وأعاد يسألني ويلحف بالسؤال.. لقد كنت سرياليا بمقالك عن السريالية.. وعزم عليّ أن أسعفه بجواب
وكتبت له حتى السريالي الحقيقي عندما يقول أو يرسم أو ينحت، لا يعلم في حقيقة الأمر ماذا يريد.. هو يتشارك تذوق ما يظنه جميلا، ويترك للشركاء أن يقرروا ذواق ما يتذوقون. في مقالي عن السريالية، عبرت عن رصدي لحالة سريالية نعيشها جميعا نحن السوريين.
في علم الجمال "إيستيتيك" هناك حالة من الذوق الوجداني للمعنى أو للصورة أو للشكل، يعيشها الفنان في جوانيه، قبل أن تتولد عملا فنيا في صورة كلمات، أو لحن أو رسم أو شكل..يتساءل الكثيرون كيف كان بيتهوفن الأصم يسمع ألحانه في عالمه النفسي، قبل أن يعزفها ليسمعها الآخرون؟؟ ..
أنا هنا لأسهل وليس لأصعب الأمر على السائل القريب!!
ربما إحدى رسائلي في مقالي الذي سألني عنه العديدون، أننا بحاجة إلى تخيل عملي: للمشترك الجميل!! هل لعنوان "المشترك الجميل" من دلالة عملية في النفوس والعقول والقلوب!!
حين أتحدث عن أنفسنا، بوصفنا مجتمعا سوريّا، بكل من وما فيه، مما نظنه حسنا وجميلا، ومما نعتقده غير ذلك، فهل يمكننا أن نتقاطع اتفاقا أو اختلافا، على قبول أو على رفض؟؟
في السريالية نحتاج إلى صيد الظبية الجميلة قبل أن تصير في الوثاق!! هل هذا سهل!!
وإذا كنا حول طاولة سورية، وعليها من كل المختلفين السوريين، على خلفياتنا الدينية والمدنية، ثم يستطع واحدنا أن يصوغ خطابا مبشرا لا يتوجس منه أي فريق!!..
لعلها فكرة حالمة متصورة، أبسط ما توصف به بأنها منحوتة سريالية لا رأس لها ولا أنف ولا جيد. وقد يركز النحات فيها على موضع الثدي، فيفسره شخص ما على أنه استحضار للأمومة في عهد الرضاع، (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ) ويفسره آخر أو آخرون على أنه إشارة إلى الكواعب الأتراب.. هل رأينا كيف يمكن للتفسيرات السريالية أن تجمعنا، من حيث لا ندري..
لسنا ملزمين دائما أن نسأل المعجب بأمر عن سر الإعجاب!!
رسالة أخرى أكثر واقعية أردت أرسالها إلى الشباب السوري في فضاء سورية الجميلة..
أردت أن أقول للشباب الجميل، أصغوا إذا شئتم إلى فحوى خطابنا- نحن الحرس النازل- ولا تتقيدوا برسومه، تطاولوا فوق سقوفنا الزمنية والفكرية والثقافية والأدواتية..واخرقوها ما استطعتم!!
أنتم خلقتم لزمان غير زماننا…ونحن سنظل مؤطرين بإطار عصرنا، الذي كنا وما زلنا نظنه جميلا ونافعا ومفيدا.. لا تثّربوا علينا، كونوا في سماحتكم معي كيوسف مع إخوته الأكبر يوم قال: لا تثريب عليكم اليوم..
عن شخصي كنت أفعل ذلك كثيرا وأنا أستمع إلى حديث المسنين في زماني الأول. وبعض الأشخاص الذين كان يتاح لي أن أصغي إليهم، كنت أستمع إلى حكايتهم الواحدة في مجالس كثيرة..
تدكروا من علم التفاضل فكرة المشتق… أظنها سريالية جدا أن تشتقوا من حديث مسن مثلي ما يليق بعصركم…!!
قلت لكم مثلا مرارا وتكرارا: إن العمل السياسي هو عمل جماعي منظم. وكانت الصيغة العملية
للعمل الانتظام في أحزاب، أو جمعيات أو جماعات..
هل من التذوق السريالي في هذا الزمان، وهذا الذي أردت أن أوصله إلى جمهور من السوريين، نسميهم بلغتنا الدارجة.. ويزعمون أنهم ينتظرون قانون الأحزاب
باللغة السريالية أقول: إن العمل العام لا يصاغ على لغة من ينتظر، هو في كل ظروفه يجري على لغة من لا ينتظر..
أضيف سطرا أكثر اختصار فأقول:
إن عشرات الشباب يجتمعون على هدف وفق خطة وبرنامج، ويستفيدون من معطيات العصر الرقمي، وفضاءات الميديا المفتوحة، ينجزون -ربما- أكثر من حزب سياسي قوامه ألف إنسان كلهم يعمل على قاعدة "حتى يصل الترياق من العراق.."
في سورية نقول: الكف لمن سطرو، ونقول وبدون أي خلفية طائفية، لتتحنكل حنا بتسكر أبواب الجنة..
ببساطة سريالية بسيطة، لو كان عن يميني أو عن شمالي مثل هذا الفريق، لأغنت تغريدة واحدة في شرح معنى السريالية، عن كثرة هذا اللت والعجن…!!
صباحكم سريالي معبر وجميل…
وراحلتي بين الرواحل ظالع.. كنت كثيرا ما أعترض على قائل هذا البيت؛ لا تعوّق الركب، فتكون من "المعوقين"!! آه كم عانت المسيرات من المعوقين!!
وسوم: العدد 1126