وحدة الوطن ارتكازنا ...

عقاب يحيى

بين المدرسة القومية.. والتطلع إلى تطويرها لحالة ثورية.. تلتزم بالنطرية العلمية.. عشنا جلّ عمرنا. نقدنا الأفكار الخاطئة بالبعث.. العصبوية منها، والرومنسية، وغير العملية، والمثالية.. بالمعنى الفكري.. وبذلنا جهوداً كبيرة ونحن نقارع نظام التفحيح والتطويف.. كي نوفر اسس الانتقال، وكانت الموجة الماركسية في أوجها، وتمثل الردّ الطبيعي والهروبي لكثير الأحزاب التي صنفت على أنها برجوازية صغيرة، وتفقهنا بتشريح اجنحتها العليا والدنيا، وقصة التحول والتجاوز على قاعدة الاستمرارية، وصراعاتنا العنيفة بين بعضنا، وما تعرضنا له من حملات اعتقالات عنيفة تجاوزت السبعة عشرة حملة.. وخسارتنا لبعض الشباب المتحمس الذي كان يطالبنا بإعلان الالتزام فوراً بالنظرية الثورية.. ومنهم الدكتور عبد العزيز الخير وآخرين..

في تلك العملية التطورية.. كانت نظرتنا للمسألة الكردية، ولحقوق" القليات، تشهد تطورات مهمة باتجاه الإقرار بحق الجميع في التساوي، وفي اللغة والثقافة وغيرهما.. وتعزيز الوحدة الوطنية والترابية بكل أسسها.

ورغم " ثوريتنا" فإن وعي الديمقراطية كان مبكراً بين تلك المجموعة المناضلة التي أسقطت مقولة الحزب الواحد والقائد، وأرست مفاهيم العمل الجبهوي، وحق الجميع في التعبير والرأي والتداول السلمي على السلطة..

ـ لقد تطلعنا إلى الإنسان باعتباره الغاية الأولى للعمل السياسي. والإنسان هنا لا يحدد بعرقه، أو اصله، ولا حتى بمكانه الجغرافي.. فكيف بأخوة لنا في التاريخ المشترك والوطن الواحد.. ولذلك تخلص كثيرنا من شارشب الماضي، ومن العصبوية والتعصب.. رغم أن الظروف لم تسمح لتلك الأفكار بالنماء.. حيث نجح انقلاب الطاغية وحكمه المديد في اغتيال البدائل، وفي وضع قوى المعارضة الوطنية والديمقراطية في الزوايا الحرجة لتفعيل أزماتها فيها، وارشفتها طويلاً..

ـ الحالة الكردية، وحالات الأصول القومية لعديد المكونات في شعبنا.. هي جزء من المسألة السورية . جزء من مهام الثورة وأهدافها في إقامة دولة الحقوق والعدل والمساواة، وإطلاق الحريات العامة لممارستها في المعتقد، والعمل والتحزب والتعبير.. وايضاً الحقوق القومية للجميع.. لكن في إطار الكيانية السورية الواحدة، وعلى أرضية تعزيزها.. إيماناً مطلقاً بأن دولة الحريات العامة ستعزز تلك الوحدة، وستعطي كل ذي حق حقه، فتزيد اللحمة الوطنية، وتحول التعدد إلى تناغم وغنى وإبداع ..

ـ حين نتناول بعض الظاهرات الاستقلالية، أو محاولات البعض استغلال وضع البلد والثورة لأجل استثمار خاص : قومي أو ديني أو مذهبي.. فإن ذلك واجب الجميع.. لأن سورية الواحدة بلدنا، وعلينا التصدي لكل فعل، أو مظهر مخالف. لكل محاولة دقّ إسفين فيها. لكل نزعة انفصالية، او تفتيتية..والأخوة الأكراد، أو التركمان، أو الآثوريين وغيرهم.. والأخوة في " المكونات الدينية والمذهبية" اول المعنيين بمحاربة هذه النزوعات، وتقدّم الصفوف.. إن كان على صعيد محاولات إقامة دويلات قومية، أو طائفية ..

القوميون العرب.. بأغلبيتهم.. تطوروا فعلاً ويجب استقبال هذا التطور بالترحيب والتفاعل، وليس بنكش الماضي، ووضع العقد في منشار الحوارات.. لكن أن يتحسسوا من بعض الممارسات المنذرة، وأن يبدي كثيرهم تخوفه من مخططات ومشاريع صهيونية وخارجية معروفة.. فهذا أمر طبيعي، ومفهوم، بحدوده التي تجسّد مبادئ الحوار بديلاً للتنازع والتحارب..وهو أمر يعني الجميع كي نترجم وحدتنا الوطنية، ونحافظ على بلدنا من عديد الأخطار التي تلوح، والتي يذهب بعضها مديات خطيرة على الأرض ..