حواديت الاستقالة !

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

ما يلي حدوتة  من حواديت الحظيرة الثقافية التي تشيع في الصحف والأنباء دون أن يدري القارئ أو المتلقي سببا لها أو غاية من ورائها ، اللهم إلا التعبير عن الفساد الذي يضرب أركان المؤسسة الثقافية الأسيرة لدى الفصيل  الشيوعي المعادي للإسلام والمسلمين ، وهو فصيل كذاب يرفع شعارات طنانة من قبيل المشروع الثقافي والمشروع الوطني ، ولا مشروع هناك ولا يحزنون ، وفي الوقت نفسه نجد  الصراع الضاري بين عناصر الحظيرة الفاسدة على نهب أموال الدولة أو إهدارها لخدمة الشيطان ومحاربة الإسلام .

في يوم الثلاثاء، 12 مارس 2013 -  قالت إحدى الصحف في موقعها الألكتروني إنها علمت من مصادر مطلعة بوزارة الثقافة أن رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، قام بتسليم استقالته لمكتب وزير الثقافة، وأوضح المصدر فى تصريحات خاصة لـلصحيفة، أن السبب وراء تقديم رئيس الهيئة لاستقالته هو قيام عدد من العاملين داخل "الهيئة" بالاعتراض على تجديد لجنة قيادات الوزارة لـ"محمد رضا" مدير الهندسة فى المطابع، بسبب خلافات شخصية بينهم، وأشار المصدر إلى أن عددا من هؤلاء العاملين التقوا برئيس الهيئة وطالبوه بنقله وتعيين غيره ، وهو ما رفضه رئيس الهيئة ؛ لأنهم لم يقدموا أية أسباب منطقية تدفعه لرفض التجديد له، وعرضها على لجنة القيادات بوزارة الثقافة حتى لا يتم التجديد له.

وفي  نبأ لا حق قالت الصحيفة على موقعها الألكتروني أيضا : رفض رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، التعليق على نبأ قيامه بتسليم استقالته لمكتب وزير الثقافة، بعد سفر الأخير إلى المملكة العربية السعودية.

وقال فى تصريحات خاصة لـلصحيفة : إنه لا يمكنه التعليق على هذا الخبر سواء بالإيجاب أو النفي إلا بعد عودة وزير الثقافة من المملكة السعودية، لحضوره فعاليات إعلان الرياض عاصمة للثقافة العربية لعام 2013.

وفي يوم الأربعاء، 13 مارس 2013 -  قالت الصحيفة المذكورة إنها علمت من مصادر داخل وزارة الثقافة، أن  رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، قام صباح اليوم، الأربعاء، بتسليم استقالته لمكتب وزير الثقافة، لعرضها عليه وحملت رقم 1523 بتاريخ 13 مارس 2013.وأوضح المصدر فى تصريحات خاصة  أن مكتب رئيس الهيئة ، هو الذي قام بتسليم الاستقالة "المطولة" فى مكتب وزير الثقافة، الموجود بالمملكة العربية السعودية، لإعلان المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2013.

وبعد قليل من هذا النبأ نشرت الصحيفة المذكورة خبرا جديدا عنوانه : العاملون بـ"هيئة الكتاب" يطالبون "الوزير" برفض استقالة " رئيس الهيئة " ، وجاء في متن الخبر : أصدرت الحركة العمالية وجميع العاملين بجميع قطاعات الهيئة المصرية العامة للكتاب، بيانا، يرفضون فيه رفضًا قاطعًا ما قام به  رئيس مجلس إدارة الهيئة، بتقديمه استقالته لوزير الثقافة. وطالب العاملون فى بيانهم، الدكتور أحمد مجاهد، بالعدول عن استقالته، كما ناشدوا وزير الثقافة عدم قبول الاستقالة.

( لا حظ هنا التناقض بين ضغوط هؤلاء العمال لرفض تعيين أحد الموظفين الذي اختاره رئيس الهيئة ، ثم إصدارهم بيانا يطالب وزير الثقافة بعدم قبول استقالته).

ولم تمض غير ساعات قليلة حتى نشرت الصحيفة بيانا لمثقفين حظائريين يطالب الوزير بمساندة "رئيس"  الهيئة ورفض استقالته ، وقد أعربوا عن استيائهم من حملة التربص الغامضة التي يتعرض لها رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، من بعض العاملين بالهيئة، والذين دأبوا على إثارة المشاكل (!) ووضع العراقيل والهجوم غير المبرر عليه، والإساءة لمشروعه الثقافي المعبر عن مجمل اتجاهات الثقافة الوطنية (؟؟).

وذكر البيان أن هذا المشروع أعاد الاعتبار للهيئة بإجماع أغلب العاملين بها وأغلب المنتمين للحركة الثقافية (!) ، وحول الهيئة إلى منارة ثقافية عربية تنشر إبداعات واجتهادات وتراث المبدعين والمفكرين فى مصر والوطن العربى .

وفي صباح الخميس، 14 من مارس 2013 بدأت تلوح النهايات السعيدة لحدوتة الاستقالة حيث نشرت الصحيفة إياها وفي موقعها الألكتروني خبرا يفيد أن رئيس الهيئة يتراجع عن استقالته ويعود لمكتبه بـ"هيئة الكتاب" وأن العاملين بالهيئة كانوا في استقباله بحفاوة بالغة وفرحة عارمة في مختلف إدارتها وقطاعاتها، مرددين "يا مجاهد يا حبيبنا أوعى تمشى وتسيبنا".

وقدم رئيس الهيئة جزيل الشكر للدكتور وزير الثقافة على تأييده له فى عدم الاستجابة لهذه الضغوط، تحقيقا للانضباط داخل المؤسسة، والعمل على إنهاء المشكلة. وأضاف أنه يشكر أبناء الهيئة الشرفاء الذين تضامنوا معه وكذلك المثقفين الذين تضامنوا معه أيضا، قائلا: "إن هذه المؤسسة فى البداية والنهاية هي ملك لأبنائها العاملين بها، وفى خدمة الثقافة، وجموع المثقفين المصريين، ولهذا فهم الحراس الحقيقيون لها".

وأضاف "رئيس الهيئة ": "أظن أن الجميع قد علم الآن أن تقديمه للاستقالة جاء فى هذا السياق، ولم يكن من باب الهروب من تحمل المسئولية ، رغم صعوبتها، ولكنه من باب الحرص على إرساء المبادئ التي لا يمكن العمل بدونها، والتي سوف يواصل عمله على أساسها".

وتوتة توتة خلصت الحدوتة !

ونحن نسأل ما معنى ما يجري في هيئة الكتاب ؟ وماذا ذا يريد رئيسها بالضبط ؟ هل هي عملية تلميع ذاتي مع الإفادة من محرري الصحف الموالية لانتظار منصب الوزير مثلا ؟ ثم ما علاقة ذلك بفساد الحظيرة ؟ وفي المنطقة المركزية من الموضوع هل تعمل الهيئة حقا من أجل جموع المثقفين على اختلاف مشاربهم ونوعياتهم ؟ أو إن الأمر يتعلق بالفصائل الشيوعية المختلفة وحدها من ستالينيين ولينينيين وتروتسكيين وماويين وغيرهم ؟

وهل يجوز للفصائل الإسلامية من إخوان وسلفيين وجماعات وجهاد ووسط وسنة محمدية وأنصار السنة وجمعية شرعية وصوفيين على تعدد راياتهم وغيرهم أن  يشاركوا الإخوان الماركسيين داخل منارة هيئة الكتاب كما يصفه الأخوة الحظائريون؟

من المؤكد أن رئيس هيئة الكتاب سيجيب عن هذه التساؤلات تنويرا للرأي العام ، وحتى ذلك الحين نتمنى أن يدرك المسئولون أن وزارة الثقافة ورم سرطاني يجب استئصاله الآن قبل الغد ليسلم الجسم المصري ويتعافى . والله من وراء القصد !