الفرق بين منطق المسيح ومنطق الأعور الدجال (٦٦٦) .الجزء ٤

 خواطر من الكون المجاور

في البداية أود أن أشير إلى ملاحظة هامة وهي أن المقالة تعتمد على معلومات ورموز تم شرحها بشكل مفصل في مقالات ماضية وهنا نذكرها بشكل مختصر جدا لكي لا يتحول حجم المقالة من (١٠) صفحات إلى (٥٠٠) صفحة .

منذ بداية هذه السلسلة ونحن نؤكد ونحاول إثبات أن الأعور الدجال الذي رمزه في الديانة المسيحية هو الرقم (٦٦٦) ، بأنه ليس شخصية إنسانية تظهر أمام الناس بجسد وروح كما يعتقد جميع أتباع الديانات العالمية ، ولكن هي مجرد روح سوء عالمية تظهر كل فترة وفترة من الزمن لتدفع كل حضارة إلى الإنهيار والدخول في عصر الإنحطاط ، وأن هذه الروح قد ظهرت في القرن /١٩/ (وعليها تسعة عشر) .وأنه بسبب تطور التكنولوجيا في عصرنا الحاضر الذي سمح بإنتقال الأخبار والمعارف بسهولة وفي زمن قصير جدا إلى جميع أنحاء العالم ، إستطاعت روح الأعور الدجال السيطرة على جميع شعوب العالم .

في المقالات الماضية ذكرنا أن مصطلح (الأعور الدجال) لا يعني معناه الحرفي (أعور العين) ولكن معناه الرمزي (أعور الرؤية) ، أي أنه يرى العالم برؤية من نوعية واحدة بدلا من الرؤية الشاملة (رؤية روحية ورؤية مادية) والتي من خلالها نستطيع رؤية علاقة الإنسجام بين الشكل والمضمون . فمن أكبر عيوب نتائج سيطرة روح الأعور الدجال على شعوب العالم في العصر الحديث أنها صنعت منهجا دراسيا يفرض على الطلاب وفي سن مبكرة جدا أن يختار بين فرعين ليتابع دراسته : إما فرع أدبي ، أو فرع علمي . فالذي حصل هو أن الطالب قبل أن يصل إلى المرحلة التي تمكنه من الحصول على قاعدة فكرية (ادبية ، علمية) يستطيع فيها استخدام الرؤية الشاملة ، نجده مضطرا في إختيار فرع من الفرعين . حيث هذا الفرع الدراسي يجبره على تنمية نوعية واحدة فقط من الرؤية . فنجد أصحاب الفروع الأدبي (رؤية روحية) عادة معظمهم لا يفقهون شيئا في العلوم المادية ، وأصحاب الفروع العلمية (الرؤية المادية) عادة معظمهم لا يفقهون شيئا في العلوم الأدبية . واليوم وبسبب إنفصال الرؤية الروحية عن الرؤية المادية نتيجة هذا المنهج الدراسي الحديث قد تحقق معنى الحديث الشريف (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدَمُ ، فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ . قَالَ : وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ ؟ قَالَ : أَبْشِرُوا ، فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلا ، وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا) .

في مقالات ماضية ذكرنا أن يأجوج ومأجوج ليسوا مخلوقات ولكن صفات تحدد نوعية الرؤية ، فمصطلح (يأجوج) يعني أعور العين اليسرى (عمى في الرؤية المادية) أما مصطلح (مأجوج) فيعني أعور العين اليمنى (عمى في الرؤية الروحية) . فتكرار الآية (فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) في سورة الرحمن التي تتكلم عن القرآن والبيان وخلق الكون والإنسان . تخاطب نوعين من البشر : النوع الأول أعمى روحيا (مأجوج) ، والثاني أعور ماديا (يأجوج) . ولهذا نجد في عصرنا الحاضر أن النصوص الدينية كما يتم تفسيرها أصبحت بلا أي فائدة كونها أصبحت عاجزة عن حل أي مشكلة من المشاكل التي تعاني منها المجتمعات الإنسانية . لأن هذه النصوص كُتبت برؤية شاملة (روحية ومادية) بينما الناس يقرأؤنها بعين واحدة إما الرؤية الروحية أو الرؤية المادية ، (ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور . حديث شريف) .

معظم أتباع الديانات السماوية تعتقد أن قوم يأجوج ومأجوج سيخرجون من جوف الأرض في زمن ما في المستقبل . ولكن الحقيقة أن قوم يأجوج ومأجوج قد بدأوا في الظهور منذ منتصف القرن (١٩) . وظهورهم كان كصفات روحية وليس كمخلوقات . وهذه الصفات اليوم منتشرة في جميع شعوب العالم حيث أنها جعلت من سلوك الإنسان أن يتحول إلى سلوك إنسان قرد ، هذه الصفات قامت بتدمير البيئة الروحية لعالم الأطفال فتحول الكثير منهم في عصرنا الحديث من كائنات وديعة مسالمة إلى كائنات مجرمة تعشق العنف والإنتقام . وهذه الظاهرة لم تحدث في تاريخ البشرية من قبل ، لأن سيطرة روح الأعور الدجال في الماضي كانت محصورة في منطقة معينة وليس جميع مناطق العالم كما يحدث اليوم .

في المقالة الماضية تكلمنا عن تطور المعارف التي تتعلق بالقسم (الفرع الأدبي) من خلال فهم السلوك الإنساني . وقلنا أن الفلاسفة بوعي فطري اعتمدوا الرمز (١٨) في تفسير السلوك الإنساني. فحسب رأي الفيلسوف أفلاطون أن السلوك الإنساني يتعلق بنوعية النفس الموجودة في الإنسان ، فقسم هذه النفس إلى /٣/ أقسام حسب مكان تواجدها : الرأس ، الصدر ، البطن والأعضاء التناسلية ، وقال بأن النفس الموجودة في الرأس هي فقط الخالدة . ثم أتى بعده الفيلسوف ابن رشد بنظريته (إزدواجية الروح) وقسم الروح إلى نوعين : روح عالمية خالدة كونها تعتمد مبدأ الوحدة العالمية ، وروح فردية غير خالدة كونها روح أنانية تعصبية تحاول تمزيق الوحدة العالمية . ثم أتى بعده الفيلسوف ديكارت وأعطى تفسيرا آخر وهو أن الإنسان فقط هو الذي يحتوي تكوينه على الروح (ويقصد روح الله) ولهذا استطاع الإنسان بناء الحضارات ، أما الحيوانات فهي بلا روح و لهذا ظلت كما هي بدون أي تقدم في الإدراك . وقلنا أنه في القرن /١٩/ بدأ يظهر علماء ومفكرين تسيطر عليهم النفس الدنيئة (الموجودة في البطن والأعضاء التناسلية) فظهرت نظرية التطور الداروينية التي تؤكد على أن أصل الإنسان قرد أي أنه خالي من روح الله (١٨) ، والماركسية التي تؤكد على عدم وجود الخالق . والروائي أميل زولا والفنان التشكيلي بول سيزان اللذان حولا الفن من تعبير روحي لتلك النفس الخالدة الموجودة في الرأس ، إلى تعبير روحي لتلك النفس الدنيئة الموجودة البطن والأعضاء التناسلية فتحول دور الفن من فن ينمي المحبة والسلام والمبادئ السامية والعواطف النبيلة إلى فن ينمي الأنانية والتعصب والدعارة والعنف .

في مقالة اليوم سنتكلم عن رؤية القسم المادي (الفرع العلمي) ونشرح تطور معارف فهم سلوك المادة وعلاقته بالرمز الروحي (١٨) ، والتي من خلال دمجها مع رؤية الفرع الأدبي نستطيع فهم علاقة المادة مع الروح (علاقة الشكل والمضمون) في التكوين الإنساني والطبيعة والكون .

إن الشرح المفصل لتطور النظريات المادية عن تكوين العالم المادي منذ ظهور الإنسان وحتى الآن يحتاج إلى صفحات عديدة ويحتاج أيضا إلى ذكر قوانين ومصطلحات فيزيائية وكيميائية ستجعل القراء من الفرع الأدبي يتوقفون عن القراءة . ولهذا سنحاول شرح هذا النوع من التطور بشكل مبسط جدا بشكل نستطيع في النهاية التوصل إلى نفس الحالة التي توصل إليها الفلاسفة القدماء بشكل فطري وهي مبدأ (إزدواجية الحالة) التي من خلالها نستطيع فهم علاقة التجانس بين الشكل والمضمون في التكوين الإنساني وسلوكه .

الضوء في الحضارات القديمة يظهر بعد ظهور الماء . في الأساطير المصرية إله الشمس (أتوم - رع) يولد من إله الماء . أما في حضارة بلاد الرافدين فإله الشمس (أوتو) وفي أسطورة الطوفان السومرية (طوفان نوح في الديانات السماوية) ، يظهر أوتو بعد أن تبدأ مياه الطوفان بالانحسار، فيقوم زيوسودرا – نوح - بفتح النافذة في قاربه فيرى إله الشمس ويخر ساجدًا أمامه، ثم يضحي بخروف وثور قربانًا له لأنه أنقذه من الغرق .

الأساطير القديمة تذكر بشكل رمزي ما حصل داخل الكون بعد طرد الإنسان من الجنة. لهذا فهي تعتمد مذهب مادي الذي يقول أن أصل كل شيء هو المادة (الماء) . أما نصوص الديانات السماوية فتعتمد مذهب روحي والذي يقول أن أصل كل شيء هو الروح (الله) . لهذا نجد هذه النصوص تبدأ بخلق الإنسان في الجنة ثم طرده منها بسبب إرتكابه الخطيئة . الكون هو مكان منفى الإنسان بعد طرده من الجنة . الكون تشكل من ثقب أسود يتكون من مادة لا نور فيها ثم بعد ذلك ظهر النور . لهذا نجد الحكمة الإلهية في تصميم القرآن ، أنه يبدأ بسورة الفاتحة هذا العنوان هو رمز حواء التي كانت السبب الأول في حدوث الخطيئة ، فهي التي فتحت باب الخروج من الجنة . لهذا كان عدد آيات هذت السورة الرقم ( ٧ ) ، فإذا وضعنا رقم (١) ترتيب السورة بجانب رقم عدد الآيات سنحصل على رمز روح السوء العالمية العدد ( ١٧ ) ، وهو الرقم المناقض للرمز الإلهي ( ١٨ ) . ولكن عند قراءة السورة يجب إضافة آية (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) التي تلفظ ولا تكتب ، فيصبح عدد الآيات في السورة الرقم ( ٨ ) فيظهر الرمز الإلهي ( ١٨ ) . الرمز ( ١٧ ) في سورة الفاتحة له معنى بداية الخلق داخل الكون (مذهب مادي) ، أما الرمز ( ١٨ ) فيعني أن بداية الخلق حصلت في الجنة (مذهب روحي) . فكلمة (الله) لها مفهومين : الأول وهو الله خالق الإنسان في الجنة (الله الصمد) الموجود خارج الكون ، لأن قوانين الكون لا تستطيع إحتوائه . والثاني وهو الله الذي يظهر في الرمز (١٨) وهو الذي يمثل ذلك الجزء من روح الله التي نفخها في آدم الجنة والتي وضع الله فيها شيفرة مخططه في خلق وتطور كل شيء يحصل في داخل الكون .

قبل حوالي خمسة آلاف عام وفي عصر الأهرامات بالتحديد في مصر يظهر ولأول مرة في تاريخ البشرية تعبير روحي في الشكل الهندسي للأبنية والرموز الدينية بحيث يوضح لنا بشكل رمزي التكوين الإنساني ، المصريون القدماء استخدموا نوعين من الأشكال الهندسية : الأول هو الهرم الذي له شكل (٨) ، أما الثاني فهو المسلة التي لها الشكل (١) . فمن دمج شكل الهرم مع شكل المسلة نحصل على الشكل ( ١٨ ) رمز روح الله الإنسانية . هذا الرمز في مصر ظهر بشكل فطري في عصر الأهرامات ، والشخص الوحيد الذي يحمل فطرة نقية جدا يستطيع بها التعبير عن هذا الرمز ليراه الناس أجمعين هو النبي يوسف الذي عاش في مصر بأسم (أمحوتب) والذي بنى أول أهرام في تاريخ البشرية وهو هرم سقارة المدرج والذي يُعتبر أول بناء حجري في تاريخ البشرية . فأسم المنطقة الموجود فيها هذا الهرم (سقارة) ليس صدفة ولكن حكمة إلهية لها معنى ، فهذه الكلمة مصدرها كلمة (سقر) المذكورة في القرآن الكريم ، وتعني الحر الشديد ، وهي أسم باب من أبواب جهنم . فمعنى ما حدث أن أخوة يوسف بسبب غيرتهم منه أرسلوه إلى جهنم ليتعذب هناك ، ولكن يوسف أستطاع أن ينتصر على الشيطان هناك ويصنع الهرم المدرج ذو شكل درج أو سلم يصعد نحو السماء ، أي أن يوسف جعل المنطقة طريق إلى الجنة ، ولهذا الآية في نهاية سورة يوسف تذكر (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا) والمقصود هنا آدم وحواء . شكل الهرم وشكل المسلة معا سيأخذ معنى رمزي عقائدي وهو المعروف ب (الثالوث المقدس) كونه يتألف من / ٣ / خطوط ( \ / | ).

في القرن / ٦ / قبل الميلاد يأتي اليوناني طاليس ويرفض جميع الأساطير عن نشاة الكون ويقول بأن الماء هو أصل كل الأشياء . فتظهر لأول مرة في تاريخ البشرية رؤية علمية مادية عن تكوين مادة الكون .

إن قبة جميع المعابد الكلاسيكية في عصر الحضارة الإغريقي لها شكل مثلث متساوي الساقين حيث زاوية القاعدة فيه تساوي (١٨) درجة ، وهذا يعني أن الحضارة الإغريقية لم تكن حضارة وثنية ولكن حضارة من وحي إلهي.

في القرن / ٦ / قبل الميلاد أيضا الفيلسوف بيثاغوراس يأخذ مبدأ نظام القابالا اليهودي ويضع نظام القابالا للغة اليونانية ، وهذا النظام يقول بأن كل حرف يوناني له قيمة رقمية ، وهذا يعني أن كل كلمة لها قيمة رقمية وهذه القيمة هي تعبير روحي لمعنى هذه الكلمة . وحسب هذا النظام الرقمي يأخذ أسم آدم في اليونانية (ΑΔΑΜ) القيمة الرقمية ( ١٨ ) . كلمة آدم في العبرية لا تعني فقط آدم أبو الإنسانية ولكن تعني أيضا إنسان . فالرمز ( ١٨ ) هو رمز ذلك الجزء من روح الله الذي نفخه في الإنسان عند خلقه .

أيضا في القرن /٥/ قبل الميلاد يأتي الفيلسوف اليوناني ديموقريطس ويقول بأن المادة يمكن تجزئتها إلى أن تصل إلى مرحلة لا يمكن فيها أن تنقسم وسماها الذرة (ΑΤΟΜΟ) ومعناها في اللغة اليونانية الجزء الذي لا يتجزأ من المادة . هذه الفكرة ستبقى كما هي حتى آواخر القرن /١٩/ .

بعد طاليس يأتي أرسطو فيحاول تشويه بنية الكون (١٨) ، فيقول أن الكون يتألف من أربعة عناصر حسب ترتيب وجودها شاقوليا على الأرض وهي : الماء ، التراب ، الهواء ، والنار . ويقصد بالنار الشمس . رأي أرسطو عن تكوين الكون ينتشر بين الفلاسفة ويستمر لحوالي /١٠٠٠/ سنة

الرمز (χξσ) يكشف لنا معلومات أخرى عن الأعور الدجال ولكن يحتاج إلى شرح مفصل لهذا سنتركه للمقالة القادمة إن شاء الله عندما تتكلم عن رموز القرآن الكريم في هذا الموضوع .

مع ظهور الإسلام وبوحي إلهي يتم تحديد الشكل الكلاسكي للمعابد الإسلامية (المساجد) بناء على الرمز ( ١٨ ) حيث يتألف المسجد من قسمين من الأبنية : الأول بناء فوقه قبة نصف دائرية ويمثل الرمز (٨) ، ومأذنة تمثل الرمز (١) .

في القرن /٨/ يأتي الإمام جعفر الصادق ويقول بأن إعتقاد أرسطو عن تكوين المادة هو إعتقاد خاطئ ، فالعناصر الأربعة التي تكلم عنها هي عناصر مركبة ، التراب مثلا ليس عنصر واحد ولكنه يتألف من العديد من العناصر . ويقول أيضا أن جسم الإنسان يتكون من /٣/ أنواع من العناصر : عناصر أساسية ، عناصر ثانوية ، عناصر نادرة . استخدام رقم /٣/ في تقسيم أنواع المادة يعطي المادة رمزها الروحي الشكلي ، فالمادة تتواجد في /٣/ حالات : غازية ، سائلة ، صلبة . الغازية والسائلة تمثل الرمز ( ٨ ) لهذا فهي تملك الحركة ، أما الصلبة فتمثل الرمز ( ١ ) العديم الحركة .

في القرن /١٥/ ميلادي يأتي ليوناردو دافينشي ويرسم في لوحته (مريم الصخور) إمرأتين ، ويضع ألوان ثيابهما على الشكل التالي : اللون الأحمر في الأسفل ، والأخضر في المنتصف ، والأزرق في الأعلى ، ومن الخلف في العمق حيث توجد فتحة الكهف يضع اللون الأبيض كلون النور في السماء . مع ظهور هذه اللوحة ينتقل فهم التكوين الإنساني فطريا من الحالة المادية (ماء وعناصر كيميائية) إلى الحالة الروحية (ألوان الضوء) ، ورغم أن هناك آية قرآنية في سورة النور تتكلم عن النور ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ...) ولكن المسلمون في العصر الحديث لم يفهموها جيدا ، فظنوا أن المقصود بها هو (الله) نفسه ، ولكن الحقيقة المقصود بها هو الروح العالمية الإنسانية التي رمزها (١٨) . فبدون الضوء لا وجود للحياة .

بعد دافينشي يأتي إسحاق نيوتن في القرن /١٨/ ويتمكن من إثبات أن الضوء الأبيض هو ضوء مركب يتألف من إتحاد /٣/ ألوان رئيسية (الأزرق ، الأخضر ، الأحمر) والتي منها يتم تشكيل جميع الألوان . الأزرق والأخضر يمثل الرمز (٨) ، اما الأحمر فيمثل الرمز (١).

في القرن /١٩/ حاول العالم الروسي ديمتري مندلييف وضع جدول للعناصر الكيميائية بحيث يصبح كل صف في الجدول وكأنه يضم عائلة من العناصر الكيميائية تتشارك بنفس الصفات ، في البداية استخدم جدول يحوي على /٩/ صفوف ولكنه فشل ، ثم استخدم جدول ب /١٢/ صف ، ولكنه أيضا فشل . جميع محاولات مندلييف في إختيار الرقم الصحيح الذي سيحقق فرز العناصر الكيميائية ضمن عائلات باءت بالفشل . ولكن في إحدى الأيام وبعد تفكير طويل في هذا الموضع أخذه النوم ، فرأى في حلمه وكأن شخص ما يقول له ضع الجدول في /١٨/ صف . وعندما استيقظ ذهب ووضع الجدول في /١٨/ صف فرأى أن جميع العناصر قد دخلت في مكانها الصحيح . هذا الجدول معروف اليوم بأسم الجدول الدوري للعناصر الكيميائية ، حيث بنظرة واحدة إلى مكان تواجد العنصر في الجدول يسمح بمعرفة جميع خصائص هذا العنصر .

في نهاية القرن /١٩/ كان علم الفيزياء قد وصل إلى طريق مسدود ، فكان اﻹعتقاد عند الجميع بأن علماء الفيزياء قد إكتشفوا تقريبا كل شيء عن الفيزياء ولم يعد هناك سوى بعض التفاصيل الهامشية ليكتمل هذا العلم. في تلك الفترة بالذات ظهر شاب ألماني إسمه (ماكس بلانك) من عائلة راقية علميا وأخلاقيا ، وكأن هذه العائلة كانت قد جمعت فيها كل محاسن حضارة عصر النهضة . ماكس بلانك بعد تخرجه من الثانوية العامة أخبر والده بأنه يريد متابعة تعليمه في دراسة الفيزياء ، فأرسله والده إلى صديقه الذي كان بروفسورا في علوم الفيزياء ليأخذ منه فكرة عن هذا المجال من العلوم ، فأخبره البروفسور بأن علم الفيزياء لم يعد به شيء يدعو للإهتمام، وأن الدراسة في هذا المجال ستجعل منه مدرس فيزياء بسيط لا أكثر ولا أقل لذلك نصحه بأن يختار علم آخر يسمح له نيل الشهرة والمجد ، ولكن كون هذا الشاب من عائلة راقية أخلاقيا لم يكن يهمه المال والمجد والشهرة ولكن يهمه أن يعمل في المجال الذي يحبه ويشعر بأنه سيستطيع تقديم الفائدة للآخرين من خلاله ، فإعتذر من البروفسور بلطف وأخبره عن شدة رغبته في متابعة تعليمه في علم الفيزياء.

الله عز وجل إختار هذا العالم الفيزيائي (ماكس بلانك ) ليحطم ذلك الحاجز أمام أعين علماء الفيزياء ليكشف لهم عن فيزياء عالم جديد أغرب من الخيال، وليثبت لهم (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) ، ففي عام /١٩٠٠/ بالضبط وأثناء تجاربه على الضوء إكتشف هذا العالم أن الطاقة لا تصدر بسريان مستمر ولكن بشكل وحدات كمية. أي مثل الصوت الذي يصدر من العود أو البيانو نقرة نقرة وليس بشكل متصل مستمر كصوت الأكورديون أو المزمار أو الكمان. لذلك سميت هذه الفيزياء الجديدة بالفيزياء الكمية ( نسبة للوحدات الكمية ) أو بميكانيكا الكم (الكوانتم).

في عالم فيزياء الكم تحدث ظواهر غريبة وكأنها من عالم الخيال حيث دفعت الكثير من الفيزيائيين ومن بينهم ألبرت أنشتاين بعدم تصديق صحتها ، ولكن التجارب اللاحقة أثبتت أن هذا العالم الخيالي فعلا موجود . وحتى نفهم ما نقصده بهذا العالم الخيالي ، لا بد أن نعلم أن هناك ثلاثة أنواع من علوم الفيزياء :

١- الفيزياء الكلاسيكية : وهي التي تدرس سلوك المادة في الظروف الطبيعية المحيطة بنا

٢- الفيزياء النسبية : وهي التي تدرس سلوك المادة في الظروف الموجودة في عالم الكبائر كالنجوم والمجرات والأوساط المحيطة بها .

٣- فيزياء الكم : وهي التي تدرس سلوك المادة في الظروف الموجودة في عالم الصغائر وهي الجسيمات الأولية التي تتكون منها الذرة .

الفيزياء الكلاسيكية والنسبية هما في الحقيقة عبارة عن دراسة برؤية مادية (رمز العين اليسرى) لفهم العالم المادي . أما فيزياء الكم فهي عبارة عن دراسة برؤية روحية (رمز العين اليمنى) لفهم العالم المادي .

لتوضيح هذا الفرق في نوعية الرؤية لهذه الأنواع الثلاثة من الفيزياء . سنعرض عليكم هذا المثال البسيط :

لنفرض أن رجلا ما أشترى كيلو من الموز وأثناء سيره في الطريق أخذ موزة وأكلها ورمى قشرتها في الشارع وتابع سيره . والسؤال هنا هل قشرة الموزة موجودة في الشارع أم غير موجودة ؟ جميعنا سيستغرب هذا السؤال فالجواب بسيط جدا وهو : قشرة الموزة طبعا موجودة . هكذا أيضا سيكون جواب علماء الفيزياء الكلاسيكية والنسبية . ولكن للأسف فهذا الجواب يدل على أن صاحبه رغم أنه إنسان له حضارة عمرها حوالي /٥/ آلاف عام ولكنه حتى الآن لا يزال يرى الأمور كما تراها الحيوانات أيضا دون أي إختلاف ، فلو كان الإنسان يعتمد هذا النوع من الرؤية فقط لما استطاع أن يخرج من الكهوف ليبني المدن والحضارات . ولكن الإنسان وبالفطرة كونه يحمل في داخله بعض صفات الرمز (١٨) كان يستخدم النوعين من الرؤية المادية والروحية . ففيزياء الكم ولأول مرة هي التي استطاعت أن توضح لنا بصورة مادية كيف استطاعت الفطرة الإلهية في العصور الماضية أن يتمكن الإنسان من تحويل أحاسيس روحية إلى أفكار واقعية ساعدته في بناء عالم روحي ساهم في تطور الحضارات .

جواب فيزياء الكم على سؤال وجود قشرة الموزة سيكون بهذا الشكل : قشرة الموزة موجودة وغير موجودة وذلك يتوقف على نوعية تفاعل الإنسان مع قشرة الموزة . فبالنسبه للرجل الذي رمى قشرة الموزة هي غير موجودة لأنه بعد خطوات قليلة من رميها لم يعد يفكر بها نهائيا . أيضا قشرة الموزة غير موجودة بالنسبة لذلك الشخص الذي يسير بسرعة كبيرة كونه قد تأخر عن عمله ، فرغم أن عينيه للحظات بسيطة وقعت على الموزة ولكنها لم تأخذ أي أهمية في نفسه لأن فكره كان مشغولا بماذا سيبرر سبب تأخيره لصاحب العمل . أيضا قشرة الموزة غير موجودة لذلك الرجل الذي رأى قشرة الموزة ولكن تلك الفتاة بجسدها وثيابها المثيرة التي تسير في الشارع جذبت بصره إليها فنسى قشرة الموزة مباشرة وراح يتمعن بشكل الفتاة ومفاتنها .هناك الكثير من الأشخاص سيمرون من الشارع وسواء كانوا قد رأؤا قشرة الموزة أو لا ، فهم سيتصرفون وكأنهم لم يروها ، فواقعيا قشرة الموزة لجميع هؤلاء هي غير موجودة لأنهم لم يتفاعلوا معها . أما بالنسبة لذلك الشخص الذي لم يرى قشرة الموزة ولكنه بدون أن يعلم داس بقدمه عليها فتزحلق وشعر بألم في جسمه نتيحة سقوطه على الأرض فهو قد تفاعل معها لهذا سيشتم من رماها وسيخبر أهله وأصدقائه عن آلامه التي سببتها قشرة الموزة . أيضا الإنسان الذي لديه شعور قوي بالآخرين عندما تقع عيناه على قشرة الموزة فهو مباشرة سيفكر بأن وجود هذه القشرة في الشارع هي خطر على حياة الناس وخاصة الصغار والمسنين لهذا سيشعر شيء في داخله يدفعه ليأخذها ويرميها في صندوق المهملات . وكذلك الشخص الذي لديه شعور قوي بإحساس النظافة ، سيأخذ قشرة الموزة وسيرميها في سلة المهملات . فقشرة الموزة لجميع هؤلاء هي موجودة لأنهم قد تفاعلوا معها .

فالسبب الحقيقي لاختلاف الإنسان عن الحيوان هو أن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يتفاعل مع كل ما يحيط به فهو الوحيد الذي سأل نفسه هذا السؤال (لماذا) ، لماذا يتعاقب الليل والنهار ؟ لماذا تتعاقب فصول السنة ؟ لماذا تهطل الأمطار ؟ لماذا يتجمد الماء ولماذا يتبخر ؟ لماذا ..... لماذا ... لماذا ؟ كلمة (لماذا) هي التي قادت الإنسان إلى فكرة وجود إله خالق . أما الحيوانات فلم تسأل نفسها هذا السؤال أبدا ولهذا لم يتطور إدراكها لكي تكتسب المقدرة على بناء الحضارات . اليوم وبفضل سيطرة روح الأعور الدجال على المنهج الدراسي الذي نمى فيهم الأنانية والتعصب وحب المصلحة الشخصية ، أصبح معظم سكان العالم سواء كانوا يؤمنون بوجود الله أو لا يؤمنون ، لا يتفاعلون مع عناصر الكون الروحي المحيط بنا . لهذا الكون الروحي بالنسبة لهم هو في الواقع غير موجود ، ولهذا مقالاتي والتي تُنشر تحت عنوان (خواطر من الكون المجاور) أي الكون الروحي، قسم كبير من الناس لا يتقبلها لأنهم لا يستطيعون الإحساس والتفاعل بمعلومات هذا الكون .

الظواهر الغريبة في عالم فيزياء الكم تكلمنا عنها بشكل مفصل في مقالة ماضية تحمل عنوان (عالم عجيب جدا) وذكرنا أمثلة عديدة من حياتنا الواقعية تشرح مبادئ هذه الفيزياء بصورة مبسطة جدا (إزدواجية الحالة، النفق الكمي ، التشابك الكمي ، مبدأ عدم اليقين .. .)

من أهم مبادئ فيزياء الكم هو مبدأ عدم اليقين ، هذا المبدأ يقول لنا أن التنبؤ بالمستقبل لا يعلم به إلا الله . فالفيزياء الكلاسيكية والنسبية تقول أن تكرار التجربة في نفس الظروف سيعطي نفس النتيجة ، وهذا صحيح في العالم المادي . ولكن في الواقع العالمي هذا لا يحصل لأننا نعيش في عالم شامل مادي وروحي ، ولهذا الأمور فيه تختلف كثيرا عن العالم المادي ، لأن الظروف المحيطة بنا تتألف من مليارات العناصر المؤثرة ومهما كنا نعلم عن عناصر الظروف المؤثرة فهناك عناصر كثيرة روحية ستحيط بالتجربة وتؤثر عليها ونحن عاجزون عن قياسها أو رؤيتها ومعرفتها حتى نستطيع حسابها أو السيطرة عليها في التجربة . ولهذا نجد -مثلا- أن أرسطو الذي إعتمد قوانين العالم المادي قد إتهم تلميذه اسكندر المقدوني بالجنون عندما سمع أنه يجهز جيشا ليغزو العالم . فحسب رأي أرسطو -الذي يتبع المذهب المادي- أن جيش أسكندر يتألف فقط من (٣٥) ألف جندي ، بينما جيش الفرس يتألف من (٢٥٠) ألف جندي فالنتيجة الحتمية ستكون انتصار جيش الفرس ، ولكن الذي حدث في الواقع أن جيش اسكندر الصغير هو الذي إنتصر . قوانين الفيزياء المادية لا يمكنها تفسير سبب إنتصار أسكندر ، أما فيزياء الكم فهي تستطيع تفسيره { ...كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩)البقرة}.

في القرن /١٩/ الذي بدأت فيه روح الأعور الدجال في الظهور لتجعل جميع الفروع العلمية تستخدم الرؤية المادية فقط ولتجعل قصص الأنبياء والمعجزات تبدو وكأنها مجرد خرافات وتخالف قوانين الطبيعة ، ظهرت فيزياء الكم لتؤكد أن هذه المعجزات ليست خرافات فهي ظواهر تعتمد على قوانين علمية ويمكن تفسيرها نظريا ولكن يصعب تنفيذها تجريبيا لأنها تحتاج مستوى عالي جدا من التقدم العلمي بحيث تعجز الإنسانية في الوصول إليه .

من نتائج إكتشافات فيزياء الكم أن الجسيمات الأولية التي تدخل في تركيب الذرة تمتلك ظاهرة (إزدواجية الحالة) ، فالألكترون مثلا يمكن أن يتواجد كجسيم (كرمز للمادة) ولكن يمكن له أن يتحول فجأة ويتواجد بشكل موجة (كرمز روحي) . ولكن إزدواجية الحالة هذه تختفي عندما ننتقل إلى مستوى أعلى أي إلى مستوى الذرة وما فوقها . فالأجسام الكبيرة تظهر كأجسام ولكنها عاجزة عن الظهور كموجات . ولكن إزدواجية الحالة هذه يمكن أن تظهر في الأجسام الكبيرة في حالة واحدة فقط وهي حالة الوصول إلى الكمال . ولهذا ذكرنا في مقالات ماضية بأن عيسى عليه السلام هو الوحيد الذي إكتسب صفة إزدواجية الحالة ولهذا كان يستطيع الظهور فجأة على شكل إنسان (جبريل والخضر) ثم يختفي فجأة. أما الجن والشياطين وأعور الدجال فهم كائنات ناقصة لهذا لا يملكون صفة إزدواجية الحالة . فهم مجرد صفات روحية لا أكثر ولا أقل ولا وجود لهم كمخلوقات جسدية بأي شكل من الأشكال .

من نتائج إكتشافات فيزياء الكم أيضا أن تكوين الذرة يعتمد مبدأ (الثالوث المقدس) الموجود في الرمز الإلهي (١٨) فالذرة تتألف من قسمين (٨) و (١) : الألكترون ويمثل الرمز (١) .والنواة وتمثل الرمز (٨) فالنواة تتألف من بروتون ونيترون . وكذلك تم إكتشاف أن بنية الذرة تعتمد مبدأ الرمز (١٨) كرمز رقمي الذي وجدناه في الجدول الدوري لمندلييف ، فعدد الجسيمات الأولية التي تدخل في تركيب الذرة هو /١٨/ جسيم . وهي موجودة في ثلاث مجموعات ضمن نوعين : الاول وهو الفيرمونات والتي تتألف من قسمين : ١- كوركات ، ٢- ليبتونات ، ويمثلان الرمز (٨) ، والثاني : البوزونات ويمثل الرمز (١) . حيث كل مجموعة تحوي على (٦) جسيمات . فمن هذه الجسيمات الأولية يمكن صناعة جميع مكونات الكون .

في الفترة الأخيرة ظهرت نظرية فيزيائية حديثة وهي نظرية الأوتار الفائقة ، هذه النظرية تقول بأن الجسيمات الأولية ليست أصغر وحدة مادية ولكن هذه الجسيمات هي أيضا تتألف من وحدات أصغر منها وهذه الوحدات هي عبارة عن أوتار دقيقة جدا ،ورغم أن هذه النظرية هي فقط في مخيلة علماء الفيزياء ولا يمكن إثبات صحتها تجريبيا كون هذه الأوتار فائقة في الصغر وتعجز تكنولوجيا العصر أن تتوصل إلى رؤيتها ، ولهذا هناك بعض علماء الفيزياء يشككون بصحتها، ولكن في الحقيقة أن هذه النظرية صحيحة ، فالمبدأ الذي تعتمد عليه هذه النظرية هو صحيح كونها ناتجة عن تفسير لشعور فطري (وحي إلهي) تكون داخل نفوس أصحاب هذه النظرية وليس نتيجة تحليل تطبيقي . فهذه النظرية رغم عدم فهم أصحابها بشكل صحيح لحقيقة هذه النظرية فهي تعتمد أيضا مبدأ الرمز ( ١٨ ) . فهي تقول بأن هذه الأوتار الفائقة في الصغر تتذبذب ونوعية هذا التذبذب هو الذي يعطي المادة صفاتها (شحنتها وكتلتها وحركتها الدورانية ). وأنه هناك نوعين من الأوتار : أوتار مغلقة ، وأوتار مفتوحة . فالأوتار المغلقة هي في الحقيقة ليست مغلقة ولكنها تتألف من وترين يتحدان في أحد أطرافهما ويمثلان الرمز ( ٨ ) ، أما الأوتار المفتوحة فتمثل الرمز ( ١ ) . بمعنى أن من هذه الأوتار الثلاثة يمكن تكوين جميع محتويات الكون بأكمله .

النصوص الدينية المسيحية -كما قلنا قبل قليل - أعطت رمز الأعور الدجال (المسيح المزيف) العدد (٦٦٦) وهو رمز له معنى تحطيم الرقم (١٨) إلى ثلاثة أقسام منفصلة عن بعضها البعض بحيث كل قسم يعمل بمفرده ولا علاقة له بالقسمين الآخريين . وبما أن الإسلام هو آخر ديانة سماوية لهذا تقول الآية القرآنية (...وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ...) . فالمقصود هنا أن روح الله هي ثلاثة أوتار ولكنها تعمل كوحدة واحدة متكاملة (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) والنور هو اللون الأبيض الذي يحوي في داخله الألوان الرئيسية الثلاثة (الأزرق والأخضر والأحمر) هذه الألوان تعمل كوحدة متكاملة وليس كثلاث أجزاء منفصلة عن بعضها البعض كما يحصل في الرمز (٦٦٦) .

ليس من الصدفة أن الـ DNA والذي يُعتبر وحدة بناء الحياة ، له شكل وترين يلتفان حول بعضهما البعض بشكل حلزوني . حيث كل وتر يتألف من مجموعة من النيوكليوتيدات المصطفة فوق بعضها البعض . فبنية كل نيوكليوتيد تتألف من /٣/ أقسام : أساس + سكر + حمض الفوسفور . حيث الأساس والسكر يمثلان الرمز (٨) ولهذا يسمى هذا القسم نيوكليوسيد ، أما القسم الثالث (حمض الفوسفور) فيمثل الرمز (١) . فشكل النيوكليوتيد في الـ DNA ذو الوترين هو في الحقيقة يمثل الرمز (١٨٨١) حيث الرمز( ١٨ ) يقع على الوتر الأول والرمز ( ٨١ ) يقع على الوتر الثاني وهكذا يتم التبادل بين الوترين من الأعلى إلى الأسفل . وكما ذكرنا في نظرية الأوتار الفائق أن نوعية الإهتزاز في الأوتار هي التي تعطي صفات الجسيم (نوعية الشحنة والكتلة والحركة الدورانية وغيرها . وكذلك في الـ DNA حيث شكله الملتف حلزونيا يبدو وكأنه يتألف من مجموعة من الموجات الناتجة عن إهتزاز الوترين ، فكل مجموعة من النيوكليوتيدات الموجودة في موجة واحدة من إنحناء الوتر ، تحمل في داخلها مورثة لصفة معينة للكائن الحي ، ومجموع هذه الإهتزازات وكذلك طول الوتر هو الذي يحدد جميع صفات الكائن الحي جسديا وروحيا .

الـ DNA كما قلنا يتألف من وترين وهما يمثلان الرمز (٨) ، أما الوتر الثالث الذي يمثل رمز (١) من الرمز (١٨) ، فهو الـ(RNA) الذي وظيفته نقل المعلومات الموجودة في الرمز (٨) إلى باقي الجسم لتصنيع ذلك الجزء المراد تصنيعه .

من أخطر نتائج سيطرة روح الأعور الدجال في عصرنا الحاضر أنها جعلت فيزياء الكم اليوم أن تساهم في الناحية المادية فقط وأن تمنعها من المساهمة في فهم العالم الروحي . ففيزياء الكم ساهمت في الكثير من الإختراعات والتي كانت تبدو بالنسبة لأولئك الذي الذين عاشوا قبل حوالي قرن من زمن وكأنها إختراعات من عالم الخيال كالكمبيوتر والهاتف اللاسلكي والليزر المستخدم الآن بكثرة في الطب ، والمجاهر الإلكترونية والترانزستور وغيرها من الإختراعات . أما بالنسبة للناحية الروحية - للأسف - فبسبب خدعة الأعور الدجال التي حولت الفلسفة من علوم شاملة إلى علوم تنتمي إلى القسم الأدبي فقط حيث أصبح خريجي كليات الفلاسفة لا يفقهون شيئا في الفيزياء ولا علوم الأحياء . لهذا إنحصرت استخدامات فيزياء الكم في المجالات المادية والصحة الجسدية فقط ، ولم تساهم في كشف أسرار العالم الروحي المحيط بنا . والذي سيؤدي في النهاية إذا استمرت الأمور كما هي اليوم إلى استخدام فيزياء الكم ضد الإنسانية وليس لصالحها . ولكن الله موجود وهذا الوضع لن يستمر بإذن الله .

إن مستوى فهم العلماء لقوانين فيزياء الكم في عصرنا الحاضر لا يزال في المرحلة الإبتدائية { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (٨٥)} هذه الآية موجودة في سورة الإسراء التي ترتيبها العدد /١٧/ رمز روح السوء العالمية ، فعيسى عليه السلام عندما يأتي في آخر الزمن - بإذن الله - سيستخدم قوانين فيزياء الكم ليقضي على روح الأعور الدجال والتي تسيطر اليوم على الإنسانية بأكملها ويعيد الإنسانية ثانية لتسير على طريق المخطط الإلهي ..... والله أعلم .

وسوم: العدد 1046