حول البيان الختامي للقاء أستانا الثلاثي

تابعنا النقاط العشرين الواردة في البيان الختامي للقاء أستانا الثلاثي...

سأضع بجانبي كأس ماء، وابتلع بعض النقاط الواردة فيه، مثلما يبتلع المرء أقراص الكينا شديدة المرار. والتي كان أهل وطننا يضربون بها المثل فيقولون: مر مرار الكينا.

ولكنني وكل سوري حقيقي، لا نستطيع إلا أن نقول إن النقاط العشرين للبيان، يمكن أن تمط حتى تبلغ الثلاثين وقد تزيد قليلا..

كان يمكن للبيان أن ينص مثلا، بدلا من الحديث عن مقايضة المعتقلين، فيتحدث عن الإفراج الشامل عن جميع المعتقلين وتبييض السجون لدى الجميع على أراضي الجمهورية العربية السورية، التي أكد البيان على وحدتها، ونحن متمسكون حتى العظم بوحدتها.

وكانت ستكون لفتة إنسانية رائعة لو أن البيان أضاف نقطة أخرى حول المطالبة بالتأكيد على حقوق الإنسان، والمطالبة بوقف تعذيب الناس من محكومين ومعتقلين وموقوفين، في جميع السجون، وعلى جميع الضفاف في الجمهورية العربية السورية.. أرجو أن تكون لفظة جميع الضفاف دالة..

في نقطة ثالثة كان يمكن للبيان أن يكون مبشرا فيضمن للسوريين نوعا من العدالة الانتقالية، ويدين الجرائم ضد الإنسانية من أي طرف وقعت..كما أدان أشكال العقوبات الدولية التي زعم أنها…

في نقطة خامسة، ومع إدانة العدوانات الإسرائيلية المتكررة، والذي أراني أدينه أيضا، كان يجب أن تدان محاولات التغلغل في المجتمع السوري، عبر أشكال من التغيير الديمغرافي الذي يفرض بقوة السلاح، وبأنواع من الإكراه المادي والمعنوي..

بالأمس قرأت تهديدا رسميا لأهل مناطق في حمص: لا تعترضوا وإلا…

في نقطة سادسة..كان ينتظر من البيان أن يدين كل المحاولات لجعل سورية مرتعا لزراعة وصناعة وتجارة المخدرات والكبتاغون، هذه الآفة التي بدأت تنتشر في جميع أراضي الجمهورية العربية السورية- أرجو الانتباه إلى كلمة جميع- وكذا بالغت في تهديد المنطقة والعالم.. هذا حريق سيكون من الصعب على جميع المستفيدين منه أن يسيطروا حين يشب عليه.

في نقطة سابعة ومع الحديث عن عودة اللاجئين.. كان المطلوب أو المنتظر أن يطالب البيان، بكف أيدي جميع الأجهزة الأمنية عن مصير جميع المواطنين السوريين، هذه الأجهزة التي ولغت عبر ستة عقود في دماء السوريين وأعراضهم وأموالهم، وحبذا لو تنبه البيان أو نبه إلى أن التغييرات الأخيرة في إطار لعبة تبادل الكراسي لا تجدي للخطو نحو بلد يسوده القانون، وهذا أيضا على كل الأراضي السورية.

في النقطة الثامنة، ومع الحديث المعاد المكرور، عن اللجنة الدستورية، يهمنا أن يعلم هؤلاء الضامنون، ومن ورائهم السيد بيدرسون، والأمم المتحدة، أن سورية والسوريين مع حاجتهم إلى دستور وطني مدني لائق، فهم أشد حاجة إلى وطن يسوده القانون، ويعمه العدل، ويتحقق فيه السواء، حتى لا ييأس ضعيف من عدل، ولا يطمع قوي في ظلم..!!

كانت سورية إضافة إلى النقاط العشرين بحاجة إلى بند ينص على ضرورة انسحاب جميع القوى الأجنبية عن أراضيها ابتداء من الصهيوني على أرض الجولان، وانتهاء بآخر جندي منظم أو ميليشاوي مرتزق؛ لتعود سورية لأبنائها الحقيقيين القادرين على رسم مستقبلها الذي يتطلعون إليه..

وأخيرا

وفي النقطة الثلاثين كنا ننتظر أن ينص بيان أستانا الثلاثي، على إدانة قتل الأطفال في سورية كما أدان قتل الأطفال في غزة، وتدمير العمران في سورية كما أدان التدمير القائم في غزة، ونحن أيضا ندين كل أشكال القتل العبثي، كما ندين مشروع القتل للقتل الذي ما زال يمارس على الشعب السوري في الجنوب والشمال وشمال شرق، حيث تعبث العصابات المتحالفة مع الأمريكي، الذي لا يبالي بأستانا ولا بما يصدر عنها..

بكلام مختصر مفيد ما فقدناه في بيانا أستنا الثلاثي، أكثر من الذي وجدناه فيه..

وربما من المفيد أن نؤكد أن موقفنا من أستانا عشرين هو موقفنا من أستانا واحد، لأننا نؤمن بحق أنه لا يجنى من الشوك العنب. ولكنها كما يقولون: سيرة وانفتحت، وقالوا!! فقلنا ما يمكن أن نقول..

يقول شقيقنا المصري: الله..الله على الجِدّ!! فيجيبه صاحبه: الله ... الله عليه..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1067