خضّب كفّيك

لطفي بن إبراهيم حتيرة

لطفي بن إبراهيم حتيرة

[email protected]

خضّب كفّيك

وضمّخ كعبيك وأمضي مع السراب

ظلاّ وسحابا..

سر في البلاد

سر موغلا مستوحشا.. متوحّشا..

الصّمت زينتك

والوجع طينتك وأنت كعسكر الباب

كحاجب الملك والجلاّد

كصاحب الحوت

إذ نادى ربّه وهو مكظوم..

كالسند باد..

كشاعر الوالي

ومغنّي البلاط..

ضع رأسك في عمامتك..

في قمامتك.

وقل قال رئيس الحرس

وقال تعيس الحظّ..

حان اليّوم..

وحان موعد الرّحيل

وأذّن الفجر..

نم طويلا

نم جريحا ومجروحا..

تحت السماء

أو تحت الثرى

أو فوق خشبة مطروحا..

لا أبالي..

أنا لا ذنب لي..

غير أنّي متشرّد في خيالي..

منتحر

ومعلّق ساعة الزوال

كشيخ يغوص وسط الرّمال

يبحث عن نخلة كانت هنا أيّام زمان..

عن قبر جدّه وجدّته

وخاله وخالته

وعمّه وابنة عمّته..

أنا تالف.. متلف ومتلهّف..

والطّير حولي متشوّف

ينتظر غفلة منّي

ليعلن موتي ويبني مدينته..

لا تنم..

ولا تفتح شفتيك للرّيح و الهمّ

ولا تغمض عينيك من الغمّ..

من للحرف؟.. ومن للحرث؟..

ومن للنّخلة يسقيها..

ومن للحمار يسرجه و يركبه..

ومن؟.. ومن؟..

للعدم..

أم للعفن..

أم هو الزّمن؟؟..

أم هو القرف والندم..

أنت مسكون

ساكن وعلامته السكون..

مضنون و مضموم

 وعلامته ظاهرة فوق العيون

تغطّي الجفون..

سر يا حزين..

سر يا محزون تحت النّجوم

تحت الغيوم..

سر في الزّحام

وأبحث عن وجهك بين الحجارة و الرّكام..

تعلّق بالقباب العالية

والذّبابة الطائرة..

تعلّق بالشرفات الخالية

والهمسات في الظلمات..

بالأشجار الخضراء

بالفراشات والزهور اليانعة..

تعلّق..

وعانق...

ثمّ فارق..