الغربة

د. محمد علي الرباوي

الغربة[1]

د. محمد علي الرباوي

[email protected]

في الشَّارِعِ أَنْتَ غَريبٌ

في الدَّرْبِ غَريبٌ

وَغَريبٌ في الْمَعْمَلِ في الْمَتْجَرِ

في مَقْعَدِكَ الْمَأْلوفِ وَأَنْتَ هُنا

تَسْمَعُ أَوْ تَقْرَأُ هَذِي الأَشْعَارَ

غَريبٌ فِي الْبَيْتِ وَأَنْتَ تُجَالِسُ

شَاشَتَكَ الْفَاجِرَةَ الصَّوْتِ الْفَاسِقَةَ الصُّورَةِ

أَنْتَ غَريبٌ

إِمَّا كُنْتَ قَريباً

أَوْ كُنْتَ بَعيداً

مِنْ مِذْياعٍ مَبْحوحِ الصَّوْتِ

غَريبٌ إِنْ أَنْتَ اسْتَلْقَيْتَ كَطِفْلٍ

في حِضْنِ جَرائِدَ تَقْطَعُ أَوْصالَكَ كُلَّ صَباحٍ

أَنْتَ غَريبٌ فِي حُجُراتِ الدَّرْسِ

غَريبٌ حَتّى فِي ذاتِكْ

****

يا صاحِبِـيَ الْمَدْفونَ هُنا في كَهْفِ هَواجِسِهِ

وَالدُّنْيا تَرْتَعُ في جَبْهَتِهِ

إِنّي أَقْرَأُ فِي عَيْنَيْكَ الْمُمْطِرَتَيْنِ

الرَّغْبَةَ فِي دَكِّ حُصونِ الْغُرْبَةِ

لَكِنَّ الْحَيْرَةَ تَعْقِلُ دَوْماً قَدَمَيْكَ الْمُتَوَرِّمَتَيْنِ

فَقُمْ مِنْ جِلْدِكَ..قُمْ..

لَكَ قَلْبَانِ فَعَاجِلَةٌ فِي هَذَا الْقَلْبِ

وَآجِلَةٌ فِي ذاكَ الْقَلْبِ

فَوَحِّدْ قَلْبَيْكَ اجْعَلْ سَيِّدَتَيْكَ امْرَأَةً واحِدَةً

تَبْنِي بِضَفائِرِها عالَمَكَ الأَبْيَضَ

قُمْ مِنْ جِلْدِكَ تَخْرُجْ مِنْ أَدْغالِ الْغُرْبَةِ

مِنْ أَشْجارِ الْخَوْفِ الْقَارِسِ

قُمْ مِنْ جِلْدِكَ هَذِي خَيْلٌ مُسْرَجَةٌ

واقِفَةٌ قُدّامَ الْبابِ الْبَاسِمِ

قمْ.. وَتَوَضَّأ.. ثُمَّ اتْبَعْنِي

 

               

[1] ـ البيعة المشتعلة