من الوقت، توضؤوا ثم ادخلوا الحمام!! حسبته، فإذا هو هو ،أو هو إياه، لا فرق. ويظن أنه منتصر…

نحن لا نشعر بالضياع، وهذه رسالة تفصيلية لمن يسيء فهم ما يصله من كلامي.

نحن أصحاب الطريق أقصد، على يقين أننا لسنا على طريق، لأننا نعرف الطريق. مفهومة هذه، ربما تحتاج إعادة قراءة مع مراعاة علامات الترقيم..

نحن أصحاب الطريق

على يقين أننا بحالنا الذي ندفع فيه، لسنا على طريق..

لأننا نعرف الطريق، معلَما معلَما.. وصاحب المعالم علمنا..

وعندما كنا في الصف العاشر قرأنا "معالم في الطريق" نحن فهمنا المعالم فهما، بفضل الله علينا، ولم نبصمها بصما. لذلك نعرف الدروب من عبقها..

كان لنا أخ جميل شاعر منذ خمسينات القرن الماضي، ضربه "شيخو" عصره، على رأسه منذ كان طالبا في الجامعة، وأنشدنا منذ ذلك اليوم، وما زلنا نرددها ونترحم على أبي عبد الله:

تاه الدليلُ فلا تعجب إذا تاهوا

وضيّع الركبَ أشباحٌ وإشـــــــــــباهُ

هل تعرفون صاحبّ ديوان اللؤلؤ المكنون:

يا روعة اللؤلؤ المكنون يضنينـــــا

أن يؤثر الخبءُ لو نبقيه مدفونا..

واليوم لا بوح ولا خبء

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1045