عُثمانُ والقُمصانُ والوطنُ السليبْ
ثريا نبوي
أيقونتي يا دُرَّةَ التاجِ استعيدي فجرَكِ الوضَّاءَ
من جُزُرِ الظلامِ تشبَّثي وتحَيَّني دِفْءَ العِناقْ
يا قدسُ أنتِ حبيبتي أَنَتوهُ في أبَدِ الفِراقْ؟
هي غَيْمةٌ مُرْبَدَّةٌ وقفتْ على أفقِ اللقاءْ
والريحُ تعبثُ بالرمالِ فينحني العُشْبُ المُخّضَّبُ بالوفاءْ
تلك اندياحاتُ الحنينْ
هل تبسُطينَ على المرافئِ صحوَ أجنحةِ النَّهارِ؛
خُيوطَ شمسٍ تنتظرْ؟
هل تُمطرينَ على البيادرِ مِن أناشيدِ المطرْ؟
أوَ صُمَّتِ الآذانُ وانخسفَ الصّدى والحقُّ تبلعُهُ الحُفَرْ؟
يا سِنديانَةَ صبرِنا هيَّا استعدّي للسفرْ
*****
تلك التُّخومُ على مشارِفِها تراءى الحُلْمُ أقربَ
والبَنَفْسَجُ بات معقودًا على جِيدِ الصِّغارِ المُغرمينَ
بوشوشاتِ العُشْبِ في صَخَبِ الطريقِ
وتمتماتِ النَّوْرَسِ المقهورِ حين يُغادرُ الوطنَ الحبيبَ إلى المَهاجرِ
والبِحارُ تُزيدُهُ وجعًا على وجعٍ
تُعبّئُ صدرَهُ بروائحِ الليمونِ والزّيتونِ.. عطرِ البرتقالِ،
دُعاءِ نَرجسةٍ بفكِّ الكرْبِ..
يفتحُ جَفْنَهُ الحنُّونُ يرقُبُ ما يدورُ
ويشهقُ الدُّورِيُّ؛ كيف يُوافِقُ الصَّاري على سيرِ السَّفائنِ
نحو شَطِّ الغُربةِ المَمْهورِ:
بالوجعِ المُسافرِ في شرايينِ النَّوارسِ
وارتعاشِ الضوءِ في الميناءِ
فوق حقائبِ الألمِ المُضرَّجِ بالحنينِ
وها هي الأرقامُ تُمسي أبجديّاتِ التعارفِ:
فوق أرصفةِ المواني.. بين أروقةِ المُخيَّمِ ..
وانطفا وَهَجُ الزنابقِ في الخُدودِ
و أنَّ مَوَّالُ الرَّحيلِ ونَايُهُ الباكي الحزينُ
وسالت الذكرى: نخيلاً أو كرومًا في أخاديدِ الدموعِ،
وعَبْهراتٍ في الهوادِجِ، والمُهورُ هي الشَّهادةُ بعدما
انزلقَتْ على أرضِ التفاوضِ قِمَّةُ المُتهاونينَ
ومَرَّغتْ في الوحلِ صَحوَ عمائمِ المُتظاهرينَ
بأنهم مِن أجلِ عُثمانَ استشاطوا غاضبينَ
ولم يُراعوا الصِّدقَ فيما يرتدونَ فعافَهم:
عُثمانُ والقُمصانُ والوطنُ السليبْ.
*****
التفريطُ الخامسُ والستونَ في حقِّ العودةِ وأحلامِها!