يا محبي ليبيا ! رفقاً بها وعوناً لها لتنجو من محنتها

تتلاحق توابع الكشف عن اجتماع وزير خارجية إسرائيل إيلي كوهين مع وزيرة خارجية ليبيا نجلاء المنقوش في إيطاليا . في ليبيا توابع ، وفي إسرائيل توابع ، وفي أميركا توابع ، وطبعا في العالم العربي . أعنف التوابع في ليبيا . غضب شعبي وحزبي استنكارا واحتجاجا ، ووزيرة الخارجية هربت بمساعدة حكومة الدبيبة إلى تركيا ، ومنها انتقلت إلى بريطانيا التي تحمل جنسيتها اطمئنانا وثقة في أن هذه الجنسية ستحميها من أي عقوبة في ليبيا قد تودي بحياتها إذا كان الشعب الليبي هو المعاقب المباشر لها . وفي التوابع الليبية ما ينذر بتأثيرات  خطيرة على حكومة الدبيبة وعلى كل ليبيا : قال مجلس النواب الذي يرأسه عقيلة صالح إن  هذه الحكومة منهمكة في لقاءات مع مسئولين إسرائيليين بهدف التطبيع مع كيان محتل ، وجدد تأكيده على أنها حكومة منتهية الولاية ولا تمثل الشعبي الليبي ، ودعا الشعب إلى الإصرار على تشكيل حكومة جديدة مصغرة تعد لانتخابات جديدة لتجاوز تأجيل الانتخابات منذ  2021 . وستفجر أقوال المجلس ودعوته لانتخابات جديدة مشكلات وخلافات كثيرة في طرابلس ستنتقل سريعا إلى كل ربوع  ليبيا ، وأعداؤها جاهزون متحفزون  لاقتناص هذه المشكلات والخلافات لمواصلة تمزيق ليبيا شعبا وترابا ، أو لتغليب فريق على آخر لإلحاق الفريق الذي غلَبوه بركب تطبيعهم  واتفاقياتهم الإبراهيمية  . ولا استبعاد  لاحتمال أن يكون  اللقاء بين كوهين والمنقوش والكشف عنه كان مدبرا لتفجير المشكلات والخلافات في ليبيا ، وأن التظاهر بالغضب في أميركا وإسرائيل من الكشف عنه ليس سوى تظاهر متفق عليه . الدولتان تعدان لكل خطوة أهدافها ، وأسلوب الكشف عنها أو التستر عليها لتحقيق هذه الأهداف . من يصدق أن نتنياهو لم يكن على علم سابق بالاجتماع بين كوهين والمنقوش ؟! ويسير في هذا المسار الكاذب  التوجيهُ الذي أصدره مكتبه إلى كل الوزارات " بضرورة الموافقة المسبقة على أي لقاء سياسي سري مع مكتب رئيس الوزراء . " ، وأيضا استئذان رئيس الوزراء في نشر خبر أي اجتماع سري يعقده أي مسئول إسرائيلي مع جهة أجنبية . ويعزز هذه الاحتمالات والشكوك ما كشف عن سعي إدارة بايدن منذ عامين لإقناع ليبيا بالانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم ، وتطبيع علاقاتها مع إسرائيل . ومسعى العامين الذي لم ينجح في إقناع الحكومة الليبية بالتطبيع يؤكد  علمها  بصعوبة التطبيع والانضمام إلى تلك الاتفاقيات ، وهو ما أكده رد الشعب الليبي الغاضب على الاجتماع بين كوهين والمنقوش ، ورد مجلس نوابه . وفي فزعه من عواقب الاجتماع عليه شخصيا وعلى حكومته سارع الدبيبة إلى زيارة السفارة الفلسطينية للتوكيد على التزام ليبيا القومي الثابت بالقضية الفلسطينية . وليبيا الحبيبة في كل الأحوال ضحية عدواني غربي وإسرائيلي بمشاركة عربية سياسية ومالية وعسكرية . شاركت قوة قطرية القوات البريطانية بعد قتل معمر القذافي في البحث عن ابنه سيف الإسلام ، وأقامت الإمارات قاعدة جوية فيها !  

وهذا العدوان جزء من عدوانهم التاريخي الشامل على العرب والمسلمين . الغرب وصنيعته إسرائيل يتصرف اتكاء على خلفيات تاريخية في هذا العدوان يبتدىء منظورها من تصدي الامبراطورية البيزنطية في الجزيرة العربية للإسلام فور انبثاق أنواره فيها دينا جديدا خشيت خطورته على نصرانيتها ، وعلى أملاكها في الشام ومصر وشمال أفريقيا ، وكان زحف الجيش العربي الإسلامي إلى الشام مواجهة وقائية  لعدوان هذه الامبراطورية الواسعة القوية ، وبعد تحرير الشام  حرر مصر ، وتاليا حرر شمال أفريقيا ، وفي 92 هجرية انطلق نحو الأندلس بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير مؤلفا من العرب وممن أسلم من الأمازيع ، وكانوا أكثرية هذا الجيش ، واستولى على الأندلس كاملة ما عدا إمارات قشتالة وليون وأراجون في الشمال ، وهي التي واصلت مناوشة المسلمين مستعينة بالفرنسيين والألمان والإنجليز والطليان . وجسدت الحروب الصليبية المتلاحقة على العالم الإسلامي في الشرق ذروة العدوان النصراني الغربي على هذا العالم ، والعدوان الحديث امتداد عضوي لهذه الحروب ، والإضافة الجديدة فيه أنه يستعين باليهود خلافا لما حدث في الحروب الصليبية الأولى  التي فتكت جيوشها فتكا رهيبا بهم وصل أحيانا إلى حرقهم في كنسهم أينما وجدتهم حتى في أوروبا أثناء مسير هذه الجيوش إلى أراضي المسلمين . وصفوة الرأي هنا أن الغرب الحالي يعد الشام ومصر وشمال أفريقيا أراضي نصرانية محتلة إسلاميا ويجب تحريرها ، وهي ذات نظرته إلى بلاد الأناضول التي كانت قبل استيطان الأتراك السلاجقة ثم الأتراك العثمانيين فيها أرضا بيزنطية رومانية . وفي استجوابات الطليان للمجاهد الشهيد عمر المختار كانوا يقدمون إليه آثارا بيزنطية تشهد على ملكيتهم لليبيا قبل الفتح الإسلامي . وليبيا العربية المسلمة الغالية على قلوب شرفاء العرب والمسلمين ؛ اليوم في محنة مصيرية كبرى ، وعلى محبيها من أهل هذه القلوب أن يترفقوا بها ويعينوها على النجاة من قبضتها المحكمة المهولة التي تتجمع فيها قوة الغرب وإسرائيل وأتباعهم من العرب والمسلمين ، وعلى أهلنا في ليبيا أن يرفقوا بأنفسهم ، ويقهروا خلافاتهم وأحقادهم البينية التي اختلقتها أعوام البلاء مدى اثني عشر عاما " عند الشدائد تذهب الأحقاد " مثلما ينصحنا الشاعر العربي عويف القوافي ،   وعليهم ألا يثقوا في لئام الغرب والصهيونية ومواليهم من العرب والمسلمين مفجري ويلات وطنهم ، وأول ما يتوجب في الوقت الحالي وأد توابع عاصفة اجتماع نجلاء المنقوش مع اللئيم الخسيس إيلي كوهين ذراع إسرائيل الخارجية الذي يجتهد اجتهادا دؤوبا ليكون الحصان الأسود لتطبيعها مع حكام العرب والمسلمين الخارجين خروجا كاملا على إرادة شعوبهم النافرة من إسرائيل غضبا عارما عليها ومقتا مقيما  لها . 

وسوم: العدد 1047