مناجاة جريح

إلى مشروع شهيد أخي محمد الإبراهيم

رابعة الإبراهيم

" أمّاه لا تبكيني ... أمّاه لن أعود ... أمّاه ودّعيني لجنّة الخلود "

كان "محمّد" يردّدها ويُكرّرها وهو يُلملمُ أغراضه ويحزم حقيبة السفر..

شعرتُ به وكأنّ الفرحة لا تسع قلبه الكبير،،

سار وقلوبنا تلهج بالدعاء له.. بأن يكتب الله له الأجر والنصر، رغم أنّه لم يكن يرجو إلا الشهادة.

...

عندما سمعتُ بخبر إصابته.. حمدتُ الله أولاً بأنه نجا من أيدي "الخونة المجرمين الحاقدين"..

وأسررتُ في نفسي بأنّ "محمّد" لن يسعدَ بإخراجه من أرض الوطن!

....

استفاق محمّد من غيبوبته.. ورأى الأهل والأحباب من حوله،،

فاستشاطَ غضباً وحزناً !

لم يُخبرني أحدٌ بذلك..

فقط "نظراتهُ" -في أول صُورة له - هيَ من أخبَرَني بالكثير:

(

لماذا أحضرتُموني إلى هنا؟

لماذا نزعتم منّي الروح بإبعادي عن ساح الجهاد؟

دعوني في غيبوبتي أحلم بما كنتُ أتمناه..

أبي، أمي الغاليين، أقدّر تعبكما، وقطعكما كل هذه المسافة لترياني..

ولكن ما كنتُ أفضّل أن أفتح عيوني وأنا ممدّد على هذا السرير البئيس!

ماذا جرى؟

آخرُ ما في ذاكرتي أنّ الوحوش الجبناء هاجُوا وماجُوا في بَغْيهم حين أقضّ الجيشُ الحرّ مضاجعهم..

وأوغلوا في رمي القذائف والرصاص من حولنا..

وبعدها..

لا أدري ماذا بعد !!

ولكنّي متأكّد بأنني لم أحلم أبداً بهذه الاستفاقة !!

مستشفى وأطبّاء، أناس عاديون، دموع وبكاء..

لا لا.. أنا لم أفق بعد..

اذهبوا واتركوني،

أرجعوني من حيثُ ظننتم أنكم أنقذتموني!

فمحاولاتُ إنقاذكم تخنُقني..

يامنْ لا تستوعبون معنى العشق:

أنا تحت تراب الوطن أحيا..

وببحر دمائي "في سبيل الله" أعيش!

)

.............

هذا ما قرأتُه في عيونكَ يا أخي الحبيب..

شفاكَ الله وعافاك، وأعادكَ لنا وللوطن سالماً بإذن الله، عاجلاً غير آجل؛ لتنتقمَ من أولئك السفّاحين، وتثأر للدين والوطن.

...

"أختكَ المحبّة"