والدرس اليوم من أفغانستان ... المصالحة الوطنية في الدوحة ..

ندعو للقاء الأفغان في العاصمة القطرية الدوحة بالتوفيق والنجاح .. وعمر الأزمة الأفغانية الأخيرة أكثر من أربعين عاما .. ففي أواخر السبعينات ثار الأفغان ضد السوفييت وعميلهم المحلي " بابراك كارمل " هل يذكركم اسمه بأحد في سورية ؟!

ثم تطور الصراع في أفغانستان من صراع مع المحتل السوفييتي - الروسي إلى صراع بين الفصائل الأفغانية ، ولمعت ، ولمعت في فضاء أفغانستان أسماء ، ثم فُجعت الأمة بها ،. وظهرت على أنقاض كل ذلك حركة طالبان كوريث للفصائل ومشروعها .... وكانت الباقي منها حتى اليوم .

ورغم أنها قد غلب عليها الكثير مما نراه تشددا أو تطرفا عندنا في الشام ؛ إلا أنها كانت تمثل شريحة من المجتمع الأفغاني ، أؤمن أنه ليس من حق أحد أن يفرض الوصاية على ثقافة المجتمعات .

 أكثر من عقدين والصراع مستمر بين المحتل الأمريكي ومن ثم النظام المحلي التابع له ، وبين القوى المجتمعية التي تمثلها بالعموم طالبان ..صراع كلف الكثير من الآلام والتضحيات ..!! وها هم القوم على موائد المفاوضات . ومن حقنا أن نتفائل ، ومن واجبنا أن نشجع ..

لأخلص معكم إلى الدرس الذي نستنبطه من هذه التجربة اليوم ..

الدرس الأول - في المعادلات الوطنية المستقرة لا يستطيع أحد أن يلغي أحدا ، أو أن يستأصله ، أو أن يقصيه إلى الأبد ، قد يفعل ذلك بعضهم إلى حين ، ولكنهم في النهاية سيكونون الخاسرين ..

الدرس الثاني - لا يموت حق وراءه مطالب ؛ مهما ضعف طالب الحق في ظرف ما . فالحق في نفسه قوة لا تموت وعلى المطالبين بالحق ، الممسكين به أن يعوا هذه الحقيقة تماما .

الدرس الثالث - لكي تنجح التسويات المجتمعية ، والتسويات السياسية؛ يجب أن يشعر كافة الأطراف العضوية والاعتبارية، أنهم حاضرون فيها ، مؤثرون في معادلاتها ، شركاء في قرارها . في دروس الكيمياء تعلمنا أن دور بعض المعادن الخاملة أن تكون وسطا في إتمام التفاعلات ، ثم ترسب مع الترسبات ، وتهمل مع النفايات .. مثل هذا لا ينجح في تاريخ السياسة والاجتماع ..

دراسة تجربة طالبان في الدوحة اليوم أمر مهم للأمريكان ، وللكرازيين ، وللطالبانيين أنفسهم ..

اللهم املأ القلوب بالحق والعدل والسلام والحب ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 894