حَفْنَةُ كبرياءْ
علي الزهيري
كانت هناكَ مع الجراحِ بلا مكانٍ
حيثُ كان العابرونَ يضمدونَ جراحها بحرابهمْ
ويباركونَ أنينها بغيابهمْ
كم كان يؤلمها الحنينُ إلى البكاء ِ
ولم تكن تبكي لأ لا تحرج الأصحابَ....
كان المساءُ مطمئناً حدَّ الرِّياءِ
وكان في أعماقها طفلٌ عجوزٌ
جاء يلقُمُ ثديها فارتابَ...
خانته فطرتهُ...
فلم يحلمْ بأكل التوتِ والبرقوقِ
لم يحلمْ بأن يتسلَّقَ الأسوارَ
نحو حمامةٍ بريِّةٍ جاءت إليهِ مع الخريفِ
و وافقتْ أن تستقرَّ بسجنهِ
لتربيَ الأخشابَ...
كانتْ هناكَ مع الظنونِ بلا سؤالٍ
حيثُ كان الحبُّ يرسُمُ ثوبها
بالأصفر الذهبيِّ... والورد الغنيِّ
بحمرة التاريخ
لم تعلمْ بأنَّ ثيابها رُسمتْ
لكي تبقى سرابا....
كانتْ هناكَ
ولم تكن يوماً هناكَ
ولم تذق تفاح آدم
لم تكن تخفي عراء قبابها الصفراءِ
تحت أناملِ الحِنـَّاءِ
من جرَّاء معصية السَّماءِ
فأنزِلَتْ للأرضِ عاريةً من الأشياءِ
إلا صمتها الدامي
على وجع الرخامِ ... وبحة الأيامِ...
ماذا ضرَّ لو تركت على وتر الغيابِ
غيابها.... فانسابَ ؟؟....
كانت هناكَ
تراودُ الأحلام أن تمضي بدورتها سريعاً
دون أن تتنبه الأزهارُ للشمسِ العقيمِ
ودون أن تبكي النجومُ على اليتيمِ
كأنها ... كانت تخبئ ُ للغيابِ غيابا....
ماذا هناك لكي تظلَّ
على حطام ربيعها المنسيِّ جاثيةً
تقلِّبُ أمسها الآتي
وتمضغُ كلَّ آياتِ الرجوعِ إلى اليقينِ
وتمسح الأبوابَ ؟؟...
عبثاً تحاولُ أن تمرَّ على الحقولِ
بلا دماءٍ تفضَحُ الجرحَ الكتومَ
وتُنْبِتُ الأعشابَ....
هي لم تكن تدري _ تماماً_
كم يمزِّقُ صمتُها ليلَ القصيدةِ
كلَّما آوى الترابُ سحابا...
فيها تساوى كلُّ من
قدَّ الحنينُ شراعهُ
فمضى إليها تائباً... أو غابَ...
كانت هناكَ
على مشارفِ بسمةٍ عمياءَ
تعطي كلَّ ما وقعتْ عليه ظلالها للريحِ
ثمَّ تصرُّ أن تبقى هناكَ فقيدةً
رغم الرحيلِ... ورغم ما فَعَلَ الغروبُ بأهلهِ
فتحولوا أغرابا...
تركوا هناكَ خيولهمْ... وحروفهمْ
تحت الرُّكامِ وأغمضوا...
فلأيِّ خمرٍ شرَّعوا الأكوابَ...؟؟؟!!!!!!
فلأيِّ خمرٍ شرَّعوا الأكوابَ...؟؟؟!!!!!!