متى يصحو الربيع بنا
متى يصحو الربيع بنا
مصطفى عكرمة
صحا الربيعُ فصحى كلّ وسنان
فيا لها فتنةٌ تهدي العقول إلى
الناسُ تُفتنُ فيما لا اهتداء به
صاغ الربيعُ بسحرِ الحسنِ روعتها
صحا الربيعُ فما تدري بأيّ فمٍ
قسا الشتاءُ ، وتابتْ منه قسوتُهُ
فالزّهرُ والعطر والأطيارُ صادحةٌ
زهرٌ ترى العينُ منه ما تُسرُّ به
وكلُّ زهرٍ بدا من حسنهِ عجباً
حُسناً ، وعطراً ، وألوناً يفوح بها
لكلِّ حسنٍ بما يوحيه ألسنةٌ
هيهات للشعرِ أن يدنو لروعتها
فلن ترى مثلها في كلّ ما رسمت
ولا ترى غير ما تُهدى ببهجته
وما تشمُّ لها من منعشّات شذىً
يمضي بك الحسنُ مُنقاداً بلا هدفٍ
فالعقل في العين أمسى وهي ساهمةٌ
والطيرُ تمرحُ في الأجواءِ سابحةٌ
فالنّاسُ في شغلٍ عنها بروعتها
تباركتْ قدرة الخلاّقِ أبدعها
وجلَّ مقتدراً أهدى بقدرته
وألفُ سبحانَ من كانت بحكمتة
بلحظة تحسبُ الدنيا إليك هفت
* * *
صحا الربيعُ فصحّى كلَّ وسنان
فيا إلهي متى يصحو الربيع بنا
صحا الربيع فعاش الناسُ بهجتَه
متى إلهي يصحو من غفوا زمناً
فيرجعُ الكونُ بالإسلامِ مُبتهجاً
وما سواهُ ربيعٌ في ضمائرنافلا ترى غير مفتونٌ ، وفتّانِ
من أبدع الكون في لطفٍ ، وإتقانِ
وفتنةُ الحسنِ مدعاةٌ لإيمانِ
فالأمسُ واليومُ مما كان ضدّانِ
تحكي عجائبَ هذا الهادم الباني
كأنما هي منه توبةُ الجاني
عن قدرة الله فيها ألفُ تبيان
فالكونُ مؤتلقُ الأرجاء نوراني
به تفرّدَ عن ندٍّ ، وأقرانِ
سحرُ البياضِ ، ووهجُ الأحمر القاني
وكلُّ صوتٍ له في القلب أذنان
ولا لخيالٍ ، فهذا الحسنُ ربّاني
وأبدعتهُ الأيادي عبر أزمانِ
فكلُّ حسنٍ به للسحر زوجانِ
فيها انتعاشةُ أرواحٍ ، وأبدانِ
سوى جواذب إسرارٍ وإعلانِ
يسوقُها سحرُ أشكالٍ وألوانِ
تعلو وتهبطُ لا تخشى يد الجاني
وما تُهاديه من زهوٍ ، وألحانِ
فألهمت بسناها كلَّ فنانِ
بعد الشّتاء ربيعاً جدَّ فتَّانِ
آلاءُ حسنٍ تُصحّي كلّ وجدانِ
وأنتَ تلبسُ فيها تاجُ سلطانِ
* * *
ولم نزل بين منسيّ ، ووسنانِ
فلا نبيتُ على ذلٍّ ، وطغيانِ
كأنّ إيحاءه آياتِ قرآنِ
فامننْ بصحوتهم يا خيرَ منّانِ !
الحسنُ مقترنٌ فيه بإحسانِ
فهو النّجاةُ لنا من كلِّ خُسرانِ