عدالة السماء في مونديال قطر الجزء ٤

الخاطرة رقم ٣٢٤ :

خواطر من الكون المجاور

في البداية نسأل الله عز وجَّل الرحمة والمغفرة لضحايا الزلزال والشفاء العاجل للجرحى وأن يمد الله أهاليهم بالصبر والعون بإذنه تعالى . ما أريد أن أقوله بخصوص الزلزال الذي ضرب بلاد الشام في سوريا وتركيا ، بأن هذا الحدث العالمي الذي حرك مشاعر جميع شعوب العالم من خلال رؤية تلك المقاطع المرعبة في وسائل التواصل الاجتماعي، هو علامة إلهية لها علاقة بموضوعنا (عدالة السماء في مونديال قطر) ، فهو يوضح أمور ذكرناها في المقالات الماضية والتي الكثير من القراء لم يفهمها أو رآها وكأنها مجرد خرافات . فكما أن الجميع لم يربط بين حادثة وفاة بيليه (ملك كرة القدم) كحدث عالمي وبين المونديال بعد أيام قليلة فقط من إنتهاء المونديال ، هكذا أيضا لم يربط الجميع علاقة الأحداث العالمية الأخرى مع المونديال ، كمرور المذنب الأخضر أو خبر توقف دوران مركز الأرض ... وغيرها ، وكأنها جميعها كانت أحداث مجرد صدفة ومنفصلة عن بعضها البعض . فهذا النوع من الرؤية هي من نتائج تيار الفوضى الخلاقة تيار أعور الدجال . وإن شاء الله سنتكلم عن هذه الأحداث العالمية ونشرح نوعية علاقتها بمونديال قطر في الجزء الأخير من سلسلة مقالات (عدالة السماء في مونديال قطر) .

قبل أن أتابع الموضوع لا بد أن أذكر ملاحظة هامة أكررها في بداية كل جزء من هذا الموضوع ، وهي أن أجزاء هذه السلسلة مترابطة مع بعضها البعض ومن لم يقرأ الأجزاء الماضية لن يفهم شيئا منها ، فالموضوع لا علاقة له نهائيا بما يخص الصراع بين ميسي وكريستيانو رونالدو وإنجازات كل منهما في عالم الكرة ، فهذا الموضوع هو موضوع ساذج جدا ولا يحتاج لأكثر من صفحتين أو ثلاثة ، أما موضوعنا فقد إحتاج لأكثر من / ٦٠ / صفحة كونه يشرح الفرق الروحي بين فلسفة التيار الفطري الإلهي (الإنسجام والتعاون) ، وتيار العصر الحديث (الفوضى الخلاقة) . فالحكمة الإلهية إختارت أبسط الأشياء في النشاطات البشرية وهي رياضة كرة القدم ، حيث كلمة (قدم) تمثل أسفل جزء من جسم الإنسان ، لهذا إختار الله ذلك الحدث العالمي (المقارنة بين ميسي ورنالدو) الذي شغل جزء ليس ببسيط من شعوب العالم لأكثر من / ١٢ / عام ، ليوضح الفرق في السلوك الروحي بين أتباع أعور الدجال (تيار الفوضى الخلاقة) وتيار المسيح عليه السلام (تيار الإنسجام والتعاون) الذي سيأتي من أجل تحقيقه . وكذلك ليعلم الإنسان أن معنى (العبادة) عند الله أرقى وأجمل بكثير من ذلك المفهوم السطحي الذي نسمعه في دعاء علماء الدين ومعظم المسلمين (اللهم انصر أمة محمد) حيث يقصدون به فقط الشعوب التي ديانتها الرسمية هي دين الإسلام . بينما دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم يشمل جميع شعوب العالم كونها جميعا من شعوب إبراهيم عليه السلام، فمعنى إسم إبراهيم هو (أبو الأمم) ، إبراهيم وجميع الرسل والأنبياء المعروفين وغير المعروفين (صلوات الله عليهم) جميعهم كانوا مُسلمين . فكل طفل من جميع شعوب العالم يولد وفي داخله جزء من روح الله ، وواجب كل مؤمن أن يؤمن لهؤلاء الأطفال عالم روحي ومادي نقي يساعدهم في بقاء الفطرة الإلهية في داخلهم بشكلها السليم عندما يكبرون ، فحتى رياضة كرة القدم وطريقة التعامل معها ستؤثر بشكل إيجابي أو سلبي على سلوك الأطفال . ولهذا كان أعظم شيء حدث في مونديال قطر كحدث عالمي هو إفتتاحيته التي بدأت بذكر الآية {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ( ١٣ ) الحجرات} .

في المقالة الماضية شرحنا بعض الأشياء في سلوك كريستيانو رونالدو التي جعلته نموذجا صادقا يُعبر عن صفات أتباع تيار الفوضى الخلاقة ، وشرحنا أيضا عن الحكمة الإلهية في مبدأ التعددية (الألوان ، الأبواب ، الشعوب) ، وفي هذه المقالة سنتابع شرح دور ميسي كنقيض لرونالدو في سلوكه كإنسان وكلاعب محترف في كرة القدم . فهذه التعددية كوسيلة لتحقيق الشمولية والكمال ، حاول ميسي تطبيقها في كرة القدم لهذا وصفه غوراديولا مدربه السابق في نادي برشلونة بأنه أفضل لاعب مهاجم وأفضل لاعب وسط وأفضل لاعب دفاع . فهذه الشمولية التي يتمتع بها ميسي سمحت له بمعرفة أفضل طريقة لخلق روح التعاون بين عناصر الفريق ليلعب الفريق ككتلة واحدة وليس كأجزاء منفصلة كما كان الوضع في الفترة الكلاسيكية لكرة القدم . ولهذا كان ميسي بالذات -وليس لاعبا آخر- في رياضة الكرة هو اللاعب النموذجي لتمثيل رمز التعاون والإنسجام في كرة القدم في تاريخ البشرية .

فحتى تتحول قصة حياة ميسي كلاعب كرة قدم إلى رواية متكاملة من جميع الجوانب شاءت الأقدار أن يحصد ميسي جميع الألقاب والجوائز العالمية في الأندية التي يلعب بها فقط ، أما لبلاده فكان سجله فارغا . في الحقيقة سجله لم يكن فارغا ولكن وسائل الإعلام كونها تمجد برونالدو الذي حقق لبلاده البرتغال كأس الأمم الأوروبية، لهذا كانت لا تذكر أن منتخب الأرجنتين بقيادة ميسي فاز ببطولة العالم للشباب لعام ٢٠٠٥، وأنهى البطولة بحصوله على الكرة الذهبية والحذاء الذهبي، وكذلك فاز بالميدالية الذهبية الأولمبية في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام ٢٠٠٨ ، ولكن عشاق رونالدو والذين يكرهون ميسي وكذلك الإعلام الرياضي ، ومن أجل رفع مكانة رونالدو لكي يستحق المقارنة مع ميسي ، كانوا دوما يغفلون عن هذه الإنجازات الدولية التي حققها ميسي ويصفونه بالمتخاذل وكأنه لم يحقق أي إنجاز للأرجنتين . فهؤلاء الذين يرون الأمور بعين واحدة ، لم يعلموا أن قصة حياة العظماء الذين صنعوا التاريخ بشكله الموافق للمخطط الإلهي ، هي أعقد بكثير من أن تكون بهذه السذاجة التي يتصورها الإنسان المعاصر الذي شوه المعنى الحقيقي لفن الرواية ليجعلها رواية هدفها فقط إثارة الأعصاب لتستحق تحويلها إلى فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني . لهذا لم يعلموا أن الأحداث الهامة في قصص عظماء التاريخ تكون الأحداث فيها مرتبطة ببعضها البعض بشكل وثيق بحيث تجعل كل حدث فيها يحمل معنى رمزي حيث مجمل الأحداث مع بعضها البعض يجعل من قصص حياتهم دروسا وعبر للأجيال القادمة كفصل صغير من فصول الرواية الكبيرة من رواية تطور الإنسانية التي كتبها الله عز وجل .

فالأرجنتين تلك الدولة التي ولد فيها ميسي هي دولة مثل بقية دول العالم وأن زيادة جائزة أو لقب لها في كرة القدم لن يغير مجرى تاريخ كرة القدم أو مجرى الإنسانية . ولهذا شاءت الأقدار أن يتأخر ميسي بالتتويج بكأس العالم ، فجميع مونديالات كأس العالم السابقة التي شارك بها ميسي كانت في زمن ومكان ليس لها معنى رمزي يساعد في توضيح حقيقة ذلك الصراع بين تيار الفوضى الخلاقة وتيار التعاون والإنسجام الذي يحدث في عصرنا الحاضر . فقط مونديال ٢٠٢٢ في قطر هو الذي حقق هذه المعاني الرمزية . ولهذا تُّوج ميسي بكأس العالم في هذا المونديال بالذات . وسنحاول هنا شرح هذه الفكرة لتتوضح لنا الحكمة الإلهية فيها أكثر :

عندما فازت الأرجنتين بكأس العالم عام / ١٩٨٦ / ، زعم البعض بأن دييغو مارادونا قد حقق هذا الفوز بمفرده ، ولكن الكثير من الإعلاميين في كرة القدم رفضوا هذا الإدعاء وقالوا أن بجانب ماردونا كان هناك أساطير في كرة القدم ساعدوه في هذا الفوز . لهذا كانت الحكمة الإلهية بالنسبة لميسي أن يحقق الفوز للأرجنتين بمفرده بحيث لا يستطيع أحد أن ينكر ذلك وأن يكون فوز ميسي له معنى أرقى بكثير من مجرد فوز دولة بكأس العالم . فرغم أن ميسي كان قائدا لمنتخب الأرجنتين في ثلاث مسابقات كأس العالم ( ٢٠١٤- ٢٠١٨- ٢٠٢٢ ) ولكنه في الحقيقة لم يكن قائدا فعليا سوى في مونديال قطر ، والسبب أن معظم زملائه في المنتخب الأرجنتيني في مونديال البرازيل ( ٢٠١٤ ) ، كانوا أكبر سناً من ميسي وجميعهم كانوا نجوما في أقوى الأندية الأوروبية. لهذا كانوا معظمهم يشعر بالغيرة من ميسي ، وبما أن كأس العالم كان فرصة لهم ليصلوا إلى مستوى مجد ميسي ومستوى راتبه الضخم ، لذلك كان سلوكهم في المباريات فردي وليس جماعي ، فهدفهم الأول كان إظهار مهاراتهم الشخصية وليس فوز منتخب بلادهم .ورغم وصول المنتخب الأرجنتين إلى النهائي ولكن بسبب هذا اللعب الفردي خسروا المباراة أمام المنتخب الألماني . والشيء نفسه حصل في مونديال ٢٠١٨ في روسيا . فكان معظم أعضاء المنتخب الأرجنتيني بعمر مساوي تقريبا لميسي ، ولهذا كانت الغيرة أيضا سببا ليجعل سلوكهم يتجه نحو إبراز مهاراتهم الفردية فكانت النتيجة كارثية حيث خرج منتخب الأرجنتين من دوري الـ ١٦ . ولكن الذي حصل بعد ذلك أن ليونيل سكالوني المدرب الجديد للمنتخب ، وكونه كان مساعدا للمدرب السابق ، كان مؤمنا تماما بأن ميسي بمفرده يستطيع الفوز بكأس العالم ولكن زملائه في الفريق وبسبب غيرتهم منه هم الذين كانوا يمنعونه من ذلك . لهذا وبمجرد إستلامه مهمة تدريب المنتخب ، إستغنى مباشرة عن جميع نجوم الأندية الأوروبية ، وأتى بجيل صاعد لا يعلم عنهم أحد شيئا . حتى أن كثير من المعلقين في كرة القدم قالوا بأن ميسي في المنتخب يلعب مع /١٠ / خشبات وأنه بدون ميسي فالفريق لا يستحق حتى مشاركته في المونديال . ولكن في الحقيقة أن معظم أعضاء هذا الجيل الصاعد كان من أولئك الذين رأوا مباريات ميسي وهم أطفال صغار ، فالفطرة الإلهية في تكوينهم الطفولي جعلتهم يرون حقيقة تكوين ميسي الروحي ، لهذا فجميعهم وبدافع روحي وليس عقلي كانوا يحبونه ويحترمونه كونه كان بمثابة أفضل قدوة في عالم كرة القدم. فمع قدوم هؤلاء (الصغار) إلى المنتخب أصبح كل شيء يحدث في المباراة تحت سيطرة قيادة ميسي المطلقة . ورغم أن هؤلاء الشباب لم يكن لديهم أي خبرة في المباريات الدولية ولكن ميسي بفضل روح الإنسجام والتعاون التي يسير عليها إستطاع أن يُخرج من داخل كل لاعب جميع مهاراته لتعمل بشكل منسجم مع مهارات جميع عناصر الفريق ، ليثبت ميسي للعالم بأكمله أن رياضة كرة القدم هي رياضة جماعية وليست فردية ، وأنها تعتمد على مبدأ التعاون والإنسجام من أجل المساهمة في تطوير الإنسانية لتصل إلى الكمال . فمع هذا التغيير الجذري الذي حصل في طريقة لعب منتخب الأرجنتين إستطاع ميسي أن يفوز أولا بكأس كوبا أمريكا لعام /٢٠٢٠/ الذي غاب عن الأرجنتين لمدة /٢٨/ عام ، ثم كأس العالم /٢٠٢٢/ الذي غاب عنهم لمدة /٣٦ / عام .

وشاءت الأقدار أن تجعل مسار منتخب الأرجنتين بشكل يحقق تماما المبدأ الذي إعتمدت عليه روح ميسي . فقبل بداية مباريات المونديال ، لعب منتخب الأرجنتين مباراة ودية مع منتخب الإمارات وفاز عليه ب /٥ - ٠/ . هذا الفوز الكبير كان له تأثير سلبي على لاعبي المنتخب الأرجنتيني فقد أعطاهم ثقة بأنفسهم أكثر من المطلوب حتى وصلت بهم لنوع من الغرور . لذلك في مباراتهم الأولى في المونديال مع المنتخب السعودي ، حاولوا تسجيل أكبر عدد من الأهداف ، ورغم أنهم سجلوا العديد من الأهداف ولكن جميعها تم إلغائها كونها كانت حالات تسلل . فكانت النتيجة النهائية خسارة منتخب الأرجنتين بنتيجة / ٢-١ / . هذه الخسارة كانت صدمة كبيرة لأعضاء المنتخب الأرجنتيني وكذلك لعشاق ميسي . حتى أن الكثير منهم بدأ يشك بقدرة هذا المنتخب في الإستمرار في المونديال . ولكن في الحقيقة أن هذه الخسارة كانت علامة إيجابية جعلت عيون العالم جميعها تُركز على ميسي وعبقريته في إعادة توازن الفريق من جديد ، فالجميع يعلم بأن ميسي يلعب مع شباب صغار لا خبرة لهم . المنتخب الأرجنتيني لم يخسر أي مباراة، خسر فقط مع المنتخب السعودي ، وهذا ليس صدفة ولكن حكمة إلهية . فلو خسر المنتخب الأرجنتيني مع منتخب دولة أخرى غير السعودية لكانت قصة حياة ميسي قد تحولت إلى كتلة من الأحداث العشوائية . فالذي حصل أن المنتخب السعودي الذي يمثل تلك الدولة التي ظهرت فيها مسابقة سوق عكاظ للمباريات الشعرية ، لتكون مكملة للرياضة لتأخذ شكلها الحضاري . الأقدار الإلهية هي التي إختارت المنتخب السعودي ليضع المنتخب الأرجنتيني في الطريق الصحيح لتجعل من مسيرة المنتخب الأرجنتيني في المونديال له معنى رمزي وكذلك لتصبح هذه المسيرة أكثر حكمة وإثارة وتشويقا حتى وصوله إلى النهائي والفوز بكأس العالم .

وفعلا هذا الذي حصل ، ففي كل مباراة كانت الجماهير تعيش على أعصابها كون كرة القدم أصبحت بالنسبة لهم مجرد فوز أو خسارة . ولكن بالنسبة لروح ميسي كانت كرة القدم شيء مختلف تماما ، فهو الملقب بوزير السعادة وملك المتعة ، ودوره الأساسي في المباراة ليس تنمية غريزة الهجوم وتسجيل الأهداف ليفرح الشامتون كما حصل في فوز المنتخب السعودي ، حيث خرج بعض المتعصبين السعوديين من الملعب وهم في حالة هيستيرية يصرخون (ميسي وينو كسرنا عينو) ، فدور روح ميسي كان أعظم من ذلك بكثير ، حيث أنه إستطاع إيقاظ ذلك الطفل الذي يكمن في داخلنا جميعا والذي -وللأسف- عند الكثير من الكبار قد وصل هذا الطفل إلى مرحلة شبه الوفاة . فالإنسان السليم روحيا هو الذي يحوي في عقله الباطني جميع مراحل حياته (الطفل ، المراهق، البالغ ، الراشد) ، فكل مرحلة وضع الله فيها تكوين روحي مختلف ، فتعاون هذه التكوينات المختلفة مع بعضها البعض هي التي تعطي الإنسجام الصحيح والذي يدفع الإنسان ليتصرف كردة فعل لكل حدث يمر به في حياته بشكل ملائم ليجعل هذا الحدث محطة مفيدة لأيامه القادمة . إن إستيقاظ هذا الطفل الذي يكمن في داخلنا رآه معظمنا في وجه المشاهدين وهي تنفعل وتتأثر مع كل دقيقة من دقائق ال/١٢٠/ زمن المباراة ، لتقفز على قدميها في تلك الثانية الأخيرة التي أعلن فيها فوز ميسي بكأس العالم . هذه التصرفات ليست من ديانة وثنية كما يعتقد بعض علماء الدين ولكن الحكمة الإلهية في خلق الإنسان ، فالتكوين الروحي للإنسان أعقد بكثير مما يتصوره هؤلاء العلماء والذين معظمهم يعانون من وفاة الطفل في تكوينهم الروحي. ولو كنا نعيش في مجتمع مثالي لكانت هذه الفرحة الطفولية قد أخذت شكلا أجمل بكثير مما ظهرت عليه في المونديال .

النتيجة النهائية للمونديال كانت معبرة تماما عن هذه الحقائق التي شرحناها . فالمنتخب الأرجنتيني فاز بكأس العالم ، وميسي فاز بجائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم ، واللاعب الأرجنتيني إينزو فرنانديز فاز بجائزة أفضل لاعب شاب ، والحارس الأرجنتيني إيمليانو مارتينيز كأفضل حارس مرمى . فليس من الصدفة أن حارس مرمى الأرجنتيني كان الرجل الثاني بعد ميسي مساهمة في فوز الأرجنتين . لأن فلسفة كرة القدم هي نفسها فلسفة الوجود الإنساني خارج الجنة . فهناك صراع دائم بين روح الخير العالمية وروح السوء العالمية ، روح الخير تعتمد أسلوب الدفاع كمبدأ في هذا الصراع لتنمي الصفات الحميدة : الصبر والتأمل والسلام في سلوكها للوصول إلى الكمال كهدف نهائي لها ، أما روح السوء فتعتمد الهجوم كمبد أ ينمي فيها شهوة الإنتصار والسلطة لخلق الفوضى كهدف نهائي لها .

ولهذا نجد أن مونديال قطر قد حقق أرقى خاتمة لقصة حياة ميسي الكروية ، لتأخذ هذه القصة صورة رمزية تُعبر عن ذلك الصراع بين روح الخير العالمية وروح السوء العالمية. فمونديال قطر بإعتراف الجميع يُعتبر من أنجح مسابقات كأس العالم على الإطلاق ، من حيث التنظيم ومن حيث تحقيق الأهداف المطلوبة لمثل هكذا حدث عالمي كمساهمة في إزدهار الحضارات . وكذلك من حيث الإثارة والمتعة . ففي مونديال قطر تم ظهور عدالة السماء أمام أعين الجميع . ففي المباراة النهائية ومع آخر ركلة جزاء التي حققت فوز ميسي ، ثلاث أرباع سكان العالم ومعظمهم من الدول النامية المسلوب حقها في الحياة قفزوا من أماكنهم من شدة فرحهم لفوز ميسي بتتويجه بكأس العالم . فميسي صاحب هذا الجسد الصغير كان بالنسبة لهم رمزا يعبر عن الظلم الذي يحدث بحقهم المسلوب من الدول العظمى في هذا العصر الحديث .

و حتى نفهم حقيقة المضمون الفلسفي لما حصل في مونديال قطر لا بد من الإشارة إلى أن وزيرة الرياضة الفرنسية ​أميلي أوديا كاستيرا​ أرادت من قائد منتخب ​فرنسا​ لكرة القدم ​هوغو لوريس​ إرتداء الاشارة الملونة الخاصة بدعم المثليين، عند رفع كأس العالم حال الفوز به.

ولكن ميسي بفوزه بهذا الكأس هو الذي منع ظهور شعار المثلية أمام أعين الناس في جميع الشاشات التلفزيونية العالمية . وهكذا وبدلا من أن يرى العالم كبارا وصغارا شعار المثلية والشذوذ ، رأى العالم تلك اللقطات الرومانسية المليئة بمشاعر المحبة والإخلاص بين ميسي وزوجته وأطفاله الثلاثة . هذه العلاقة التي بدأت بالحب العذري ثم تطورت فوصلت إلى العشق الأبدي .

ولا بد أيضا من الإشارة أن جائزة لاعب القرن للفيفا التي تم منحها مناصفة للاعبين بيليه و دييغو مارادونا . حيث بيليه فاز بالجائزة من خلال تصويت الصحفيين والمدربين. أما مارادونا ففاز بها من خلال تصويت الجمهور عبر الإنترنت. لهذا شاءت الأقدار الإلهية مع فوز ميسي بكأس العالم أن تصحح معنى القدوة في رياضة كرة القدم :

فمع فوز ميسي في المونديال إستطاع ميسي تحطيم أسطورة مارادونا الذي نصبه بعض الأرجنتينيين المغفلين كإله وبنو له كنيسة ليعبدوه . فبدلا من أن يثور مارادونا على هؤلاء ويرفع عليهم دعوة بإلغاء هذه الكنيسة ، ولكن يبدو أنه كان سعيدا بما فعله هؤلاء المغفلين كونهم قد رفعوه إلى مرتبة إله . فلا أحد يُنكر أن مارادونا كان من أكبر أساطير كرة القدم ولكن بالمقابل لم يستحق أن يكون قدوة صالحة للأجيال القادمة فغروره بنفسه وبعض تصرفاته الوحشية أثناء المباريات ، وكذلك إدمانه على المخدرات ، وإستخدامه لعقاقير منشطة (الإيدفيرين) الممنوعة دوليا في مونديال ١٩٩٤ ، والذي أدى إلى طرده من كأس العالم وترحيله للأرجنتين لينتهي مشواره الكروي إلى الابد . لهذا وجب تحطيم أسطورة هذا الإله المزيف في قلوب الأرجنتينيين لتحل محله قدوة جديدة صالحة في رياضة كرة القدم ، فكان ميسي هو أنسب شخص يحل محل مارادونا .

أما بالنسبة لبيليه الملقب بملك كرة القدم فهو أيضا كان مغرورا بنفسه فقد صرح ولو بشكل غير مباشر بأنه أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم ، وبسبب كراهيته الشديدة لميسي كان بشكل مقصود لا يتكلم عن ميسي ولكن يمدح كثيرا كريستياتو رونالدو ، وهذه الكراهية لم تكن بسبب العداء التاريخي الكروي بين البرازيل والأرجنتين، ولكن من أجل التقليل من شأن ميسي ، كونه كان على دراية كاملة بأن ميسي هو الشخص الوحيد بين جميع لاعبي العالم الذي يهدد عرشه في كرة القدم . فشاءت الأقدار أن يرى بيليه بأم عينه فرحة ثلاث أرباع شعوب العالم بتتويج ميسي بكأس العالم .وكأن فوز ميسي في مونديال قطر ووفاة بيليه بعدها مباشرة بأيام قليلة تقول للعالم أجمع بأن رياضة كرة القدم ولأول مرة في تاريخها تدخل في مرحلة جديدة يقودها ملك جديد يستحقها بجدارة كونه أعطاها أرقى أشكالها كلاعب وكإنسان . فإهداء أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني العباءة العربية ليرتديها ميسي في لحظة تتويج المنتخب الأرجنتيني بالفوز بكأس العالم ، كان حدث رمزي في غاية الأهمية كونه يلخص نتيجة ذلك الصراع الذي خُلق ميسي كرمز من أجل تحقيقه . فالعباءة العربية لها قدسية كبيرة ، فعدا عن أنها تمثل رمز الشهامة والرجولة ونبل ، فقد عُرف عند أبناء الجنوب أنه عندما يحدث نزاع عشائري كبير يجعل هذه العشائر تقوم بأخذ استعدادتها لبدء معركة دامية مع الطرف الآخر قد تؤدي الى مقتل العشرات أو المئات فإن هذا النزاع يتوقف فورا عندما يقوم أحد الوجهاء بإلقاء عباءته بين الطرفين عندها كانت مباشرة تسكن النفوس الغاضبة ويلجأ الطرفان للحوار من أجل حل المشكلة بسلام . ميسي بإرتدائه للعباءة العربية أصبح رمزا للمصالحة والتعاون بين روح القسم الغربي وروح القسم الشرقي من شعوب العالم بعد ذلك العداء الذي إستمر أكثر من /١٥٠/ عام والذي أنتج تيار الفوضى الخلاقة ليمزق الروابط بين الأمم والشعوب .

قد يتسائل المسلمون هنا ، ميسي مسيحي ومن دولة بعيدة تقع في أمريكا الجنوبية ، لماذا الله عز وجَُل لم يجعل اللاعب الذي سيغير مسيرة كرة القدم لتأخذ دورها الحقيقي الذي أراده الله لها ، أن يكون مسلما ؟ لماذا لم يكن من مصر أو المغرب أو أي دولة عربية ؟ الجواب على من يتساءل مع نفسه بهكذا أسئلة (عنصرية) موجود في الآية القرآنية التي بها تم إفتتاح مونديال قطر {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِن َّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)الحجرات} . الله عز وجل هو رب العالمين وليس فقط رب المسلمين ، الله ينظر إلى جميع شعوب العالم كأنها أفراد لعائلة واحدة من نسل آدم وحواء ، وميسي هو أتقى لاعب في تاريخ كرة قدم ، لهذا إختاره الله ليلعب هو هذا الدور في رياضة كرة القدم. فجميع الصفات الموجودة في ميسي تحقق مبدأ الإنسجام والتعاون المطلوبة في فلسفة رياضة كرة القدم وفي فلسفة تطور الإنسانية .

فعدا عن ذلك هناك رموز أخرى في ميسي تساعدنا في فهم الحكمة الإلهية في إختلاف الشعوب ونوعية إدراكها ومسؤولياتها في تطور الإنسانية ، فميسي صحيح أنه أرجنتيني ولكن أصله إيطالي. فعدم مشاركة منتخب إيطاليا في مونديال قطر رغم تتويجه قبل عامين من المونديال بكأس الأمم الأوروبية ليس صدفة ولكن علامة إلهية . فكما ذكرت في بعض المقالات الماضية بأن شكل خريطة إيطاليا تشبه شكل ساق إنسان تركل كرة على شكل مثلث (كما توضح الصورة) ، وأن الشعب الإيطالي يُعتبر شعب رومي الذي يُطلق أيضا على الشعب اليوناني الذي قام بتأسيس الألعاب الأولمبية، ومن المعروف أن حضارة النهضة الأوروبية بدأت من إيطاليا ، فهذه الحضارة هي التي قامت بتطوير العلوم المادية والتي ثمارها نراها اليوم في هذا التقدم التكنولوجي في جميع المجالات العلمية المادية .

إذا قلبنا شكل خريطة إيطاليا رأسا على عقب ، سيتحول شكل الخريطة من شكل ساق تركل كرة مثلثية إلى شكل كلب ، وليس من الصدفة أن الأسطورة الرومانية تذكر أن تأسيس مدينة روما عاصمة إيطاليا تم تأسيسها من قِبَل الأخين التوأم رومولوس وريموس وأن التي أشرفت على رضاعتهما وتربيتهما كانت ذئبة ، وأن رومولوس قتل أخيه ليحكم المدينة بمفرده ، ولهذا سُميت بأسمه (روما) ، فهذه الأسطورة هي رمز لقصة قابيل وهابيل ولكن زاوية رؤية مختلفة . فما يهمنا هنا هو معنى علاقة رمز (القدم) ورمز (الكلب) في خريطة إيطاليا فالكلب والذئب هما من نفس الفصيلة (الكلبية). فشكل خريطة إيطاليا ليس صدفة ولكن علامة إلهية لها معنى أن إنفصال العلوم المادية عن العلوم الإنسانية الروحية ستنمي روح السوء (ورمزها روح الكلب) في نفوس البشر ولهذا كان أكبر مؤسس لحضارة النهضة الأوروبية هو إيطالي وإسمه ليوناردو دافينشي ، ومعنى هذا الإسم في اللغة الإيطالية (الأسد المنتصر) . وهذا تماما ما حصل في العصر الحديث فروح الكلب تمثل رمز من رموز روح الأعور الدجال ، فرغم أن الكلب يُعتبر حيوان نجس في جميع الديانات السماوية ، ولكن نجد في عصرنا الحديث أن تيار الفوضى الخلاقة نمى في نفوس الناس حب الكلاب ، فالكلاب اليوم قد أصبحت أفضل صديق وفي للإنسان ، حيث ملايين الكلاب في العالم أصبحت تعيش في المنازل وتحظى بأفضل أنواع الحب والرعاية وتأكل أفضل أنواع الطعام ، في حين نجد أن ملايين الأطفال في العالم يموتون من الحروب والأمراض والفقر وسوء التغذية .

فذكر النصوص الدينية بأن أخوة النبي يوسف عليه الصلاة والسلام قالوا لأبيهم بأن (الذئب) هو الذي أكل يوسف ، ليس صدفة ولكن حكمة إلهية تكشف لنا الفرق بين روح يوسف التي تتصف بتعدد الألوان والأبواب والتي كانت سببا لمعارفه في تأويل الأحداث ، وبين روح الذئب (الكلب) في تمزيق الروابط بين الأشياء لتجعل الإنسان أعمى البصيرة من أتباع أعوار الدجال .

ولهذا كان أسم مدرب منتخب الأرجنتين (ليونيل) وكذلك إسم ميسي الأول هو أيضا ليونيل ، ومعنى ليونيل هو الشبل أي الأسد الصغير ، الأسد الصغير في الحقيقة هو القطة ، والجميع يعلم مدى شدة العداء بين الكلاب والقطط . ميسي بجسمه الصغير يمثل روح القطة ، بينما كريستيانو رونالدو فهو يمثل روح الكلب ، فأسم رونالد (بالإنجليزية: Ronald)‏ هو اسم إنجليزي ، مشتق من كلمة روغنفالد النوردي القديم وهذه الكلمة مكونة من مقطعين (روغن) وتعني قرار و (فالد) تعني الحاكم ، وإسم رونالدو يعني حاكم القرار أو صاحب القرار وهو اللقب الذي كان يطلق على زعماء الفايكنغ ، المعروفين في معظم الشعوب الأوربية بالسمعة السّيئة وطبيعتهم الوثنيّة الوحشية . أما أسم (كريستيانو) فهو من الأسم اللاتيني (كريستيان) ومعناه المسيحي أو التابع للمسيح ، فرونالدو في التعبير عن نفسه يستخدم الرمز (CR7) ، حيث الرقم سبعة /7/ هو رقم قميصه الذي يلعب به منذ ظهوره وحتى الآن وهو رقم عدد أبواب جهنم في الحديث الشريف . فالمعنى العام للرمز (CR7) هو (المسيحي السيء السمعة الذي يفتح أبواب جهنم ، أو بمعنى آخر هو أحد أتباع أعور الدجال) .

أما بالنسبة لكلمة (ميسي) ، فلم أجد أي مصدر يشرح أصلها ومعناها ، ولكن لفظ كلمة (ميسي) في اللغة اليونانية فله معنى (الوسط) وكذلك تأتي بمعنى (الوسيط) ، فالإسم الكامل (ليونيل ميسي) يعني الأسد الصغير الوسيط ، أي أنه من أولئك الذين سيلعبون دور الوسيط الذي سيقوم بإعادة توحيد الشعوب الشرقية والشعوب الغربية لتعملا جنبا إلى جنب في إعادة الإنسانية إلى طريقها الصحيحة في المخطط الإلهي ، وقد حصل جزء من هذه المحاولة في عالم كرة القدم في مونديال قطر .

ولهذا شاءت الأقدار الإلهية أن يكون ميسي هو قائد هذا الصراع ضد روح السوء في رياضة كرة القدم بدلاً من المنتخب الإيطالي ليمثل هو رمز قدم إنسان صالح كرمز للمعارف المادية ، لأن دولة إيطاليا بسلوكها الحالي قد خرجت عن مسارها المطلوب وانضمت هي الأخرى إلى تلك الدول العظمى التي تفرض تطبيق منهج تيار الفوضى الخلاقة على شعوب العالم ..... هناك علامة رمزية أخرى في ميسي كأصل رومي سنشرحها في الجزء القادم إن شاءالله . (موضوع شكل خريطة إيطاليا ورمز روح القطة وروح الكلب شرحناه بالتفصيل في مقالات ماضية).

مع خروج رونالدو مهزوما هزيمة قاسية جدا من المونديال ، وكذلك بعد طرده من نادي مانشيستر يونايتيد . وبسبب رفض جميع الأندية الأوروبية القوية له ليلعب معها . شعر أن نهايته الكروية قد أخذت أبشع نهاية يمكن أن تحصل له . ولكنه عندما رأي نادي النصر السعودي يعرض عليه صفقة خيالية لمدة عامين ونصف (٢٠٠ مليون دولار راتب سنوي) رأى أن هذه الصفة فرصة رائعة يستطيع بها أن يتصدر الأخبار العالمية ثانية . رونالدو كونه لاعب يهتم في تحقيق مجده ومصالحه الشخصية فقط ليجعل من نفسه في نظر الآخرين بأنه ملك السوشيال ميديا بلا منازع ، كان يسخر بشدة من كل لاعب مشهور يخرج من الكرة الأوروبية وينتقل إلى الأندية الآسيوية ، فحسب رأيه أن الخروج من الأندية الأوربية هو نهاية وخيمة لأي لاعب كبير، فالذهاب إلى الأندية الآسيوية ستجعل اللاعب يختفي نهائيا من الإعلام العالمي لكرة القدم . فرونالدو الذي لا يملك في داخله أي إحساس بمبدأ التعاون والإنسجام ، لم يفكر يوما بأن ذهاب مثل هؤلاء اللاعبين الكبار بمهاراتهم وخبرتهم إلى الأندية الآسيوية سوف يساعدون في تنمية كرة القدم الآسيوية ، فالتعاون بين الشعوب وتبادل المعارف هو فرض إلهي . أيضا جميع عشاق رونالدو هم أيضا سخروا من هذه الصفقة واعتبروها إشاعة يروجها عشاق ميسي ليهينوا رونالدو ، حتى أن أخت رونالدو أكدت لهم تأكيدا قاطعا بأنها إشاعة هدفها الإساءة لأخيها . ولكن رونالدو خيب آمال أخته وآمال جميع عشاقه ووافق على الصفقة وإنتقل إلى نادي النصر السعودي .

بعض الشيوخ المسلمين إتهموا السلطة الحاكمة في السعودية بأنها تدنس الأرض المقدسة بجلب أشخاص (كفار) أمثال كريستيانو رونالدو إلى بلادها . في الحقيقة رؤية هؤلاء الشيوخ لحقيقة ما يحدث هو رؤية سطحية سببها التعصب الديني الأعمى ، فمن يرى الأمور برؤية شاملة سيجد أن ما حدث في السعودية في هذا الأمر كان حكمة إلهية ، فالسعودية تمثل تلك الأرض التي ظهرت فيها مسابقات سوق عكاظ الشعرية ، ولهذا وجب على روح الشعب السعودي أن تتدخل لتوّضح حقيقة الأمور أكثر . فالنادي الذي جلب رونالدو إلى السعودية إسمه (النصر السعودي) ، فكلمة (نصر) لا تعني هنا نصر رونالدو ، ولكن تعني هزيمته وفضح حقيقته أمام العالم وخاصة أمام عشاقه الذين يعانون من عمى البصيرة . فقبول رونالدو لهذه الصفقة أثبتت لجميع العالم بأنه شخص بلا مبادئ أو قيم وما يهمه هو فقط الشهرة والمجد في عالم الإعلام والتواصل الإجتماعي.

إن رؤية هذه الصفقة بزاوية واحدة وإتهام السعودية بأكملها بأنها تجلب الكفار إلى بلادها هي رؤية ناقصة وغير عادلة ، لهذا يجب رؤية الموضوع من جميع زواياه لنرى محصلة ما حدث في السعودية . فقبل أن تهدأ فرحة رونالدو بالصفقة مع نادي النصر ، عرض نادي آخر سعودي أيضا (نادي الهلال) صفقة على ميسي جعلت فرحة رونالدو تتلاشي من جديد ، وكأن ميسي منذ ظهوره أمام رونالدو قبل أكثر من / ١٥ / عام قد جلب عليه لعنة تحاول تحطيم جميع إنجازاته . فنادي الهلال عرض على ميسي راتب سنوي قدره /٣٠٠ / مليون دولار ، أي أعلى من راتب رونالدو ب/ ١٠٠ / مليون دولار . ولم يتوقف الأمر هنا ، نادي ثالث سعودي أيضا (نادي الإتحاد في جدة) عرض على ميسي صفقة أكبر من الثانية / ٣٥٠ / مليون دولار راتب سنوي لميسي . أي تقريبا ضعف راتب رونالدو . هذه الصفقات الكروية الثالثة ليست صدفة ، ولكن خطة إلهية ، فإسم النادي الذي عرض هذه الصفقة على ميسي هو (الإتحاد) أي التوحيد وهي الصفة الروحية التي خُلق ميسي من أجل تحقيقها .

للأسف بعض علماء الدين وبسبب تعصبهم الأعمى يحاولون فصل الأمة الإسلامية عن جميع الأمم لتنغلق على نفسها ، ولهذا فهم يتهمون المملكة العربية السعودية ودول الخليج بشكل عام بأنها قد خرجت عن تعاليم الإسلام كونها قد بدأت تنمي المشاريع الرياضية والفنية ، وهذا الرأي فيه ظلم كبير ، فصحيح أن السعودية ودول الخليج اليوم يحدث فيها أخطاء عديدة ، ولكن مهما يكن فهذه الأخطاء تحدث في جميع دول العالم بلا إستثناء فتيار الفوضى الخلاقة يسيطر على جميع شعوب العالم لهذا تم تشويه معنى الرياضة ومعنى الفن . ولكن ومع ذلك يجب أن لا ننسى أن دول الخليج بتلك القوة الصغيرة عالميا التي تمتلكها تحاول اليوم أن تلعب دور كبير في منع تيار الفوضى الخلاقة من السيطرة على الأقل على جميع بلاد الشرق الأوسط . فالمملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي رفضت قرارات الرئيس الأمريكي ، والإمارات العربية المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم الإسلامي التي قامت بمشروع (البيت الإبراهيمي) لنشر التسامح والتعاون بين الديانات . فهذا المشروع هو من أهم تعاليم الإسلام وليس تشويها لها فالمبدأ صحيح كبداية لنزع الفتنة بين الشعوب والتي تيار الفوضى الخلاقة يحاول أن يستثمرها لتمزيق الروابط بين الشعوب . أما بالنسبة لدولة قطر فهي التي أقامت أفضل مونديال في تاريخ الرياضة والذي بدأت إفتتاحيته بالآية القرآنية التي تفرض على البشرية تعاون الأمم والشعوب ونقصد الآية / ١٣ / من سورة الحجرات .

في المقالة القادمة إن شاء الله سنتابع ذكر وشرح علامات إلهية ظهرت قبل المونديال وبعد المونديال تشرح لنا حقيقة ما يحدث من تغيير في مسير الإنسانية .... والله أعلم .

وسوم: العدد 1019