العامل العربي في وجود إسرائيل وتعاظم قوتها

توشك إسرائيل أن تخرج من جلدها ابتهاجا باستلامها أول طائرتين أميركيتين من نوع إف 35 التي تسمى أيضا " الشبح " ، وسميت في بعض مواقع الإعلام العربي " المتملصة " لقدرتها على الإفلات من عيون الرادارات الراصدة . الطائرتان جزء أولي من صفقة من 50 طائرة ستصل تباعا في السنوات القادمة ، وستكلف إسرائيل 5 مليارات  دولار ، بحساب 100 مليون دولار للطائرة الواحدة ، إن تواصل تصنيعها في شركة لوكهيد مارتن ؛ لأن ترامب الرئيس الأميركي الجديد قال في تغريدة  له على تويتر: " برنامج وكلفة إف 35 خارج نطاق السيطرة " ، وتسببت تغريدته فورا في هبوط أسهم الشركة الصانعة 4 % . في الاحتفال الذي أقيم لاستقبال الطائرتين الأوليين في قاعدة نيفاتيم جنوبي النقب ؛ قال نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل :" ذراعنا الطويلة صارت الآن أطول وأقوى " في إشارة إلى قدرة هذه الطائرة على الوصول إلى أي دولة بعيدة تعادي إسرائيل مثل إيران . الحديث عن الذراع الإسرائيلية الطويلة دخل البيانات الإسرائيلية بعد حرب 1967 التي أدى فيها الطيران الإسرائيلي دورا أساسيا حاسما حين حطم  في بداية القتال معظم السلاح الجوي المصري في قواعده ، ولدوره الفعال في حرب الاستنزاف على ضفتي قناة السويس في ما بعد والذي عززه حصول إسرائيل على طائرات الفانتوم الأميركية . وتابع نتنياهو في استقواء واعتزاز : " كل من يفكر في إبادتنا يضع نفسه في خطر وجودي " ، " وفي خطر وجودي " تعني " سنبيده قبل أن يبيدنا " ، وواضح هنا أنه يلمح إلى إيران تخصيصا ومشروعها النووي الذي سوي مع مجموعة 5 + 1 ، فانتفى أي خطر منه ، ولو بزعم إسرائيل وأميركا ، وإيران على كل حال لم تقل ولو مرة واحدة إنها تريد صناعة سلاح نووي لإبادة إسرائيل . الحديث عن الإبادة بضاعة تروجها إسرائيل لمضاعفة تلاحم أشتات شعبها ، ولجلب التفهم والتعاطف لمواقفها في المنطقة ، وعلى رأسها اضطهاد الفلسطينيين وقتلهم وسرقة أرضهم بالاستيطان المتسارع . وأكد نتنياهو أن " القوة فقط تردع وتصنع الاحترام " ، صحيح ، القوة في أي صورة من صورها مطلوبة للإنسان فردا أو جماعة ، لكن الإلحاح على اكتسابها والتطرف فيه يفصح عن حقيقة شاذة في شخصية الملح فردا أو جماعة قد تتخذ شكل الدولة ، وهذا هو التوصيف الصحيح لإلحاح إسرائيل على اكتساب القوة . لقد ولدت  بخطيئة استعمال القوة المُغتصِبة ، وتعلم يقينا أنها لا بقاء لاغتصابها إلا بالقوة ؛ القوة التي ولدتها يجب أن توالي الحفاظ عليها ؛ فمن اغتصبت أرضهم وحقهم في الحياة المستقرة الآمنة لن يتركوها تهنأ في هذه الأرض ، والمؤكد المحسوم أنهم لا ينوون إبادتها بشريا مثلما تواصل هي إبادتهم منذ وجودها شتي أصناف الإبادة . ووصف نتنياهو القوة أيضا بأنها " تنشىء تحالفات " ، ويلمح هنا إلى تلهف وتهافت بعض الدول العربية على التقرب من إسرائيل طمعا في حماية بقاء حكامها ، ويأخذ هذا الطمع سمة تمويهية تضليلية بالتحدث عن الخطر الإيراني المشترك على هذه الدول وعلى إسرائيل ، وهو اتجاه يزدهر  الآن بقوة في المنطقة ، ورسمت له الخطط وحددت الوسائل بعناية محكمة شاملة لتأخذ إسرائيل في النهاية دور حليف العرب لا عدوهم ، والذي يحدث في المنطقة من حروب عربية داخلية وبينية جزء كبير من هذه الخطط والوسائل . وفي نقاش على هامش جلسة في المنتدى الاستراتيجي العربي في دبي ؛ قال وزير الدفاع ورئيس الاستخبارات الأميركية الأسبق ليون بانيتا : " تحالف العرب مع إسرائيل سينهي الوجود الإيراني " إجابة على سؤال من أحد الحضور عن كيفية مواجهة النفوذ الإيراني المتسع . وجود إسرائيل أساسا ، وتعاظم قوتها ، وتوسع هيمنتها وتأثيرها ، مهما كانت أسبابها الخاصة بها أو المستمدة من مناصرة الغرب القوية الحازمة لها ؛ يظل العامل العربي أهم عامل فيها . العرب دائما ، وإن زاد هذا انكشافا مع توالي السنين ، منقسمون في موقفهم من إسرائيل أقساما ثلاثة : الأول : معادٍ لها ، وهو القسم الأضعف . الثاني : لا يبالي بها ولا يرى فيها خطرا عليه . الثالث : يتعاون معها في السر كثيرا ، وفي العلن قليلا . والحادث الآن أن تعاونه معه يقترب أكثر فأكثر من العلنية ، ومادامت هذه حقيقة موقف العرب منها ؛ لماذا لا تشعر بالقوة والعظمة ؟! 

وسوم: العدد 699